على عمق أكثر من 4000 متر تحت سطح البحر في قاع المحيط الأطلسي، وبتفاصيل ربما محى بعضها الزمن، تبقى آثار السفينة العملاقة «تيتانيك» التي مر على تاريخ غرقها 112 عامًا كاملة، زيارتها بمثابة رحلة مرعبة في أعماق البحر، مع قوة الضغط الجوي والظلام القاتم، وهي الجولة التي عاشها بطل قصتنا الأمريكي توم زالر.

رحلة إلى حطام تيتانيك.

. مزيج من مشاعر مختلفة

روى توم زالر لـ«الوطن» تجربته في أول حديث لصحيفة مصرية وعربية عن رحلة إلى حطام تيتانيك، في الذكرى الـ112 لغرقها، والتي يصفها بالمذهلة ولا يمكن تخيلها، وهي مزيج من كل المشاعر؛ بداية من الإثارة والترقب حتى الخوف والفضول.

«زالر» يعمل مديرا لشركة Imagine Exhibitions، وهي شركة متخصصة في إنتاج وتسويق المعارض والمعالم السياحية الأكثر شعبية في العالم، ومنها سفينة تيتانيك، كما تجوب العالم بمعارضها، إذ زارت أكثر من 30 دولة في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا والشرق الأوسط وآسيا وأستراليا.

رحلته إلى حطام تيتانيك منذ 23 عامًا

رحلة توم زالر انطلقت قبل 23 عامًا، وكان حينها يعمل في شركة معارض متخصصة بسفينة تيتانيك، وتمت دعوته كضيف للغوص في موقع الحطام والمساعدة في انتشال القطع الأثرية، ورسمها في قاع البحر باستخدام برنامج CAD (وهو نوع من البرامج التي يمكنك استخدامها لإنشاء تصميمات ثلاثية الأبعاد)، وذلك لإجراء أول توثيق رقمي لموقع حطام تيتانيك.

سافر «زالر» داخل غواصة روسية، وهي نفسها التي كانت موجودة في فيلم تيتانيك الشهير للمخرج الأمريكي جيمس كاميرون، وكان معه شخصين آخرين، وهما قائد الغواصة، ومصور يجلس على الجانب الأيسر، يبنما هو كان بالجانب الأيمن.

الغوص في قاع المحيط.. الرؤية تتحول من المياه الزرقاء إلى السوداء

غواصة يبلغ قطرها من الداخل نحو مترين، وهي صغيرة وضيقة جدًا، وبدأ «زالر» وزملاؤه الاثنان في الدخول إلى الغواصة والتزام أماكنهم، حينها كانت الغواصة على متن سفينة، ثم أُلقي بها في المياه الزرقاء الكاريبية، لتبدأ رحلتهم إلى قاع المحيط الأطلسي.

نظر الأمريكي من النافذة، ليرى المياه تتحول تدريجيًا من اللون الأزرق الصافي إلى الأسود القاتم، ثم استمرت رحلتهم في الغوض لمدة ساعتين، حتى جاءت اللحظة الحاسمة، ووصلا بسلام إلى حطام تيتانيك.

الرؤية الأولى لحطام سفنية تيتانيك

فور وصول الغواصة إلى الحطام، قام القائد بتشغيل الضوء المنبعث من الغواصة، كانوا على بُعد متر ونصف تقريبًا من تيتانيك: «الضوء الوحيد الذي رأيناه كان ضوء الغواصة، فور رؤيتي لحطام السفينة كان أمرًا لا يصدق، كانت مشاعره متناقضة، بين الخوف والقلق والرعب والفضول والسعادة».

الرحلة استغرقت 12 ساعة 

أمضى هو وزملاؤه رحلة استغرقت 8 ساعات أسفل سطح البحر بجانب حطام سفينة تيتانيك، ثم ساعتين للعودة إلى سطح البحر، أي أن الرحلة استغرقت 12 ساعة كاملة.

