الجميع قد يقع ضحيته.. خطر يتربّص بالعالم وهذا كل ما يمكن للبناني القيام به!
تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT
خطر وحيد يجمع الدول العظمى بغيرها في هذه الأيام، وهو الذكاء الاصطناعي والممارسات الناجمة عنه. فبين السياسة والإحتيال المالي والخصوصية الفردية، باتت أجراس الإنذار تقرع في شتى المجالات. ومع التطور المستمر الذي تشهده تكنولوجيا توليد التزييف العميق، لا بدّ من التوقف قليلاً عند هذا التهديد وفهم الموضوع بشكل أوسع.
تزييف الفيديوهات عن تأثير الذكاء الإصطناعي على صناعة الصور والفيديوهات المزيّفة، سألنا الخبير في الأمن الرقمي والمعلوماتي رولان أبي نجم، الذي أكّد أنه بات كبيراً جداً خاصة مع إنضمام تطبيق Sora التابع لشركة OpenAI الذي بإمكانه إنشاء أي فيديو بشكل متكامل عبر أي نصّ كان. أبي نجم أشار لـ"لبنان24" إلى أن الأمر لا يتعلّق فقط بهذا التطبيق الحديث والمنتشر كثيراً، بل يمكن أيضاً تزييف الفيديوهات عن طريق تطبيقات عدّة تمكّن المستخدمين من إنشاء صورة أو فيديو عبر نصّ، مشدداً على أن دقّة هذه الفيديوهات عالية جداً HD لذلك من الصعب التمييز بين المحتوى الصحيح والمحتوى المزيّف المصنوع عبر الذكاء الإصطناعي. وفي ما يشير إلى مدى حساسية هذا الموضوع، أفاد أبي نجم بأنه يمكن صناعة فيديوهات ليس موجودة أصلاً كابتكار أماكن أو أشخاص غير موجودين أبداً، كما يمكن إنشاء فيديوهات عبر التزييف العميق لجعل الأشخاص الحقيقيين يلقون خطابات لم تحصل أبداً. وفي العودة إلى أصل إنشاء التزييف العميق، فقد تمّ ابتكاره عبر الذكاء الإصطناعي ليس بهدف الشرّ، إنمّا لاستخدامات معيّنة تختلف بين الشخص والآخر. من هنا، اعتبر أبي نجم أنه في حال تمّ استخدام التقنيات الحديثة والذكية بشكل إيجابي وبنّاء، يمكن أن تفيد في صناعة أبرز وأهمّ المحتويات بشكل إبداعي، بينما يمكن أن تؤثر سلباً على المستخدمين خاصة بما خصّ تزوير الأخبار وسواها وهو ما بدأ يطلّ برأسه على أرض الواقع من خلال مواقع إخبارية مصنوعة عبر الذكاء الإصطناعي، تبثّ أخباراً ونصوصاً وفيديوهات قد يصعب على المستخدم التمييز بينها وبين ما هو حقيقي. هل الوقاية ممكنة؟ الخبر السيء هنا بحسب أبي نجم، هو أنه "مع الأسف لا يمكن الوقاية من هذا الأمر على الصعيد الشخصي ولا العام، وما من إجراءات يمكن اتخاذها لعدم وقوع ضحية التزييف، خاصة مع غياب أي ضوابط وقوانين"، مشيراً إلى أنه حتى ولو سُنّت هذه القوانين، إلا أنها ستبقى محدودة، لأنه مثلاً إذا قام أحد الناشطين في كوريا الشمالية بابتكار فيديو استهدف أشخاصاَ في لبنان، فلا يمكن لهم التحرك ضدّه، وبالتالي الأمر ليس محصوراً في إطار جغرافي كي يتمكّن المستخدمون من حماية أنفسهم. إلا أن أبي نجم ركّز بشكل كبير في هذا السياق على الوعي الذي يجب أن يتحلّى به رواد مواقع التواصل الإجتماعي، داعياً لاتباع منهج Zero Trust أي عدم الثقة بأي شيء، خاصة أنه في ظل الحديث عن الذكاء الإصطناعي والإبتكار السهل للفيديوهات والأصوات، يجب دوماً التأكد من المعلومات قبل تصديقها، قائلاً إن "عبارة "لا أصدّق شيئاً قبل رؤيته صوتاً وصورة" التي كنا نعتمدها في السابق، باتت غير صحيحة ولا فعاّلة في أيامنا هذه". التشريع أبطأ من التطور وعلى صعيد الرّدع، أشار أبي نجم إلى أن الأنظمة العالمية تحاول بشكل جدّي وضع ضوابط لهذا الموضوع، وخاصة الإتحاد الأوروبي وأميركا، إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة إذ أن المشرّعين ليسوا بعد على دراية كافية بمخاطر الذكاء الإصطناعي الذي لا يزال حديثاً جداً بالنسبة لهم. وفي هذا الإطار، قد يكون التشريع أبطأ من التطور لأن بعض التشريعات التي يتمّ العمل عليها الآن لن تكون قيد التطبيق قبل العام 2026، ومن الآن حينه بحسب أبي نجم، أمور كثيرة حديثة ستطرأ تقنياً.
