النساء السودانيات في زمن الحرب.. انتهاكات جسيمة ومآسٍ فوق الوصف
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
مع اقتراب الحرب في السودان من عامها الثاني دون وجود أي أفق لإطفاء نيرانها، جلبت المعارك الكثير من الانتهاكات الجسيمة بحق النساء، ولاسيما فيما يتعلق بجرائم اغتصاب وترويع وزواج قسري، وفقا للعديد من الناشطات الحقوقيات.
وأشارت ناشطات إلى أن الكثير من المؤسسات والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية تتابع بغصّة وألم تفاصيل تلك "الجرائم البشعة" ضد النساء والفتيات، سواء من خلال تعرضهن لأعمال اغتصاب وتحرش جنسي وحشي، أو من خلال استغلالهن وتجنيدهن للقتال.
وأوضحت رئيسة الوحدة الحكومية السودانية لمكافحة العنف ضد المرأة، سليمى إسحاق في حديثها إلى موقع "الحرة" أن "الحرب بحد ذاتها تعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة، لأنها تضعف البنية التحتية ولأنها تجعل الحياة صعبة جدا على النساء".
وأضافت: "النساء في السودان دفعن أثمانا باهظة خلال فترة الحرب التي لا تزال رحاها تدور إلى حد اللحظة، والأمر لا يتعلق فقط بالانتهكات المباشرة كالاغتصاب والتعذيب، فهناك إساءات بالغة مثل الخروج القسري من منازلهن، والنزوح من مكان عدة مرات".
الاغتصاب.. "معاناة لا توصف"
من جهتها، أكدت الناشطة الحقوقية، تهاني عباس، في حديث معها بواسطة تطبيق "واتساب" أن "النساء في السودان قد تعرضن منذ بداية الحرب إلى أقسى وأصعب الظروف منذ اللحظة الأولى لإطلاق أول رصاصة في فجر 15 أبريل من العام 2023 ".
الحرب في السودان.. من يدعم حميدتي ومن يساند البرهان؟
مع اندلاع صراع مدمر في السودان العام الماضي، سعى الخصمان المتحاربان في البلاد للحصول على الدعم من الخارج في محاولة من كل طرف لحسم الصراع لصالحه.
وزادت : "عانت النساء والبنات في السودان معاناة لا توصفها الكلمات وكأنما الحرب صممت أصلا لقهرهن وارتكاب العنف ضدهن، من قتل واغتصاب وتهجير قسري وتشريد وإفقار لكل مواردهن".
وتابعت بأسى: "واجهت النساء والبنات كل هذه البشاعات بصمود لكن كانت آلة الحرب أعنف من قدراتهن، فقد تم قتل النساء والبنات وتم الاعتداء الجنسي عليهن وتم تشريدهن من ديارهن وفقدن المأوى والأمان، وتعرضت النساء للعنف الجنسي والابتزاز حتى في المعابر والحدود بعد أن فقدن كل أموالهن ومدخراتهن وتمت سرقة ما يمتلكن من ذهب ونقود".
ونسبت مفوضية حقوق الإنسان الأممية 70 في المئة من حوادث العنف الجنسي المؤكدة لمقاتلين يرتدون زي قوات الدعم السريع، وحادثة من بينها، يتهم بارتكابها مقاتل بلباس قوات الجيش.
وأوضحت إسحاق في حديث سابق لموقع "الحرة" أن "الحالات الموجودة خاصة التي لها علاقة باقتحام المنازل والاختفاء القسري أو الاسترقاق الجنسي، هي كلها على حسب ما أوردت الناجيات ارتكبت من أشخاص يرتدون زي الدعم السريع".
وتابعت "جملة الحالات المسجلة عندنا هي 136 حالة عنف جنسي متصل بالنزاع. هي فعليا لا تمثل أكثر من 2%، وتوجد الكثير من الحالات غير الموثقة، لأن طريقة الإبلاغ تكون صعبة، في ظل انقطاع الاتصال أو تردي الوضع الأمني نفسه، ومعظم الحالات قد لا تصل للمرافق الصحية ولا يبلغ عنها".
