مختصون: المتزوجة من أجنبي معرضة لمشكلات معقدة على الصعيدين النفسي والاجتماعي

ضرورة النظر في قانون منح الجنسية لأبناء المواطنة المتزوجة من أجنبي حماية لكيان الأسرة

قصص كثيرة، بعضها مؤلم، عن تداعيات الزواج من أجنبي والمشكلات التي تواجه تكوين الأسرة مع اختلاف الثقافة والعادات والتقاليد بين المتزوجين وما يعانيه الأبناء نتيجة هذا الزواج، وفي سلطنة عمان تم خلال السنة الماضية وحتى 13 فبراير الماضي تسجيل 190 وثيقة زواج عمانية من أجنبي.

ورغم التسهيلات.. تواجه المرأة العمانية المتزوجة من أجنبي صعوبة في حصول الأبناء على الجنسية، ودعت مواطنات إلى النظر في قانون منح الجنسية لأبناء العُمانية المتزوجة من أجنبي، مراعاة لأهمية هذا الأمر في المحافظة على كيان الأسرة وعدم تشتتها، وشعور المرأة بالأمان والاستقرار بحصول أطفالها على كافة الحقوق التي يحصل عليها المواطن آمنا مستقرا في وطنه.

وذكرت مواطنة متزوجة من أجنبي أن رحلة زواجها كانت معقدة جدا رغم أن عمرها وصل الثلاثين إلا أن الوضع استدعى الكثير من المطالبات بسبب أن والدها متوفى ورفض أعمامها أدى إلى تأخر إنهاء إجراءات استخراج التصريح.

وقالت: تكمن المشكلة الآن في إقامة أبنائي لأنها مرتبطة بوالدهم حيث يتطلب منا التجديد كل سنتين وهذا موضوع معقد، وأتساءل لماذا لا تكون الإقامة سارية ما دامت العلاقة الزوجية مستمرة، ولا أعلم بعد أن يكمل أبنائي سن 18 عاما ماذا سيكون وضعهم بالنسبة للإقامة، لأن القانون السابق تم إلغاؤه ولا يعطي الصلاحية للأبناء بعد سن البلوغ أن يكونوا تحت إقامة والديهم لأنهم سيكونون في مرحلة الجامعة أو العمل، وهناك الكثير من الحالات استدعت مغادرة الأبناء البلد.

ودعت المواطنة إلى أن يكون هناك تكافؤ في الفرص مع المواطن العماني المتزوج من أجنبية.. وقالت: هناك بعض التسهيلات المقدمة للأبناء من أب أجنبي كالعلاج الصحي في مؤسسات الرعاية الصحية والتحصين والتعليم بمبلغ مالي زهيد ولكن هناك بعض الجهات ما زالت تعقّد مسألة التعامل وتصعّب توفير الخدمة بحكم أنهم أجانب وليسوا مواطنين.

القانون وحقوق المرأة

حول زواج العمانية من أجنبي والقوانين والأنظمة التي تكفل حقوق المرأة والأطفال من أب غير عماني، والتحديات التي تواجهها تحدث في البداية المحامي والمستشار القانوني سرحان المحرزي قائلا: إن القانون العماني اشترط عددا من الشروط التي يجب أن تتوفر في من يريد الحصول على الجنسية العمانية، وأهم تلك الشروط أن يكون قد أقام في عمان إقامة مشروعة متواصلة لمدة لا تقل عن (٢٠) عاما، أو (١٥) خمسة عشر عامًا إذا كان متزوجا بعمانية على أن يكون زواجها قد تم بموافقة مسبقة من الوزارة، وله منها ولد، ولا يحول دون اعتبار إقامته متواصلة غيابه خلال العام الواحد مدة لا تزيد على (٦٠) ستين يوما.

وكما يشترط القانون أن يكون طالب الجنسية ملما باللغة العربية قراءة وكتابة وأن يكون حسن السيرة والسلوك، وألا يكون قد سبق الحكم عليه نهائيا بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، ولو رد إليه اعتباره.

وأضاف المحرزي: إن نص القانون اشترط على المتقدم بطلب الحصول على الجنسية أن يكون لائقًا صحيًا وخاليًا من الأمراض المعدية، وأن يكون لديه مصدر مشروع للرزق يدر عليه ما يكفي لسد حاجته وحاجة من يعولهم. ولكون القانون العماني لا يسمح بتعدد الجنسيات فلا بد أن يقر مقدم الطلب كتابة برغبته في التنازل عن جنسية الدولة التي يحملها، وأن يقدّم ما يثبت أن قانونها يجيز له ذلك. ويكتسب الأولاد القصر الجنسية العمانية تبعًا لأبيهم إذا كانت ولادتهم في عمان، أو كانت إقامتهم العادية فيها.

