لجريدة عمان:
2024-11-08@12:29:37 GMT

غزة تشظي النظام العالمي وتفضحه

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

غزة تشظي النظام العالمي وتفضحه

كان البعض يعتقد أنّ الحرب الروسية على أوكرانيا هي أوضح مثال على تداعي النظام العالمي القائم على القواعد، بالقدر نفسه الذي أوضحت فيه تلك الحرب التي ما زالت مشتعلة حتى الآن سقوط نظرية «نهاية التاريخ» للمفكر السياسي فوكوياما. ولا شك أن تلك الحرب أسقطت نظرية «نهاية التاريخ» وأكدت للأنظمة الغربية على وجه التحديد أن الإنسان الحي ما زال قادرا على بلورة أنظمة أكثر قدرة على إرساء العدالة والمساواة والحرية والحكم الرشيد مما قدمته النسخة الغربية للديمقراطية الليبرالية التي اعتقد البعض أنها ذروة التطور الأيديولوجي للإنسان.

وإذا كان النظام العالمي «القائم على القواعد» أعقد بكثير من أن ينتهي ويتلاشى كما يتلاشى الظلام في الغرفة المعتمة بعد ثوان بسيطة من الكبس على زر الطاقة الكهربائية، إلا أن هذا النظام يمر بأسوأ أيامه على الإطلاق خاصة منذ بداية حرب الإبادة التي يشنها منذ أكثر من ستة شهور جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

لا أحد يستطيع القول إن الحرب على غزة هي القشة التي ستقصم ظهر هذا النظام وتنهيه ولكنّ المؤكد أنها الحرب التي فضحته تماما، وكشفته أمام أكثر مؤيديه من الجماهير الغربية التي رأت حكوماتها متورطة بشكل فاضح في دعم جرائم إبادة وحشية لا يمكن لأي فطرة سوية أن تتقبلها أو تقرها.

قدمت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مرارا وتكرارا بأنها القائد الأكبر للغرب والمنظّر الأهم بل والحامي للنظام العالمي القائم على القواعد.. ومنذ وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السلطة كان يؤكد دائما أنه يقف بحزم ضد الدول التي تهدد هذا النظام وتهدد قواعده، وأنه يدعو للعمل معا لحماية النظام باعتباره الحامي للديمقراطية والليبرالية والعدالة والمساواة وكل الحريات، وكان يلوح دائما بخطر الصين وروسيا على هذا النظام.

لا أحد يشكك أن أمريكا والغرب يعملون جميعا على حماية النظام العالمي لأنه نظامهم ومنه يستمدون قوتهم، لكنّهم فشلوا تماما، وفي مقدمتهم أمريكا، في أول اختبار حقيقي لهذا النظام عندما تعلق الأمر بحماية قطاع غزة من الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من ستة شهور.. فشلوا في حماية البشر، وفي حماية الأطفال والنساء والمدنيين، وفي توفير ممرات آمنة لإدخال المساعدات لأكثر من مليوني مدني جميعهم على حافة المجاعة.. كما فشلوا في حماية الحريات وفي حماية الصحفيين.. ليس هذا وحسب، بل فشلوا في الحفاظ على القيم الأمريكية وفي حماية القانون الدولي. لقد فشلت إدارة الرئيس بايدن في بناء الشراكات مع الدول العربية وفق ما طرحه في قمة جدة مع الدول الخليجية والأردن ومصر في عام 2022. لقد كبر الفشل الأمريكي وخرج عن كل الحدود إلى درجة أن العرب لم يعودوا وحدهم من يرى هذا الفشل، بل إن الكونجرس الأمريكي بات يرى في المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل شيئا من الهوان الأمريكي! وظهرت الكثير من الأصوات المؤثرة التي تدعو إلى ضرورة امتثال المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل بالقانون الأمريكي وبالقوانين الدولية، فلا يمكن أن تكون المساعدات مطلقة دون شروط خاصة إذا كانت تنتهك حقوق الإنسان أو ترتكب بها إبادات جماعية كما هو الحال في غزة. وقبل أيام بعث أكثر من 40 عضوا ديمقراطيا من مجلس النواب برسالة إلى بايدن ووزير خارجيته تطالبهم بضرورة أن تكون المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل ملتزمة بشروط القانون الأمريكي، وكذلك فعل أعضاء من مجلس الشيوخ الذين حثوا الرئيس بوقف مؤقت للمساعدات العسكرية لإسرائيل.

