حملة ساندوا السودان : إعداد وتحرير – سودان تربيون

 

كرياندنقو أوغندا في 12 أبريل 2024 – في معسكر كرياندنقو Kiryandongo في شمال أوغندا – 400 كلم من العاصمة كمبالا جلست امرأة في العقد الثالث من عمرها تحمل طفلا تحت شجرة قرب المخيم عارضة كمية من العطور السودانية تحاول بيعها للعابرين.

وصلت آمنة عبد الله- اسم مستعار- الى كرياندنقو منذ أكثر من 10 أشهر وكانت حامل بطفلها الذي وضعته داخل المعسكر لتكتشف لاحقا انه يعاني من مشكلة في القلب.

تروي آمنة عبد الله لـ “سودان تربيون” معاناتها مع البحث عن علاج لابنها الذي يحتاج لعملية بعد ستة أشهر وهي لا تملك ثمنها الذي يصل لخمسة آلاف دولار- 18 ألف شلن أوغندي- وأن الجهات الخيرية في أوغندا ابلغتها بحصر تبرعاتها على الأوغنديين وكونها لاجئة فلا يشملها الدعم.

وأفادت انها أخبرت الطبيب بعدم قدرتها على توفير المبلغ ورد عليها بعدم امتلاك مفوضية اللاجئين أموالا للعلاج وبالإمكان وضعها في قائمة الأولويات حال وصول دعم من المجتمع الدولي.

تقول امنة إن وضع ابنها اخذ في التدهور، وتخشى من بين دموعها أن يموت بين يديها وهي عاجزة عن إنقاذه.

ودعت امنة أطراف الصراع لإيقاف الحرب من أجل أطفال السودان الذين يعانون في معسكرات النزوح واللجوء وتحقيق السلام في البلاد وطالبت المجتمع الدولي بالضغط على البرهان وحميدتي من أجل الشعب السوداني حتى يعود إلى وطنه.

أوضاع صعبة

تشير الاحصاءات إلى استضافة أوغندا أكثر من 27,423 ألف لاجئ سوداني بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل من العام الماضي.

ويواجه اللاجئون في المعسكر أوضاعا بالغة التعقيد فالخيام المنصوبة معرضة للسقوط بسبب الرياح والأمطار كما تنعدم المياه والحمامات ويفتقر المكان لمركز صحي للحالات الطارئة.

يقول أحمد علي من مواطني منطقة مايو في جنوب الخرطوم انه وصل الى المعسكر في نهاية شهر مايو الماضي بعد تعرض منزله للقصف بالطيران ومقتل زوجته وشقيقه في الحال فقرر بعدها المغادرة.

ويوضح احمد لـ “سودان تربيون” ان لديه طفلين اصيبا بصدمة بعد وفاة والدتهما، ويروي انه توجه بهما الى ولاية الجزيرة وتركهم لدى اقاربه هناك وعاد للخرطوم لأخذ بعض الاحتياجات لكنه احتجز على يد قوات الدعم السريع وتعرض لتعذيب قاس لازال يعاني اثاره حتى الآن حيث اثبتت الفحوصات الطبية التي اجراها لاحقا حاجته لإجراء عمليات في العنق والحنجرة.

يقول انه تمكن من مغادرة مقر احتجازه والعودة لاصطحاب طفليه الى ولاية سنار ومنها الى الرنك حيث تم ادخالهم في معسكر للانتظار قبل التوجه الى دولة جنوب السودان..

ووصف بيئة المعسكر في الرنك بالسيئة واضطر لاستئجار منزل لحوالي 20 يوما بعدها جرى ترحيلهم بواسطة مفوضية اللاجئين الى معسكر في المابان داخل جنوب السودان بالقرب من الحدود الإثيوبية ويضيف “كان عبارة عن حاويات حارة تنعدم فيها التهوية وسط درجات الحرارة مرتفعة ووجبة طعام واحدة”.

وأضاف” جلسنا في هذا المكان مدة شهرين كنا حوالي 385 لاجئا بعدها تم ترحيلنا الى منطقة كأي على الحدود مع اثيوبيا لكنها لم تكن امنة بفعل نشاط المعارضة الإثيوبية”..

ومع تعرض أبنائه لأمراض جلدية قرر على السفر الى جوبا بعون أصدقائه وبالفعل وصلها ومكث فيها يومين ومن ثم توجه الى أوغندا ووصلها في أغسطس الماضي.

