الاحتجاجات تعم توغو واتهامات للحكومة بتنفيذ انقلاب دستوري
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
لومي- في تطور سياسي مثير تشهده جمهورية توغو، قام البرلمان مؤخرا بتعديل الدستور محوِّلا النظام الحكومي من رئاسي إلى برلماني بأغلبية ساحقة. لكن هذا التغيير، الذي تم دون استشارة شعبية، أثار جدلا واسعا ورفضا من المعارضة، التي تضمنت أكاديميين ناشطين وصحفيين اعتبروا التعديل بمثابة "انقلاب دستوري".
واستجابة لهذا الاحتجاج، دعا الرئيس التوغولي فور غناسينغبي، البرلمان لإعادة قراءة الدستور، في خطوة شهدت تأجيلا وإعادة جدولة للانتخابات البرلمانية المقررة أصلا في 20 أبريل/نيسان الحالي إلى تاريخ 29 من نفس الشهر.
وعلى الرغم من الاعتقالات التي جرت في صفوف المعارضة، فإن الأخيرة أعلنت عن خطط لتنظيم احتجاجات كبيرة تحت شعارات مثل "بدون استشارتنا" و"لا تلمس دستورنا"، مما يشير إلى تصاعد التوترات في الساحة السياسية التوغولية.
التوتر ازداد بعد قيام الحكومة بسجن عدد من أعضاء تحالف المعارضة ورفضها السماح للمظاهرات المخطط لها (رويترز) الخلفية والتطوراتفي 25 مارس/آذار الماضي، صوتت الجمعية الوطنية في توغو بأغلبية ساحقة لصالح دستور جديد يغير نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني، وهو ما يُعتبر التحول الدستوري الأبرز منذ استفتاء عام 1992.
ويركز الدستور الجديد الذي تم تبنيه دون استفتاء شعبي أو مناقشات عامة واسعة، على السلطة السياسية داخل الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، مانحا إياهما سلطة انتخاب الرئيس لمدة 6 سنوات في جلسة مشتركة.
وشملت التعديلات الجديدة أيضا تعيين رئيس الوزراء لنفس المدة، من قبل الحزب أو التحالف الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية، وهو تغيير يَعِد بإعادة تشكيل الحياة السياسية الوطنية.
وردًّا على هذه التغييرات، تأسس ائتلاف الطوارئ من قبل 3 كيانات سياسية ومنظمات مجتمع مدني في 29 مارس/آذار، وخرج في مظاهرات للاحتجاج ضد ما وصفه بـ"الانقلاب الدستوري".
واشتد التوتر حين قامت الحكومة بسجن عدد من أعضاء التحالف، ورفضت السماح بالمظاهرات المخطط لها في 11 و12 و13 أبريل/نيسان الجاري، مما دفع الرئيس غناسينغبي إلى طلب إعادة قراءة الدستور من البرلمان، وتأجيل الانتخابات البرلمانية، في محاولة لتهدئة الأوضاع وإعادة النظر في التعديلات المقترحة.
الحكومة التوغولية اعتبرت قرار الرئيس فور غناسينغبي تأجيل الانتخابات استجابة لرغبات شعبه (رويترز) اعتراض على انقلابأعربت المعارضة في توغو، والممثلة بحزب لجنة العمل من أجل التجديد ( كار ) وحزب "دي إم كيه" (DMK) وحركة كيكيلي، وكذلك ائتلاف الطوارئ من أجل الجمهورية، عن رفضها القاطع للدستور الجديد.
ووجهت المعارضة انتقادات حادة للحكومة واتهمتها بتصعيد أعمال العنف بهدف فرض ما وصفته بـ"الانقلاب الدستوري" السادس على الشعب التوغولي، بعد آخر تعديل غير مرغوب فيه في 22 فبراير/شباط الماضي، متهمة الرئيس غناسينغبي بالتلاعب بالدستور لضمان بقائه في السلطة مدى الحياة، ليتولد من رحم هذا التكتل حراك "لا تلمس دستورنا".
