كنت قد كتبت من قبل أني مطمئن تماماً لقيادة الجيش الحالية وأن تهاوي التكتلات المليشاوية آتٍ لا محاله وما هي إلا مسألة وقت ليس إلا وستتحرر الخرطوم تدريجياً.
لم أكتب ذلك لرفع المعنويات أو من باب التفاؤل إنما هي حقيقة لا بد أن نقر بها … ولكي يتضح لك ذلك تأمل في هذه النقاط التالية :

1- المليشيا منذ بدأت الحرب إلى الآن فشلت داخل العاصمة في احتلال موقعٍ عسكريٍ استراتيجيٍ واحدٍ ، فلا القيادة العامة للجيش ولا سلاح المدرعات ولا سلاح الإشارة ولا سلاح المهندسين ولا قاعدة وادي سيدنا الجوية ولا كرري والكلية الحربية استطاعت المليشيا أن تحتلهم ، وجميع المواقع العسكرية أو الدستورية التي هي بها إما أنها عبارة عن معسكرات أو مواقع كانوا فيها أصلاً أو كلفوا بحمايتها ، ولم تنجح المليشيا إلا في مراكز ومواقع عسكرية هامشية وليست ذا بعد استراتيجي .

. وهذا دليل قاطع على التفوق العسكري للجيش.
2- بحسب مصادر قيادية في الجيش فجميع المواقع والأحياء والمناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع في الخرطوم لم يحررها الجيش إلى الآن ببساطة لأن حرب المدن هي عبارة عن حرب عصابات وليست جيوش، ومن الطبيعي في العمليات العسكرية أن تأخذ زمناً للتحرير لأن التقدم البري يعرضك في حرب المدن لخسائر كبيرة بسبب الكمائن والقناصين والتخندق داخل المنازل وسهولة الالتفاف ، إنما يكون التعامل العسكري معها فقط بسياسة المحاصرة و الإستنزاف وقطع الإمداد ومن ثم لوحدهم سيخرجوا هاربين وعندها يتم التعامل العسكري معهم (وهذا ما حدث في تحرير الإذاعة بالضبط ) وهذا ما يحدث في جميع مناطق سيطرة المليشيا لو تأملنا في خارطة الانتشار والسيطرة، فالمسألة ليست إلا مسألة وقت فقط.
3- ما حدث في مدني ونيالا يعده البعض تكتيك إستراتيجي لسحب القوات وتشتيتها (سياسة شد الأطراف) وكذلك أيضاً لأن محاصرة المليشيا في مدني أسهل بكثير من محاصرتها في الخرطوم.

4- قيادات الجيش ليسوا وحدهم في إدارة الأزمة ، وجهاز المخابرات في أفضل ما يكون ، وبلاشك الخطط التي تضعها غرفة التخطيط المرتبطة بالقيادة الأمنية للبلاد تعتمد على الأبعاد السياسية والقراءات الأمنية ، هذا ما يفسر لنا لماذا لم يستهدف طيران الجيش أماكن تواجد قيادة المليشيا مع ترصده التام لها ولتحركاتها، وهذا لأن النصر والهزيمة لها حسابات وقراءات سياسية وأمنية وكل عملية عسكرية أو سياسية لها وقتها المناسب لها وكل يومٍ يخسر العدو وحليفهم السياسي سياسياً وإعلامياً وشعبياً ما لا يستطيع تعويضه بكسبٍ أخر.

المقداد خالد

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

كثيرون توقعوا أن الجيش سيفاوض بعد تحرير الخرطوم لأنه أصبح في وضع أقوى

باستعادة الخرطوم استعدنا مركز ثقل الدولة بكل ما يعنيه ذلك.
إستعادة المركز تعني استعادة التوازن والتفكير بمنطق الدولة.
الأوضاع تغيرت؛ لم يعد البرهان محاصرا داخل القيادة العامة ولا القيادة العامة نفسها محاصرة. لقد عادت العاصمة وعادت الدولة.

وعليه، لم يعد هناك ما نخشاه، وأصبحت أمامنا خيارات عديدة لم تكن متوفرة في بداية الحرب.
كثيرون توقعوا أن الجيش سيفاوض بعد تحرير الخرطوم لأنه أصبح في وضع أقوى، ولكن الجيش لم يتوقف ولا ينوي أن يتوقف عند الخرطوم ويبدو أنه سيواصل الزحف إلى دارفور. وما دام قادرا على دحر المليشيا بقوة السلاح فلن يتوقف ليمنحها اتفاق مجاني. هذا بديهي. سيستمر الجيش في التقدم ويستنفد كل وسعه، ومع كل تقدم تصبح المليشيا في وضع أضعف. الموقف المطروح الآن للتفاوض هو استسلام المليشيا وتجميع قواتها في معسكرات وتسليم الأسلحة الثقيلة، وهو موقف يدعمه وضع الجيش وتقدمه على الأرض.

ولكن مع استمرار الحرب، ومع كل ما ذكر عن استعادة ثقل الدولة، فلم يعد هناك ما يمنع أو يضير من استخدام الدولة للأدوات السياسية لإجبار المليشيا على الإلتزام بقواعد الحرب وحماية المدنيين. هذه مسئولية الدولة ويجب عليها القيام بذلك، ويمكنها العمل مع الوسطاء وإبداء المرونة اللازمة من أجل تحقيق الحماية للمدنيين وأيضا للمرافق والمنشآت المدنية. هنا توجد مساحة يجب استغلالها.

والأوضاع الآن تسمعح بهذا. ولم تعد هناك خشية من استفادة المليشيا بشكل كبير من التنسيق في الأمور الإنسانية لتحقيق مكسب سياسي أو عسكري كما في السابق.
على الحكومة أن تسعى في هذا الاتجاه.


حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني و”الدعم السريع”
  • بعد عامين من الحرب .. تفاصيل سيطرة الجيش السوداني على الخرطوم؟
  • كثيرون توقعوا أن الجيش سيفاوض بعد تحرير الخرطوم لأنه أصبح في وضع أقوى
  • بوابة الخرطوم الغربية في قبضة الجيش السوداني
  • مناوي: الخرطوم كانت محاصرة والآن هي حرة .. الجزيرة كانت محاصرة والآن هي حرة
  • إعلام عبري: حالة العصيان في صفوف الجيش الإسرائيلي أعمق مما يُعلن بكثير
  • رئيس هيئة الأركان ومسؤول الارتباط في الجيش اللبناني يبحثان تعزيز التنسيق العسكري بين البلدين
  • عامان من القتال.. كيف استعاد الجيش السوداني السيطرة على الخرطوم؟
  • نائب رئيس حزب الامة القومي: الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان
  • المليشيا تستهدف مطار الخرطوم بمسيرة ولا أنباء عن وقوع أضرار أو إصابات