وفي ديسمبر الماضي، أجرت وكالة "رويترز" مقابلات مع 11 امرأة وفتاة وقلن إنهن تعرضن لاعتداءات جنسية أو شاهدن تلك الاعتداءات التي وقعت على أيدي أفراد من قوات الدعم السريع التي تنفي ضلوع مسلحيها في تلك الاعتداءات.
وأضفن أن الاعتداءات وقعت خلال هجمات استمرت لأسابيع في وقت سابق من هذا العام المنصرم في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
حرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل 2023
قتال وهدن مخترقة وملايين يفرون.. تسلسل لأحداث عام من الحرب في السودان
أدت الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى سقوط آلاف القتلى ونزوح أكثر من 8,5 ملايين شخص بحسب الأمم المتحدة.
وقالت تسع منهن إنهن تعرضن للاغتصاب الجماعي وأكدت النساء الإحدى عشرة جميعا أنهن تعرضن للاعتداء تحت تهديد السلاح، فيما أشارت ثلاث أخريات إلى أنهن رأين نساء يتعرضن للاغتصاب.
وكانت رويترز قد أوردت تفاصيل عن المذبحة التي وقعت في الجنينة في الفترة من أواخر أبريل إلى منتصف يونيو من العام الماضي عندما استهدفت قوات الدعم السريع وحلفاؤها المساليت، وهي قبيلة من أصل أفريقي داكنة البشرة كانت تشكل غالبية سكان المدينة قبل طرد معظمهم منها.
وتنفي قوات الدعم السريع هذه الاتهامات، إذ أوضح أحمد عابدين، المستشار الإعلامي لحميدتي في تصريحات سابقة لموقع الحرة "نحن نثق في قواتنا، ونثق في القيادة، وبالتالي شاهدنا مثل هذه المسرحيات، وهذه المقاطع في وسائل التواصل، وبالتأكيد لا يوجد من جنودنا أو من قادتنا أو من أفرادهم، أفعال مثل هذه الأفعال".
وتابع: "نحن على استعداد للتحقيق من أي لجنة وطنية محايدة، وعلى استعداد للتحقيق من أي لجنة دولية، بشرط أن يكون الأمر حياديا. وأنا متأكد أن هذه اللجان ستصل إلى الصانع الحقيقي لهذه الأفلام".
آلام النزوح.. والعنف المنزلي
ورغم الانتهاكات والصعوبات، فإن النساء والفتيات قد حاولن، بحسب تهاني عباس، التكييف مع ظروف التهجير والنزوح واللجوء ولكن سرعان ما وطأت الحرب أغلب المدن الآمنة داخل الخرطوم ولاية الجزيرة عامة..
وشددت عباس في حديثها إلى موقع "الحرة" على أن "كافة أنواع الانتهاكات دون استثناء قد مورست بشكل مباشر على النساء والبنات اللواتي فقد بعضهن أرواحهن نتيجة لانهيار النظام الصحي وانهيار المؤسسات الصحية".
ونبهت إلى أن هناك نسوة قد "فقدن أطفالهن حديثي الولادة بسبب الافتقار لأبسط خدمات الرعاية الصحية الأولية، ناهيك عن امتهان كرامة البنات جراء عدم توفر فوط صحية ومضادات حيوية وعلاجات الالتهابات النسائية وغير ذلك".
كما لفتت عباس إلى "انهيار النظام التعليمي وخروج أكثر من ٢٠ مليون تلميذ وطالب من المدارس، هو بالتأكيد وقعه على النساء أفظع حيث زادت حالات العنف المنزلي بسبب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية وتوفر البيئة الحاضنة للعنف".
من جانبها، قالت إسحاق إن الحرب قد أثرت على النساء اللواتي لديهن قضايا حضانة وطلاق أمام المحاكم، موضحة أن "الكثير من الحقوق قد ضاعت بسبب توقف عجلة النظام القضائي وتعطل عمل المحاكم".
