حذر صندوق النقد الدولي، من استمرار ضعف الإنتاجية للاقتصاد العالمي والذي يؤدي بدوره إلى تباطؤ النمو إلى ما يزيد قليلا عن 3% بحلول عام 2029، موضحًا أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يؤدي استمرار سيناريو النمو المنخفض وبالتالي تعريض القدرة على تحمل الديون للخطر مما يقيد قدرة الحكومة على مواجهة تباطؤ النشاط الاقتصادي.

وحدد محللو صندوق النقد 3 عوامل رئيسية دافعة للنمو الاقتصادي تتمثل في: العمالة، رأس المال، ومدى كفاءة استخدام هذين الموردين. ويرجح أن تستمر وتيرة انخفاض نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج، مدفوعة بتحديات مثل الصعوبة المتزايدة في تحقيق طفرات تكنولوجية، وركود مستوى التحصيل التعليمي، وتباطؤ العملية التي يمكن من خلالها للاقتصادات الأقل نموا أن تلحق بركب أقرانها الأكثر تقدما، متوقعًا أن يصل صندوق النقد الدولي: النمو الاقتصادي العالمي إلى 2.8% بحلول عام 2030، وهو أقل بكثير من المتوسط التاريخي البالغ 3.8%، نظرًا لعدم وجود تطورات تكنولوجية أو إصلاحات هيكلية كبيرة.

ويواجه الاقتصاد العالمي واقعا باعثا على القلق، فقد تباطأ معدل النمو العالمي- بعيدا عن فترات الصعود والهبوط الدورية- بشكل مطرد منذ الأزمة المالية العالمية التي شهدتها الفترة 2008-2009. وبدون تدخل على مستوى السياسات والاستفادة من التكنولوجيات الناشئة، من غير المرجح أن تعود معدلات النمو الأقوى التي كانت سائدة في الماضي.

وفي مواجهة العديد من العوامل المعاكسة، تدهورت آفاق النمو المستقبلي أيضا، وسوف يتباطأ النمو العالمي إلى ما يزيد قليلا عن 3% بحلول عام 2029، وفقا للتوقعات بشأن السنوات الخمس القادمة في أحدث عدد من تقريرنا عن آفاق الاقتصاد العالمي.

ويبين التحليل أن النمو من الممكن أن ينخفض بنحو نقطة مئوية أقل من متوسط مستواه قبل الجائحة (2000-2019) بحلول نهاية هذا العقد، ويشكل ذلك تهديدا بعكس اتجاه التحسن في مستويات المعيشة، كما أن التفاوت في درجات التباطؤ بين البلدان الغنية والفقيرة يمكن أن يحد من احتمالات تقارب الدخل على الصعيد العالمي.

تباطؤ النشاط الاقتصادي

قد يؤدي استمرار سيناريو النمو المنخفض، مقترنا بارتفاع أسعار الفائدة، إلى تعريض القدرة على تحمل الديون للخطر- مما يقيد قدرة الحكومة على مواجهة تباطؤ النشاط الاقتصادي والاستثمار في مبادرات الرعاية الاجتماعية أو البيئة. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تؤدي التوقعات بضعف النمو إلى تثبيط الاستثمار في رأس المال والتكنولوجيا، وربما يؤدي هذا الأمر بدوره إلى تعميق التباطؤ. ويتفاقم كل ذلك بسبب العوامل المعاكسة القوية الناجمة عن التشرذم الجغرافي-الاقتصادي، والسياسات التجارية والصناعية الأحادية الضارة.

غير أن أحدث تحليل أجريناه يبين أن الأمل موجود.ويمكن أن تؤدي مجموعة متنوعة من السياسات معا- من تحسين توزيع العمالة ورأس المال عبر الشركات إلى معالجة النقص في العمالة الناجم عن شيخوخة السكان في الاقتصادات الكبرى- إلى إنعاش النمو على الأجل المتوسط.

وتشتمل العوامل الرئيسية الدافعة للنمو الاقتصادي على العمالة ورأس المال ومدى كفاءة استخدام هذين الموردين، وهو مفهوم يُعرف باسم الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج. وبين هذه العوامل الثلاثة، كان أكثر من نصف تراجع النمو منذ الأزمة مدفوعا بتباطؤ نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج. وتزداد هذه الإنتاجية مع التقدم التكنولوجي وتحسين توزيع الموارد، مما يسمح للعمالة ورأس المال بالانتقال إلى الشركات الأكثر إنتاجية.

الكفاءة في توزيع الموارد

ويبين تحليلنا أن توزيع الموارد مسألة بالغة الأهمية لتحقيق النمو. ومع ذلك، أدى تزايد عدم الكفاءة في توزيع الموارد عبر الشركات إلى تراجع الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج ومعها النمو العالمي في السنوات الأخيرة.

وينبع جزء كبير من سوء التوزيع المتزايد هذا من الحواجز المستمرة، مثل السياسات التي تفضل أو تعاقب بعض الشركات بغض النظر عن إنتاجيتها، والتي تمنع رأس المال والعمالة من الوصول إلى أكثر الشركات إنتاجية. ويحد ذلك من نموها المحتمل. ولو لم يكن سوء توزيع الموارد قد تفاقم، كان من الممكن أن يرتفع نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج بنسبة 50% وكان تباطؤ النمو سيصبح أقل حدة.

وهناك عاملان إضافيان أديا أيضا إلى تباطؤ النمو. فقد تأثر نمو العمالة بالضغوط الديمغرافية في الاقتصادات الكبرى، حيث تتقلص نسبة السكان في سن العمل. وفي الوقت نفسه، أدى ضعف استثمار الشركات إلى إضعاف تكوين رأس المال.

