كيف صعد البرهان وحميدتي وسقط كبار جنرالات الإسلامويين باللجنة الأمنية في 13 أبريل؟
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
رشا عوض
الفترة من ١١ أبريل (يوم إسقاط البشير وتولي وزير دفاعه ورئيس اللجنة الأمنية العليا عوض ابن عوف رئاسة المجلس العسكري الأول) و١٣ أبريل (يوم الإطاحة بكامل أركان اللجنة الأمنية باستثناء عضو واحد فقط هو حميدتي وتشكيل المجلس العسكري الثاني برئاسة الفريق عبد الفتتاح البرهان) هي فترة حافلة بأحداث وتفاصيل كثيفة جدا وذات أهمية نوعية بدونها لن يكتمل التأريخ الدقيق للفصل الأخير في نظام الإنقاذ.
عند كتابة تاريخ ثورة ديسمبر المجيدة لا بد من تسليط الضوء على هذه التفاصيل لفهم التعقيدات والتحديات التي واجهت الثورة.
الكيزان سيكتبون روايتهم وحتما ستنطوي على كثير من الزيف، وحتما سيتعمدون كعادتهم حجب أجزاء مهمة جدا من الحقيقة لأنها ستدينهم. يجب أن لا نترك تاريخنا لمحاضر تحقيقات “الحركة الإسلامية” التي ترى في الكذب لصالح التنظيم عبادة لله.
منذ الآن بدأت ملامح التزوير تطل برأسها في شهادات البعض في اتجاه اختزال الحدث التاريخي الكبير ممثلا في ثورة ديسمبر في نظرية مؤامرة داخلية وأخرى إقليمية، وتهميش دور الجماهير التي ثارت وقدمت التضحيات، وإسقاط عوامل مهمة مثل مستوى الفساد والانهيار والعجز الذي بلغه النظام في كل المجالات بصورة تحتم سقوطه، وفي إطار نظرية المؤامرة الإقليمية نفسها سيتجاهل الإسلامويون أو بالأحرى سوف يتسترون على الخونة والعملاء داخل تنظيمهم الذين كان لهم الدور الحاسم في بيع التنظيم (بالقطاعي) لعدد من أجهزة المخابرات الإقليمية، ومثلما زعموا أن الدعم السريع الذي هو( صنيعتهم هم) ذراع سياسي لـ “قحت” و”تقدم” سيزعمون أن التدخلات الإقليمية الكثيفة في الشأن السوداني دخلت من باب القوى السياسية العميلة الخائنة.
يجب أن نحاول كتابة تاريخنا المعاصر بأمانة وموضوعية وشمول لكل وجهات النظر المتصارعة بما فيها وجهة نظر الكيزان، ولا نسمح بتلوين التاريخ بلون سياسوي أو أيدولوجي، وهذا يقتضي التوثيق الدقيق للأحداث بتسلسلها الزمني وسياقها العام والخاص.
حتى الآن كثيرون جدا يتحدثون عن أن الحرية والتغيير تفاوضت مع اللجنة الأمنية لنظام البشير وعقدت معها شراكة على أساس الوثيقة الدستورية، وهذا حديث غير صحيح بالمرة، اللجنة الأمنية العليا لنظام البشير هي مؤسسة من مؤسسات النظام منصوص عليها في دستور ٢٠٠٥ ، ومعروفة بشخوصها وهم قيادات أمنية وعسكرية وسياسية اكتسبوا عضويتهم في هذه اللجنة بحكم مناصبهم، وكان أبرزهم عشية سقوط البشير: وزير الدفاع (رئيس اللجنة) الفريق عوض ابن عوف، ورئيس هيئة الأركان في الجيش الفريق أول كمال عبد المعروف ونائبه، ورئيس الاستخبارات العسكرية الفريق أول مصطفى محمد مصطفى ونائبه، ومدير جهاز الأمن الفريق أمن صلاح قوش، ونائب مدير جهاز الأمن الفريق أمن جلال الشيخ، مدير عام الشرطة الفريق الطيب بابكر ونائبه، ومدير عام منظومة الصناعات الدفاعية عمر زين العابدين، وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد، وزير الداخلية بشارة جمعة ارو، وقائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو الذي ألحقه البشير باللجنة.
بعد تشكيل المجلس العسكري الثاني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وهو لم يكن عضوا باللجنة الأمنية، ابتعدت أو استبعدت كل أركان اللجنة الأمنية باستثناء حميدتي، وحتى من استوعبهم مجلس البرهان – حميدتي من أعضاء اللجنة الأمنية العليا الأصليين مثل مصطفى محمد مصطفى وجلال الشيخ وعمر زين العابدين أو من الأعضاء الذين أضافهم عوض ابن عوف مثل الفريق طيار صلاح عبد الخالق والفريق الفرضي المطري غادروا في زمن قياسي ولم يتبق في المجلس العسكري الجديد سوى القادمين الجدد، شمس الدين الكباشي وياسر العطا وإبراهيم جابر وهؤلاء ليسوا من أعضاء اللجنة الامنية.