ويروي ان السلطات الأوغندية احتجزتهم على أراضيها مطالبة بدفع 150 دولار لكل جواز وتمكن بعون الأصدقاء من توفير 100 دولار وافق بعدها المسؤول على السماح بدخوله مراعاة للأطفال.

ويشير الى انه تم ترحيلهم الى معسكر نيومانزي لتسجيل اللاجئين مكث فيه أكثر من 3 شهور بعدها تم ترحيل الى معسكر كرياندنقو، ويردف ” تفاجأنا بالوضع الصعب من رطوبة عالية ونقص في الاوكسجين تسببت في مرض الابن الصغير”.

ويشكو احمد علي من الطعام المقدم في المعسكر قائلا إنه على قلته غير ملائم للسودانيين ويعادل وجبة واحدة في السودان.

وأقر بوجود تحديات منها التماطل في إجراءات الصحة وتوفير العلاج، وعدم وجود حمامات لقضاء الحاجة داخل المعسكر، بجانب بعد المسافة لأقرب مطخة مياه مالحة، ويردف” لذلك ترك أغلب السودانيين المعسكر بعضهم توجه إلى كمبالا والآخر الى جوبا”.

اما القانوني والمدافع عن حقوق الانسان محمود الزين فبدأ رحلته بعد سقوط مدني في يد الدعم السريع وبعد زيادة القبضة الأمنية في ولاية سنار على نشطاء المجتمع المدني ولجان المقاومة والقوى السياسية.

وذكر محمود لـ “سودان تربيون” انهم عملوا بعد سقوط مدني على تكوين غرف طوارئ لإيواء الفارين الى سنجة لكن الاستخبارات العسكرية نفذت اعتقالات ضد الناشطين وزادت المضايقات الأمنية حتى وصلت الى عدد من نشطاء المجتمع

وقال محمود الزين وصلت المسألة لمكتبي في سنجة وتم اخطاري بمداهمة المكتب بعدها تلقيت اتصالا من مسؤول نافذ في القوات المسلحة وشرح لي ضرورة مغادرة المدينة اولا ثم البلاد نسبة لمهددات كبيرة.

وبالفعل غادر الزين كما يقول إلى ولاية النيل الأزرق ومكث فيها 13 يوما لتسهيل عملية الخروج من السودان في رحلة شاقة انطلقت من الدمازين إلى مناطق سيطرة الحركة الشعبية في اولو ثم إلى معسكرات اللاجئين بالنيل الأزرق استمرت الرحلة 3 أيام من ثم وصل إلى منطقة بونج بدولة جنوب السودان، ومنها إلى جوبا التي وفق فيها أوضاعه واستخرج وثيقة سفر غادر بعدها الى كمبالا مبديا حزنه لمفارقته والديه ومنزله بسبب انه مدافع عن حقوق الانسان.

وأردف “من اكبر التحديات هو الخروج بدون توفير الدعم المالي واللوجستي وعدم تغطية الالتزامات الأسرية حيث تركت كل ما أملك لأسرتي، بجانب مخاطر ورحلة إلى مجهول بالأيام لم اري كهرباء أو مياه نظيفة كنت اشرب من الترع والخيران سببت لي أمراض في بطني لم أستطع التخلص منها إلا بعد فترة طويلة، تركت عملي خاصة انني قانوني يتطلب على تواجد في مكان العمل”.

ووجه الزين رسالة إلى حكومة الأمر الواقع قائلا انه لا توجد سلطة تستحق حجم الحريق والدمار والتشرد والنزوح ولجزء السودانيين، لا يمكن أن تكون السلطة لتوصلوا السودانيين إلى الحضيض وأضاف “لا يمكن تحقيق الوطنية أو الديمقراطية بالبندقية ودعا إلى إيقاف الحرب، خاصة استحالة مسألة الحسم العسكري بالتالي الأفضل إيقاف حجم الأضرار والجلوس في طاولة الحوار.

كما ناشد المجتمع الدولي للضغط على الطرفين لإيقاف العمليات العسكرية والحل التفاوضي السلمي وضخ الكثير من المساعدات للسودانيين في مراكز الايواء واللجوء وايضا النظرة أكثر للفاعلين المدنيين والمدافعين بحقوق الانسان ونشطاء المجتمع المدني من خلال توفير الحماية والحد من تهديد أطراف الصراع لحياتهم

دعوات لوقف الحرب

إلى ذلك كشف احد القيادات الشبابية ومسؤول التنسيق والاتصال في معسكر كرياندنقو عثمان آدم عثمان ان عدد اللاجئين السودانيين في المعسكر بلغ حوالي 15 ألف لاجئ.

