الجزيرة:
2025-02-23@18:05:40 GMT

مصير النفط السوري بعد 13 عاما من الصراع

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

مصير النفط السوري بعد 13 عاما من الصراع

تصنف سوريا ضمن الدول المحدودة المساهمة في الطاقة على مستوى العالم، وبالرغم من ذلك فإن الثروة النفطة فيها شكلت موردا مهما للسلطة قبل الثورة، وساحة خطيرة للصراع بعدها.

لا يكاد الإنتاج السوري من النفط -في ذروته- يشكل 0.05% من الإنتاج العالمي، بطاقة لا تتعدى 400 ألف برميل يوميا، كان يخصص أكثر من نصفها للاستهلاك المحلي، وهو إنتاج منخفض بالمقارنة مع دول جارة غنية بالنفط مثل العراق الذي ينتج يوميا قرابة 4.

3 ملايين برميل.

ورغم محدودية الثروة النفطية السورية، فإنها أسهمت في توفير مورد مهم للسلطة. لكنّ اندلاع القتال في البلاد وتبدل خرائط السيطرة تدريجيا، أفقد النظام السوري هذا المورد، وجعله هدفا للفصائل التي تداولت السيطرة عليه والاستفادة منه، حتى بات رافدا أساسيا لها، وعنصرا مؤثرا في تحالفاتها، فضلا عن كونه ساحة واسعة للاتهامات السياسية، خصوصا بسبب الأدوار التي يلعبها التحالف الغربي في المعارك والصراعات التي تدور حول حقول النفط في سوريا.

وبعد 13 عاما من الثورة السورية، واشتعال ساحات الصراع في البلاد، وتعاقب القوى المسيطرة على حقول النفط، وتعدد العقوبات الأميركية والعالمية على الاقتصاد السوري، يظل السؤال المهم مطروحا: من المستفيد من النفط السوري؟

قبل 2011 وبعده

في مطلع 2011، وقبيل اندلاع الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات المناهضة للنظام، كشف وزير النفط آنذاك سفيان العلاو أن إنتاج سوريا خلال عام 2010 بلغ ما يقارب 141 مليون برميل من النفط، بمعدل يومي يصل إلى 386 ألف برميل، وبزيادة قدرها 9407 براميل يوميا مقارنة مع عام 2009.

يعتبر حقل السويدية بمحافظة الحسكة أكبر حقول النفط السورية، وكان إنتاجه قبل عام 2011 يبلغ 116 ألف برميل يوميا. ويأتي بعده في الترتيب حقل رميلان في المحافظة ذاتها بطاقة إنتاجية وصلت إلى 90 ألف برميل يوميا. وفي المرتبة الثالثة حقل العمر في محافظة دير الزور بإنتاج يومي يبلغ 80 ألف برميل. ثم حقل التيم وحقل الورد في دير الزور وينتجان مجتمعين 100 ألف برميل يوميا مناصفة بينهما.

وغالبا ما كان يُتهم النظام السوري بتعمد إخفاء البيانات الحقيقية لإنتاج النفط، إذ أشارت بعض الدراسات -ومن بينها دراسة صادرة عن موقع بريتش بتروليوم- أن إنتاج النفط السوري ارتفع بين عامي 1995 و2004 إلى 600 ألف برميل يوميا، ثم تراجع إلى 401 ألف برميل عام 2009، وإلى 386 ألف برميل عام 2010، وهذا هو الإنتاج الذي اعترف به النظام رسميا في تصريحات العلاو.

وقد تحدثت نشرة "إيكونوميست إنتليجنس يونيت" عن أن غالبية الكمية التي كانت تنتجها سوريا قبل عام 2011 لا يتم تسجيلها في منظمة أوبك، نظرا لأنها تباع في السوق السوداء بسعر 85 دولارا للبرميل، في وقت كان فيه سعر البرميل في أوبك وقتها يصل إلى 110 دولارات.

مع تغير الجهات المسيطرة على آبار النفط في سوريا انتشرت عمليات التكرير البدائية (الجزيرة-أرشيف) حقول كشفها الصراع

مثل كل الصراعات في العالم، سعت الأطراف المتصارعة في سوريا للاستحواذ على الموارد والسيطرة على الثورة النفطية، بهدف توظيف عائدها في المجهود الحربي وتعزيز النفوذ.

