ترويض الفكرة على صهوة الابداع
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
أبريل 13, 2024آخر تحديث: أبريل 13, 2024
عبدالكريم ابراهيم
تعتبر الافكار اساس في تحويل المشاريع الابداعية من مجرد موجة هائلة تدور في الاخيلة إلى مادة محسوسة قابلة للقراءة أو المشاهدة . عندها يحتاج الاديب الفذ إلى ادوات تمكنه من ضخ مجموعة الافكار هذه، وتسطيرها على الورق كمادة مميزة تنال رضى المتلقي. أذن الامر يعني وجود عملية حث وتفريغ للأفكار الشاردة من خلال القراءة تارة للأخرين أو من خلال التأمل.
وقد اختصر هذه النظرية خلف الاحمر (ت 180 هـ ) وحكايته مع احد الشعراء . ربما حاول الاحمر في خلق كينونة جديدة لهذا الشاعر تميزه عن الاخرين .وقد يكون نقل تجربته الخاصة فهو شاعر كبير ولكنه عاش في خضم التقليد،ويقال انه ” كان ينتحل الشعر بمعنى يقول الشعر على طرقة القدماء ثم ينسب ما يقول لهم “.
هذه الحكاية بما فيها من الصحة ،ولكنها لم تستطع ان تفند مبدأ التأثير والتقليد الذي هو بداية كل اديب مهما كان منجزه. ولكنها في نفس الوقت تريد ان يكون للشاعر أو الكاتب ان يخلى عن جلباب التقليد ، وتحوله الى منتج له بصمة خاصة به. وهذا التفرد هو الذي يسعى اليه اغلب الادباء برغم اختلاف الملكة والاستيعاب من شخص لأخر.
الافكار تتجدد على ضوء مقياس الابداع ؛حيث يتم اعادة واضافة الاطر العامة لها بشكل يوهم انها من صنع شخص معين ،ولكنها في حقيقة الامر هي مسندة إلى ما سبق بشكل نسبي. ولعل التجديد هو العنصر الذي يسعى اليه المبدع بحيث يسجل اسمه في سفر الريادة ، وهذا الامر مقرون بتوفر ظروف معينة تكون مهيأة للدخول في هذا المعترك الصعب. ورغم سعي الحثيث للأغلب الادباء في التواجد ضمن قائمة المجددين، ولكنهم قد يصطدون أن منجزهم لم يكن سوى فكرة لم يكتب لها النجاح ،وانها لم تكن الا تجربة يراد لها ان تكون حاضرة في عالم التجديد.
ولادة الافكار الجديدة قد تكون وليدة الصدفة أو الدراسة المضنية تكون قائمة على ما سبق من المنجزات، فقد يقتبسها المجدد الواعي بدون ان يترك اثراً على المادة المقتبسة، واحياناً يستل بعض اجزائها، ولكنه يطورها بشكل مرتب ومعقول. بعض الافكار الادبية تكون وليدة الفوضى الذهنية التي تصاب بها المنتج ، فتجرج في لحظة معينة بشكل غير منسق ولكنها بداية اي العمل، عندها تشرع ادوات المبدع في صياغتها، وتمحيصها كي تستل منها الفوضوية الفكرية إلى محور العقلانية الابداعية. وهناك أيضا الفكرة الصورية وهي التي تأتي من المشاهدة والتأمل ،وما على الاديب سوى ترتيبها كي تصبح مادة مقروءة وقابلة للهضم اللغوي.
الافكار هي بداية الاشياء التي تنطلق منها المبدع ، ثم تأتي بعدها عوامل تساهم في تحفيزها بحيث تفرض نفسها على القلم بأنها أداة لبداية معينة، وهنا تحتاج إلى من يحولها إلى جنس ادبي معين. الجدير بالذكر أن بعض الافكار لها القدرة على التجدد والنمو والاستمرار لأنها تمتاز بقابلية التمدد الزمني مع بعض المحسنات التي تؤطر ملامحها العامة. وفي المقابل توجد أفكار من النوع الجامد التي تصاب بداء الثبات ؛بحيث تتفرد عن مثلاتها بما تطرحه من مادة غير قابلة للاستنساخ الفكري . ومن النادر أعادة صياغتها بنحو معين ، ولكن هذا الجمود قد يصطدم بمعاول تريد هدمها، وتفنيد رؤاها بشكل مطلق. وكم من نظرية راهن اصحابها بالسرمدية المطلقة والبقاء عبر العصور سقطت لو بعد حين. هذا التحفير والبحث في دهاليز الاخرين قد يكون مدعاة لولادة افكار جديدة لأنه يقوم على دراسة منجز ما سبق ، وايجاد نوع من المشككات التي ترسم أولى خطوات البحث النظري. أمام هذه الحالة يشعر المفكر بلذة السعادة، وهو يسوق نظريته أو منجزه الجديد إلى الملأ لأول مرة، عندها يحقق مبدأ الريادة التي افنى بعضهم عمره، وهو يريد أن ينال هذه الدرجة المرموقة ، واحياناً بدل كل من هذا اللهث وراء التجديد نجد فريق يوهم نفسه انه نال مبتغاه فغرق في دهاليز ومتاهات مزعومة سرعان ما تتبخر في أول هبة ريح ناقدة.