الضغوط الديمغرافية

من المتوقع أن تزداد الضغوط الديمغرافية في معظم الاقتصادات الكبرى، وفقا لتوقعات الأمم المتحدة، مما سيؤدي إلى اختلال التوازن في عرض العمالة على مستوى العالم وإضعاف النمو العالمي. وسوف يرتفع عدد السكان في سن العمل في الاقتصادات المنخفضة الدخل وبعض الاقتصادات الصاعدة، في حين ستواجه الصين ومعظم الاقتصادات المتقدمة (باستثناء الولايات المتحدة) انكماشا في حجم العمالة. وبحلول عام 2030، نتوقع أن ينخفض معدل نمو المعروض من العمالة على الصعيد العالمي إلى ما لا يزيد عن 0، 3%، وهي نسبة صغيرة من متوسط المعدل الذي كان سائدا في فترة ما قبل الجائحة.

وقد يصحح جزء من سوء توزيع الموارد نفسه بمرور الوقت، مع انجذاب العمالة ورأس المال نحو الشركات الأكثر إنتاجية. ومن شأن ذلك أن يقطع شوطا نحو تخفيف أثر تباطؤ الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج حتى مع استمرار الحواجز الهيكلية والمتعلقة بالسياسات في إبطاء هذه العملية. وقد يؤدي الابتكار التكنولوجي أيضا إلى تخفيف التباطؤ.

اقرأ أيضاًرئيس الوزراء: الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي تصل الأسبوع المقبل

لـ 1.3 مليار دولار.. صندوق النقد الدولي يتوقع ارتفاع قيمة الشريحة المصروفة لـ «مصر»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أسعار الفائدة ارتفاع أسعار الفائدة الابتكار التكنولوجي الاقتصاد العالمي الاقتصادات الكبرى النمو الاقتصادي انخفاض النمو الاقتصادي العالمي شيخوخة السكان صندوق النقد صندوق النقد الدولي معدل النمو العالمي صندوق النقد الدولی النمو العالمی توزیع الموارد العالمی إلى تباطؤ النمو ورأس المال رأس المال بحلول عام

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد: الإمارات ستحافظ على نمو اقتصادي قوّي في 2025


توقع صندوق النقد الدولي أن تحافظ الإمارات على نمو اقتصادي قوي يبلغ حوالي 4% في عام 2025، بقيادة النشاط غير النفطي الذي تعززه قطاعات السياحة والبناء والإنفاق الحكومي

وأشارت بعثة الصندوق في بيان أصدرته أمس في ختام زيارتها لدولة الإمارات، بحسب وكال وام، إلى أن “التدفقات الرأسمالية القوية الناتجة عن الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية الجاذبة تسهم في زيادة الطلب على العقارات وارتفاع أسعارها في مختلف المناطق، أما القطاع النفطي، فمن المتوقع أن يسجل نموا يزيد عن 2% خلال العام، مدفوعا بالزيادات التدريجية في حصص أوبك”.

وتوقعت البعثة أن “يبلغ الفائض المالي نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، في حين يتوقع أن تشهد الإيرادات غير النفطية نموا تدريجيا مع استمرار تطبيق ضريبة الشركات، كما يظل الدين العام مستقرا عند حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يتوقع أن يبلغ الفائض في الحساب الجاري نحو 7.5% من الناتج المحلي، مع احتياطيات دولية قوية تكفي لتغطية أكثر من 8.5 شهر من الواردات”.

وبحسب الصندوق فقد “حافظت البنوك الإماراتية على رأس مال وسيولة كافية، مع تحسن جودة الأصول خلال عام 2024”.

وساهم النشاط الاقتصادي القوي والطلب المستمر على الائتمان في تعزيز ربحية البنوك، رغم استمرار ارتفاع أسعار الفائدة.

ولفتت البعثة إلى “انخفاض نسبة تعرض البنوك لقطاع العقارات بواقع 4 نقاط مئوية في إلى 19.6% في سبتمبر 2024 مقارنة بديسمبر من العام 2021”.

وأكدت بعثة الصندوق أن “الإصلاحات الاقتصادية المستمرة تعزز الانتقال السلس في قطاع الطاقة ودعم النمو المستدام، كما تسهم الاستثمارات في البنية التحتية في تعزيز قطاع السياحة والنشاط المحلي، بينما تعمل اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة على دعم التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر”.

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد: الإمارات ستحافظ على نمو اقتصادي قوّي في 2025
  • «صندوق النقد» يؤكد متانة اقتصاد الإمارات وقدرته على مواصلة النمو
  • صندوق النقد: الإمارات ستحافظ على نمو اقتصادي قوي في 2025
  • "قوى النواب" توافق على إنشاء صندوق إعانات الطوارئ للعمالة غير المنتظمة لرعايتهم
  • صندوق النقد الدولي يُشيد باستمرار النمو الاقتصاد العُماني ويعتمد "مشاورات المادة الرابعة"
  • السوداني يدعو صندوق النقد العربي إلى دعم العراق
  • مشيرا لاستمرار النمو الاقتصادي.. "النقد الدولي" يعتمد تقرير مشاورات المادة الرابعة مع عُمان
  • السوداني يدعو صندوق النقد العربي لدعم المشاريع العراقية
  • خبير: أوروبا ستعاني من تباطؤ اقتصادي كبير في 2025.. والهند وقود النمو
  • باكستان: وافقنا على شروط قرض جديد بمليار دولار