ومنذ عام 2012، بدأ النظام السوري يخسر حقول النفط وآباره تباعا، وظهرت أسماء حقول وآبار لم يكن قد صرّح بها مسبقا، وقد تداولت فصائل المعارضة السورية وتنظيم الدولة الإسلامية السيطرة على المواقع النفطية في سوريا التي يقع غالبها شمال شرق البلاد.

وفي مطلع 2014، تحدثت التصريحات الصادرة عن وزير النفط السوري سليمان العباس عن انخفاض إنتاج النفط إلى 4% فقط، إذ وصل إلى 14 ألف برميل يوميا من أصل 386 ألفا، كما أكدت إحصائية صدرت عن النظام السوري منتصف عام 2021 أن خسائر قطاع النفط في الفترة الممتدة من مارس/آذار 2011 حتى نهاية عام 2020 بلغت 93 مليار دولار.

في نهاية المطاف، آلت السيطرة على غالبية حقول النفط في البلاد لصالح قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المكونة في غالبها من مقاتلين أكراد مدعومين من التحالف الدولي، بعد أن شنّت عمليات مدعومة من التحالف لاستعادة شمال شرق سوريا الغني بحقول وآبار النفط من سيطرة تنظيم الدولة اعتبارا من سبتمبر/أيلول 2014، إلى أواخر عام 2019 حين تمكنت قوات قسد المدعومة من التحالف من دخول الباغوز في دير الزور آخر المواقع الجغرافية التي كانت يسيطر عليها التنظيم.

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على أكبر 3 حقول نفطية في سوريا، وهي: السويدية ورميلان والعمر، فضلا عن قرابة 10 حقول أخرى

أين يتم تصريف النفط السوري الآن؟

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على أكبر 3 حقول نفطية في سوريا، وهي: السويدية ورميلان والعمر، فضلا عن قرابة 10 حقول أخرى تتوزع بين محافظتي الحسكة ودير الزور، أبرزها حقل التنك وحقل الجفرة وحقل كونيكو الذي ينتج النفط والغاز معا.

وبحسب مصادر خاصة تحدثت للجزيرة نت، فإن إنتاج الحقول الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية مجتمعة يبلغ قرابة 28 ألف برميل يوميا، يتم بيعها إلى 3 جهات:

الأولى هي النظام السوري الذي يُباع له النفط بأسعار رمزية تتراوح بين 25 و30 دولارا للبرميل الواحد، ويتم إرسال شحنات النفط إليه من خلال وسطاء أبرزهم شركة القاطرجي، عن طريق معبر تقيمه قوات سوريا الديمقراطية في ريف الرقة الغربي، أو من خلال معابر تهريب نهرية في بلدتي ذبيان والشحيل بدير الزور. كما تبيع قوات سوريا الديمقراطية النفط أيضا -عن طريق وسطاء- لمناطق سيطرة المعارضة السورية بسعر يصل إلى 50 دولارا للبرميل، وذلك من خلال المعبر الذي يفصل مناطقها عن مناطق المعارضة في جرابلس، حيث يتم تكريره بشكل بدائي في مصافٍ بسيطة في بلدة ترحين قرب جرابلس. كما ترسل قوات سوريا الديمقراطية جزءا من النفط إلى حلفائها في شمال العراق، سواء القوات التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أو وحدات مقاومة سنجار.

في المقابل، يسيطر النظام السوري على عدة حقول أبرزها التيم والورد والشولا والشميطية، بالإضافة إلى محطتي المهاش والخراطة النفطيتين، وتبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية لهذه الحقول مجتمعة 18 ألف برميل يوميا، يتم تكرارها في مصفاة بانياس للنفط.

يعتبر إنتاج النفط في الحقول التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية محدودا بالنظر إلى حجم الاحتياطي في هذه الحقول، حيث يتأثر الإنتاج بعدم توفر القدرة على صيانة بنية الحقول التحتية، وتعرّضها من حين لآخر لاستهداف مباشر من قبل الجانب التركي الذي يتعامل مع حقول النفط الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية على أنها مصدر تمويل للجماعة التي تصنفها أنقرة في قوائم الإرهاب.

وكانت آخر سلسلة هجمات تركية على المنشآت النفطية شمال شرق سوريا في الفترة الممتدة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى يناير/كانون الثاني 2024.

