لاءات البرهان، تأسيس أم تكريس؟
تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT
في خطاب مقتضب، بمناسبة عيد الفطر المبارك، أكد الفريق أول البرهان على أنه لا عودة لما قبل أبريل 2019 (عهد الإنقاذ) ولا لما قبل 25 أكتوبر (الوثيقة الدستورية) ولا 15 أبريل ما قبل (حرب الكرامة)، وأطلق البرهان لاءات ثلاث على غرار لاءات الخرطوم الثلاث 1967 (لا صلح لا اعتراف لا تفاوض)، بمقاربة ضمنية، لاعودة لعهد الإنقاذ ولا تفاوض للشراكة مع الحرية والتغيير وعودة للاتفاق الإطاري ولاتصالح مع الدعم السريع.
لقد طرحت “لاءات البرهان الثلاث” عدة تساؤلات على الساحة السياسة السودانية شبه الراكدة، فهل جاءت تأسيساً جديداً للمرحلة الإنتقالية، أم تكريساً لحكم المؤسسة العسكرية، في ظل غياب مشروع بديل ؟
وهل جاءت تصريحات القيادات العسكرية، التي سبقت ذلك، والتي تشير إلى انفراد المؤسسة العسكرية بتشكيل هياكل الفترة الانتقالية تداركاً لتجربة الوثيقة الدستوريه الإنتقالية التي قضت بشراكة في الحكم مع أحزاب سياسية وانتهت بفوضى وانهيار كانت نتائجه حرباً شاملة عمت جميع أرجاء السودان ؟
أم أن مقتضيات المرحلة تتطلب وحدة وطنية تتصدى لمشروع تقسيم السودان بعيداُ عن حدة الصراع السياسي والاستقطاب الايدلوجي ؟
وبغض النظر عن الإجابة على التساؤلات التي أثارتها اللاءات، فإنه يصح القول أن هذه اللاءات يمكن أن توضع في موضعها الصحيح عبر رؤية جامعة يتكامل فيها دور المؤسسة العسكرية مع الأحزاب السياسية والمكونات الشعبية، عبر مشروع متكامل يحظى بقدر أكبر من التوافق ويراعي تمثيل كل المكونات الوطنية للحصول على إجماع وطني حول كيفية إدارة الفترة الانتقالية، وليعاد تشكيل الدولة السودانية وفق أسس جديدة، وهذا يتطلب قيادة استثنائية على قدر تحديات مرحلة ما بعد الحرب، مجمع حولها، تقود البلاد نحو مصالحة وطنية شاملة تضطلع بمهام جسام في مقدمتها البناء والتعمير والنهوض الاقتصادي و معالجة ماخلفته الحرب من آثار وشروخ، ولتسلم الحكم في نهاية الفترة الإنتقالية إلى حكومة منتخبة، تمتلك الشرعية الدستورية عبر صناديق الإقتراع.
تأسيس لا انتقال
إن قضايا ما بعد الحرب يجب أن تنطلق من منصة تأسيس جديدة تعلو فيها المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية وتعتمد حواراُ وطنياً شاملاً، وهي بالتالي تحتاج إلى فترة تأسيس لا إنتقال. وهذا يتطلب الإعلان عن فترة ما قبل الانتخابات كفترة “إنتقالية تأسيسية” لا تكتفي بنقل السلطة كما جرت العادة في الفترات الإنتقالية السابقة وإنما تمتد لاستيفاء الترتيبات المطلوبة لأستقرار السودان وتحقيق السلام المستدام، وعندها نكون قد صححنا إخفاقات الفترات الإنتقالية السابقة.
لذلك لابد أن نواجه هذا الواقع وفق خارطة طريق وطنية، فالظرف التاريخي والمسؤولية الوطنية تحتم على كافة الجهات السياسية الانخراط في حوار عبر منصة وطنية مستقلة تبحث قضايا الدولة وجذور الأزمة حتى نتوصل إلى رؤية لمستقبل الدولة السودانية تلبي تطلعات اهل السودان.
من المهم جداً أن نقف على آثار وتداعيات الأزمات خلال العقود الماضية وتجنب الحلول الهشة لتلك الأزمات والتي قامت في مجملها على إقتسام السلطة وقادت البلاد إلى حرب مازالت تستعر.
وبعيداً عن صراع إقتسام السلطة على أشلاء وطن جريح لا شك أن للأحزاب السياسية دوراً أساسياً ومهماً في قضايا الإنتقال و صياغة المشروع الوطني الجامع، والاستعداد للانتخابات وفق مناخ آمن و معافى .
أخيراً؛
رأب الصدع وتماسك اللحمة الوطنية هو الأساس لاستقرار الفترة الإنتقالية ما بعد الحرب .. ما طرحه السيد ريئس مجلس السيادة في اللاءات الثلاث أمر مهم وتحول سياسي كبير، لكن لابد أن يتحول إلى مشروع عمل وطني متكامل ورؤية كلية تحمل آفاقاً لإدارة البلاد في مرحلة مابعد الحرب، وفقاً لأهداف تحقق إجماعاً وطنياً وتحولاً ديمقراطياً يضمن انتقالاً سلساً للسطة لبدء مرحلة جديدة تقوم على إنجاز الإستقرار والسلم وتحقيق الرفاه لشعب السودان.
دكتورة ميادة سوار الذهب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ما قبل
إقرأ أيضاً:
باحثة سياسية: إسرائيل ستزيد من عملياتها العسكرية الفترة المقبلة قبيل تنصيب ترامب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت الدكتورة تمارا حداد الباحثة السياسية، إن إسرائيل ستزيد من عملياتها العسكرية الفترة المقبلة قبيل تنصيب ترامب.
وأضافت خلال مداخلة عبر شاشة "القاهرة الإخبارية"، أن الموقف الإسرائيلي سيستغل الشهرين المقبلين قبل تنصيب ترامب في 20 يناير 2025 حتى يتم تنفيذ أكبر عدد ممكن من الأهداف، مشيرة إلى أنهم يرغبون في تعزيز السيادة الأمنية الإسرائيلية في قطاع غزة وتقسيم الشمال إلى قسمين، ما بين منطقة بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، بالإضافة إلى تكثيف القصف الجوي على جنوب لبنان، وهو ما يؤكد عدم قدرة إسرائيل على الدخول البري.
وتابعت أن حزب الله يوم أمس أشار إلى أن الميدان هو ما سيحسم الصراع، مشيرة إلى أن التصعيد خلال الشهرين المقبلين هو سيد الموقف، وعلى ما يبدو أن ترامب شخصية تريد أن تبرد هذه الجبهات، وحسب طبيعة الفريق الذي سيتشكل من قبل ترامب فإذا كان هذا الفريق يريد تبريد الحروب من أجل تعزيز الوضع الاقتصادي الداخلي الأمريكي بالإضافة إلى تعزيز بعد السلام في منطقة الشرق الأوسط.