لجريدة عمان:
2025-11-13@13:14:17 GMT

ماذا جنت فرنسا بعد عشرين سنة من منع الحجاب؟

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

في مطلع الألفية، قررت أن ألتزم بالنسوية، فانضممت إلى جماعة نسوية، واقتنعت بأنني عثرت على منظمة من شأنها أن تدافع عن حقوق كل النساء على قدم المساواة. في ذلك الوقت، استعر جدال وطني، إذ كانت فرنسا باسم اللائكية -أي العلمانية في نسختها الفرنسية- تشكِّك في حق التلميذات المسلمات في ارتداء أغطية الرأس في مدارس الدولة العلمانية.

وفي مارس 2004، بعد شهور من الجدال، صوّت البرلمان الفرنسي لصالح حظر الحجاب في المدارس بتجريم «الرموز أو الملابس التي تبين بوضوح انتماء التلميذ الديني».

إذ ذاك أدركت أن القرار كان يحظى بشعبية في الدوائر النسوية، ومن ذلك الجماعة التي كنت أنتمي إليها وكانت غالبيتها من البيضاوات. فقد رأى الكثير من النسويات البيضاوات أن مهمتهن هي المساعدة في تحرير النساء والفتيات المسلمات من نمط معين من النظام الأبوي المرتبط بالإسلام بصفة خاصة. تركت المجموعة. فلو كانت النساء المسلمات يعانين نوعا معينا من القهر الأبوي، وأنهن بلا قدرة أو إرادة حرة في ما يتعلق بارتداء الحجاب -وذلك ما لا أراه أنا- فكيف يكون عونًا لهن أن نستبعدهن من المدارس ونحرمهن فرصة نيل المعرفة القادرة على تحريرهن؟

بالنسبة لي، بدا الانشغال بالحجاب طريقة متعالية لتمييز جماعة غير بيضاء بالأساس من الإناث وكأنهن غير خاضعات لأثر الأشكال الأبوية نفسها التي تخضع لآثارها النساء الأخريات. كنت أرى أننا يجب أن نصغي لما تريده النساء والفتيات أنفسهن قبل أن نفسر تجربتهن عبر العدسة الثقافية المهيمنة.

كان قانون عام 1905 الذي أرسى مبدأ اللائكية للمرة الأولى في فرنسا يتعلق بضمان الحرية. فهو الذي أسَّس الفصل بين الكنيسة والدولة، وحرية ممارسة الدين للمواطنين الفرنسيين، واحترام جميع المواطنين أمام القانون، بغض النظر عن العقيدة. فقد فرضت العلمانية الحياد على الدولة الفرنسية وعلى المؤسسات العامة، لكنها لم تشترط الحياد الشخصي على المواطنين.

لكن سنة 2004 كانت تحولا مهما في فهم مبدأ العلمانية، بمطالبة مستعملي مدارس الدولة بأن يكونوا محايدين في ما يتعلق بالدين، أو على الأقل أن يكتموا أمر اعتقادهم. كان التعليم هو الخدمة العامة الوحيدة التي خضعت لقانون 2004.

في سياق ما بعد الحادي عشر من سبتمبر وصعود رهاب الإسلام، دخلت فكرة ضرورة إخضاع المسلمين للسيطرة في متن الرأي العام الفرنسي والإعلام والطبقة السياسية. كان يجب على المؤسسات التعليمية العامة أن تحمي تلاميذها، بغض النظر عن الطريقة التي يرون تقديم أنفسهم بها. لكن مبدأ اللائكية كان قد تطور حتى بات يحتوي على مطالبة الأفراد بجعل معتقدهم مسألة خاصة تماما.

وفي حين أن قانون 2004 ظهر في إطار جعله يبدو حظرًا لكل الرموز الدينية «الواضحة»، ومنها الصلبان المسيحية الضخمة، فإنه عمليا كان يستهدف التعبيرات عن الإسلام. وبذلك فقد فتح على مدار السنوات العشرين الماضية الباب للسعي إلى رهاب الإسلام بلا هوادة، وتجسد ذلك في التركيز على مظهر النساء والفتيات المسلمات.