واقر عثمان آدم عثمان لـ “سودان تربيون” بوجود مشاكل وتحديات تواجه اللاجئين تتمثل في الصحة والتعليم والحماية والسكن وقال إن هذه تحديات كبيرة جدا خاصة السكن بسبب عدم ملائمة طقس اوغندا الممطر طوال العام والرياح وعدم ثبات المشمعات في المعسكر فضلا عن انعدام المياه حيث يوجد صهريج واحد لمياه مالحة يغطي أكثر من 15 ألف لاجئ علاوة على انعدام الحماية بالمعسكر من التهديدات التي تقع في بعض الأحيان من متفلتين حول المنطقة.

واشتكى آدم من بعد مسافة المستشفى عن المعسكر وعدم وجود اي مركز صحي او وحدة صحية داخل المخيم، كما لفت الى زيادة اعداد الطلاب اللاجئين في مدرسة واحدة تبعد مسافة عن المعسكر، فضلا عن التحدي الأكبر للطلاب في اختلاف الثقافات، وعدم وجود الكتب والكراسات، علاوة على فرض رسوم على الطلاب منها التسجيل وأحيانا بسبب الاكتظاظ الوقوف داخل الصف بسبب قله المقاعد إلى جانب عامل اللغة الذي تسبب في توقف عدد من الطلاب السودانيين عن الدراسة. وقالت الامم المتحدة في اخر تقرير لها في شهر ابريل عن اوضاع اللاجئين السودانيين في اوغندا انها زادت مؤخرا عدد الاساتذة الناطقين بالعربية لتواكب الازديات المضطرد للاجئين السودانيين.

وأكد وجود اعتداءات وتحرش داخل المدرسة وعدم قبول اللاجئين السودانيين لهذه التصرفات ومضى قائلا إن هناك حادثة وقعت لطفلة في المدرسة حاول رجل الاعتداء عليها بعد اغراءها بالمال وحينما رفضت حاول استدراجها للحمام وأيضا رفضت الذهاب، من ثم بدأ في جرها بالقوة أمام صديقاتها مما دفع الاسرة لإيقاف ابنتهم عن الدراسة.

وأشار إلى ان الحكومة الاوغندية تعهدت بتوفير الخدمات بعد استقرار اللاجئين في المعسكر، مشيرا إلى أكثر من ثلاث ارباع اللاجئين غير موجودين في المعسكر بسبب عدم وجود الخدمات حيث ذهبوا إلى كمبالا أو جوبا.

وقال رسالتنا لطرفي الصراع ضرورة إيقاف الحرب بأسرع ما يمكن خاصة السودانيين يعانون من امرين بالداخل والخارج من ويلات ومعاناة النزوح والتشرد واللجوء ودعا طرفي الحرب الى البحث عن السلام.

وناشد المجتمع الدولي النظر إلى الشعب السودانيين والضغط على طرفي النزاع لإيقاف الحرب والنظر للأثار الناجمة من الحرب من ملايين اللاجئين في معسكرات اللجوء والنزوح من أطفال والنساء وكبار السن ،كما لام المؤسسات الدولية الكبيرة لعدم زيارة المعسكرات.

 

(#) إنتاج هذا المحتوى ضمن حملة #ساندوا_السودان التي أطلقها (منتدى الإعلام السوداني) والتي تهدف إلى لفت الانتباه إلى الكارثة الإنسانية وتدارك المجاعة ووقف الانتهاكات  في السودان وتنشر بالتزامن في منصات 27 مؤسسة ومنظمة صحفية وإعلامية مشاركة في الحملة.

 

 

 

الوسوم#ساندوا_السودان StandWithSudan أوغندا اللاجئين السودانيين المجتمع الدولي حرب السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: ساندوا السودان أوغندا اللاجئين السودانيين المجتمع الدولي حرب السودان

إقرأ أيضاً:

خطاب الكراهية وتأثيره السلبي علي مجريات الأحداث في دارفور

خطاب الكراهية وتأثيره المباشر علي إقليم دارفور غربي السودان في فترة الحرب الدائرة الان، تم فرض واقع جديد بعد 15 أبريل 2023، الأسباب التي ساهمت في تفاقمها، وعن تغذية الحرب، والصراعات حول الأرض والموارد في دارفور، وتأثير ذلك علي استقرار الإقليم، بما في ذلك إثر التوترات الامنية والعرقية علي المجتمعات المحلية، وتعايشها.

