هل ستكون غزة أكثر أمانا إذا استقال نتنياهو؟
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
تركز كثير من انتقادات الغرب لإسرائيل على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكن خبراء يقولون إن أسلوبه في الحرب يحظى بدعم واسع.
هذا ما يلخصه تقرير بموقع الجزيرة الإنجليزي للكاتب الصحفي المستقل المقيم بتونس سايمون سبيكمان كوردال، الذي استهل مقاله بالإشارة إلى أنه مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، يبدو أن الانتقادات تَنصب على الزعيم الإسرائيلي المحاصر نتنياهو، الرجل الذي يواجه تهم فساد متعددة، موضحا أن أحد مظاهر تلك الانتقادات يتجلى في خروج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للمطالبة برحيله.
ومع ذلك، ينقل الكاتب عن محللين قولهم إنه ينبغي عدم الخلط بين السخط على نتنياهو والمحرضين اليمينيين المتطرفين في حكومته، وبين تراجع الدعم الشعبي للحرب التي تشنها إسرائيل لمعاقبة غزة على الهجوم الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولتأمين إطلاق سراح الأسرى المتبقين الذين تم أخذهم من إسرائيل في ذلك اليوم.
ويقول المراقبون إن الاختلاف مع نتنياهو كفرد لا ينفي أن أهدافه الحربية لا تزال تتمتع بدعم مجتمع أصبح بشكل متزايد يمينيا ومتدينا متطرفا، كما يعتقد أن الفلسطينيين "أقل شأنا" بطريقة أو بأخرى مما هم عليه بالفعل.
"لدينا أشخاص يتجولون بأسلحة آلية، ومجرد قولك إنك تخاف من فلسطيني يعطيك المبرر القانوني لإطلاق النار عليه"، حسبما يقول حاييم بريشيث من لندن، وهو مؤلف كتاب "تقديم المحرقة: دليل مصور" وأستاذ دراسات السينما في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية ببريطانيا.
التطور السياسي
ويقول بريشيث، الذي غادر إسرائيل في السبعينيات وقُتل والداه في أوشفيتز، "أعتقد، في الوقت الحالي، أن المجتمع الإسرائيلي قابع في مكان ما بين الفاشية والنازية ويبدو أن أحدا لم يلاحظ ذلك".
وقد وجد استطلاع للرأي أجرته صحيفة "إسرائيل اليوم" في يناير/كانون الثاني الماضي أن الأغلبية الساحقة من الذين شملهم الاستطلاع (81.5%) يؤيدون فكرة أن الحرب في غزة تظل أفضل وسيلة لتأمين إطلاق سراح الأسرى.
فضلا عن ذلك، وقبل الحكم الأخير الذي أصدرته محكمة العدل الدولية، والذي أمر إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى غزة لتجنب المجاعة، أظهر استطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية إحجاما ملحوظا بين الإسرائيليين عن زيادة المساعدات المقدمة إلى غزة.
بريشيث: أعتقد، في الوقت الحالي، أن المجتمع الإسرائيلي قابع في مكان ما بين الفاشية والنازية ويبدو أن أحدا لم يلاحظ ذلك
وتقول ميراف زونسزين، وهي كبيرة محللين في مجموعة الأزمات الدولية من تل أبيب، إن "هناك اتجاهين متوازيين في المجتمع الإسرائيلي على مدى السنوات العشرين الماضية أو نحو ذلك".
لقد أصبح المجتمع الإسرائيلي، وخاصة الشباب، أكثر يمينية، وتشير استطلاعات الرأي إلى ذلك، "لقد شهدنا تزايد الدعم للسياسة الأرثوذكسية المتطرفة واليمين المتطرف، الذي دخل في نهاية المطاف، ليس فقط الحكومة، بل أيضا المحاكم والجيش ونظام التعليم"، حسب قولها.
وتتمتع الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تضم اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الذي أدين بالتحريض ودعم الإرهاب عام 2007، وبتسلئيل سموتريتش، الذي يرأس حزبا صهيونيا دينيا متشددا، بتفويض يمكن أن يستمر حتى عام 2026.
"والواقع أن الناس يشكون من وجود اليمين المتطرف والأرثوذكسي المتطرف في السلطة، خاصة الليبراليين. ومع ذلك، من المهم ألا نخلط هذه الاعتراضات، التي مردها غالبا هو حرياتهم السياسية، مع قلق هؤلاء بشأن حياة الفلسطينيين"، وفقا لزونسزين.