الحقيقة أن القيادات العسكرية والأمنية الإسلاموية أزيحت عن المشهد لصالح قيادات أخرى أقل ارتباطا بالإسلامويين ولذلك علت نبرة الحديث في أوساطهم عن ما يسمونه انقلاب 11 ابريل 2019 الذي يستوجب إجراء التحقيقات.
لماذا التحقيق؟ لأن التنظيم الإسلاموي كانت له خطة مرسومة للتحكم في مسار ثورة ديسمبر، خلاصتها أن تطيح اللجنة الأمنية بعمر البشير للتخلص من تركته الثقيلة خصوصا العقوبات وأمر القبض من محكمة الجنايات الدولية، ثم تستمر اللجنة الأمنية في حكم البلاد لفترة انتقالية قصيرة تعقبها انتخابات متعجلة وغير مستوفية لشروط النزاهة كي يعود الإسلامويون إلى المشهد بماركة جديدة، البرهان وحميدتي اختطفا من اللجنة الأمنية ذات مشروعها ممثلا في التحكم في الفترة الانتقالية وإجراء انتخابات متعجلة تحت البوت العسكري تأتي بموالين للعسكر، جربا تتنفيذ هذا المشروع بعد مجزرة فض الاعتصام وفشل بسبب تصاعد المد الثوري والضغوط الدولية، ثم أعادا الكرة في 25 أكتوبر عبر الانقلاب الذي فشل هو الآخر بالمقاومة الشعبية وباختلاف طرفيه حيث رفع حميدتي يده عن الانقلاب بعد أن رأى عودة الإسلامويين إلى صدارة المشهد وشعر بالتهديد، وفي خاتمة المطاف اشتعلت هذه الحرب كنتيجة طبيعية للسباق العسكري لحيازة السلطة.
الدرس الذي لا يريد الإسلامويون تعلمه هو أن الجماهير عندما تكسر جرة الاستبداد وتخرج على نظام لا يمكن للنظام بذات شخوصه أن يعود مجددا مهما بلغ من الاحتيال والتآمر، مشكلة الإسلامويين مع الثورة التي ختموها بهذه الحرب اللعينة هي أن تفكيرهم ظل منصبا على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء! على تحريك عجلة التاريخ إلى الخلف وهيهات!
الوسومالكيزان اللجنة الأمنية ثورة ديسمبر المجيدة نظام البشير
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الكيزان اللجنة الأمنية ثورة ديسمبر المجيدة نظام البشير
إقرأ أيضاً:
توقعات بانخفاض معدلات التضخم.. تفاصيل اجتماع رئيس الوزراء باللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع
ترأس اليوم الأربعاء، الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع، بحضور كل من الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، والمهندس مصطفى الصياد، نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وحسام الجراحي، نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية، والدكتور علاء ناجي، الرئيس التنفيذي للشركة القابضة للصناعات الغذائية، والدكتور محمد شتا، مساعد وزير التموين للتحول الرقمي، والسيد أحمد كمال، مساعد وزير التموين.
وفي مستهل الاجتماع، أكد رئيس الوزراء الحرص على المتابعة الدورية لملف ضبط الأسواق وأسعار السلع، لما يمثله من أهمية كبيرة، مُضيفاً: أتابع بانتظام مع الزملاء من الحكومة، والأمانة الفنية، الجُهود المبذولة لضبط الأسواق وأسعار مختلف السلع على مستوى الجمهورية.
وجدد رئيس الوزراء التأكيد على المُتابعة المُستمرة لهذا الملف من جانب مُختلف جهات وأجهزة الدولة المعنية، للتأكد من توفير السلع والبضائع بكميات كبيرة وبأسعار مناسبة، تلبيةً لاحتياجات المواطنين، مُشيراً إلى التكليفات الصادرة لمختلف الجهات الرقابية لمتابعة الأسواق بصورة يومية، واتخاذ كل الإجراءات ضد أي مخالفات يتم رصدها.
انخفاض أسعار البيض والسكرومن جانبه، أكد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، انخفاض أسعار السلع واستقرارها، مُوضحاً عددا من الأمثلة، قائلاً: كان طبق بيض المائدة قد وصل سعره في بعض الأوقات الماضية إلى 210 جنيهات، أما حالياً فقد انخفض سعره إلى 120 جنيهاً، وفي بعض المناطق يباع الطبق بسعر 100 جنيه، بينما يبلغ متوسط السعر لطبق بيض المائدة حاليًا بكل المحافظات، وفقا لآليات الرصد، 140 جنيهًا.