وفي هذا السياق، قام 47 أكاديميا الثلاثاء الماضي، بمن فيهم وزير التعليم العالي السابق نيكوي بروهم، بتوقيع رسالة مفتوحة موجهة إلى الرئيس، أدانوا فيها الإجراء الذي أقدمت عليه الجمعية الوطنية، واعتبروا التعديل الدستوري بمثابة "انقلاب"، وطالبوا بإلغائه.
وقال البروفيسور كومي وولو، أستاذ القانون الخاص بجامعة لومي والعضو في ائتلاف الطوارئ من أجل الجمهورية، للجزيرة نت إنّ "التعديل الدستوري لا يُعتبر مقبولا سياسيا وهو غير قانوني أيضا"، مشيرا إلى أن المادة 59 من دستور 1992 المعدل في 2018 تنص على "أن انتخاب رئيس الجمهورية يجب أن يكون عبر اقتراع عام حر ومباشر وسري، ويمكن تعديل هذه المادة فقط عبر استفتاء".
وأضاف وولو أنه "لو كانت توغو دولة تحترم ذاتها، لكانت المحكمة الدستورية تدخلت لمنع هذه المهزلة وألغت التعديل الذي قامت به جمعية وطنية انتهت مهامها رسميا منذ ديسمبر/كانون الأول 2023".
أنصار الرئيس فور غناسينغبي يحتفلون بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في فبراير/شباط 2020 (رويترز) الرد الحكوميمن جانبها، تؤكد الحكومة أن "جميع خطواتها تهدف إلى تلبية رغبات الشعب"، وهو ما أوضحه وزير الإدارة الإقليمية هودابالو أواتي في خطاب تلفزيوني، حيث قال إن "الاهتمام الكبير الذي أبداه الشعب تجاه الدستور الجديد هو ما دفع الرئيس لإعادة إرسال مسودة الدستور إلى البرلمان لقراءتها ثانيةً".
وأشار الوزير إلى أن "الحكومة أوفدت خبراء لشرح المسودة في مجالس المحافظات والبلديات وحتى القرى النائية، مما يعكس التزامها باستشارة الشعب". وأضاف أن "رفض إعطاء تصاريح للاحتجاجات لم يكن اعتراضا على حق التظاهر السلمي، بل كان لأسباب اقتصادية وأمنية، فالمظاهرات كانت ستؤدي إلى تعطيل الدراسة وربما إلى تخريب منازل بعض النواب الذين صوتوا لصالح مشروع الدستور الجديد".
وأشار أواتي أيضا إلى أن "إعلان المعارضة المتأخر عن المظاهرة واختيار موقع التجمع الخطير بالقرب من المناطق الحساسة كالمواقع العسكرية والمناطق التجارية جعل الوضع أكثر تعقيدا".
وفي بيان آخر، ذكرت الحكومة أن الرئيس غناسينغبي أعاد جدولة موعد الانتخابات التشريعية لتُعقد في 29 أبريل/نيسان بناء على اعتراضات الشعب، "وهذا يدل على استجابة الرئيس لرغبات شعبه، وهو ما يعكس روح الديمقراطية".
بينما تعتبر المعارضة أن إجراء التصويت خلال أسبوعين بعد إلغاء الموعد الأصلي محاولة للتشويش على الحملات الانتخابية للمعارضة، وتقليل فرصها في تقديم بدائل قوية.
من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في توغو بتاريخ 29 أبريل/نيسان الحالي (شترستوك) الانتخابات التشريعيةوانطلقت اليوم السبت رسميا الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها بتاريخ 29 أبريل/نيسان. وفي هذا السياق، تخطط أحزاب المعارضة لتنظيم مظاهرات في شوارع لومي للاحتجاج على الدستور الجديد، وبالرغم من الحظر الحكومي، فإن عددا قليلا من النشطاء قد تحدوا هذا الحظر.
وقال رئيس الرابطة المدنية التوغولية ريتشارد لاكباسا لقناة الجزيرة "رغم قرار إجراء الانتخابات البرلمانية في 29 أبريل/نيسان، والتي تعطي الشعب -بالكاد- شهرا واحدا لاختيار ممثليه، فإن الشعب التوغولي مصمم على استخدام كل الوسائل الممكنة لضمان وصول نواب يمثلونه حقا إلى الجمعية الوطنية الجديدة، لوقف -ما يُعتبر- منح غناسينغبي الرئاسة مدى الحياة، حتى لو كان ذلك يعني اعتقالهم".