قبل رحلته، شاهد «زالر» المئات من مقاطع الفيديو لسفينة تيتانيك، وأمضى الكثير من الوقت في دراستها، لكن التواجد على بعض متر من السفينة كان أمرًا مختلفًا: «التواجد هناك بشكل مباشر شيئًا مميزًا للغاية، غمرتني ذكريات الأشخاص الذين نجوا وماتوا في تلك الليلة، لكن مهمتنا كانت أن نروي القصة ونثري معرض تيتانيك الخاص بنا وجعله تجربة أفضل لزوارنا».

انخفاض درجة الحرارة بشكل كبير أسفل قاع المحيط 

الرحلة كانت في شهر أغسطس، أي الصيف، لكن أسفل قاع المحيط تنخفض درجة الحرارة، لذلك، أخذ معه بعض الملابس الإضافية: «كان الجو حارًا بالخارج، ولكن بعد أن غصنا في أعماق المحيط الأطلسي، أصبح الجو باردًا جدًا، وحرصت على ارتداء زوجًا إضافيًا من الجوارب، وسترة وقبعة، وملابس أخرى لغرض التدفئة، وخلال رحلة العودة، شربنا الشاي الساخن، لكن طوال الرحلة، لم نأكل أو نشرب، لم نرغب في استخدام المرحاض».

كانت رؤية «زالر» لحطام السفينة أمرًا لا يصدقه عقل، وبقاء السفينة طوال السنين الماضية شامخة في وضع مستقيم بقاع المحيط شيء مذهل، يقول: «إنها مُهيبة حتى وهي ترقد في قبرها بعد حوالي 112 عامًا».

تفاصيل معرض تيتانيك

وفي معرض تيتانيك الذي يقيمه توم زيلر وشركته، يتم عرض المئات من القطع الأثرية من سفينة تيتانيك، بالإضافة إلى القطع والأزياء من فيلم تيتانيك الشهير، ويعيش الزوار رحلة تبدأ بالصعود عبر تيتانيك، ثم الغرق واكتشافها أسفل سطح البحر: «منذ رحلتي إلى حطام تيتانيك، قدمت مئات المعارض حول السفينة وقصتها، المعرض مصمم ليغمر الزائر في تاريخ تيتانيك بطريقة جديدة، مع تفاصيل لا تصدق».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سفينة تيتانيك حطام سفينة تيتانيك حادثة بحرية سفینة تیتانیک قاع المحیط سطح البحر

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي… أهو باب لمستقبل واعد أم مدخل إلى المجهول؟

