الجزيرة:
2025-03-18@12:19:18 GMT

مصير النفط السوري بعد 13 عاما من الصراع

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

مصير النفط السوري بعد 13 عاما من الصراع

تصنف سوريا ضمن الدول المحدودة المساهمة في الطاقة على مستوى العالم، وبالرغم من ذلك فإن الثروة النفطة فيها شكلت موردا مهما للسلطة قبل الثورة، وساحة خطيرة للصراع بعدها.

لا يكاد الإنتاج السوري من النفط -في ذروته- يشكل 0.05% من الإنتاج العالمي، بطاقة لا تتعدى 400 ألف برميل يوميا، كان يخصص أكثر من نصفها للاستهلاك المحلي، وهو إنتاج منخفض بالمقارنة مع دول جارة غنية بالنفط مثل العراق الذي ينتج يوميا قرابة 4.

3 ملايين برميل.

ورغم محدودية الثروة النفطية السورية، فإنها أسهمت في توفير مورد مهم للسلطة. لكنّ اندلاع القتال في البلاد وتبدل خرائط السيطرة تدريجيا، أفقد النظام السوري هذا المورد، وجعله هدفا للفصائل التي تداولت السيطرة عليه والاستفادة منه، حتى بات رافدا أساسيا لها، وعنصرا مؤثرا في تحالفاتها، فضلا عن كونه ساحة واسعة للاتهامات السياسية، خصوصا بسبب الأدوار التي يلعبها التحالف الغربي في المعارك والصراعات التي تدور حول حقول النفط في سوريا.

وبعد 13 عاما من الثورة السورية، واشتعال ساحات الصراع في البلاد، وتعاقب القوى المسيطرة على حقول النفط، وتعدد العقوبات الأميركية والعالمية على الاقتصاد السوري، يظل السؤال المهم مطروحا: من المستفيد من النفط السوري؟

قبل 2011 وبعده

في مطلع 2011، وقبيل اندلاع الاحتجاجات الشعبية والمظاهرات المناهضة للنظام، كشف وزير النفط آنذاك سفيان العلاو أن إنتاج سوريا خلال عام 2010 بلغ ما يقارب 141 مليون برميل من النفط، بمعدل يومي يصل إلى 386 ألف برميل، وبزيادة قدرها 9407 براميل يوميا مقارنة مع عام 2009.

يعتبر حقل السويدية بمحافظة الحسكة أكبر حقول النفط السورية، وكان إنتاجه قبل عام 2011 يبلغ 116 ألف برميل يوميا. ويأتي بعده في الترتيب حقل رميلان في المحافظة ذاتها بطاقة إنتاجية وصلت إلى 90 ألف برميل يوميا. وفي المرتبة الثالثة حقل العمر في محافظة دير الزور بإنتاج يومي يبلغ 80 ألف برميل. ثم حقل التيم وحقل الورد في دير الزور وينتجان مجتمعين 100 ألف برميل يوميا مناصفة بينهما.

وغالبا ما كان يُتهم النظام السوري بتعمد إخفاء البيانات الحقيقية لإنتاج النفط، إذ أشارت بعض الدراسات -ومن بينها دراسة صادرة عن موقع بريتش بتروليوم- أن إنتاج النفط السوري ارتفع بين عامي 1995 و2004 إلى 600 ألف برميل يوميا، ثم تراجع إلى 401 ألف برميل عام 2009، وإلى 386 ألف برميل عام 2010، وهذا هو الإنتاج الذي اعترف به النظام رسميا في تصريحات العلاو.

وقد تحدثت نشرة "إيكونوميست إنتليجنس يونيت" عن أن غالبية الكمية التي كانت تنتجها سوريا قبل عام 2011 لا يتم تسجيلها في منظمة أوبك، نظرا لأنها تباع في السوق السوداء بسعر 85 دولارا للبرميل، في وقت كان فيه سعر البرميل في أوبك وقتها يصل إلى 110 دولارات.

مع تغير الجهات المسيطرة على آبار النفط في سوريا انتشرت عمليات التكرير البدائية (الجزيرة-أرشيف) حقول كشفها الصراع

مثل كل الصراعات في العالم، سعت الأطراف المتصارعة في سوريا للاستحواذ على الموارد والسيطرة على الثورة النفطية، بهدف توظيف عائدها في المجهود الحربي وتعزيز النفوذ.

ومنذ عام 2012، بدأ النظام السوري يخسر حقول النفط وآباره تباعا، وظهرت أسماء حقول وآبار لم يكن قد صرّح بها مسبقا، وقد تداولت فصائل المعارضة السورية وتنظيم الدولة الإسلامية السيطرة على المواقع النفطية في سوريا التي يقع غالبها شمال شرق البلاد.

وفي مطلع 2014، تحدثت التصريحات الصادرة عن وزير النفط السوري سليمان العباس عن انخفاض إنتاج النفط إلى 4% فقط، إذ وصل إلى 14 ألف برميل يوميا من أصل 386 ألفا، كما أكدت إحصائية صدرت عن النظام السوري منتصف عام 2021 أن خسائر قطاع النفط في الفترة الممتدة من مارس/آذار 2011 حتى نهاية عام 2020 بلغت 93 مليار دولار.

