فائق والتاريخ.. و"الحروب اللي انتهت"
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"تُبهرني صلابة الأبنية الجديدة، ولكنني أحب الصدق في كل جدار طيني قديم" فائق عبدالجليل.
********
تسافر الأيام.. مثل الأشرعة
تبقى عين الذكرى حلوة مشرعة
لو تمردنا على الشوق
على النفس.. على الروح
لو تمردنا على الحب وقدرنا نخدعه
لو مشت الأيام جدًا مسرعه
لو قدرنا نخلي دمع العين يترك منبعه
لو تمردنا على كل الجهات الأربعة
كل جذور الأرض تدري
وكل نحوم الليل تدري
حبنا برق البرق.
. محد يمنعه!
في خضم الأحداث السياسية المتاخمة للهموم اليومية للإنسان البسيط، وتداعيات ردود الفعل المتوقعة في لغات العالم، والوهم الذي تحاول أجهزة الإعلام إقناعنا به بأن إيران سترد ردًا مُزلزلًا وسيشكل رد فعلها زخمًا في المنطقة، وتسابق القنوات الأخبارية لنقل الحدث (غير الموجود أصلًا) لحظة بلحظة، وإقناع المتابع بأهمية توخي الحذر من ضربة إيرانية انتقامية ستدركها القواعد الأجنبية، وكلام كثير، وما تزال عبارة: "لو شمس كانت طلعت من أمس" هي ما يُغلِّف الجو والوضع الحقيقي، فإيران التي لا تختلف عن بني يعرب كثيرًا في إجادة الاستعراض بالظواهر الصوتية فقط، وإن حصل شيء، فالله يبارك بالوكلاء الذين ابتُليَت بهم شعوبهم، والله يصلح الأحوال.
ما علينا مما سبق.. سأتحدث عن شأن آخر عن أهمية كتابة التاريخ بحصافة وصدق، وفي إطار من الأمانة النزيهة، التي لا تتعدى المحظور الذي يُؤثِّر على مصالح عامة، هُنا الأفضل للكاتب في التاريخ أن يضع القلم على الرف، بسبب الأمانة النزيهة التي لا تتعدى المحظور "الذي يؤثر على مصالح عامة". وإعادتي لهذه العبارة الأخيرة، في نفس الفقرة نابع من أهميتها القصوى، وسيدرك القارئ ويفهم ما أقصد من كتب في التاريخ، وفكر في التوقف وإراحة الفكر، وركن القلم ليكون قطعة من الديكور. صدقني أما آن تكتب كتابة أمينة وإلّا لا داعي للحبر والأوراق، واحفظ كرامة ما تكتُب ووجب مصداقية النقل؛ لأن القصة هي كتابة تاريخ قد يصل لأحفاد أحفادك، وليس منافسة في لعبة ممكن جدًا تنتهي بأي وقت.
أتذكرُ أني قمت قبل أقل من 3 سنوات بتحضير بحث علمي تاريخي عن الأسباب السياسية لسقوط إحدى الدول المؤثرة في حقبة الستينيات من القرن الماضي، وبحثتُ في عدد ليس بقليل من المراجع، وسألتُ وتواصلتُ مع باحثين مختصين في ذات الشأن. الطريف أني قرأت أكثر من 70 مصدرًا ومرجعًا، ووجدت أن الحبكة شبه واحدة، فقط الاختلاف في الحشو هنا وهناك، لكن الحقيقة الحقيقية لم تُذكَر، وإن ذُكرت فعلى استحياء. والحقيقة الحقيقية في الواقع أن البلاد قبل السقوط كانت ترزح تحت فساد إداري ومالي، وكان الأجانب يتحكمون في كثير من مفاصل البلاد وباسم الحاكم، الذي لم يكن يملك مستشارين أمناء مخلصين، مما سهّل اختراق الكثير من مناحي الدولة، وبعدها الانهيار السريع بعد أحداث لا تُنسى. الحقيقة وجدتها بعد مقارنة وتمحيص وتحليل كثير من المصادر المقروءة والمسموعة والمرئية، إنما لظروف الأمانة التي تحكم كتابة التاريخ قررتُ الصد عن هذا، ولننظر لأمر آخر. أما ما وصلتُ إليه سأكتبه متى ما تيسَّرت الأمور في بحث أكاديمي، ولن يكون قطعًا موضوع مقال؛ فالبون شاسع، والفكرة المتشعبة تفاصيلها في البحث أسهل وأفضل بالنسبة للمساحة المكتوبة عن الكتابة، وتدوينها في مقال عابر.
من دروس التاريخ أن أهم مظاهر انهيار الدول تتجلى في ارتخاء الدولة؛ مثل: سوء اختيار البطانة المحيطة بالحاكم، وضعف مستوى المستشارين، والتركيز على الهوامش، والتهاون في الأساسيات المهمة، وسوء اختيار رجال الدولة، وإبعاد الصديق وتهميشه، وتقريب العدو أو الأجنبي وإبرازه.
ومن قرأ تاريخ الدولة الأموية سيجد دروسًا سياسية مُهمة، ومن لا يتعلم من التاريخ سيقع في شر أعماله.
لنترك ما سبق ونتفرغ للشعر.. وهل هناك أجمل من أن تقرأ شعرا للشاعر الكويتي فائق عبدالجليل الذي استُشهِدَ إبان الغزو العراقي الغاشم للكويت. هذا الشاعر كان يمثل مرحلة مُهمة من تاريخ الشعر الكويتي، ورغم غيابه منذ أكثر من 33 عامًا، إلا أن كلماته ما تزال مُستقرة في القلوب، وما زال تأثير أشعاره ماثلًا في نفوس مُحبيه. كتب في ديوانه الشعري مقطوعة عن فلسطين، وقبل صفحة المقطوعة كتب: "كان بودي أن أضع في هذه المحاولة مجموعة من القصائد، عن الأرض المحتلة، لكنني أقف وفي فمي شلال من الصراحة".