تقرير: حسن اسحق

خطاب الكراهية وتأثيره المباشر علي إقليم دارفور غربي السودان في فترة الحرب الدائرة الان، تم فرض واقع جديد بعد 15 أبريل 2023، الأسباب التي ساهمت في تفاقمها، وعن تغذية الحرب، والصراعات حول الأرض والموارد في دارفور، وتأثير ذلك علي استقرار الإقليم، بما في ذلك إثر التوترات الامنية والعرقية علي المجتمعات المحلية، وتعايشها.
يقول دكتور عباس التجاني الباحث في مجال السلام والإعلام والمدير التنفيذي لمركز سلاميديا ان الموضوع المرتبط بخطاب الكراهية معقد، وارتباطه لأسباب ثقافية موروثة، الأنماط الاقتصادية، زراعية ورعوية، اضافة الى غياب مشروعات تنموية في المنطقة، وعدم نضوج الخطاب السياسي في فترة من الفترات، لبعض التكوينات والتنظيمات السياسية، وأن هذه الأنماط الاقتصادية حدث لها تصادم، نتيجة لشح المراعي والموارد المحدودة، اضافة الى الصراعات الاجتماعية ما بين مجموعات سكانية متنافسة.
وأوضح عباس أن تصاعد خطاب الكراهية ما بعد فترة 15 أبريل 2023، ليس بجديد، هذا ما يطلق عليه اطار النزاع، وكيفية تأطير النزاع، أشار مقاربة النزاع بين السودان وجنوب السودان، وتحول نزاع شمال مسلم وجنوب مسيحي، وتحول إلى خطاب أكثر حدة، اما الصراع في دارفور في تشخيصه الأولى في عام 2003، الممثل في حركات الكفاح المسلح، وأطلق عليه صراعا بين الرعاة والمزارعين، والصراعات الاجتماعية توجد وكالات اجتماعية تنتج خطاب مجتمعى، علي سبيل المثال ’’ الحكامة ‘‘ والهداي والبوشان، والمغنيين المحليين للمجموعات الاجتماعية، الذي يظهر التمجيد للبطولة الفردية، والجماعية وعزة القبيلة.
اضاف ان الصراعات السياسية المستمرة، خلقت خطابات شحنت الناس، وفي فترات الحروب التي ارتبطت بجنوب السودان، والنيل الازرق وجبال النوبة، تم عسكره لسكان دارفور ، وحرب دارفور حصلت عسكرة لمجموعات اجتماعية، وتسليح، اما الصراعات في دول الجوار لدارفور، ساهمت في تدفق المقاتلين، والسلاح، وتفشي التجارة والجريمة العابرة للحدود، ويقول إن السياسة الخارجية للسودان لفترات طويلة غير متزنة في طبيعة علاقاتها مع دول الجوار، وكانت لها تدخلات في بعض الدول، في تشاد وليبيا وجنوب السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهذا كان له تأثيراته، علي واقع السكان علي الشريط الحدودي.
قال التجاني ان هذه الاسباب والمفردات كلها تولد خطاب مختلف، والازمة الحالية زادت من حدة الخطاب، أن حرب 2003 حتى ثورة ديسمبر، هذه الثورة أنتجت شعارا قويا، ’’ يا عنصري يا مغرور كل البلد دارفور‘‘ بسبب الانتهاكات التي كانت موجهة لطلاب من دارفور في الجامعات السودانية، منهم من تم تصفيتهم بطريقة بشعة، واعتقال مجموعات تابعة لإحدى الحركات المسلحة، منتج هذا الخطاب له القدره في زيادة الشرخ الاجتماعي، وزيادة خطاب الكراهية، وهي ليست خطاب عفوية ولا فطرية، بل هي خطابات مهندسة ومدروسة، ومنتج الخطاب يعرف مدى تأثيراته النفسية.