وزادت: "هناك أطفال جرى انتزاعهم من أحضان أمهاتهن، لأنهن لم يحصلن على حكم من المحكمة في قضاياهن المنظورة أمام القضاء، مما ساهم في زيادة التفكك الأسري والعنف المنزلي".
وشددت إسحاق أيضا على إنهاء أي تمييز جنسي عند تقديم المساعدات الإنسانية، لافتة إلى "أن هناك احتياجات خاصة للنساء والفتيات وأطفالهن يجب أخذها بالحسبان دون أي استغلال أو اضطهاد".
التنجنيد.. انتهاك أم حق؟
وفي سياق ذي صلة، لا يزال يثور الجدل بشأن تجنيد نساء وفتيات للقتال في صفوف القوات المسلحة، حيث تترواح الآراء بين اعتبارها حرية شخصية ما دمن فوق سنة الثامنة عشرة، وصولا إلى مخاوف بشأن يكون ذلك يشكل انتهاكا بحق نسوة يزج بهن في ساحات المعارك لمجرد تلقيهن تدريب بسيط على السلاح.
وفي هذا الصدد، تقول إسحق لموقع "الحرة": "التجنيد إذا كان يتم بشكل قسري فهو يعد، حسب زعمي، انتهاك سواء كان بحق النساء أو حتى الرجال، خاصة إذا لم يبلغوا السن القانونية، وما زالوا في طور الطفولة والمراهقة".
وشهدت ولاية نهر النيل الواقعة شمال السودان، في أغسطس الماضي، ضربة البداية لمعسكرات تدريب النساء والفتيات على الفنون القتالية، قبل أن تلحق بها ولاية البحر الأحمر وولاية كسلا، في شرق السودان وكذلك ولاية النيل الأزرق في الجنوب الشرقي، بالإضافة إلى الولاية الشمالية.
وتصاعدت معدلات إقبال النساء على تلك المعسكرات عقب سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة في وسط السودان، خلال شهر ديسمبر الماضي.
وأرجعت منال عثمان "24 عاما، سبب انخراطها في معسكرات التدريب بولاية نهر النيل، إلى "الرغبة في حماية نفسها من تعديات قوات الدعم السريع"، على حد قولها.
وقالت عثمان لموقع "الحرة"، في وقت سابق إن "ما لحق بكثير من الفتيات في الخرطوم وفي مدينة ود مدني بولاية الجزيرة، من تعديات وانتهاكات وصلت حد الاغتصاب، دفعهن إلى تعلم الفنون القتالية للدفاع عن النفس، خاصة مع تصاعد التصريحات التي يطلقها قادة الدعم السريع عن نيتهم مهاجمة ولاية نهر النيل".
أما الناشطة الحقوقية، عبلة كرار، فاعتبرت في لقاء سابق لها مع برنامج "بين نيلين" الذي يبث على قناة "الحرة" أن "ما يحدث هو استغلال لنساء وفتيات هو ضحايا للحرب وذلك بذريعة حماية أنفسهن".
ورأت كرار أن "دعوة النساء إلى حمل السلاح هو استغلال عاطفي خاصة وأن الانتهاكات بحقهن ليست مقتصرة على طرف دون آخر".
وتساءلت: "كيف لإمراة بسيطة تدربت على استخدام سلاح بسيط لمدة أسبوع أن تواجه رجالا محترفين ومدججين بأفتك الأسلحة وأقواها".
وردت على ذلك الكلام في نفس البرنامج، رئيسة الحزب الديمقراطي الليبرالي، ميادة سوار الدهب بقولها: "إذا تم تجنيد النساء بشكل طوعي فهذا حق لهن، والمرأة لديها القدرة على القتال والانخراط في المعارك، وهنا أود أن أذكر أن بعض النساء وصلن إلى رتب عسكرية عالية سواء في الجيش أو الشرطة".
الحرة / خاص - دبي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الحرب فی السودان على النساء الکثیر من
إقرأ أيضاً:
هل تنجح مساعي البرهان في تطويق الدعم السريع بمنطقة الساحل؟
في سابقة هي الأولى من نوعها، قام رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان بجولة دبلوماسية في غرب أفريقيا شملت مالي، وغينيا بيساو، وسيراليون، واختتمت بكل من موريتانيا والسنغال.