الحروب اللي انتهت
كانت تجارب
علمتنا شلون لازم ننتصر
لما نحارب
عرفتنا بأصدقانا المخلصين
عرفتنا بأصدقانا المجرمين
فتحت باب الصراحة
في العيون العربية
ووضعت كل النقط
فوق الحروف الأبجدية!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مولوي من السعودية: مصمّمون على أن نخرج إلى لبنان الذي نريده وتريدونه
شارك وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي في أعمال "الدورة الاولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب" الذي استضافته المملكة العربية السعودية بدعوة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وألقى مولوي كلمة في الجلسة الافتتاحية قال فيها:
"جئتُ أؤكّدُ إعلان لبنان إلتزامه بالشرعية الدولية والشرعية العربية وشرعيته اللّبنانية وبالأمن والقانون، سبيلاً وحيداً لتكريسِ قوّته وبناءِ دولته وتحقيقِ نموه.
جئتُ أوكّدُ أن لبنان قوي بكم، قوي بمحبةِ ودعمِ أشقائه العرب.
نحن أبناء لبنان، سنَبني لبنان بالوحدةِ الوطنية وتضافر الجهود، ونتشاركُ جميعاً بإيجابية، يداً واحدة، بعيداً عن المؤشرات السلبية، بعيداً عن "الممانعةِ" وعن "المعارضة"، وهما شعاران لم يؤديا بلبنان إلى أيّ نتيجة، وأمعنا فيه تراجعاً على كلّ المستويات.
نحن مصمّمون على أن نخرجَ إلى لبنان الذي نريده وتريدونه، نفخر به وتفخرون به، فيكونَ حصناً لأبنائه وقوةً وسنداً لكم، سنداً للعرب يأخذ مكانته بينهم، يمنعُ عنهم الأذى والجريمة والمخدرات ولا يكون مأوىً أو منبراً لأيّ تجمّعٍ أو إجتماعٍ يضرُّ بهم أو يتناولُ إستقرارهم بما لا يرضي الله ولا يرضيهم، ويحمي مجتمعه ومجتمعاتهم والمجتمع العربي الواحد، أمناً وأماناً وتقدّماً".
وأضاف: "نجتمعُ في الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، في ظلّ عصرٍ رقميٍ غدا يعتمد على التقنيات الحديثة في الحكومةِ والحوكمةِ والمؤسسات.
نجتمع وقد أصبح الأمن السيبراني ضرورةً لتأمين أمن الدولةِ والأفرادِ وأمن الخدمات.
فتزايدت التحدّيات المتعلّقة بالمعلومات والبيانات. وقد قابلها توسّل الجريمةِ للعلم، فكانت الهجماتُ السيبرانية التي تستهدف الأنظمة والشبكات المعلوماتية في القطاعات الحيوية بدافع التجسّس والإرهاب الإلكتروني، وهو ما يهدّدُ الأمن القومي لدُوَلِنا، وأمن أفرادنا ومجتمعاتنا، وأمن العالم.
ولطالما قُلنا أن مكافحةَ الجريمةِ لا تكون إلاّ بالعلم، ولا يكون الأمن إلاّ بالعلمِ وبالإستثمارِ فيه.
ها نحن نجتمع لنتدارسَ ونتّخذ الخطوات في تعزيز حماية الأنظمةِ الإلكترونية والشبكات من التهديدات السيبرانية التي تهدّد أمن الدولة وعمل المؤسسات. ويكون مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب فرصةً حقيقيةً لتعزيز التعاون العربي وتوحيد المساعي وشدّ عرى أمننا العربي المشترك، فنطلِقَ المبادرات لدعمِ الجهودِ العربية والوطنية ونواكبُ تطوّر التقنيات ونتبادل الخبرات ونرفع مستوى الجهوزية لتقييم المخاطرِ ومعالجة الثغرات على كافة المستويات القانونية والتقنية والبشرية والمادية".
وقال مولوي: "لقد أولَت الدولة اللّبنانية موضوع الأمن السيبراني إهتماماً بالغاً. فأقرّ لبنان قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي رقم 81/2018. كما أطلقت الحكومة الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في العام 2019. وأكّد البيان الوزاري للحكومة على ضرورة تعزيز الإجراءات اللاّزمة لحماية الفضاء السيبراني اللّبناني والبنى التحتية المعلوماتية وحماية البيانات. ونحن نتطلّع عبر إنشاء الهيئة الوطنية إلى تعزيز الأمن السيبراني في مرافق الدولة وإتّخاذ إجراءات الأمان الأساسية وتركيب وسائل الحماية في قطاعات الدولة والإلتزام بمعايير الأمن الرقمي العالمية".
وختم: "لقد قامت وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التابعة لها بإجراء الإستقصاءات والتحقيقات الفنية في العديد من التهديدات والهجمات السيبرانية، وتوصّلت إلى تحديد مصدرها وإتّخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، بالإضافة إلى تنظيم حملات التوعية وبذل جهودٍ مستمرّة لتدريب الكوادر البشرية وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية المتخصّصة.
وقد ساهم ذلك في تحفيز القطاعات الحيوية وحماية البنى التحتية المعلوماتية والوقاية من المخاطر السيبرانية وتحقيق الأمان".