وقالت المحامية والمستشارة القانونية خلود بنت محمود الخضورية: في سلطنة عمان منظومة تشريعية تضمن أن للطفل حقوقا ترتبط بحقوق والده بغض النظر عن حقوق والدته العمانية، ولا يستنقص التشريع شيئا من الناحية القانونية فيما يتعلق بممارسته لجميع الحقوق الأخرى عدا ما يستلزمه القانون من واجبات.

وحول كثرة الحديث في الفترة الأخيرة عن وجود بعض المشاكل في حضانة الأطفال بسبب زواج المرأة من أجنبي والعكس قالت المحامية: من المهم أولًا أن نفهم أن هذه المشاكل ليست فقط متعلقة بزواج المرأة من أجنبي، بل قد تنشأ من أي تغيير في حالة الأسرة، بما في ذلك زواج الرجل من أجنبية أيضًا، يمكن أن تكون هذه المشاكل متعلقة بالتكيف مع التغييرات في الحياة اليومية والدينية والثقافية.

ومن الضروري أن يتم التعامل مع هذه المشاكل باحترام لحقوق الجميع، ويجب على الأطراف المعنية، بما في ذلك الآباء والأمهات والمعلمون والمجتمع بشكل عام، التفكير في مصلحة الأطفال أولًا والعمل على إيجاد حلول تساهم في تحسين الوضع لهم.

ويمكن أن تشمل هذه الحلول توفير دورات توعية للآباء والأمهات حول كيفية التعامل مع التحديات التي قد تنشأ من التغيرات الزوجية، بالإضافة إلى تقديم دعم للأطفال لمساعدتهم على التكيف مع الوضع الجديد.

كما يمكن للحضانات والمؤسسات التعليمية أن تلعب دورًا مهمًا في توفير بيئة داعمة ومساعدة الأطفال على فهم ومواجهة التحديات التي قد يواجهونها.

بشكل عام، يجب أن يكون التعامل مع هذه القضايا بحكمة وفهم، مع التركيز على مصلحة الأطفال وتوفير الدعم اللازم لهم لينموا ويتطوروا بشكل صحي وسعيد.

البيئة الاجتماعية

ومن جانبه تحدث الدكتور ناصر بن محمد العوفي عضو لجنة دعم الأعضاء بجمعية الاجتماعيين العُمانية: في المجتمع العُماني حدث تغيُّر في نمط الزواج من الزواج الداخلي المقترن بالعائلة والقبيلة إلى الزواج الخارجي من خارج العائلة والقرية والمدينة والدولة، وظهر في الفترة الأخيرة زواج المرأة العُمانية من الأجنبي، والذي يأتي في نطاق رفض أسرة الفتاة رفضًا نهائيًا؛ مما يدفع بعضهن للزواج وقطع علاقتها بأسرتها الأساسية، الذي كلّفها في حالة الطلاق من الزوج الأجنبي عدم التقبل من أفراد أسرتها، وفي حالة فشل هذه العلاقة الزوجية؛ فإن المرأة تتأثر من حيث الوصمة الاجتماعية وانخفاض الثقة بالنفس والقلق ناهيك عن الصراع في مجال حضانة الأطفال والجنسية التي سوف يحصلون عليها والآثار الاقتصادية التي ستكون على عاتق المرأة العُمانية مثل: الإنفاق على الأولاد وفقدان الأم لأطفالها ودخولها على المحاكم؛ بالإضافة إلى الآثار النفسية والاجتماعية على المرأة المطلقة مثل لوم الذات والانطواء ومضايقات الأهل، وتحديات في تربية الأبناء.

ويضيف الدكتور ناصر: الطلاق يمكن أن يكون له أثر كبير على حياة الأبناء، سواء اجتماعيًّا أو نفسيًّا مثل تغيُّر البيئة الاجتماعية؛ حيث يضطر الأطفال إلى التكيُّف مع البيئة الجديدة التي ينتج عنها تغيُّر في المدرسة والأصدقاء والجيران وصعوبة الاندماج مع المجتمع الجديد بسبب تغير ظروفهم الاجتماعية والأسرية، وقد يشعر الأطفال بالقلق والاكتئاب بسبب الطلاق وتغيرات الحياة التي قد تحدث بعد ذلك، وانخفاض ثقة الأطفال بأنفسهم وفي أدائهم الدراسي بسبب التوترات والضغوط الناجمة عن الطلاق، وقد تؤدي التغيُّرات العاطفية والاجتماعية المرتبطة بالطلاق إلى صعوبات في البناء والحفاظ على العلاقات الشخصية، وتزداد المعاناة أكثر إذا تأثر الأولاد بثقافة الأب الذي ربما يكون مختلفًا في الدين والعادات والتقاليد؛ مما يجعل الأولاد في حالة من الاغتراب الثقافي والاجتماعي، وانفصال عن الهوية العُمانية المُشبعة بالدين الإسلامي والعادات والتقاليد العُمانية الأصيلة.

