ناشطة نسوية: ماذا فعلت 20 سنة من حظر الحجاب لفرنسا؟
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للصحفية رقية ديالو قالت فيه إنها قررت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، الالتزام بالحركة النسوية، لذلك انضممت إلى مجموعة حملات نسوية، مقتنعة بأنني وجدت منظمة تدافع عن حقوق كل امرأة على قدم المساواة. في ذلك الوقت، كانت المناقشة الوطنية محتدمة: فباسم العلمانية كانت فرنسا تشكك في حق التلميذات المسلمات في ارتداء غطاء الرأس في المدارس الحكومية العلمانية.
وفي آذار/ مارس 2004، وبعد أشهر من النقاش، صوت البرلمان الفرنسي لصالح حظر الحجاب في المدارس، وحظر "الرموز أو الملابس التي تظهر بشكل واضح الانتماء الديني للتلميذ".
وتقول إنها أدركت حينها أن القرار حظي بشعبية كبيرة في الأوساط النسوية، بما في ذلك المجموعة ذات الأغلبية البيضاء التي كانت جزءا منها. وتوضح أن العديد من النسويات البيض اعتقدن أن مهمتهن هي المساعدة في تحرير النساء والفتيات المسلمات من نوع معين من النظام الأبوي المرتبط بالإسلام. وهذا تسبب في ترك الكاتبة لتلك المجموعة النسوية. وتقول الكاتبة: "إذا كانت النساء المسلمات يعانين من شكل معين من أشكال الاضطهاد الأبوي، ولم يكن لديهن حقا أي قدرة أو إرادة حرة عندما يتعلق الأمر بارتداء الحجاب - وهو رأي لا أتفق معه - فكيف سيساعدهن استبعادهن من المدارس والوصول إلى المعرفة التحررية؟"
وأشارت إلى أنه بالنسبة لها، بدا الانشغال بالحجاب بمثابة طريقة متعالية لتمييز مجموعة من الإناث غير البيض بشكل رئيسي كما لو أنهن لا يتأثرن بنفس أشكال النظام الأبوي مثل النساء الأخريات. بينما كانت وجهة نظر الكاتبة هي أنه "يتعين علينا الاستماع إلى ما تريده النساء والفتيات لأنفسهن قبل شرح تجربتهن من خلال عدسة الهيمنة الثقافية".
وذكرت في المقال أن قانون عام 1905، الذي أسس لأول مرة مبدأ العلمانية في فرنسا، كان يدور حول ضمان الحرية. أسس الفصل بين الكنيسة والدولة، وحرية ممارسة الدين من قبل المواطنين الفرنسيين، واحترام جميع المواطنين أمام القانون، بغض النظر عن معتقداتهم. وفرضت العلمانية الحياد على الدولة الفرنسية وعلى المؤسسات العامة، لكنها لم تشترط الحياد الشخصي من المواطنين.
لكن عام 2004 شهد تحولا كبيرا في فهم مبدأ العلمانية، من خلال إلزام مستخدمي المدارس الحكومية بالحيادية فيما يتعلق بالدين، أو على الأقل التكتم بشأن معتقداتهم. وكان التعليم هو الخدمة العامة الوحيدة التي ينطبق عليها قانون 2004.
وقالت إن ذلك جاء في سياق ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر الذي اتسم بتزايد كراهية الإسلام، فدخلت فكرة ضرورة إبقاء ظهور المسلمين تحت السيطرة إلى الرأي العام الفرنسي ووسائل الإعلام والطبقة السياسية. وكان ينبغي حماية الطلاب من قبل المؤسسات التعليمية العامة التي كانوا يلتحقون بها، بغض النظر عن الطريقة التي اختاروا تقديم أنفسهم بها. لكن مبدأ العلمانية تطور ليشمل مطالبة الأفراد بجعل عقيدتهم مسألة خاصة تماما.
