البوابة نيوز:
2025-03-15@12:45:14 GMT

مصطفى بيومي يكتب: العبقري الشعبي صلاح جاهين

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

صاحب سبع صنايع ونموذج عبقرى للمبدع الشامل الذى يقدم رؤى بالغة العمق والبساطة والعذوبة

كان يحلم فى رباعياته بوطن يتسع للتنافر والخلاف ولا يضيق بالمودة والحب

مرارة أشعاره تتجلى فى اكتشاف القانون الإنسانى الأزلى الأبدى البسيط: مهما تطول الحياة فلا بد أن تنتهى بالموت

كوت:

فيلسوف «أولاد البلد» فى المصريين الأصلاء الذين يتوارثون الحكمة وينتجون الحضارة ويجمعون فى عبارة واحدة بين المرح والشجن.

. يقدسون الموت ويعشقون الحياة.. يدمنون الحب والتسامح ولا يعرفون الكراهية والتعصب

كوت تانى:

قصيدة «على اسم مصر» الأعمق والأجمل والأنضج.. يستعرض فيها تاريخ وطن ومعالم أزمة ومستقبل حلم يتمسك به ويأبى أن يتبخر ويندثر

لكل إنسان تاريخ ميلاد وآخر للموت، وصلاح جاهين من القلة الاستثنائية التى ولدت وعاشت مرتين، وفقا للأوراق الرسمية فقد ولد فى الخامس والعشرين من ديسمبر سنة 1930، ورحل فى الواحد والعشرين من إبريل سنة 1986، وبالنظر إلى الحقائق التى تتجاوز السجلات والوثائق، فقد ولد فى الثالث والعشرين من يوليو سنة 1952، وغيبه الموت فى طوفان الهزيمة الذى اجتاح الوطن فى الخامس من يونيه سنة 1967.

كان ميلاده الحقيقى مع الثورة التى جسدت أحلامه فأبدع فى التعبير عنها والتهليل لإنجازاتها، أما موته النفسى فقد اقترن بالكارثة التى زلزلت الأحلام الوردية وصنعت الكوابيس السوداء، إذ أدرك يومها أنه أنفق عمره فى الغناء على الناس وليس الغناء لهم!

سبع صنايع

كان صلاح الدين بهجت أحمد حلمى، الشهير بصلاح جاهين، سليل عائلة عريقة، ولا يكاد أحد من المصريين يجهل اسم جده الذى يحمله أحد أهم شوارع القاهرة: «أحمد حلمى»، أما الأب بهجت فكان رئيسًا لمحكمة استئناف المنصورة، عظمة الابن صلاح تختلف عن أبيه وجده، فهو جملة من المواهب النادرة فى جسد واحد، شاعر ورسام وصحفى وكاتب سيناريو وممثل، فضلًا عن أنه فيلسوف شعبى على طريقته الفريدة، ذلك أنه فيلسوف «أولاد البلد» فى المصريين الأصلاء، أولئك الذين يتوارثون الحكمة وينتجون الحضارة ويجمعون فى عبارة واحدة بين المرح والشجن، يقدسون الموت، ويعشقون الحياة، يدمنون الحب والتسامح، ولا يعرفون الكراهية والتعصب.

كتب صلاح جاهين أفلامًا تعد من علامات السينما المصرية، جماهيريًا وفنيًا: «خلى بالك من زوزو، أميرة حبى أنا، عودة الابن الضال، شفيقة ومتولى، والمتوحشة»، ومثل أدوارًا صغيرة لا تبرح القلب فى «اللص والكلاب، المعلم طرزان، لا وقت للحب، الأستاذ بدير المحامى». كتب عشرات الأغانى الوطنية التى تهتز معها القلوب، ومنها على سبيل المثال: «والله زمان يا سلاحى، بالأحضان، يا أهلا بالمعارك، الدرس انتهى، لموا الكراريس، ثوار، وراجعين بقوة السلاح»، كما كتب فى الأغانى العاطفية ما يتسم بالمذاق الفريد المختلف، مثل: «بان عليا حبه، أنا هنا يا ابن الحلال، أنت جيت ولا إيه، ليلة انبارح، وما أقدرش على كدة».

قدم صلاح جاهين لمسرح العرائس روائع خالدة، ومن أشهرها: «الليلة الكبيرة»، التى تزداد تألقا كل يوم، و«صحصح لما ينجح» ولا ينسى عشاق الدراما التليفزيونية تخفته التى لا تُمل «هو وهى» عن قصص لسناء البيسى وأداء فذ لسعاد حسنى وأحمد زكى.