وأضاف أنه يتمّ اليوم الضغط باتجاه محركات البحث كغوغل ويوتيوب وغيرهما، كي تضع ما يشير إلى أن المحتوى مصنوع عن طريق الذكاء الإصطناعي لمساعدة المستخدمين على معرفة الحقيقي من المزّيف، إلا أن هذا الأمر لا يزال قيد البحث والدراسة. ماذا عن لبنان؟ وعن واقع لبنان من هذا الخطر المستجدّ، فأشار أبي نجم إلى أن الأمر لا يتعلّق بدولة واحدة وهو قطعاً موجود في لبنان كما في الخارج لأن المحتوى منشور عبر الإنترنت في كل العالم. إلا أنه شدّد على أن المواطن اللبناني الذي يقع ضحية أي فيديو مفبرك له، أن يرفع دعوى قضائية عبر النيابة العامة التمييزية لتتحول إلى مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية، والهدف منها حماية النفس وليس الحصول على تعويض. وأوضح أن "المواطن ممكن أن يتوّرط بأي شكل من الأشكال في حال تمّت فبركة فيديو له، لذا عندما يرفع دعوى قضائية، فهذا سيكون في سبيل رفع المسؤولية عن نفسه لا أكثر".
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الذکاء الإصطناعی إلى أن إلا أن
إقرأ أيضاً:
«COP 29»: حصاد الأسبوع الأول.. وعودة ترامب تقلق الجميع
في باكو، مرّ الأسبوع الأول من مؤتمر الأطراف حول المناخ وسط مخاوف واسعة و بطء في التقدّم من أجل الالتزام باتفاق باريس و تأمين الموارد المالية لتمويل معالجة قضايا المناخ.
وزيرة البيئة الفرنسية تلغي مشاركتها في المؤتمر بسبب اتهامات الرئيس الأذربيجاني لبلادها والأرجنتين تسحب مفاوضيها من القمة بعد فوز ترامب في الرئاسة الأميركية، فكيف تنعكس مثل هذه المعطيات وغيرها على مؤشرات نجاح المؤتمر و إنقاذ اتفاق باريس؟
تتصدّر الانتخابات الرئاسية الأميريكية المخاوف و تثير القلق حول إمكانية الوصول إلى حلول فاعلة، فعلى الرغم من تصاعد وتيرة كوارث المناخ حول العالم، تبقى عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض حجر عثرة أمام أي تقدّم ملحوظ. ترامب الذي وعد منح شركات الوقود الأحفوري حرية التصرّف، اختار كريس رايت وزيرا للبيئة. هذا الرجل الذي عرف بتشكيكه في مشكلة المناخ و عدم اعترافه بها و دفاعه المستميت عن استخدام الوقود الأحفوري.
في الوقائع، أوروبا و أميركا الشمالية هي المسؤولة عن 60% من الانبعاثات العالمية و أكبر مصدّر لها في حين أن إقريقيا و أميركا الجنوبية هي من تدفع اغلى الأثمان من بيئتها و سلامتها و صحة شعوبها و سبل العيش فيها. فهل يرضى من دفع فواتير الازدهار و التطور في بلاده، بدفع فاتورة الكوارث و آثار الوقود لدول يعتبرها قيد النمو؟ و هل يلتزم بالإجراءات التي قد تتخذ في حق ممارساته التي يتغنّى ليلا ونهارا كإنجازات عظيمة؟ حتى في المناخ و الطبيعة، لا عدل في الثروات و لا حتى الآلام.. .