اضاف التجاني ان الصراع الحالي زاد علي التراكم التاريخي المرتبط بالكراهية في مناطق مختلفة بشكل أكبر، وآخرون قالوا إن الخطاب يعود إلى فترة المهدية فترة الخليفة عبدالله التعايشي، الممثل في مقولة اولاد البحر واولاد الغرب، وتصريحات الفاعلين في الحرب الدائرة الآن، حتما تولد مواقف مضادة، يمكن أن تكون ارتجالية، وأطراف الحرب لهم خطاب عنصرية تجاه بعضهم البعض، يقللون من شأن الآخر المختلف، وتصورات تجاه الآخر، هذا جزء من آلة الحرب النفسية، البروباغاندا، والحرب الحالية عمقت بشكل كبير الانقسام الاجتماعي والثقافي ما بين المجموعات السكانية السودانية، وخطاب الكراهية وجد مساحة للتمدد، اضافة الى ممارسة أطراف الحرب في مناطق سيطرتها، المرتبطة بالامتحانات ومناطق الارتكازات والتفتيش، وضربات الطيران الحربي، كل هذا يفسر في إطار خطاب الكراهية.
أشار التجاني إلى غياب دور الدولة الوظيفي في دارفور، ويمتد ذلك إلى تشاد ومنطقة الساحل الافريقي التي تعرضت لمجاعة، وتسببت هذه المجاعات في النزوح، وخلقت كثافة سكانية، ان مصادر المياه المتوفرة في إقليم دارفور لم تستغل بشكل سليم، وتم تصفية المشروعات التنموية مثل مشروع تنمية السافنا، وتصفية مشروع جبل مرة، وساق النعام، واوضح ان التنمية تخلق نوع من الاستقرار.
قال التجاني ان الاستقطاب الاثني ليس جديدا في إقليم دارفور، منذ الثمانينات والتسعينيات في عهد عمر البشير، تم استقطاب القبائل بشكل بشع، خاصة الصراع المرتبط بجنوب السودان، ومنطقة جنوب دارفور، والدولة استغلت الرعاة بشكل كبير جدا، والثروة الحيوانية لتفجير الألغام، اضافة الى خلق بدعة مبايعة المجموعات الاجتماعية، كما يحدث الآن في مدينة بورتسودان، وكانت هذه المجموعات يضغط عليها كي تبايع نظام الرئيس السابق عمر البشير، ويطلب من كل مجموعة توفير 1000 رجل للذهاب للقتال، وهذه الحرب الدائرة الآن، أعادت نفس السياسة السابقة، هذه المجموعات تذهب الي بورتسودان كي تبايع البرهان، وهذه السياسة هي طحن للمجموعات وتجييش لها وتمليش، وهي دمار ممنهج للبنية الاجتماعية لهذه المجتمعات في المدى البعيد.
أن تأثيرات ممارسة أطراف النزاع سوف تستمر لمدة 10 سنوات أخرى، وليس من السهولة معالجة هذه المسألة في المدى القريب، ويمكن ان يحدث تغير في سلوكيات المجموعات الاجتماعية، واضافة الى الانتشار الواسع للسلاح بشكل كبير للغاية، وخلق أشكال جديدة من المليشيات داخل هذه المجموعات نفسها، ان الاطراف التي كانت تقاتل مع طرفي الصراع، سوف تزداد قوة مع مرور الوقت، هذا التمليش جديدا علي الواقع السوداني، بل مستخدم بشكل ممنهج ومنظم، علي المجموعات في السودان، ودارفور كان نصيبها أكبر، في عام 2003، الدولة وظفت مجموعات سكانية معينة، واعطتها اراضي، الجميع يعرف حساسية الأرض، ومسميات للإدارة الاهلية، بل زادت وتفاقمت من حدة الصراع، والآن يتم استخدامها في حرب 15 أبريل 2023.

ishaghassan13@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • الضحية الأولى لأوّل رصاصة في السودان
  • حرب الجريمة والعقاب في السودان
  • السودان بعد الحرب.. هل تستمر لعبة العسكر؟
  • خطر الألغام في السودان.. الموت المختبئ تحت الأقدام
  • خبير عسكري جنوبي: قيادات الانتقالي تتربح من الحرب ومعاناة المواطنين 
  • أثر الحرب على التعليم والمدخل لاصلاحه
  • خطاب الكراهية وتأثيره السلبي علي مجريات الأحداث في دارفور
  • بيان من تجمع الدبلوماسيين السودانيين بشأن الجرائم والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين العزل
  • التبرع بالأجزاء !!
  • للسياسيين فى (قراند بورتسودان).. السودان لم يعد كما كان