في نهاية المطاف، آلت السيطرة على غالبية حقول النفط في البلاد لصالح قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المكونة في غالبها من مقاتلين أكراد مدعومين من التحالف الدولي، بعد أن شنّت عمليات مدعومة من التحالف لاستعادة شمال شرق سوريا الغني بحقول وآبار النفط من سيطرة تنظيم الدولة اعتبارا من سبتمبر/أيلول 2014، إلى أواخر عام 2019 حين تمكنت قوات قسد المدعومة من التحالف من دخول الباغوز في دير الزور آخر المواقع الجغرافية التي كانت يسيطر عليها التنظيم.

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على أكبر 3 حقول نفطية في سوريا، وهي: السويدية ورميلان والعمر، فضلا عن قرابة 10 حقول أخرى

أين يتم تصريف النفط السوري الآن؟

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على أكبر 3 حقول نفطية في سوريا، وهي: السويدية ورميلان والعمر، فضلا عن قرابة 10 حقول أخرى تتوزع بين محافظتي الحسكة ودير الزور، أبرزها حقل التنك وحقل الجفرة وحقل كونيكو الذي ينتج النفط والغاز معا.

وبحسب مصادر خاصة تحدثت للجزيرة نت، فإن إنتاج الحقول الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية مجتمعة يبلغ قرابة 28 ألف برميل يوميا، يتم بيعها إلى 3 جهات:

الأولى هي النظام السوري الذي يُباع له النفط بأسعار رمزية تتراوح بين 25 و30 دولارا للبرميل الواحد، ويتم إرسال شحنات النفط إليه من خلال وسطاء أبرزهم شركة القاطرجي، عن طريق معبر تقيمه قوات سوريا الديمقراطية في ريف الرقة الغربي، أو من خلال معابر تهريب نهرية في بلدتي ذبيان والشحيل بدير الزور. كما تبيع قوات سوريا الديمقراطية النفط أيضا -عن طريق وسطاء- لمناطق سيطرة المعارضة السورية بسعر يصل إلى 50 دولارا للبرميل، وذلك من خلال المعبر الذي يفصل مناطقها عن مناطق المعارضة في جرابلس، حيث يتم تكريره بشكل بدائي في مصافٍ بسيطة في بلدة ترحين قرب جرابلس. كما ترسل قوات سوريا الديمقراطية جزءا من النفط إلى حلفائها في شمال العراق، سواء القوات التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أو وحدات مقاومة سنجار.

في المقابل، يسيطر النظام السوري على عدة حقول أبرزها التيم والورد والشولا والشميطية، بالإضافة إلى محطتي المهاش والخراطة النفطيتين، وتبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية لهذه الحقول مجتمعة 18 ألف برميل يوميا، يتم تكرارها في مصفاة بانياس للنفط.

يعتبر إنتاج النفط في الحقول التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية محدودا بالنظر إلى حجم الاحتياطي في هذه الحقول، حيث يتأثر الإنتاج بعدم توفر القدرة على صيانة بنية الحقول التحتية، وتعرّضها من حين لآخر لاستهداف مباشر من قبل الجانب التركي الذي يتعامل مع حقول النفط الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية على أنها مصدر تمويل للجماعة التي تصنفها أنقرة في قوائم الإرهاب.

وكانت آخر سلسلة هجمات تركية على المنشآت النفطية شمال شرق سوريا في الفترة الممتدة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى يناير/كانون الثاني 2024.

يمكن القول إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على الوسطاء الذين يساهمون في عمليات بيع وشراء النفط السوري كانت ذات أثر محدود، نظرا لأن عمليات البيع والشراء هذه تتم في السوق السوداء، أو ضمن ما يعرف بـ"اقتصاد الحرب"، كما أن الاتفاق الذي يحصل بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري لبيع النفط بأسعار قليلة تم دون اعتراض الجانب الأميركي صاحب التأثير الأكبر على قرار "قسد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات من النفط النفط فی

إقرأ أيضاً:

الجزيرة في سوريا.. فيلم يحكي قصة 14 عاما للشبكة ويستذكر شهداءها

تمر الذكرى الرابعة عشرة للثورة السورية، والأولى بعد تحرير كامل البلاد من نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وخلال هذه السنوات واكبت قناة الجزيرة مجريات الثورة وتحولاتها المفصلية مقدمةً تغطية استثنائية دفعت ثمنها باستشهاد 7 من صحفييها ومصوريها، فضلا عن إصابة آخرين.

ويوثق الفيلم "الجزيرة.. في سوريا" هذه الرحلة الصحفية، مستعرضا الأحداث التي غيرت ملامح البلاد، ومُستذكرا الصحفيين الذين فقدوا حياتهم في سبيل نقل الحقيقة.

والفيلم الذي أعده الصحفي محمود الكن وقدّمته الإعلامية خديجة بن قنة، يأخذ المشاهدين في رحلة عبر الزمن ليعيد رسم المشهد السوري منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس/آذار 2011 وحتى اللحظة الراهنة.