سجل حافل بالإنجازات، فهو بحق صاحب سبع صنايع ومسلح بطاقة هائلة تجعل منه أنموذجًا عبقريًا للمبدع الشامل الذى يقدم رؤى بالغة العمق والبساطة والعذوبة.

سحر الرباعيات

ليس مثل قصائد صلاح جاهين فى تعبيرها عن روح الشخصية المصرية، ويتجلى ذلك فى دواوينه التى تحمل الروائع التى يرددها الملايين، ولعل قصيدة «على اسم مصر» هى المطولة الأعمق والأجمل والأنضج ففيها يستعرض تاريخ وطن ومعالم أزمة ومستقبل حلم يتمسك به ويأبى أن يتبخر ويندثر.

الرباعيات هى العلامة التى لا شبيه لها فى تاريخ الشعر المصرى، وليس فى إنتاج صلاح جاهين وحده، ليس لأن الديوان الصغير البديع قد حقق أرقاما قياسية فى التوزيع وتعدد الطبعات، وليس لأنها انتشرت بعد تلحينها وغنائها بواسطة الصوتين البديعين: سيد مكاوى وعلى الحجار، بل تكمن الروعة الحقيقية فى ذلك السحر الذى تتحول فيه كل رباعية إلى نص فنى مشحون بالدلالات والمؤثرات الطازجة.

كل رباعية حالة تستدعى التأمل الطويل، والرباعيات فى مجموعها درس فنى بليغ، يناقش قضايا شائكة تتعلق بالإيمان والموت والحزن والفلسفة والحب والجنس والوعى والحيرة التى لا تنتهى فى مواجهة تناقضات شتى، تحاصر الإنسان فيصارعها وينتصر أو ينهزم، قبل أن ينهض من جديد ليواصل الحياة.

صلاح فى رباعياته فيلسوف مصرى شعبى، يبنى فلسفته على أنقاض الشائع من فلسفات لا يستسيغها البسطاء والعاديون من الناس، كما يبدو ابن البلد الساخر متألقا فى تهكمه وهو يتحدث عن عمر الخيام ونصائحه:

ياللى نصحت الناس بشرب النبيت

مع بنت حلوة.. وعود.. وضحك.. وحديت 

مش كنت تنصحهم منين يكسبوا

تمن ده كله؟.. ولا يمكن نسيت

عندما ينفصل الفلاسفة عن الواقع إلى هذه الدرجة فإن مناقشة أفكارهم بالتفصيل تبدو أقرب إلى العبث، تكفى إشارة عابرة، أو سؤال ماكر، لنسف أسس فلسفتهم: «منين يكسبوا تمن ده كله؟»، قد تكون نصيحة الخيام صحيحة ومفيدة، لكن وسائل تنفيذها تبدو مستحيلة فى ظل واقع يعلى من قيمة الثمن والمقابل المادى لكل متعة.

الإيمان ضرورة حتمية لمواجهة الزمن عند صلاح جاهين، الإيمان بماذا؟ هذه مسألة أخرى، فالمهم هو فكرة الإيمان، قد يكون الإيمان بالله، وهو ما يحسمه صلاح ببساطة تتجاوز البحث عن «وجوده» إلى البحث عن «صفاته»:

ياللى بتبحث عن إله تعبده

بحث الغريق عن أى شىء ينجده

الله جميل وعليم ورحمن رحيم

احمل صفاته.. وأنت راح توجده

الإيمان بالله هنا ضرورة تماثل أهمية «القشة» للمهدد بالغرق، ولأنها فلسفة بلا ضفاف، فإن الإيمان لا يحتاج إلى طقوس معقدة، إذا كنت محتاجا إلى الله، فلا تبحث عنه بالمنطق والبراهين فى الكتب والنظريات، بل ابحث عن صفاته واحملها وستجده فى نفسك.

الحزن الجميل

يسود الحزن فى الرباعيات كنفحة أصيلة مستقرة، لكنه حزن إنسانى نبيل، إن حزن صلاح ليس ذاتيًا ضيق الأفق وليد الألم الفردى، لكنه حزن عام ومنتشر يسهل اكتشافه مهما تتعدد حالات الوجد الإنسانى.