في إحدى المناسبات الاجتماعية، وجدت نفسي طرفاً في نقاش محتدم حول الذكاء الإصطناعي. كان بعض الحاضرين يرونه المستقبل الحتمي، الذي لا مهرب منه، وأنه سيُحدث نقلة نوعية في حياتنا، جاعلاً إياها أكثر يسرًا وإنتاجًا. وعلى الضفة الأخرى، وقف من يراه تهديدًا داهمًا، وكابوسًا مقبلًا قد يعصف بوظائف البشر، وربما يُفضي إلى نهايات مأساوية لا تختلف كثيرًا عمّا تُصوّره أفلام الخيال العلمي. وبين هذين الرأيين، جلست متأملاً، أتساءل: ما الذي يدعو بعض الناس إلى هذا الخوف العميق من الذكاء الإصطناعي؟
طالعتُ مؤخرًا مقالًا تناول هذه المسألة بشيء من التحليل، وبيّن أن رفض الذكاء الإصطناعي لا يعود إلى الخشية من فقدان الوظائف فحسب، بل يمتد إلى أسباب نفسية أعمق وأبعد غورًا. ومن أبرز هذه الأسباب، أن الذكاء الإصطناعي بالنسبة للكثيرين لا يزال بمنزلة “الصندوق الأسود”؛ يُنجز أعمالًا مبهرة دون أن يُفصح عن كيفية اتخاذه لتلك القرارات أو الأسباب الكامنة خلفها. والبشر بطبيعتهم يميلون إلى الفهم والإدراك، فإذا واجهوا أنظمة تتخذ قرارات غامضة، دون تفسير بيّن، نشأ لديهم شعور بالتهديد. ولذا، فإن الثقة بتقنيات الذكاء الإصطناعي تزداد حين تكون قراراتها مفسّرة ومعلّلة، سيما إذا اقترنت بشروحات مقنعة تبيّن لماذا اختارت هذه النتيجة دون غيرها.
ثم أن ثمة عقبة أخرى، وهي أن الذكاء الإصطناعي يفتقر إلى المشاعر والعواطف. والناس بطبعهم يفضّلون التفاعل مع من يُظهر تعاطفًا وتفهّمًا لحالاتهم النفسية والانفعالية. من هنا، يبدو الرفض واضحًا لاستخدام هذه التقنيات في مجالات تتطلب لمسة إنسانية، كالعلاج النفسي أو تقديم المشورة في العلاقات الشخصية. إلا أن بعض الشركات تسعى لتجاوز هذه المعضلة، بمحاولة إضفاء مسحة إنسانية على الذكاء الإصطناعي، وذلك بمنحه أسماء مألوفة وأصواتًا ودودة، كما هو الحال مع “أليكسا” و”سيري”، مما يُسهّل على المستخدمين التفاعل معه وقبوله.
ومن بين الأسباب التي تُثير حفيظة البعض تجاه هذه التقنية، اعتقادهم بأنها جامدة لا تتغير، ولا تملك مرونة البشر في التعلّم من الأخطاء. فالإنسان، وإن أخطأ، يتعلّم ويطوّر أداءه، بينما يُنظر إلى الذكاء الإصطناعي على أنه آلة صمّاء، لا تعرف التراجع ولا التصحيح. غير أن الحقيقة أن كثيرًا من الأنظمة الذكية مصمّمة لتتعلّم وتتطور مع مرور الوقت، كما نرى في خوارزميات التوصيات لدى “نتفليكس”، التي تتحسّن كلما زاد تفاعل المستخدم معها.
أما أكثر ما يُثير الهلع، فهو الخوف من أن يبلغ الذكاء الإصطناعي حدّ الاستقلال التام، فيتّخذ قرارات دون تدخل بشري، مما يولّد شعورًا بفقدان السيطرة. لذا، ليس من الغريب أن نرى الكثير من الناس يتحفّظون على السيارات ذاتية القيادة، خشية أن تنقلب إلى “آلات مجنونة” تتحكّم في مصائرهم. والحل يكمن في إيجاد توازن دقيق، يُبقي الإنسان داخل دائرة القرار، ويمنحه شعورًا بأنه ما زال ممسكًا بزمام الأمور.
ومهما بلغ الذكاء الإصطناعي من تطوّر وتقدّم، فلن يكون بديلاً عن الإنسان، بل أداة في خدمته، تُعينه على تحسين حياته وتيسيرها. فالرهان الحقيقي لا يكمن في مقاومته أو رفضه، بل في إدراك كيفية التعامل معه بحكمة، بحيث يتحوّل إلى حليف لا خصم، وشريك لا خصيم.

jebadr@

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي: الأزهر الشريف «منارة» تنير دروب الأمة الإسلامية في شتى بقاع الأرض
  • جراح أمريكي يروي شهادته من غزة: الاحتلال أنهى حياة جدة وقطع ساقي طفل بعد أمر إخلاء
  • اتفاق روسي أمريكي لضمان سلامة الملاحة في البحر الأسود
  • اتفاق روسي أمريكي لضمان الملاحة في البحر الأسود وتخفيف العقوبات
  • نجم ليفربول ينهي رحلته مع “الريدز” ليبدأ رحلة جديدة مع ريال مدريد
  • مصرع وإصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين فى العياط
  • أمي كانت ترى فيّ خليفة المعلم.. كريم حسن شحاتة يروي التفاصيل
  • ريم عبدالله: أزعل من النفاق ولو كنت شعور راح يكون الإحساس.. فيديو
  • الذكاء الاصطناعي… أهو باب لمستقبل واعد أم مدخل إلى المجهول؟
  • "أسبيدس" تعلن حماية أكثر من 700 سفينة في البحر الأحمر