ومع بداية الثورة، كانت الجزيرة في قلب الحدث ناقلةً المظاهرات الحاشدة التي اجتاحت المدن السورية، من درعا إلى دمشق وحمص وحلب، حيث وثّقت صرخات المحتجين المطالبين بالحرية والكرامة.

ومع تصاعد وتيرة القمع، تحولت التغطية من رصد المظاهرات إلى توثيق المواجهات العنيفة، وكان مراسلو القناة في الميدان يرسلون تقاريرهم وسط مخاطر جسيمة.

وحيث كانت درعا مهد الثورة، استشهد المراسل محمد المسالمة (الحوراني) برصاص قناص من قوات النظام أثناء تغطيته المعارك.

إعلان

وفي ريف دمشق، خسر المنتج حسين عباس حياته عندما سقطت قذيفة على سيارته ليكون أحد أبرز ضحايا العمل الصحفي في البلاد.

كذلك، استشهد المصور محمد الأصفر أثناء تغطيته الاشتباكات في درعا، في حين نجا زميله محمد نور رغم إصابته بطلق ناري في قدمه.

الجزيرة كانت هناك

وفي حمص، إحدى أبرز مدن الثورة، وثّقت كاميرات الجزيرة الحصار والتجويع والدمار الذي عاناه سكانها، حيث قتل في سهل الحولة أكثر من 100 شخص في مجزرة مروعة، كان للجزيرة دور بارز في كشف فصول هذه المأساة، كما استشهد المصور زكريا إبراهيم أثناء تغطيته الأحداث هناك.

أما حلب، المدينة التي شهدت أقسى فصول الحرب حيث كانت مسرحا لتضحيات أخرى، فقد خسر مصور الجزيرة مباشر إبراهيم العمر حياته أثناء توجهه لتغطية المعارك، كما أصيب مراسلو القناة، وبينهم عمر خشرم وميلاد فضل وصلاح العلي وعمرو حلبي، خلال توثيقهم الدمار والمعارك التي اجتاحت المدينة.

ولم يكن العمل الصحفي في سوريا مجرد نقل للأحداث، بل كان شهادة على حجم المأساة، كما لم يكن مراسلو الجزيرة مجرد ناقلين للخبر، بل عاشوا لحظاته القاسية، وعانوا من المخاطر ذاتها التي تعرض لها السوريون.

وفي الغوطة الشرقية، حيث استخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية، أصيب الصحفي محمد نور عدة مرات بالغازات السامة، مؤكدا أن نقل الحقيقة لم يكن خيارا، بل واجبا مهنيا وأخلاقيا.

تحديات جديدة

وفي مناطق أخرى، مثل إدلب ودير الزور والرقة، استمرت الجزيرة في تغطية المعارك والتطورات السياسية والميدانية، ومع كل مرحلة، كانت القناة تواجه تحديات جديدة، من قصف مكاتبها إلى استهداف صحفييها، لكن ذلك لم يوقفها عن أداء رسالتها الإعلامية.

وبعد أكثر من عقد على اندلاع الثورة، عاد فريق الجزيرة إلى شوارع دمشق، التي كانت محظورة عليهم بسبب قرار النظام السابق بإغلاق مكاتب القناة. هذه العودة ترمز إلى نهاية حقبة طويلة من الحظر، وإلى بداية جديدة في تغطية الشأن السوري من قلب العاصمة.

إعلان

ولم يقتصر الفيلم على توثيق مسيرة الجزيرة في سوريا، بل طرح تساؤلات أعمق عن مستقبل البلاد بعد سنوات من الصراع، وأعاد إحياء ذكرى الصحفيين الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل إيصال الحقيقة، وسلط الضوء على دور الإعلام في النزاعات، والتحديات التي يواجهها الصحفيون في مناطق الصراع، حيث تبقى الحقيقة أغلى الأثمان.

مقالات مشابهة

  • حوارٌ بلغة الحديد والنار.. قتلى وقصف على الحدود بين سوريا ولبنان أي مصير ينتظر المنطقة؟
  • الأردن يعلن فتح معبر حدودي مع سوريا على مدار 24 ساعة
  • قوات الإدارة الموالية لتركيا تقطع الإنترنت والاتصالات عن مناطق الساحل السوري
  • الزبيدي يهاجم المكونات الحضرمية ويعترف أن الصراع حول "النفط والنفوذ"
  • سوريا.. مطالبات بالكشف عن مصير المفقودين خلال الحرب
  • دفع العمل لاستكشافات حقول النفط.. توجيهات رئاسية جديدة للحكومة
  • العراق: 5ملايين برميل من صادرات النفط إلى أمريكا
  • خلال شهر .. 5 ملايين برميل من النفط صادرات العراق لأمريكا
  • الأمم المتحدة: سوريا تدخل مرحلة جديدة بعد 14 عامًا من الصراع
  • الجزيرة في سوريا.. فيلم يحكي قصة 14 عاما للشبكة ويستذكر شهداءها