نظرة المجتمع

ترى ليلى بنت عمير الهنائية من لجنة الخدمات الاجتماعية والتوعية بجمعية الاجتماعيين العُمانية أن نظرة المجتمع السلبية حول المرأة المتزوجة من الخارج هو أمر متوقع خاصة أننا في مجتمع محافظ له عاداته وتقاليده وقواعده التي قد تُفرَض أحيانا على المرأة أكثر من الرجل، والأثر النفسي الذي تتركه نظرة المجتمع على المرأة يكون أشد إذا افتقدت للدعم المعنوي من الأسرة، لذلك فإن دعم الأسرة مهم ويساعد المرأة على التعامل مع التحديات المتوقعة من زواجها بأجنبي.

كما أن الدعم الذاتي وتمتع المرأة بالصلابة النفسية وقوة الأيمان ودعم الأصدقاء يساعدها على التخفيف من حدة الضغوط ويمنحها مساحة للتعبير الصحي عن مشاعرها. أيضا من المهم طلب المشورة من ذوي الخبرة والاختصاص واللجوء إلى مراكز الإرشاد الأسري والزواجي لتعلُّم مهارات التعامل مع المشاعر الذاتية والتعامل مع نظرة المجتمع السلبية.

وعن الآلية التي تتعامل معها الأم لاحتواء أبنائها في حدوث انفصال بعد زواجها من رجل أجنبي والخوف عليهم من المستقبل خاصة أنَّ الأنظمةَ والقوانين لا تمنحُ الأطفال جنسية الأم، أوضحت الهنائية: من وجهة نظري كأخصائية اجتماعية مهتمة بالمجال الأسري أنه عند الانفصال تقع على كلا الوالدين مسؤولية احتواء الأبناء، ولكن دور الأم مهم جدا كون حضانة الأبناء عادة تكون لها.

هنا يأتي دورها كحاضنة في اتخاذ القرارات السليمة التي تصب في صالح أبنائها، فمثلًا من المهم أن تكون قريبة بحيث يستطيع الأبناء رؤية والدهم والتمتع بحقوقهم التي يكفلها لهم بلد الزوج الأجنبي لينعم الأبناء بمستقبل آمن ولا يشعرون بالتشتت نتيجة الانفصال.

وتابعت بقولها: كما تجب مراعاة أن الطفل قد يتعرض بعد الانفصال لصدمة عاطفية لذلك على الأم تخفيف هذه الصدمة وشرح سبب الطلاق للطفل وتأكيد محبتهم له وأن كلا الوالدين سيكون موجودًا ولن يرحل بعيدا، وأن يضمن الوالدان كذلك أن لا يتغير الروتين الذي تعود عليه الطفل، وأن يتشارك كلاهما في التربية واتخاذ القرارات التي تخص الطفل وأن يوفرا له بيئة تربوية صحية وآمنة بعيدا عن الأنانية والقرارات الناتجة عن دوافع كيدية وانتقامية.

تحديات معيشية

وعن الآثار النفسية والاجتماعية لزواج المرأة من الخارج، أكدت هنية بنت سعيد الصبحية عضوة لجنة الدراسات والبحوث بجمعية الاجتماعيين العمانية أن المرأة العمانية المتزوجة من أجنبي تعاني من تحديات جسيمة ومعقدة، تؤثر على نفسها وأبنائها على الصعيدين النفسي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ويُرتبط ذلك بصعوبة حصول الزوجة وأبنائها على الجنسية وجواز السفر العماني.

من بين المشكلات الشائعة هو عدم تمكن الأطفال من الحصول على الجنسية، ما يُسبب أعباء اقتصادية ويُقيد فرص العمل ويزيد من نفقات التعليم الخاص باللغتين. بالإضافة إلى ذلك، تواجه الأسر تحديات في تسجيل أبنائها في المدارس الحكومية وتضطر إلى العيش في المدن مع تأثيرات على الخدمات الصحية ومصاريف المعيشة، كما قد يعاني الأطفال من صعوبات في الاندماج الثقافي والاجتماعي، خاصة إذا كان هناك اختلاف كبير بين ثقافة الأبوين، مما يؤدي إلى اضطرابات في الهوية والانتماء. وأحيانا ما تتسبب هذه المشكلات في توترات في العلاقة بين الزوجين أو مع أسرة الزوج، مما يؤثر على بيئة الأسرة ورعاية الأطفال.

