حرب السودان.. الأطفال يعيشون بين المجاعة والموت في دارفور
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
قسمة، المرأة ذات العيون الحزينة والصوت الهادئ، واحدة فقط من بين ملايين الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات نزوح بعد أن أجبروا على الفرار من منازلهم في السودان، حيث اندلعت حرب أهلية قبل عام بين الجيش وجماعة شبه عسكرية مسلحة، فيما تواجه البلاد الآن، ما تقول الأمم المتحدة إنه "أسوأ أزمة جوع في العالم".
تمر قسمة عبد الرحمن علي أبوبكر بطابور انتظار طويل لاستلام حصتها الغذائية، ولكن دون أي حماس أو اهتمام، بعد أن توفي 3 من أطفالها بسبب المرض وسوء التغذية في الأشهر الأربعة الماضية.
تقول في شهادتها لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن الأكبر كان يبلغ من العمر 3 سنوات، وكان عمر الثاني سنتين، بينما لم يتجاوز الأخير 6 أشهر.
"أزمة كارثية"
ونزحت قسمة إلى مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور، وهو جزء من منطقة في غرب البلاد، تتوالى فيه التحذيرات من أزمة تغذية كارثية.
وتقول المنظمة الطبية غير الحكومية "أطباء بلا حدود" إنها وجدت في يناير، أن طفلا واحدا على الأقل في المخيم يموت كل ساعتين. مع القليل من الطعام والمياه النظيفة أو الرعاية الصحية، فإن الأمراض التي كان من الممكن علاجها في السابق تقتل الآن".
ووجدت المنظمة التي تعد واحدة من آخر الوكالات الإنسانية الدولية الموجودة على الأرض في دارفور، أن 3 من كل 10 أطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، وكذلك ثلث الأمهات الحوامل والمرضعات، مما يؤكد المخاوف من "كارثة"، كان مسح سابق قد أشار إليها.
هذا ضعف عتبة حالة الطوارئ الغذائية، وربما مجرد جزء صغير من أزمة الجوع في السودان، كما يقول عبد الله حسين، مدير عمليات أطباء بلا حدود في السودان.
وقال في المقر الإقليمي لمنظمة أطباء بلا حدود في العاصمة الكينية نيروبي: "لم نصل إلى جميع الأطفال في دارفور، وليس حتى في شمال دارفور، نحن نتحدث عن مخيم واحد فقط".
وتكشف قسمة، أنها لم تستطع تحمل تكاليف اصطحاب أطفالها إلى المستشفى أو شراء الدواء، مضيفة "توفي طفلي الأول في الطريق إلى المنزل من الصيدلية، وتوفي الثاني بعد ستة أيام بسبب سوء التغذية". فيما مرض الطفل الرضيع وتوفي بعد 3 أيام.
وكانت عائلة قسمة من صغار المزارعين مثل الكثيرين في دارفور. لقد كافحوا لزراعة ما يكفي من الغذاء، غير أن أعمال العنف وانعدام الأمن في الحرب، أدت إلى تضرر نشاطهم الفلاحي.
"وضع هش"
كان مخيم زمزم هشا بالفعل، تشكَّل من النازحين الذين وجدوا أنفسهم في خضم العنف العرقي قبل عشرين عاما، ويعتمد بشكل شبه كامل على المساعدات الإنسانية، غير أن لكن إمدادات الغذاء توقفت مع الحرب. وتم إجلاء معظم وكالات الإغاثة مع سيطرة قوات الدعم السريع شبه العسكرية على مساحات شاسعة من المنطقة.
ويُتهم مقاتلو قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بنهب المستشفيات والمخازن، وهو أمر نفته قوات الدعم السريع باستمرار.
وأضافت الشبكة، أن نقل إمدادات جديدة عبر خطوط الصراع يبقى شبه مستحيل. ويكشف عمال إغاثة، أن السلطات العسكرية السودانية بطيئة جدًا في إصدار تأشيرات وتصاريح السفر الداخلية.
وقد أغلق الجيش طرق البر من تشاد المجاورة، قائلا إنه يحتاج إلى وقف شحنات الأسلحة إلى قوات الدعم السريع.