بالبساطة وحدها يمكن قهر الإنسان، وبالبساطة العميقة وليدة الحكمة المتراكمة الموروثة يتكيف الإنسان مع ما لا يمكن التكيف معه، إن الموت مفزع ومفجر للحزن الشفاف المتوهج:

ضريح رخام فيه السعيد اندفن

وحفرة فيها شريد من غير كفن

مريت عليهم.. قلت يا للعجب

لاتنين ريحتهم فيها نفس العفن

إذا لم يكن من الموت بد، فلا أقل من تبريره والتعايش معه ببساطة تضمر الحزن، ولا تخلو من السخرية.

البساطة والسخرية وجهان لعملة واحدة يشهرها الإنسان بوجه عام، والإنسان المصرى على وجه الخصوص، لمقاومة الزمن ومجابهة تحدياته. تمتلئ الرباعيات بأسئلة بسيطة مراوغة تقطر منها حكمة الزمن، وتمتلئ كذلك بإجابات بسيطة ناصعة لأسئلة صعبة معقدة.

الوطن الذى يحلم به صلاح، ويحلم به المصريون الذين تعبر عنهم الرباعيات، وطن تسوده التعددية التى هى نتاج الفلسفة البسيطة البريئة من تنطع الفلاسفة، والإيمان بالإنسان، وعمق الحكمة الموروثة. الوطن الذى يحلم به صلاح يتسع للتنافر والخلاف، ولا يضيق بالمودة والحب:

لولا اختلاف الرأى يا محترم

لولا الزلطتين مالوقود انضرم

ولولا فرعين ليف سوا مخاليف

كان بينا حبل الود كيف اتبرم 

انتصار الحياة

لا يخفى صلاح جاهين مرارته من فكرة الموت، وهى مرارة لا تقوده إلى الاستسلام، لكنها تزيد من شعوره بحتمية الموت. بكلمة عامية واحدة مشحونة بالدلالات، يعبر صلاح عن جوهر رؤيته للصراع غير المتكافئ بين الموت والحياة. الكلمة هى «الأكادة»، والقصة عن أيوب، المثل الأعلى فى المقاومة الإنسانية والصبر الذى يُضرب به المثل، والمرارة تكمن فى العمق الذى توصل إليه صلاح، ضرورة الموت وحتميته مهما تتعدد الوسائل وتتباين:

أيوب رماه البين بكل العلل

سبع سنين مرضان وعنده شلل

الصبر طيب.. صبر أيوب شفاه

بس الأكادة مات بفعل الملل

الموت بكل الرباعية، وأيوب التراثى الذى يستدعيه صلاح أنموذج فذ لمواجهة شبح الموت المتمثل فى المرض المستعصى على العلاج، مرارة صلاح تتجلى فى اكتشافه للقانون الإنسانى الأزلى الأبدى البسيط: مهما تطول الحياة فلا بد أن تنتهى بالموت. «الأكادة» أنها ستنتهى، وكأن الموت يخرج لنا لسانه متحديا، حتى لو تغلبنا على الأمراض والكوارث التى تعجل بنهايتها، فإنه ينتظر. الإنسان لم يخلق للخلود ولا يتحمله والكون سيضيق بالتراكم البشرى اللا نهائى إذا تحقق، فإن استمرار الحياة رهين بفناء الأحياء!

يمسك صلاح بجوهر القانون الذى يحكمنا فى رباعيته المذهلة:

أنا قلبى كورة.. والفراودة أكم

ياما اتنطح وانشاط.. وياما اتعكم

وأقول له كله ح ينتهى فى المعاد

يقول بساعتك؟ والا ساعة الحكم

الذين يعرفون القليل عن قوانين كرة القدم، يدركون أن الحكم هو الميقاتى الوحيد فى مباريات الكرة، فهو الذى يطلق صافرة البداية والنهاية، ويدير المباراة بلا معقب على أحكامه، ربما يحتج اللاعبون والمشاهدون على كثير من قرارات الحكم، لكنه احتجاج سلبى تعيس لا جدوى منه سوى التنفيس وإظهار الموقف الرافض دون أمل فى تغيير حقيقى. تنطلق الصافرة، من منظور ساعة الحكم، فيخرج لاعبون ويأتى آخرون. لا بد من النهاية، الموت والبداية الجديدة والميلاد، لتستمر فكرة اللعب، فكرة الحياة.