الفكرة كما صورتها عقول بعض الادباء والكتاب بانها فرس جموح تحتاج الى من يروضها بأدواته ومهارته الابداعية؛ فتصبح من مجرد خيال فكري يدور في الاذهان إلى مادة صورية تتحول ملكتها من الخاص إلى العام بعد ان تطوعها اقلام المبدعين، وتضيف من عندياتهم ما يجعلها طيعة في متناول الناس، وتلامس عقولهم. وهنا على الكاتب أن ينمي بنت اللحظة ويعطيها مساحة اوسع لأنه عادة ما تكون بعض الافكار البسطة ،ولكن هناك ملكة تطورها ، وتخلق فيها امكانيات غير موجودة. ولا بد من بداية للأشياء التي ينطلق منها المبدع بحيث تكون ملموسة على ارض الواقع الافتراضي الذي يعيشه الانسان. واغلب الاعمال الادبية تحقق رغبة حولها كاتبها من فكرة تدور في ذهنه الى مشروع ومنجز تتلاقفه ايدي القراء بين الاعجاب والاشمئزاز، ولكن برغم تبابين الآراء تبقى الفكرة هي الاساس البناء في كل المشاريع التي ينطلق منها ، وان كانت مطورة أو جديدة فهي من ترك اثراً على المتلقي أما تسحبه حيث هي من خيالات ورؤى أو تجعله يصاب بعسر القراءة والمتابعة مفضلاً الابتعاد عن كل ما يثر مشاعر ، ويجده غير ذات فائدة أو انها نوع من الترف الفكري غير الضروري في زمن السرعة والمال اللذان يعارضان عالم المحسوسات الناعم .
مرتبط
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: ما سبق
إقرأ أيضاً:
رئيس الوفد لـ صدى البلد: لن تكون هناك انتخابات برلمانية بدون إشراف قضائي
قال الدكتور عبد السند يمامة، رئيس حزب الوفد، إنه لابد من وجود تعديل قانون الهيئة الوطنية للإنتخابات لإجراء الإنتخابات البرلمانية القادمة تحت الإشراف القضائي.
وأشار يمامة في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد" إلى أنه لن تكون هناك انتخابات برلمانية في مصر بدون إشراف قضائي ، إلا أنه إذا رأت الهيئة الوطنية للانتخابات أنه من صلاحياتها أنها تستعين بالإشراف القضائي ، فمن حقها أن تفعل ذلك.
وكان قد أكد الدكتور عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، أن الشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة سيكونوا على رأس أولويات الحزب في الانتخابات النيابية المقبلة.
وقال: "الحزب سيراعى في اختيار مرشحيه تمثيل الفئات الخاصة وفقًا لما نص عليه الدستور كالأقباط، الشباب، المرأة، الأشخاص ذوي الإعاقة، والمصريين المقيمين في الخارج " .
وأشار الدكتور عبد السند يمامة في بيان له ، إلى أن الحزب يولي اهتمامًا خاصاً بالشباب والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، إيمانًا بدورهم الحيوي في بناء مستقبل الوطن، خاصه وأنه يرى في ذوي الاحتياجات الخاصة شركاء فاعلين في بناء مستقبل الوطن، وأن تمثيلهم في البرلمان هو خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة والمساواة .
وشدد الدكتور عبد السند يمامة، على أن حزب الوفد مليئ بالكوادر الشبابية القادرة على خوض الانتخابات ولذلك سيحرص الحزب على الدفع بهم في الانتخابات النيابية المقبلة، لافتا أنه تم تكليف رؤساء اللجان على مستوى المحافظات باستقبال طلبات الوفديين الراغبين من كافة الفئات في الترشح للانتخابات النيابية القادمة، وأنه الحزب سيقوم بدراسة كافة الطلبات المقدمة بعناية فائقة، مع التركيز على اختيار الكفاءات التي تتمتع بالنزاهة والقدرة على تمثيل المواطنين والدفاع عن مصالحهم.
وأوضح يمامة، أن الحزب سيتبع معايير دقيقة وشفافة في عملية الاختيار لضمان الدفع بأفضل العناصر القادرة على تحقيق تطلعات الناخبين والمساهمة الفعالة في مسيرة التنمية .