وتؤكد الكاتبة أنه في حين تم تصوير قانون عام 2004 على أنه حظر على جميع الرموز الدينية "الظاهرة"، بما في ذلك الصلبان المسيحية الكبيرة، إلا أنه في الواقع كان يستهدف التعبير عن الإسلام. وعلى هذا النحو، فقد فتح الباب على مدى السنوات العشرين الماضية أمام كراهية الإسلام بلا هوادة، متجسدا في التركيز على مظهر النساء والفتيات المسلمات.
وفي عام 2023، أضافت حكومة ماكرون حظرا على العباءة (فستان طويل الأكمام من أصل شرق أوسطي) في المدارس الحكومية، دون تعريفها، مما ترك مجالا كبيرا للمدارس لإصدار أحكام تعسفية. من غير الممكن ببساطة معرفة الفرق بين الفستان الطويل والعباءة. العديد من الفتيات والنساء المسلمات يغطين أنفسهن بالفساتين التي تباع في متاجر الملابس العادية. لذلك يمكن اعتبار نفس الزي دينيا بالنسبة لفتاة من المفترض أنها مسلمة، ولكنه محايد بشكل مقبول إذا ارتداه شخص غير مسلم. فما هذا إن لم يكن تنميطا عنصريا؟ تساءلت الكاتبة.
وقالت إنه بعيدا عن المدارس، أصبح من غير القانوني في عام 2011 أن يغطي أي شخص وجهه في مكان عام، وهو إجراء يُنظر إليه على أنه يستهدف البرقع الإسلامي. وفي عام 2016، بدأت البلديات بحظر ارتداء البوركيني في حمامات السباحة العامة والشواطئ. وقد تم رفض محاولة لإلغاء هذا القانون في المحاكم في عام 2022.
ولفتت إلى أنه في الوقت نفسه، تم استبعاد الرياضيات المحجبات من الفرق، ومُنعن من ممارسة رياضتهن، حتى من أولمبياد باريس 2024. ومن المفارقات أنه في حين لن تتمكن الرياضيات الفرنسيات من ارتداء الحجاب في بلادهن، فإن قواعد اللجنة الأولمبية الدولية ستسمح للنساء من بلدان أخرى بالمنافسة بالحجاب.
كما أن الشركات المملوكة للقطاع الخاص ليست، مثل القطاع العام، ملزمة بقواعد العلمانية. ولكن هناك ارتباك كبير لدرجة أن الكثيرين يتصرفون وكأنهم كذلك، كما أظهر الجدل الذي اندلع هذا الأسبوع حول معاملة موظفة مؤقتة ترتدي الحجاب في متجر للأحذية في ستراسبورغ. لقد أصبحت العلمانية، التي تم تصميمها لحماية الحرية، أداة للمضايقة والإذلال والإقصاء.
وقالت إنه يمكن إرجاع مثل هذه الوصاية للنساء ذوات البشرة الملونة و"خضوعهن" المفترض إلى العصر الاستعماري الفرنسي. فقد نظم الجيش مراسم عامة لنزع الحجاب عن النساء الجزائريات الواقعات تحت الاستعمار في الخمسينيات من القرن الماضي لتعزيز "الاستيعاب" وحتى "التحضر". كان نزع الحجاب عن النساء وسيلة لتأكيد السيطرة على كل من المستعمرة وأجساد الشعب المستعمر.
وترى الكاتبة أنه في حقبة ما بعد # أنا أيضا [حركة معارضة التحرش الجنسي]، تستحق التدابير التي تتعدى على استقلالية المرأة الجسدية إدانة لا لبس فيها. ويجب أن تكون المرأة حرة في اختيار الطريقة التي تظهر بها جسدها، سواء اختارت تغطيته أم لا.
وأشارت الكاتبة إلى أن الرغبة في تتبع علامات التدين تعكس عدم تسامح مع المسلمين يتجاوز استهداف النساء. فقد تم الطعن في اللحى، ورُفض طلب رجل مسلم للانضمام إلى الشرطة بسبب علامة على جبهته تشير إلى كثرة سجوده. وفي الآونة الأخيرة، قرر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم أنه لم يعد يُسمح للاعبي المنتخب الوطني بالصيام خلال شهر رمضان.