المخاوف التمويلية تطغى على كافة الأصعدة في الأروقة و على المنابر في باكو، فعلى الرغم من الجهود الكثيفة في توجيه هذه الدورة "كوب 29" على أن تكون مالية بامتياز لمناقشة هيكلية صندوق الخسائر والأضرار الذي أسّس في كوب 27، تبقى آمال ضخّ المال ضئيلة بحسب المراقبين و الناشطين الذين عبّروا عن شعورهم بالخذلان و الكثير من الأحباط أمام تهديدات كارثية تحتاج إلى ترليون دولار أميركي في العام الواحد للدول النامية لإبقاء درجة حرارة الأرض تحت الدرجتين مئوية حيث أنّ خسائر المناخ في الدول الصغيرة تتراوح بين 100 و 500 مليار دولار سنويا و تطلّعات هذه الدول هي الحصول على المنح و الهبات و ليس القروض، بقيم و أرقام حقيقية تتلاءم مع التكاليف المتوقّعة. فهل من نوايا جديّة في تفعيل التمويل مع تداخل القضايا السياسية و حتى تشابكها مع كل جوانب الحياة و منها المناخ و سبل العيش الكريم؟ و هل تتسارع الخطى الإنقاذية قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض؟
إفريقيا، القارة الأكثر تضررا و الجهة الأولى المعنية بتفعيل الحلول، عبّرت على لسان المجموعة الإفريقية عن قلق كبير حول تحقيق هدف جديد لتمويل المناخ بالتزامن مع دعوات لتشكيل لجنة وزارية للمساعدة في دفع المفاوضات الحاسمة لتخصيص الأموال المناخ المطلوبة. من ضمن المقترحات أيضا، فرض ضريبة تقدّر ب 15 مليار دولار أميركي سنويا على شركات النفط و الغاز التي تجني أرباحا طائلة. بمعنى آخر، إلزام الملوّثين من الدول الثرية إلى دفع ثمن تأثيرات نشاطاتهم على التغيّر المناخي من خلال تغذية صندوق الاضرار و الخسائر. فلعلّ هذه الدعوات و المقترحات تطمئن شعوب و أنظمة القارة السوداء وتبشّر بفجر بيئي جديد و حياة كريمة.
تبقى الإجابات و الحلول رهينة القوى العالمية و مدى تعاونها في أن تكون جزءا من الحل، و هي في الأصل، أساس المشكلة و على رأسها الصين التي تتصدّر قائمة الدول الأكثر إنتاجا للغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في ستة من مدنها على رأسها العاصمة شنغهاي و تليها ولاية تكساس الأميركية.
للطفولة حصّة ملفتة في فعاليات المؤتمر، فلعلّ ما أخفق به الكبار يستطيع الأطفال، ورثة هذه الأرض، ببراءة و عفوية و خوف من و على المستقبل أن يؤثّروا في الحاضرين و من بينهم أكثر من 132 شركة نفط عالمية مدعوة. لعلّها الفرصة الذهبية لأجيال سرقت منها الطفولة و هدّدت بصحتها و غذائها و أمنها وعلمها أن تصرخ بألم ووجع و ترفع يد الظلم عن شعوبها المستضعفة. جورجينا، من تنزانيا، اعتلت مسرح المؤتمر لتحمّل الحاضرين مسؤولية خياراتهم التي دمّرت العالم و كانت لسان حال ملايين الأطفال حول العالم وصوتهم الضعيف، لتبهر المجتمعين بمبادرة زراعية قامت بها في بلدها لتبرهن عن قدرة الأطفال الحالية و المستقبلية في المساهمة في الحلول. ومن باكستان، عرضت زونيرا، ابنة ال14 عاما، واقعا مأساويا مريرا حيث أضحت الفياضانات في بلادها جزء من يوميات الكبار و الصغار و أنّها تعطّل كل شيء في الحياة و تعرّض سلامة الأطفال للخطر و تمنعهم من ممارسة حياة طبيعية، خاصة الفتيات لأنّهن، بسبب الموارد المالية المعدومة للعائلة، لا يستطعن الالتحاق بالمدرسة و الحصول على التعليم.
فكيف سيكون الردّ ممن يسعون إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتواجدين بين الحضور؟
أسبوع مضى وبقيت الكلمة الفصل لأيام المؤتمر الأخيرة و ما ستحمل من إجابات لعالم ينتظر. فهل تنعكس الكلمات المدوّة لرئيس المناخ في الأمم المتحدة، سيمون ستيل " الفرق بين الحياة و الموت"، على فعالية النتائج معبّرا عن صعوبة الموقف. وهل يستجيب أصحاب القرار لتحذيرات العلماء، الذين أصبحوا بمثابة شهود عيان، حول احتمال ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 2.5 درجة مئوية في ظل انقسام الدول مع الاعتراف بضرورة زيادة التمويل؟
نحو الولايات المتحدة الأميركية و رئيسها الجديد تتوجّه الاتهامات و الأنظار بحيث بات جليا و واضحا أن هذه الدولة هي جزء من المشكلة لا الحل.
يتبع.. .
* أستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة، وزير البيئة الأسبقاقرأ أيضاًمصطفى بكري لـ «العربية»: مصر ثالث دولة عالميا من حيث استقبال اللاجئين بتكلفة 10 مليارات دولار «فيديو»