وأوضح لاكباسا أن "إستراتيجية غناسينغبي للبقاء في السلطة تتمثل في توليه منصب رئيس مجلس الوزراء، وهو منصب جديد -في الدستور الجديد- يتمتع بكامل الصلاحيات للحكم، ولا يحدد له مدة زمنية معينة، مما يتيح له الظهور كأنه قد تنازل عن السلطة، بينما يظل الحاكم الفعلي للبلاد".
وتابع بأن "هذه الإستراتيجية تتضمن أيضا تعيين امرأة كرئيسة جديدة للدولة، لتجنب الانتقادات وإظهار توغو كبلد يدعم المساواة بين الجنسين، في حين يظل هو القوة الحقيقية وراء الكواليس".
ودعا لاكباسا المجتمع الدولي "للضغط على الرئيس غناسينغبي للتخلي عن هذا الإصلاح الدستوري والتنحي فورا"، مشيرا إلى أن "الصمت الدولي يعد بمثابة تواطؤ".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الجمعیة الوطنیة الدستور الجدید أبریل نیسان إلى أن
إقرأ أيضاً:
القوى المعارضة لـحزب الله… إضعافه هدف كاف!
تستمر القوى السياسية اللبنانية في عملية تفاوض حثيثة وقاسية من أجل الوصول الى تشكيل حكومة جديدة بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية وتكليف القاضي نواف سلام لرئاسة للحكومة. وعليه فإنّ هذه القوى تسعى لتحسين واقعها وشروطها ومكاسبها في المرحلة المقبلة التي يمكن القول بأنها بدأت في الداخل اللبناني.لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة، ماذا ستحقق القوى السياسية في حال استطاعت ان تُحرز تقدّماً سياسياً على خصومها في الداخل اللبناني، وهل من الممكن فعلياً "تقريش" هذا التقدّم على المستويين الاقليمي أو الداخلي على المدى الطويل، سيّما وأن الحكومة الحالية لن يطول عمرها لأكثر من عام ونصف العام في حال تأليفها غداً.
الحكومة ليست معياراً للانتصار أو الخسارة، ورغم ذلك فإنّ القوى المُعارضة لحزب الله تعتقد أن تقدّمها داخل الحكومة وعزل "الحزب" أو إضعاف حصّته سيعني حتماً انعكاساً سياسياً مباشراً ومصلحة كاملة من التطورات الاقليمية، إذ إنّ هذه القوى لا يمكن لها الاستفادة من خسارة "حزب الله" الاقليمية والعسكرية الا في الواقع السياسي الداخلي.
في سياق متّصل فإنّ هذه القوى ستستفيد أيضاً على المدى الطويل، خصوصاً وأنها ستبني في المرحلة المقبلة تحالفات مع مختلف الطوائف اللبنانية وتبدأ بفتح معركتها في السّاحة الشيعية بهدف إضعاف "حزب الله" حتى وإن لم تنجح في ذلك الا أنّ تكتّلاتها قد تُفسح المجال أمامها للفوز في الانتخابات النيابية المقبلة والحفاظ على حضورها لاربع سنوات جديدة، وهذا الامر يبدو كافياً بالنسبة اليها في هذه المرحلة.
في المقابل فإنّ "حزب الله" لا يحتاج سوى الى تكريس حضوره الحالي، أي أنه ليس في وارد الطموح الى مستوى مرتفع جداً من التقدم السياسي، بل إنه بعد كل الضربات التي تلقّاها يبدو أن أقصى تطلّعاته هي الحفاظ على واقعه السياسي الحالي، وهذا بحدّ ذاته سيُعدّ انتصارًا يساهم في تعزيز قوّته بعد إعادة ترميمها وبدء مرحلة جديدة من أجل الوصول الى استعادة كامل قوّته السياسية ونفوذه في الداخل اللبناني.
المصدر: خاص لبنان24