وتستنتج أن الرسالة الموجهة إلى جميع المسلمين واضحة: إما أن يندمجوا في المجال العام أو يظلوا خارجه. وليس من المستغرب أن يصوت عدد متزايد من الأفراد المسلمين بأقدامهم ويختارون مغادرة فرنسا.
وقالت الكاتبة إن مديرة مدرسة ثانوية في باريس استقالت من وظيفتها مؤخرا بعد تلقيها تهديدات بالقتل عبر الإنترنت بعد مشاجرة مع طالبة طُلب منها خلع حجابها. وردت الطالبة، التي كان عمرها أكثر من 18 عاما، باتهام [المديرة] بالاعتداء الجسدي، وهو ما رفضه الادعاء. ثم تدخل رئيس الوزراء غابرييل أتال ليقول إن الدولة ستقاضي الطالبة بتهمة اتهام مديرة المدرسة زورا بسوء المعاملة.
إنها إدانة لحظر الحجاب والتعصب الأوسع للزي الإسلامي الذي أدى إليه، وبعد مرور 20 عاما، لا تزال المدارس تكافح من أجل تطبيقه. وينظر العديد من المسلمين إلى هذا الإجراء على أنه تمييزي، ويؤدي بشكل متكرر إلى تأجيج التوترات إلى حد يستلزم تدخل الحكومة. وحتى هذا بحد ذاته، فهو فشل ذريع.
والخبر الإيجابي هو أن المسلمين، وخاصة النساء المسلمات، وجدوا، في السنوات العشرين الماضية، طرقهم الخاصة للمقاومة، وأنشأوا منظمات مثل "لالاب"، التي تتحدى الروايات حول المرأة المسلمة وMamans" Toutes Egales" (الأمهات كلهن متساويات) التي تدعم الأمهات المحجبات للمشاركة في الحياة المدرسية لأطفالهن و"Les hijabeuses"، (فريق كرة القدم النسائي للمحجبات).
ومن حسن الحظ أن الأجيال الشابة تميل إلى رفض الطريقة التي تم بها تحريف مبدأ العلمانية. دعونا نأمل أن يتمكنوا من بناء مستقبل شامل ومرحّب بكل مواطن، مهما اختاروا أن يضعوا على رؤوسهم. وفقط عندما يتحقق هذا فسوف يكون لدينا دولة فرنسية علمانية أصيلة ومجتمع حر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية العلمانية فرنسا الحجاب فرنسا حجاب علمانية سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أنه فی فی عام
إقرأ أيضاً:
في مجموعتها القصصية أمهليني صيفا آخر للفلسطينية شيخة حليوي: فن الكتابة
قصص من نوع خاص مثيرة فكريا ونفسيا، تدفع القارئ نحو التفكير، فتراه يعيد قراءة أكثر القصص، خصوصا نهايات جزء منها؛ حين ينتابه أنه لربما كان قاصرا عن فهم مضمونها، فيكتشف أن ثمة قصدية واضحة في عدم حسم النهاية، وتركها لمنطلقات القارئ. وما يثير الاهتمام هنا أن روافع المضامين عالية المستوى من لغة وتقنية كتابة، متقنة الأسلوب، ومسيطرة على المضمون بدلالاته الملتبسة أحيانا.
من كان يبحث عن تيمة، فالكاتبة امرأة، جعلت النساء شخصياتها، منطلقة من خبراتها الإنسانية، فامتلكت مصداقية بعيدا عن التكلف، وعبرت عن تمكن النساء؛ فصورت النساء الممكنات لأنفسهن، بما اكتسبن من جلد ذاتي وموضوعي معا، حين جاء ذلك من البيئة الاجتماعية.