تأتي هذه الجولة، التي انتهت في 14 يناير/كانون الثاني 2025، في خضم العديد من التطورات التي شهدتها الساحة السودانية على المستوى السياسي والميداني، حيث سبقها إعلان واشنطن فرض عقوبات على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) بتهم ارتكاب "إبادة جماعية" في إقليم دارفور.
كما تزامنت الزيارة مع انتصارات متتابعة للجيش السوداني توجت باستعادة السيطرة على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة الإستراتيجية.
وخلال لقائه بالجالية السودانية في محطته قبل الأخيرة بنواكشوط، أوضح البرهان أنه قدّم شرحا للقادة في دول غرب أفريقيا، وأبلغهم أن السودان "يواجه غزوا واستعمارا جديدين"، وأن "قوى استعمارية جديدة تقف خلف الدعم السريع، وتدعمها بالمال والسلاح والمرتزقة"، وأكد أن الشعب السوداني سيقاتل هذه المليشيات مهما بلغ الدعم المقدم لها من هذه القوى.
وبينما يذهب بعض المراقبين إلى أن هذه الزيارة تمثل انفتاحا سودانيا على العمق الأفريقي بعد عقود من التركيز على العلاقات مع العالم العربي، يرى آخرون أن هذه الجولة تندرج في إطار رغبة البرهان في إقامة نوع من التوازن في العلاقات الأفريقية، من خلال تطوير الروابط مع غرب القارة في ضوء العلاقات التي تربط الدعم السريع مع عدد من دول الشرق الأفريقي كإثيوبيا وكينيا وغيرهما.
إعلان 3 عصافير بحجر واحدتأتي هذه الجولة امتدادا لزيارة سابقة قام بها الفريق شمس الدين الكباشي نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إلى كل من مالي والنيجر في يونيو/حزيران الماضي، حيث تركزت جهوده على شرح أبعاد الحرب و"انعكاساتها على دول المنطقة" وبحث سبل التعاون مع دول الساحل الأفريقي في "مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود".
ويرى الكاتب السوداني والباحث في الشؤون السياسية محمد المبروك أن البرهان يحاول اصطياد عدة عصافير بحجر واحد، في إطار ما سمته الدولة بتصفير العداد مع الدول ذات الصلة بالحرب في السودان.
ويقول المبروك في تصريحه للجزيرة نت إن أول أهداف البرهان من هذه الزيارة يتمثل في "تجفيف منابع المرتزقة الأفارقة القادمين للقتال في السودان، حيث إن العديد من التقارير الموثوقة وذات المصداقية تتحدث عن قدوم هؤلاء المقاتلين من بعض الدول التي شملتها الزيارة".
ويعتقد العديد من المتابعين أن الجانب الأمني والعسكري هيمن على الجولة، بالنظر إلى الوفد المرافق للبرهان، والذي شمل مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، ومدير منظومة الصناعات الدفاعية الفريق أول ميرغني إدريس، ووكيل وزارة الخارجية حسين الأمين.
بيان مجلس السيادة بقيادة البرهان (يسار) أكد دعم رئيس مالي للسودان في مواجهة ما يتعرض له (الأناضول)كما أن هذه الزيارة تعد فرصة لتطوير السودان شراكات أمنية من خلال عرض رؤيته فيما يتعلق بالدعم السريع كمشروع لا يهدد السيادة الوطنية للسودان فقط، وإنما هو قابل للتحول إلى مهدد أمني لدول الجوار والساحل التي تضم امتدادات للمكونات الاجتماعية الفاعلة في تلك المليشيا، وهو ما قد يشجع على توظيفها من قبل القوى التي عانت من هزائم جيوسياسية في منطقة الساحل لضرب التحالف الثلاثي (مالي، بوركينا فاسو، النيجر) الذي يرتكز في خطابه على أولوية السيادة الوطنية في مواجهة القوى الاستعمارية.