مشهد من عودة الإبن الضالمشهد من عودة الإبن الضالمشهد من “خلى بالك من زوزو”مسلسل هو وهىالليلة الكبيرةالليلة الكبيرةمسلسل هو وهىفى اللص والكلاب

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: صلاح جاهين طوفان الهزيمة صلاح جاهین

إقرأ أيضاً:

نسبية الإلتفاف الشعبي حول الجيش

 

نسبية الإلتفاف الشعبي حول الجيش

خالد فضل

بعض الكتّاب المرموقين، وفيهم من ينشر في بعض الصحف العربية الدولية، يحاولون دائما في كتاباتهم تصوير نصف الحقيقة على أنها الحقيقة الكاملة , ويبنون سردياتهم على ذلك دون أن يضعوا أي إعتبار لنسبية ما يزعمون . من تلك السرديات المضللة في تقديري ؛ تصوير الشعب السوداني وهو ملتف حول الجيش عبر هتاف جيش واحد شعب واحد، لذلك يصبح هذا الهتاف مدعاة لتفويضه بشؤون الحكم، ولعل بعضهم يستند إلى حماد عبدالله حماد من الدندر، صاحب الترند المشهور على الوسائط ؛ وهو يفوّض الجيش السوداني إلى يوم القيامة، ويشتم بلفظ بذئ ؛ الدعّامة . صحيح هناك جزء من الشعب يفعل ذلك، ولكن ليس على الإطلاق .

دعونا نعود قليلا إلى ما سبق الحرب، فقد ظلّ قسم من السودانيين/ات يلتفون حول حركات كفاح مسلّح، وبالتالي يلتفون حول جيوش غير الجيش السوداني . ومنها حركات جيش تحرير السودان في دارفور بمختلف فصائلها، وحركة العدل والمساواة بمسمياتها المتعددة، والحركة الشعبية لتحرير السودان بفصيلين على الأقل . هنا يوجد مجموعات من السودانيين لم يلتفوا حول الجيش ولم يفوضوا قائده عمر البشير بشؤون الحكم والإقتصاد . بل أكثر من ذلك ما من إتفاقية سلام أبرمت إلا وكان بند إصلاح الجيش والمنظومة الأمنية حاضرا وممهورا بتوقيعات قادة الجيش أنفسهم، هذا يعني ببساطة أنّ عطبا ما يتخلل هذه المنظومة العسكرية /الأمنية، وهو السبب في عدم إكتمال الإلتفاف الشعبي حولها كما يزعم الزاعمون الآن، إذ لم تجر عملية الهيكلة والإصلاح المنصوص عليها في آخر إتفاق للسلام المشهور بإتفاق جوبا، فهل تجاوز الناس الأعطاب التي تستوجب الإصلاح، أم أنها أصلحت تلقائيا بإنطلاق رصاصة الحرب الأولى ؟ ولأنّ عملية الإصلاح المنشود كانت تغوص عميقا في الحقيقة لتشمل العقيدة العسكرية، ودور المؤسسات الأمنية وخضوعها للسلطة المدنية .. إلخ،  فهل تحقق أيا من هذه الوصفات الإصلاحية بحيث صار الجيش الآن هو الجيش الموصوف في تلك الإتفاقات , وبالتالي جاز الإلتفاف الشعبي حوله ؟

ثمّ وفي خضم الحرب نفسها،  هل حاز الجيش على الإلتفاف الشعبي من كل أو معظم السودانيين أم أنّ ما يوصف بالإلتفاف حدث من بعض وفي أجزاء من البلاد . هل يمكن مثلا إعتماد هذا المعيار للشعب في الضعين أو كاودا والفولة، بل حتى في قرى شرق الجزيرة وأنحاء من شمالها،  وبعض المناطق في ولاية سنار . وبعض أحياء وقرى ولاية الخرطوم . فقد إلتف جزء من الشعب حول قوات الدعم السريع في مناطق عديدة، وانضم شباب مقاتل في صفوفه وهو يخوض الحرب ضد الجيش . هذه وقائع وحقائق لا يمكن التغافل عنها لمصلحة ما يرغبه الكاتب أو الناشر لراي، فمن المنطقي الزعم بأن غالبية المواطنين في ولايات الشرق والشمال مثلا يلتفون حول الجيش، وهو إلتفاف نسبي، ويخضع في تقديري لمسألة الولاء للأعنف أكثر من كونه إلتفافا حقيقيا، مثلما هي الحالة مع الدعم السريع،  ولعل الناس في ولايات الجزيرة وسنار مثلا شاهدوا بأعينهم أفراد الجيش يزاحمونهم في الكباري والطرق وهم في مهربهم نازحين ومشردين أمام جحافل الدعم السريع . فمن أين أتت فرية إلتفاف الشعب حول الجيش .