في عام 2023 أضافت حكومة ماكرون حظرا على العباءة (وهي ثوب نسائي طويل الكمين أصله من الشرق الأوسط) في مدارس الدولة، دونما تعريف للعباءة، بما ترك مساحة كبيرة للمدارس كي تتخذ قرارات اعتباطية. والحق أن التفرقة بين الفستان الطويل والعباءة أمر غير ممكن ببساطة. وكثير من الفتيات والنساء المسلمات يسترن أنفسهن بفساتين تباع في متاجر التجزئة العادية. ومن ثم فقد يعد زي معين دينيًّا إن ارتدته فتاة يفترض أنها مسلمة، ويعد محايدًا ومقبولًا إن ارتدته غير مسلمة. فماذا يكون هذا لو أنه ليس تنميطا على أساس عنصري؟

وبعيدا عن المدارس، في عام 2011 أصبح غير قانوني لأي أحد أن يغطي وجهه في مكان عام، وبدا أن ذلك الإجراء يستهدف البراقع الإسلامية. وفي عام 2016 بدأت السلطات المحلية حظر البوركيني في المسابح والشواطئ العامة. وفشلت محاولة لإلغاء هذه القاعدة في المحكمة سنة 2022.

في الوقت نفسه، تم استبعاد الرياضيات المحجبات من الفرق، ومنعن من ممارسة رياضاتهن، بل ومن أولمبياد باريس 2024. ومن المفارقات أنه في حين لن تستطيع الرياضيات الفرنسيات ارتداء الحجاب في بلدهن، فإن قواعد اللجنة الأولمبية الدولية سوف تتيح للنساء من البلاد الأخرى المنافسة وهن محجبات.

والأعمال التجارية الخاصة ليست ملزمة بقواعد العلمانية خلافًا للقطاع العام. ولكن الارتباك بلغ حد أنها تتصرف وكأنها كذلك، مثلما تبين من جدال هذا الأسبوع حول معاملة موظفة مؤقتة ترتدي الحجاب في متجر أحذية في ستراسبورج. لقد أصبحت اللائكية -التي يفترض أنها تحمي الحرية- أداة للتحرش والإذلال والإقصاء.

ويمكن أن نرصد جذور هذه الرعاية للنساء الملونات و«قهرهن» المفترض في الحقبة الاستعمارية الفرنسية. فقد كانت طقوس نزع الحجاب علنا عن الجزائريات المحتلات تتم على يد الجيش في خمسينيات القرن الماضي دعمًا لـ«الاندماج» بل ولـ«الحضارة». فكان كشف وجوه النساء طريقة لتأكيد السيطرة على كل من المستعمرة وأجسام الشعب المستعمر.

وفي حقبة ما بعد «وأنا أيضا» -MeToo-، تستحق الإجراءات التي تنتهك استقلال المرأة جسديا الإدانة القاطعة. يجب أن تكون للنساء حرية اختيار كيفية عرض أجسامهن، سواء رأين تغطيتها أم رأين غير ذلك.

لكن الرغبة في تتبع علامات التدين تعكس تعصبا مع المسلمين يتجاوز استهداف النساء. فاللحى تتعرض للتحدي هي الأخرى. كما تم رفض طلب رجل مسلم الالتحاق بالشرطة بسبب الطابع -tabâa - (أي علامة الجبهة الناجمة عن اعتياد السجود). وفي الآونة الأخيرة، قرر اتحاد كرة القدم الفرنسي عدم السماح للاعبين بالصيام في رمضان.

وإذن فالرسالة الموجهة إلى جميع المسلمين واضحة: اندمجوا أو ابتعدوا عن المجال العام. ولا عجب يذكر في أن عددا متزايدا من المسلمين ينسحبون تمامًا ويختارون مغادرة فرنسا.

فقد استقال ناظر مدرسة ثانوية أخيرا بعد تلقي تهديدات بالقتل عبر الإنترنت عقب مشاجرة مع طالبة طولبت بخلع حجابها. ردت الطالبة -التي يتجاوز عمرها ثمانية عشر عاما- باتهام بالاعتداء الجسدي، فرفض المحققون الاتهام. ثم تدخل رئيس الوزراء جابرييل آتال قائلًا: إن الدولة سوف تقاضي الطالبة بتهمة الاتهام الكاذب الموجه للناظر بإساءة المعاملة.

وإنها لإدانة لمنع الحجاب وللتعصب الأعمى الذي استهله ضد زي المسلمين أن نرى المدارس بعد عشرين سنة لا تزال تجد مشقة في تطبيق القانون. فكثير من المسلمين يرونه إجراء تمييزيا، وكثيرا ما يؤججون توترات تصل إلى أن تستوجب تدخلا حكوميا. وهذا حتى وفقًا لحسابات القانون نفسه فشل ذريع.