وتخفف هذا الحاجز قليلا بالنسبة لإمدادات الغذاء، وتمكن برنامج الأغذية العالمي مؤخرا من إيصال قافلتين، لكنها تظل غير كافية على الإطلاق نظير حجم الاحتياجات الإنسانية المتزايدة بالسودان.
نقص الغداء وانهيار الخدمات الصحية
ويقترن نقص الغذاء بانهيار الخدمات الصحية. ففي جميع أنحاء البلاد، لا يزال ما بين 20 إلى 30 بالمئة فقط من المرافق الصحية تعمل.
أحد هذه المستشفيات هو مستشفى "بابكر نهار" للأطفال بمدينة الفاشر بالقرب من مخيم زمزم، والذي يضم مركز تغذية علاجية للأطفال وعلاج العناية المركزة لأسوأ الحالات.
يقول الدكتور عز الدين إبراهيم، إن المستشفى كان يتعامل مع حالات سوء التغذية قبل الحرب، لكن الآن "تضاعفت الأعداد".
وتابع: "بعد كل شهر تتزايد الأعداد، على الرغم من أننا كنا نتوفر في شمال دارفور على نظام وبرنامج غذائي كامل استمر لكنه انتهى بسبب الحرب".
وبالرغم من الأوضاع الصعبة في هذا المستشفى، إلا أن الوضع فيه يبقى أفضل بكثير من بعض الأماكن الأخرى الأكثر عزلة ويأسا، وفقا لـ"بي بي سي"، التي أشارت إلى توصلهابصور من عامل طوارئ إقليمي صورا من مناطق في الإقليم أطلق عليها عمال الإغاثة "ثقبًا أسود" في المساعدات الإنسانية.
وتظهر إحدى الصور طفلة نحيلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات من مخيم كلمة للنازحين في جنوب دارفور، اسمها عليها اسم إحسان آدم عبد الله، توفيت الشهر الماضي، بسبب سوء التغذية.
وتُظهر صورة أخرى صبيا صغيرًا نحيلا بنفس القدر، من مخيم قنوبيا في وسط دارفور. سجلت والدته، فاطمة محمد عثمان، مقطع فيديو تتوسل فيه للحصول على مساعدة لإطعام أطفالها العشرة - أي شيء، كما تقول، حتى لو كان "شيئا بسيطا - إنهم يعيشون بين الجوع والموت".
وتعمل منظمة "أطباء بلا حدود" على وشك افتتاح مستشفى خيام سعة 50 سريرا في زمزم، وتناشد وكالات المعونة الدولية الأخرى بالعودة لتقاسم العبء الإنساني الثقيل.
يقول السيد حسين: "نحن بحاجة إلى تعبئة هائلة للمساعدات الإنسانية للوصول إلى السكان المعزولين"، بالإضافة إلى الوصول مع "تبسيط التصاريح والتأشيرات وفتح الحدود"، واحترام العاملين في المجال الإنساني والبنية التحتية المدنية.
الحرة / ترجمات - دبي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع أطباء بلا حدود سوء التغذیة فی دارفور
إقرأ أيضاً:
العدو الصهيوني يستأنف جرائمه في غزةمليونا فلسطيني يعيشون أوضاعاً صحية كارثية و85% من الخدمات خارج التغطية
الثورة / متابعات
أكدت الولايات المتحدة الأمريكية، أمس الثلاثاء، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي قد أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بخططها لشن هجمات جوية واسعة على قطاع غزة قبل تنفيذها.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض في تصريحات صحفية، إن الحكومة الإسرائيلية تشاورت مع إدارة ترامب حول هذه الغارات، مشيرًا إلى أن ترامب أبدى دعمه الكامل لنتنياهو في استئناف الحرب على غزة.
وقد أرسلت الولايات المتحدة قاذفات وقنابل وحاملات طائرات لدعم “إسرائيل” في هذه العملية.
يأتي ذلك فيما قال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة خليل الدقران، إن الوضع الصحي في القطاع “كارثي”، مؤكداً أن 85% من الخدمة الصحية خارج التغطية.