ويعاني الأطفال أيضًا من الاغتراب الثقافي وصعوبات في التواصل والتي قد يتعرض الأطفال للتنمر أو الاستهزاء بسبب اختلاف جنسيتهم أو ثقافتهم، مما يؤدي إلى مشاعر الحزن والانعزال.

تتضمن المخاوف التي تواجه المرأة العمانية مغادرة الزوج للوطن بشكل مفاجئ وخطر اختطاف الأطفال، مما يستدعي التدخل السريع من الحكومة لدعم الأسر المتضررة وتوفير الحلول المناسبة للتكامل الاجتماعي والنفسي لهؤلاء الأفراد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: نظرة المجتمع على الجنسیة زواج المرأة التعامل مع المرأة الع الع مانیة مانیة من التی قد فی حالة أن یکون

إقرأ أيضاً:

وزارة التعليم تؤسس برنامجاً لرفع القدرات المهنية للوعي الفكري

الرياض

تعتزم وزارة التعليم صياغة ملامح برنامج معرفي لرفع القدرات المهنية في مجال الوعي الفكري، وفق استراتيجية واضحة وحوكمة إدارية منظمة لتحقيق هدفين رئيسيين يتمثلان في تعزيز الحصانة والحماية الذاتية عبر رصد الظواهر السلبية وتحليلها، فضلاً عن تقديم برامج علاجية لها، بالإضافة إلى تمكين الطلاب والمعلمين من حماية أنفسهم من أشكال الانحراف الفكري.

ويهدف قسم الوعي الفكري إلى تعزيز الولاء للدين ثم لولاة الأمر، والانتماء للوطن، ونشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش، كما يسعى إلى الوقاية من الفكر المتطرف ومعالجة آثاره، وتشجيع المبادرات العلمية والبحثية في القضايا الفكرية.

ويتولى قسم الوعي الفكري تنفيذ الخطط والبرامج والأنشطة التي تهدف إلى تشكيل أفراد متمسكين بثوابتهم الدينية وقيمهم الوطنية، ويفتخرون بوطنهم وقيادتهم، ويتسمون بقيم الوسطية والاعتدال.

ويرتبط هذا القسم فنياً بالإدارة العامة للوعي الفكري التابعة لمكتب نائب وزير التعليم، وإدارياً بمكتب مدير عام التعليم، حيث يستفيد من عمله جميع العاملين بإدارة التعليم والوحدات التنظيمية التابعة لها.

ويسهم في تعزيز الوعي الفكري والانتماء الوطني داخل إدارة التعليم والوحدات التابعة لها، ويعمل على تحقيق التكامل والتوازن في طرح الأفكار التي تدعم منهج الاعتدال الفكري.

وتتبلور رؤية القسم في إيجاد مجتمع تعليمي يتسم بالولاء للدين ثم للمليك والوطن، قائم على قيم التسامح والاعتدال والوسطية، أما رسالته فتتمثل في غرس قيم المواطنة والانتماء والولاء لله ثم للمليك والوطن، ونشر رؤية الدولة في مواجهة التطرف.

مقالات مشابهة

  • يجيز زواج الأطفال.. برلمان العراق يثير ضجة بإقرار تعديلات على قانون الأحوال الشخصية
  • استمرار حبس سائق لقيامه بسرقة حقيبة راكب أجنبي الجنسية في منشأة القناطر
  • كبار مديري شركة بترومسيلة.. نرفض استهداف الشركة وإدارتها وكوادرها ونحمّل الجهات التي تحاول تعطيل وتدمير هذا الصرح الوطني كامل المسئولية القانونية
  • حبس سائق لقيامه بسرقة حقيبة راكب أجنبي الجنسية في منشأة القناطر
  • مشيرة خطاب: "السيسي" أول رئيس يشدد العقوبة على زواج الأطفال وختان الإناث
  • مشيرة خطاب: يحسب للسيسي أنه أول رئيس جمهورية يشدد العقوبة على زواج الأطفال
  • مشيرة خطاب: السيسي أول رئيس مصري يجرم زواج الأطفال المبكر
  • محامية: انسحاب الرجل من دوره أصاب المجتمع بخلل أدى لزيادة حالات الطلاق
  • محامية: الخلع وفقًا للقانون يكون بإرادة منفردة من الزوجة
  • وزارة التعليم تؤسس برنامجاً لرفع القدرات المهنية للوعي الفكري