أهي معزولة حقا؟
ولم تنجح الانتقادات الدولية للهجوم الإسرائيلي على غزة في إضعاف الافتراضات المحلية التي صاغتها عقود من السرد السياسي والإعلامي حول "العزلة الإقليمية" للبلاد.
فبعد الشكوى، لسنوات عديدة، من الوقوع ضحية للأمم المتحدة واتهام وكالة الأمم المتحدة الإنسانية الرئيسية في غزة (الأونروا) بأنها مخترقة من قِبَل حركة حماس الفلسطينية، سارع الوزراء الإسرائيليون إلى رفض الطلب الذي تقدم به مجلس الأمن أواخر مارس/آذار الماضي بوقف إطلاق النار.
كما أن الانتقادات الدولية الأخرى -مثل تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز، الذي وجد أن إسرائيل متورطة في 3 من أعمال الإبادة الجماعية الخمسة المحددة في اتفاقية عام 1948- تم رفضها باعتبارها معادية للسامية من قبل المؤسسة السياسية والإعلامية في إسرائيل، وكذلك من قبل حلفاء إسرائيل في الولايات المتحدة.
وتقول زونسزين إنه لا يمكن إلا -ربما- لعدد قليل من المحللين أن يشككوا في أن نتنياهو لم يشجع أو يستفد من نمو اليمين الديني المتطرف، لكن الإشارة إلى أن المعاناة في غزة ستكون أقل بدونه أمر مثير للسخرية، وفقا لزونسزين.
وحتى قبل هجوم أكتوبر/تشرين الأول، تقول المحللة، كانت إسرائيل مطمئنة لمكانتها بوصفها قوة إقليمية عظمى لا يمكن المساس بها، وكانت واثقة من أن الدول العربية الرائدة مستعدة للتغاضي عن مستوطناتها الآخذة في التوسع وتطبيع العلاقات معها.
لكن السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي قلب هذه الافتراضات رأسا على عقب، ووجه ضربة قوية لكل ذلك.
وتضيف أن "السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أصاب كل المجتمع الإسرائيلي، من الجنود الذين يوثقون جرائم الحرب التي ارتكبوها على تيك توك إلى السياسيين الذين يوجهونهم".
وتردف زونسزين قائلة: "لقد ظل المجتمع الإسرائيلي منذ سنوات ينظر إلى الفلسطينيين على أنهم العدو، أما نتنياهو، فيمكن تأنيبه فقط.. وفي ما يتعلق بغزة، فإنه يمثل الإجماع".
الجيش
وقد لقي أكثر من 33 ألف شخص حتفهم في غزة وأصيب ما يقرب من 76 ألف آخرين في الهجمات الإسرائيلية داخل قطاع غزة، كما أن ثمة روايات عن تعذيب مدنيين وموظفي الأمم المتحدة، في حين أصبحت الاتهامات للجيش الإسرائيلي بقتل الأشخاص، الذين يتضورون جوعا بحثا عن الطعام، أمرا شائعا.
ويقول بريشيث "لقد استولى اليمين المتطرف على الجيش الإسرائيلي منذ عام 2000 تقريبا"، كما يؤكد في كتابه "جيش لا مثيل له" أن الجيش صاغ الهوية الثقافية والسياسية لإسرائيل ويعكسها.
وأضاف أن المجندين اليمينيين دخلوا الجيش من الرتب الدنيا قبل أن يحصلوا على الترقية تدريجيا، وبحلول عام 2008، وربما 2009، أصبحوا هم الجيش بشكل أساسي.
ويستدرك بريشيث بقوله: "لا تسيئوا فهمي، فلم تكن هذه منظمة ليبرالية تماما من قبل، لقد كانت دائما هيئة قومية للغاية".
وأردف "في نهاية المطاف، هذا هو الجيش نفسه الذي أشرف على النكبة [طرد حوالي 750 ألف فلسطيني من وطنهم عام 1948]، وكذلك الحروب التي تلت ذلك، ومع ذلك، هذا شيء جديد".
قبل الحرب الحالية على غزة، كان وصول القوميين المتطرفين والمتدينين قد اصطدم بالحائط، كما يقول المحلل الإسرائيلي نمرود فلاشينبيرغ وهو يعلق على الحماسة القومية التي اكتشفتها إسرائيل في هذا الصراع.