الخبر الإيجابي هو أن المسلمين، وخاصة نساءهم، وجدوا في السنوات العشرين الماضية طرقًا للمقاومة، بإقامتهم منظمات من قبيل منظمة لالاب Lallab التي تفند السرديات المتعلقة بالنساء المسلمات، ومنظمة «الأمهات جميعا متساويات» -Mamans Toutes Egales - التي تدعم إشراك الأمهات المحجبات في الحياة المدرسية لأطفالهن، وفريق Les hijabeuses لكرة القدم للنساء المحجبات.

ومن حسن الحظ أن الأجيال الأصغر تنزع إلى رفض الطريقة التي تم تحريف مبدأ اللائكية بها. فلنرجُ أن يتمكنوا من إقامة مستقبل احتوائي يرحب بكل مواطن، مهما كان ما يرى وضعه على رأسه. وفقط حينما يتحقق هذا، ستكون لدينا بالفعل دولة فرنسية أصيلة العلمانية وسيكون لدينا مجتمع حر.

رقية ديالو صحفية فرنسية وكاتبة وسينمائية وناشطة، وكاتبة عمود رأي في جارديان

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

منال عبد اللطيف تقرر خلع الحجاب بعد 12 عاما

نشرت الفنانة منال عبد اللطيف مجموعة من الصور التى تظهر فيها مع الإعلامي شريف باهر حيث قررت خلع الحجاب بعد ارتدائه 12 عاما. 

منال عبد اللطيفمنال عبد اللطيف

وحرصت منال عبد اللطيف على الظهور لأول مرة بدون حجاب لتعلن عن خلعها له بعد 12 عاما من ارتدائه. 

وقد أكدت الفنانة منال عبد اللطيف ان فكرة خلع الحجاب تراودها ، وذلك فى حوار تليفزيوني مع الإعلامية مروة صبري من فترة سابقة.

سعد الصغير : شقيق إسماعيل الليثي مصاب بجلطة واحنا بتوع كلام وبسفى ذكراه.. قصة اعتزال محمود القلعاوي وشقيقته فنانة شهيرةنفاد جميع مواعيد حجز جلسات كايرو برو-ميت خلال 12 ساعة فقط من فتح باب التسجيلفرحانة ليكي.. ياسمين صبري تهنئ مي عز الدين بعد عقد قرانها

وقالت منال عبد اللطيف : فكرت أني أقلع الحجاب، ليه الفكرة بتراودني لأن أوقات بتوحشني منال المنطلقة، وأنا بطبيعتي منطلقة وأوقات بتوحشني منال وابقى عايزة انطلق في كل حاجة وأن مفيش حاجة تقيدني لكن سريعًا بقول لأ أنتي تدعي ربنا انه يثبتك لأن دي خطوة مش هينة على طول برجع لدماغي فورًا لكن بتراودني الفكرة طبعًا بتراودني».

وأضافت منال عبد اللطيف : وكل ما بتيجي الفكرة على بالي وأول يا منال اقلعي بقى الحجاب وبعدين أقول لنفسي انتي اخدتي الخطوة وقعدتي السنين دي، والفكرة اللي بتلح عليا أن إن شاء الله لما بنتي الكبيرة فرح تتجوز بفكر أني في الفرح أقلع الحجاب مش عارفة ليه بس الفكرة دي بتزن عليا ومش ضروري ألبس فستان مفتوح أهم حاجة أني أكون منطلقة لأن دايمًا الطرحة بتضايقني وأقعد طول الوقت أظبطها، وبقالي 11 سنة محجبة .

طباعة شارك منال عبد اللطيف الفنانة منال عبد اللطيف أعمال منال عبد اللطيف أفلام منال عبد اللطيف ارتداء الحجاب

مقالات مشابهة

  • لو كانار.. البطة المكبلة التي يخافها ساسة فرنسا منذ أكثر من قرن
  • الرئيس عباس يؤكد التزام فلسطين بجميع برامج الإصلاح التي تم التعهد بها
  • خبراء الصحة يناقشون فاعلية السياسات العالمية بعد مرور عشرين عامًا على الاتفاقية
  • منال عبد اللطيف تقرر خلع الحجاب بعد 12 عاما
  • فيديو - نساء إيران على درّاجات نارية: بين تحدي القوانين والقبول الاجتماعي
  • مقتل عشرين عسكريا تركيا في حادث تحطم الطائرة في جورجيا
  • صور| تحطم طائرة شحن تركية في جورجيا.. ومقتل عشرين عسكريًا
  • المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً
  • النيران التهمت مساحات شاسعة.. إخماد الحرائق التي اندلعت ليلا في إقليم الخروب والأضرار جسيمة
  • ماذا نعرف عن الديموقراطية التمثيلية التي أسقطها ممداني؟