إن النظام العالمي بكل قواعده لن يكون كما كان عليه قبل الحرب على غزة، وإذا كان العالم أصبح يتحدث بصوت مسموع جدا حول أهمية بناء نظام عالمي جديد بعد الحرب الروسية الأوكرانية فإن الأمر تحول خلال حرب الإبادة على غزة إلى ما يمكن أن يسمى زلزالا خلخل تلك القواعد وكشف حقيقتها، ولن ينسى هذا الزلزال وتأثيره في اللحظة التي يسقط فيها النظام ويذهب إلى عهدة التاريخ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: النظام العالمی هذا النظام فی حمایة أکثر من

إقرأ أيضاً:

برئاسة منصور بن زايد..” مجلس الاستقرار المالي ” يعقد اجتماعه الـ2 هذا العام ويستعرض تطورات النظام المالي المحلي و العالمي

 

ترأس سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة مجلس الاستقرار المالي الاجتماع الثاني للمجلس لعام 2024 في أبوظبي.
حضر الاجتماع، أعضاء مجلس الإدارة، معالي محمد بن هادي الحسيني، وزير الدولة للشؤون المالية ومعالي خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، ومعالي أﺣﻤﺪ ﺟﺎﺳﻢ اﻟﺰﻋﺎﺑﻲ، رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي المالي العالمي، وسعادة يونس حاجي الخوري، وكيل وزارة المالية، وسعادة إبراهيم الزعابي، مساعد محافظ المصرف المركزي، قطاع السياسة النقدية والاستقرار المالي.
واستعرض المجلس المواضيع المُدرجة على جدول أعمال الاجتماع، ومجريات تنفيذ القرارات والتوجيهات الصادرة عن مجلس الإدارة.
واطلع المجلس على الآفاق المستقبلية العالمية والمحلية في النظام المالي حيث أظهر اقتصاد دولة الإمارات مرونة ملحوظة في ظل أوضاع عدم التيقّن السائدة عالمياً، مدفوعاً بشكل أساسي بالأداء القوي للقطاعات غير النفطية والتجارة الخارجية المستدامة.
وناقش المجلس التطوّرات الأخيرة في النظام المصرفي بدولة الإمارات الذي أظهر نمواً قوياً في الائتمان ومستويات رأس المال، وتحسّنا في جودة الأصول .
ويتمتع النظام المالي بدولة الإمارات بوضع جيد لمواجهة التحديات المحتملة لدعم اقتصاد دولة الإمارات وأكدت اختبارات القدرة على تحمّل الضغط التي تم إجراؤها مؤخراً على قدرة القطاع على الصمود في وجه الصدمات الاقتصادية الكبيرة، وكشفت عن امتلاك البنوك مصدات كافية لحماية رأس المال والسيولة.


مقالات مشابهة

  • «الجمعة البيضاء».. الفرصة التي تتكرر مرة واحدة سنويا.. تخفيضات تصل لـ 70%.. «حماية المستهلك» يحذر من المخالفات ويحث المواطنين على الإبلاغ عنها.. خبير اقتصادي يؤكد انتعاش الأسواق
  • النظام السوري يُصدر قوائم اعتقال بحق أكثر من 100 ناشط .. ما السبب؟
  • «بوتين» يرسم ملامح النظام العالمي الجديد وعلاقته مع زعمائه
  • بوتين: النظام العالمي القديم انتهى.. هناك صراع من أجل نظام جديد الآن
  • يونسكو: جلسة طارئة 18 نوفمبر لتعزيز حماية المواقع الأثرية اللبنانية
  • تقرير: المتفجرات التي أسقطت على قطاع غزة أكثر مما ألقي خلال الحرب العالمية الثانية
  • برئاسة منصور بن زايد..” مجلس الاستقرار المالي ” يعقد اجتماعه الـ2 هذا العام ويستعرض تطورات النظام المالي المحلي و العالمي
  • زاخاروفا: النظام الانتخابي الأمريكي “نوع من الخدع”
  • موقف السعودية من القضية الفلسطينية
  • "المجاهدين": إقالة غالانت لن تمحو العار والهزيمة التي تلاحقه