وتابع فلاشينبيرغ "لقد ظل اليمين المتطرف يعزز قبضته على الدولة لسنوات عديدة. فمنذ الحرب، يرفض الجمهور الإسرائيلي سياسيا مسار نتنياهو، لكنه يقبل أيضا بكل إخلاص سياسة اليمين– أي حرب الدمار التي تشن في غزة".
وما قد يحدث بعد ذلك في الحرب هو موضوع تكهنات مكثفة للغاية.
وبينما يركز القادة في الغرب، وخاصة الرئيس الأميركي جو بايدن، انتقاداتهم بشكل متزايد على نتنياهو، فقد أصبح من الواضح أن قيادته تتحدث عن الأثر أكثر من السبب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات المجتمع الإسرائیلی أکتوبر تشرین الأول الیمین المتطرف إسرائیل فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
من المؤرخ الإسرائيلي الذي قُتل في معارك لبنان وماذا كان يفعل؟
عندما دخل المؤرخ الإسرائيلي زئيف إيرلتش إلى جنوبي لبنان لفحص واحدة من القلاع التاريخية القريبة من مدينة صور، لم يكن يعرف أن نيران حزب الله ستكون بانتظاره هناك لترديه قتيلا.
وكان إيرلتش (71 عاما) موجودا في منطقة عمليات تبعد عن الحدود بنحو 6 كيلومترات، لمسح قلعة قديمة بالقرب من قرية "شمع" عندما باغتته صواريخ حزب الله.
ورغم أنه كان يرتدي زيا عسكريا ويحمل سلاحا شخصيا، فإن بيانا صادرا عن الجيش الإسرائيلي اعتبره "مدنيا"، وقال إن وجوده في تلك المنطقة يمثل انتهاكا للأوامر العملياتية.
وكان المؤرخ، الذي تقول الصحف الإسرائيلية إنه منشعل بالبحث عن "تاريخ إسرائيل الكبرى"، يرتدي معدات واقية، وكان يتحرك إلى جانب رئيس أركان لواء غولاني العقيد يوآف ياروم.
وبينما كان الرجلان يجريان مسحا لقلعة تقع على سلسلة من التلال المرتفعة حيث قتل جندي إسرائيلي في وقت سابق، أطلق عنصران من حزب الله عليهما صواريخ من مسافة قريبة، فقتلا إيرلتش وأصابا ياروم بجروح خطيرة.
ووصف جيش الاحتلال الحادث بالخطير، وقال إنه فتح تحقيقا بشأن الطريقة التي وصل بها إيرلتش إلى هذه المنطقة. لكن صحيفة يديعوت أحرونوت أكدت أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يرافق فيها إيرلتش العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان.
كان يعمل مع الجيش
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن يجال -شقيق القتيل- أن إيرلتش كان يعامل بوصفه جنديا في الميدان، وأنه كان يرافق القوات الإسرائيلية بغرض البحث الأثري بموافقة الجيش وبرفقته.
واتهم يجال المتحدث باسم جيش الاحتلال بمحاولة حماية كبار الضباط وإلقاء مسؤولية ما جرى على القيادات الوسطى. وقد أكد الجيش أنه سيعامل القتيل بوصفه جنديا وسيقوم بدفنه.
وقُتل إيرلتش بسبب انهيار المبنى الذي كان يقف فيه عندما تم قصفه بالصواريخ. وتقول صحف إسرائيلية إن العملية وقعت فيما يعرف بـ"قبر النبي شمعون".
ووفقا للصحفية نجوان سمري، فإن إيرلتش كان مستوطنا، ولطالما رافق الجيش في عمليات بالضفة الغربية بحثا عن "تاريخ إسرائيل"، وقد قُتل الجندي الذي كان مكلفا بحراسته في العملية.
وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن القتيل كان معروفا في إسرائيل بوصفه باحثا في التاريخ والجغرافيا، وقالت إنه حرّر سلسلة كتب "السامرة وبنيامين" و"دراسات يهودا والسامرة". وهو أيضا أحد مؤسسي مستوطنة "عوفرا" بالضفة الغربية.
وتشير المعلومات المتوفرة عن إيرلتش إلى أنه درس في مؤسسات صهيونية دينية، منها "مدرسة الحائط الغربي" بالقدس المحتلة، وحصل على بكالوريوس من الجامعة العبرية فيها، وأخرى في "التلمود وتاريخ شعب إسرائيل" من الولايات المتحدة.
كما خدم القتيل ضابط مشاة ومخابرات خلال الانتفاضة الأولى، وكان رائد احتياط بالجيش.