إعلانوأكد بيان لمجلس السيادة الانتقالي في السودان دعم رئيس مالي آسيمي غويتا للسودان في مواجهة ما يتعرض له، لافتا إلى أن هناك "جماعات إرهابية ومرتزقة من دول عدة تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة"، مشيرا إلى استعداد بلاده للتنسيق مع السودان لمحاربة الجماعات الإرهابية ورغبتها في تبادل الخبرات معه.
أما الهدف الثاني فيتعلق -وفقا للمبروك- بحشد الدعم على المستويين القاري والدولي، من خلال الدعوة لعودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي، حيث إن موريتانيا التي ختم بها البرهان جولته تترأس الدورة الحالية للمؤسسة القارية، في حين أن سيراليون تشغل منصب عضو غير دائم في مجلس الأمن وقادرة على دعم الموقف السوداني من هذا المنبر العالمي.
وقرر الاتحاد الأفريقي تجميد عضوية السودان بالتكتل القاري في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بعد يومين من فرض رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان "إجراءات استثنائية" منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين واعتقال وزراء وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ، ورغم تكرار القيادة السودانية تطلعها إلى إنهاء التجميد فإنها جوبهت بالرفض.
تحالف مقرب من روسيااهتمام البرهان بمالي والنيجر وبوركينا فاسو يفسره للجزيرة نت الصحفي المختص بالشأن الأفريقي محفوظ ولد السالك بأنه متعلق بالحضور الروسي القوي في هذه الدول، في ظل التقارب الحاصل بين موسكو والخرطوم.
وشهدت العلاقات الروسية السودانية تطورا ملحوظا مؤخرا، حيث أعلن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، في زيارة إلى بورتسودان في أبريل/نيسان العام الماضي، دعم بلاده لسيادة السودان والشرعية القائمة، ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونه ومخططات تمزيقه.
وهو تفسير يوافقه فيه المحلل السياسي السوداني محمد تورشين الذي يرى في مقال له أن جولة البرهان تشير إلى انحياز السودان بشكل واضح للمحور المدعوم من روسيا في أفريقيا، مشيرا إلى أن السودان في سعيه لتعزيز هذه العلاقة يبدو أنه سيصبح جزءا من التحالف الروسي في القارة.
إعلانفي حين أن زيارة مالي تحديدا تحمل رسائل واضحة بأن السودان يدعمها في مواجهة العقوبات الدولية وضغوط الاتحاد الأفريقي، والعمل على دفع المؤسسة القارية إلى إعادة عضوية السودان والدول التي تم تعليق عضويتها مثل مالي. وإذا فشل هذا المسعى -يعتقد تورشين- فإن هذه الدول قد تتجه إلى تشكيل تحالف أفريقي جديد خارج مظلة الاتحاد الأفريقي، كما حدث مع تحالف دول الساحل الثلاثي.
وعقب نهابة الجولة فرضت وزارة الخزانة الأميركية في 16 يناير/كانون الثاني 2025 عقوبات على البرهان متهمة الجيش السوداني تحت قيادته بارتكاب هجمات مميتة بحق المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية واستخدام الغذاء سلاحا.
حالات الاغتصاب والعنف الجنسي سجلت ضمن انتهاكات الدعم السريع في شرق الجزيرة وسط السودان (مواقع التواصل) الجولة من الضفة الأخرى للنهرفي النظر إلى ردة فعل الأطراف المستضيفة لهذه الجولة يشير بعض المتخصصين في شؤون غرب أفريقيا إلى وجود مزاج مرحب بالسودان، حيث رفعت بعض القنوات الإعلامية في المنطقة فور إعلان الزيارة عبارة "Accueillir ne suffit pas"، وتعني باللغة العربية "الترحيب لا يكفي"، وهي جملة غالبا ما ترددها بعض النخب السياسية في الغرب الأفريقي كلما قصدتهم قيادة سياسية تحظى بالقبول الشعبي والنفسي، لكن محفوظ ولد السالك يرى أن الدول التي شملتها زيارة البرهان لا تمتلك سوى التعبير عن الاستعداد للعمل من أجل إنهاء الحرب.