يمكن القول إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على الوسطاء الذين يساهمون في عمليات بيع وشراء النفط السوري كانت ذات أثر محدود، نظرا لأن عمليات البيع والشراء هذه تتم في السوق السوداء، أو ضمن ما يعرف بـ"اقتصاد الحرب"، كما أن الاتفاق الذي يحصل بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري لبيع النفط بأسعار قليلة تم دون اعتراض الجانب الأميركي صاحب التأثير الأكبر على قرار "قسد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات من النفط النفط فی

إقرأ أيضاً:

سوريا تفتتح بئر غاز جديد في حمص لتعزيز إنتاج الطاقة

افتتحت وزارة النفط السورية، الخميس، بئر الغاز الجديد "تياس 5" في ريف حمص، بطاقة إنتاجية تبلغ 130 ألف متر مكعب يوميًا، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية "سانا".

ربط البئر الجديد بالشبكة الوطنية

البئر الجديد يتبع "الشركة السورية للنفط" وتم ربطه بالشبكة الغازية الوطنية، مما يساهم في تعزيز إمدادات محطات توليد الكهرباء، وبالتالي تلبية احتياجات المواطنين من الطاقة.

تأتي هذه الخطوة في إطار جهود الإدارة السورية الجديدة لتأمين إمدادات مستقرة من الطاقة، ومنع أي خلل قد يعرقل عملية التنمية في البلاد.

واقع إنتاج الغاز والنفط في سوريا احتياطيات الغاز المؤكدة في سوريا بلغت نحو 8.5 تريليونات قدم مكعب وفق بيانات عام 2015. الإنتاج اليومي من الغاز غير المصاحب للنفط يقدر بحوالي 250 مليون متر مكعب، ما يمثل 58 بالمئة من إجمالي إنتاج الغاز في البلاد. الغاز المصاحب للنفط يشكل 28 بالمئة من الإنتاج، ويتركز بشكل أساسي في شرق الفرات. تراجع إنتاج النفط السوري في عام 2010، كان النفط يشكل 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي السوري، ويمثل 50 بالمئة من إيرادات الدولة ونصف صادراتها. كانت سوريا تنتج 390 ألف برميل نفط يوميًا قبل الأزمة، لكن الإنتاج تراجع بشكل حاد ليصل في 2023 إلى 40 ألف برميل يوميًا فقط. يتركز إنتاج النفط في شمال شرق سوريا (الحسكة)، والشرق على امتداد نهر الفرات حتى الحدود العراقية، مع وجود حقول صغيرة في جنوب الرقة، بينما تتركز الموارد الغازية في المناطق الممتدة حتى تدمر وسط البلاد.

تحولات سياسية بعد سقوط النظام

في 8 ديسمبر 2024، بسطت الفصائل السورية سيطرتها على دمشق بعد استعادتها عدة مدن، منهية 61 عامًا من حكم حزب البعث و53 عامًا من حكم عائلة الأسد.

وفي 29 يناير 2025، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين أحمد الشرع رئيسًا للمرحلة الانتقالية، إلى جانب حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق، وإلغاء مجلس الشعب وحزب البعث، إضافة إلى إلغاء العمل بالدستور السابق.

ويأتي افتتاح بئر الغاز الجديد في حمص كجزء من جهود الإدارة الانتقالية لإعادة بناء البنية التحتية لقطاع الطاقة، الذي يعد أساسيًا لتعافي الاقتصاد السوري بعد سنوات من الحرب وعدم الاستقرار.

مقالات مشابهة

  • ليبيا: إنتاج مليون و404 آلاف برميل نفط خام خلال 24 ساعة
  • دمشق تعلن بدء تشغيل النفط من حقول شمال شرقي سوريا
  • مسؤول العلاقات العامة في وزارة النفط والثروة المعدنية الأستاذ أحمد السليمان في تصريح لـ سانا: تؤكد وزارة النفط والثروة المعدنية أن استئناف استجرار النفط والغاز الطبيعي من شمال شرق سوريا جاء وفق عقد كان معمولاً به سابقاً، وقد تم دراسته قانونياً وإجراء التع
  • بطاقة 600 برميل يومياً.. إعادة العمل بـ«حقل الصباح النفطي» بعد توقف دام عشر سنوات
  • رويترز: بدء توريد النفط من شمال شرق سوريا نحو دمشق
  • النفط السوري… رحلة 90 عاما من الاكتشاف إلى الأزمة
  • سوريا تفتتح بئر غاز جديد في حمص لتعزيز إنتاج الطاقة
  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • تقرير أممي: 800 مليار دولار خسارة الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب
  • الأمم المتحدة عن اقتصاد سوريا: قد يستغرق 50 عاماً ليتعافى