وأضاف وزير التموين والتجارة الداخلية أنه فيما يخص سلعة السكر، فقد كان السعر سابقاً يتراوح ما بين 36 إلى 39 جنيهاً، أما اليوم فيباع السكر في كل المنافذ بسعر 30 جنيهاً، مُشيراً في هذا الصدد، إلى أن هناك احتياطي من السكر يزيد على 14 شهراً، مُؤكداً أن الوفرة حققت التوازن في الأسعار.
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع تناول استعراض منظومات وزارة التموين والتجارة الداخلية لمراقبة أسعار السلع، والتي يجري تطويرها لتسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين، وتتكون المنظومات من تطبيق كارت المفتش، واللوحة المعلوماتية، وتطبيق مراقبة الأسواق، ونظام متابعة المخزون الاستراتيجي، ونماذج التنبؤ بأسعار السلع الاستراتيجية، وتطبيق رادار الأسعار الذي يتيح للمستهلك تقديم أي بلاغ حول نقص السلع أو ارتفاع أسعارها، مُضيفاً أن هذه المنظومات تستهدف الكشف المبكر عن الأزمات المحتملة، ودعم اتخاذ قرارات سريعة وفعالة، فضلاً عن تحسين إدارة المخزون من السلع، وحماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار غير المبرر، إلى جانب دعم صناع السياسات بمعلومات دقيقة.
وأوضح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أنه تم خلال الاجتماع أيضاً تقديم عرض حول تحليل أهم اتجاهات التضخم عالمياً، وكذلك نتائج المتابعة الميدانية للأسواق وأسعار السلع، أعده مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مُشيرا إلى أنه في إطار ذلك تم التنويه إلى أن هناك توقعات بانخفاض معدلات التضخم في العديد من مناطق العالم، مع انخفاض واضح في أفريقيا جنوب الصحراء، والشرق الأوسط، وآسيا الوسطى.
استعراض مُؤشر الأسعار العالمية للسلع الغذائيةوقال المتحدث الرسميّ: تم كذلك استعراض مُؤشر الأسعار العالمية للسلع الغذائية خلال مارس 2024، فيما توقع البنك المركزي المصري أن يستمر التضخم في الانخفاض خلال عامي 2025 – 2026، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالربع الأول من عام 2025، كما أن هناك مخاطر صعودية لمعدلات التضخم في ظل حالة عدم اليقين بشأن تأثير الحرب التجارية الدائرة في الوقت الراهن، وكذلك التصعيد المحتمل للصراعات الجيوسياسية الإقليمية، لافتاً في الوقت نفسه إلى توقعات المؤسسات الدولية لمعدل التضخم في مصر مثل :" وكالة فيتش"، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدوليّ، ومؤسسة " استاندرد آند بورز" بأن يشهد عام 2026 تراجعاً ملحوظاً لمُعدل التضخم في مصر مُقارنة بعام 2025.
وفيما يتعلق بالمتابعة الميدانية لأسعار السلع خلال أبريل الحالي، فأشار المتحدث الرسمي إلى أنه تم التنويه إلى أن هناك انخفاضاً لأسعار بعض السلع مُقارنة بأسعارها في مارس الماضي، بينما شهد عدد من السلع الأخرى ارتفاعات طفيفة خلال الشهر الجاري مُقارنة بمثيلاتها في مارس، ومن خلال استطلاع رأي المواطنين والذي أعده مركز المعلومات، فهناك 90% من المواطنين الذين تم استطلاع رأيهم أكدوا توافر جميع السلع التي أرادوا شراءها.
تقييم أصحاب محال التجزئة للإجراءات والمبادرات الحكوميةكما تم خلال الاجتماع الإشارة إلى أن استطلاع الرأي شمل أيضاً تقييم أصحاب محال التجزئة للإجراءات والمبادرات التي تتخذها الحكومة لتوفير السلع في الأسواق، حيث جاءت نتائج الاستطلاع لتؤكد أن 94.3 % من أصحاب محال التجزئة يرون أن الإجراءات والمبادرات نجحت في توفير السلع بالفعل بالأسواق، كما ارتفعت نسبة أصحاب المحال الذين يرون انتظام توريد السكر في أبريل 2025، مُقارنة بشهر مارس 2025، كما أن المؤشرات الفرعية للمؤشر العام لكفاءة أسواق السلع توضح استقراراً نسبياً في أسعار السلع وتوافرها بشكل جيد بالأسواق خلال أبريل الجاري.
كما أن هناك تحسناً في مُؤشر التدخل المؤسسي لضبط أسواق السلع في فبراير 2025، وتعكس قيمة المؤشر مستوى جيدًا جدًا من فاعلية التدخل المؤسسي في ضبط الأسواق، كما حقق مُؤشر الاستجابة لشكاوى المواطنين نتائج إيجابية، وهو ما يشير إلى الاستجابة بصورة جيدة جداً للشكاوى المُتعلقة بأسعار السلع وتوافرها.