وأكد “الدقران في تصريح خاص لـ”وكالة سند للأنباء”، أن المستشفيات غير قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من المصابين، خاصة ذوي الإصابات الحرجة وبتر الأطراف، بعد الاستهدافات الغادرة التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الثلاثاء.
وأوضح أن غرف العمليات عاجزة عن التعامل مع التدفق الهائل من الجرحى، خصوصًا في ظل استمرار العدوان واستهداف المنشآت الطبية، موضحًا أن المستشفيات في شمال القطاع لم تتعافَ بعد من الهجمات الأخيرة.
وأشار إلى أن مستشفى “كمال عدوان” لا يزال خارج الخدمة، بينما يعمل المستشفى الإندونيسي بشكل جزئي فقط، مما يفاقم الأزمة الصحية في القطاع.
وفي السياق، شدد “الدقران” على أن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بالبروتوكولات والاتفاقيات المتعلقة بإدخال المساعدات والمستلزمات الطبية إلى القطاع.
ولفت النظر إلى أن ما دخل فعليًا إلى قطاع غزة لا يتجاوز 19% فقط من المستلزمات الطبية، ومعظمها مستلزمات غير أساسية.
وتابع: ” إن الأجهزة الطبية الحيوية، مثل أجهزة الأشعة، والمولدات الكهربائية، وغرف العمليات، وأجهزة العناية المركزة والحضانات، لم تصل إلى مستشفيات القطاع، مما زاد من تعقيد الوضع الصحي المتدهور”.
أما المرافق الصحية فإن 25% منها يعمل بشكل جزئي، فيما يُوصف الوضع الصحي في القطاع بالكارثي، خاصة مع تزايد أعداد الإصابات والشهداء، وفقاً لما ذكره “الدقران”.
وناشد ضيفنا المؤسسات الدولية والجهات المعنية للضغط من أجل إدخال المساعدات الطبية العاجلة، محذرًا من أن استمرار الوضع على هذا النحو سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة في القطاع الصحي.
جرائم ضد الإنسانية
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن “إسرائيل” ارتكبت جرائم حرب وضد الإنسانية في قطاع غزة.
وأوضحت المنظمة، أن ما تمارسه إسرائل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بينها التهجير القسري والإبادة الجماعية .
وكان الإعلام الحكومي بقطاع غزة، قد أعلن أن “العدو الصهيوني قتل 174 طفلا و89 امرأة في عدوانه المتواصل على القطاع “.
وأضاف أن “نسبة الضحايا من الأطفال والنساء والمسنين 73 % “… مشددًا على أن “لدى العدو الصهيوني نية مبيتة لاستكمال جريمة الإبادة الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني“.
ويعد استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة فجر أمس، أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة في 19 يناير الماضي.
استهداف الطفولة
إلى ذلك قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف” إن ١٣٠ طفلا فلسطينيا قتلوا بالقصف الإسرائيلي على غزة أمس في ما وصفته بالأمر المروع بشكل يفوق الوصف.
واعتبرت المنظمة أن “هذا يمثل أحد أعلى أعداد القتلى للأطفال في يوم واحد خلال العام الماضي”.
وقالت، كاثرين راسل – مدير تنفيذي لليونيسف “تم الإبلاغ عن أن بعض الضربات استهدفت ملاجئ مؤقتة كان فيها أطفال نائمون وعائلات، ما يُعد تذكيرًا قاتلاً بأنه لا يوجد مكان آمن في غزة”.
وأشارت إلى أن هذه الهجمات الأخيرة تأتي في وقت لا تزال فيه المساعدات المنقذة للحياة محجوبة عن دخول غزة، مما يزيد من المخاطر التي تهدد الأطفال، حيث مرّ ستة عشر يومًا منذ عبور آخر شاحنة تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة، بالإضافة إلى ذلك، تم قطع الكهرباء عن محطة التحلية الرئيسية، مما أدى إلى تقليص كمية المياه الصالحة للشرب بشكل كبير.
وتابعت راسل “اليوم، تم دفع مليون طفل في غزة، الذين عانوا لأكثر من 15 شهرًا من الحرب، للعودة إلى عالم من الخوف والموت.