إذا صدق المحللون وقالوا إنّ بعض المواطنين في الولايات التي لم تطالها قوات الدعم السريع قد استجابوا لخطة جماعة الإسلاميين ؛المؤتمر الوطني التي تهدف إلى القضاء على الثورة الشعبية السودانية , وانخرطوا في كتائب الجهاديين تحت اسم الدلع (المقاومة الشعبية) حسبما صرّح د. عبدالحي يوسف، فهذا تعبيردقيق،  لأنه يعبر عن واقع معلوم . فقد تمت تعبئة هذه العناصر الجهادية بشكل سافر ضد رموز وقوى الثورة أكثر من تعبئتهم ضد قوات الدعم السريع أو المليشيا كما أطلقوا عليها، بعد أنْ كانت مولودا شرعيا من رحم الجيش , ويده اليمنى وساعده الجسور وكان أفراده يكنون بالأشاوس ويلتف الشعب حولهم ويسخر بعض الإعلاميين بمن فيهم من استوزر الآن من هتافات الشارع (الجنجويد ينحل) . هذا تاريخ قريب جدا لم تمح ذكراه من عقول الناس وإنْ كان بعضهم يتغافل ويجاهد لطرد الحقائق من ذهنه ليثبّتْ بالعافية المزاعم الراهنة .

نعم، من رجحان الراي في تقديري ,أنْ يصار إلى نظر عميق في بناء دولة سودانية وطنية جديدة، الترقيع أو الترميم لا يجدي شيئا . هناك خلل أساسي في البناء الذي تهدّم بالفعل الآن . من الأفضل النقاش بموضوعية حول المعطيات الراهنة، واستدراك العبرة من تجارب الماضي للوصول إلى المستقبل، أمّا محاولة القفز مباشرة وتصور المستقبل بموجب الحاضر فقط و بنفس معطيات الماضي فهذا عبث لا طائل من ورائه،  وإذا صحّ عزم الناس بإعتبار وعظة هذه الحرب في الحسبان فإنّ مسارات تفكيرهم وتحليلهم يجب أن تتجاوز السقوف البالية التي ظلوا محبوسين تحتها لعقود طويلة . ولقد لعبت قيادات الجيش نفسه أكبر الأدوار في البناء المايل وفي حبس الناس تحت سقفه البالي، فلا أقل من مواجهة الحقيقة، ومؤداها،  الحكم العسكري لم يصلح حالا في الماضي والحاضر وبالضرورة لن يصلح المستقبل . الجيش يحتاج لجمة من الهيمنة على السلطة والإقتصاد والتجارة والتفرغ لمهمة بنائه كجيش بمهام وأدوار محددة ليس من ضمنها أبدا إعتماد الوثائق الدستورية أو الخوض في مناقشات سياسية مع القوى المدنية،  فنتيجة هذا المسار هو ما نعيشه اليوم من واقع الإنقسام الشعبي وليس الإلتفاف، فهناك على الطرف الآخر شعب سوداني يلتف حول قوات الدعم السريع والجيش الشعبي وجيش حركة تحرير السودان، على الأقل، إلا إذا كان معيار الشعب السوداني الملتف نفسه ؛ يستبعد هؤلاء المواطنين من درجات مؤشره فيحصرها فقط في مسمى النهر والبحر , أو ما شابهها من مسميات ؛ عندئذ يبقى الوضوح مطلوب لمن يمسك قلما يسطر به رأيا يريد أن يستهدي به الناس .

 

الوسومالإلتفاف الشعبي خالد فضل نسبية

مقالات مشابهة

  • حسام موافي: الكبد من أخطر أعضاء الجسم ومشاكله تهدد الحياة
  • نسبية الإلتفاف الشعبي حول الجيش
  • متى يبدأ الحساب بعد الموت أم يوم القيامة؟.. علي جمعة يوضح الحقيقة
  • لماذا يخاف الناس من الموت؟.. رد مفاجئ من علي جمعة
  • تريند زمان.. جريمة غامضة لم تفصح عن الجانى هزت الوسط الفني
  • بعد 41 عامًا من الغربة والشتات..حيث الانسان من مارب ينهي فصولا مؤلمة من حياة عبدالله مصلح ويصنع له مرحلة بهيجة من الحياة .. مشروع الحلم واقع وحقيقة..
  • الحياة البرية فى خطر.. أوامر ترامب تهدد أنواعًا من الحيوانات بالانقراض
  • الكاتب الصحفي صلاح الدين عووضه يروي تفاصيل مثيرة .. ونجوت من الموت!!
  • منى أحمد تكتب: شمس الموسيقى العربية
  • ماجدة موريس: ولاد الشمس وقلبي ومفتاحه الأفضل بالنسبة لي