وتيمة المرأة وأدوارها الجندرية هنا، جاء من كونها إنسانة، أكثر من كون ذلك مصطنعا ومتكلفا، وهو كشف لما هو موجود في حياتنا العربية، حتى في البيئة الريفية لا الحضرية، حيث نكتشف أن الصورة النمطية عن النساء ليست مطلقة، هذا من جانب، وأن المرأة اكتسبت عوامل القوة من عصرها، من جانب آخر. وهنا يمكن لمن أراد الجدل في الموضوع أن يستكشف النص من هذا المنطلق، ليحكم على اتجاهات أدوار النساء.
بتفحص القصص بعد الانتهاء، فإن 9 من أصل 12، كانت المرأة هي بطلة القصص، وهي ليست بطلة، من حيث كونها شخصية رئيسية فقط، بل من كونها ذات ظهور خاص. وتفوق هذا الحضور من حيث الندية، والاكتشاف لنقسها ولنفسه. أما الأربع الأخرى، فاثنتان منها عن المشاعر الوطنية من خلال قصة رمزية وواقعية، والتحولات السياسية، والثالثة، فهي قصة عن الأمل الإنساني، والرابعة عن شعور الوحدة.
لقد تجلت الندية، (بمعنى المرأة إنسانة، لا مجرد أنثى فقط) في عدة قصص؛ أبرزها قصة "كش بنت"، التي يكون لها دور اجتماعي، تجلى من خلال رمزية وجودها مكان الشاغر في لعبة "ورق الشدة"، بحيث يهرب منها زوجها ليلة الدخلة، خشية منها، كونها تستطيع ملء مكان الرجال في اللعبة، هكذا برر هربه، كأنه يخاف ممارسة صبحة لدورها العادي والطبيعيّ.
أما في قصة "للكلاب ذاكرة جيدة" لا تستسلم الزوجة لقدرها، بعد أن زهد بها زوجه بعد إنجابها، وها هي حماتها تصارحها: "لقد أنجب وريثه أي حاجة له عندك؟" ثم لتكشف الزوجة أن شخصيته مسلوبة، حيث بالغت في ذلك بجرأة حين صورت أمه تخرج "القمل من شعر عانته والقمل لا ينتهي يتكاثر هناك".
في قصة "لا يعرف أن اليقين توأمه"؛ هو وهي، بسطوة هو، لكن بصمود هي وتعاملها النديّ. صورت الكاتبة تسارع امتلاكها لشخصيتها، التي تجعلها تساءل زوجها كما يسائلها.
أما في "شيء بهذا الحجم"، جرأة السيدة حِسن، ومفارقة "شيؤه بهذا الحجم"، وعجز صاحب هذا الشيء (الذكر)، بعد ثلاث زيجات فاشلة، يتزوج امرأة شقراء معها ثلاثة أطفال. هنا تقوم المرأة بتزويج الابن، لنكتشف عجزه، وارتباطه فيما بعد بامرأة شقراء معها ثلاثة أطفال.
وفي "فإنما اللذات في الدهر لقط"، فإن الكاتبة تعبر عن رغبة الأرملة، التي تصير أقوى حين تتصالح مع حاجتها.
ويبرز التعبير عن الرغبة أيضا في "جارات الهناء"؛ فسارة العاملة في دار مسنين، تخبئ حقيبة اشترتها عند رقية جارتها خشية لوم زوجها. تكتشف رقية أن الحقيبة المنتفخة بورق جرايد ومجلات، تحوي صورا جنسية، توقظ رغبتها، خصوصا مع زوجها شبه العاجز، الذي يبدو تدب به الحياة، وحتى يظل بهذه الحيوية تترك له بعض الصور تحت المخدة. ثم ليأتي الدور على صاحبة الحقيبة حين تأخذها، فيدبّ بها ما دبّ في الجارات الست اللواتي تبادلن الحقيبة، مكررة الكاتبة عبارة وصف شعار محل الملابس الذي اقتنت منه الحقيبة: "طفل شبه عار بجناحي ملاك وسهم يصوبه نحو المارة"، لما للإيراد العبارة وتكرارها من أثر في تصوير الإغراء.
أما اكتشافات النساء، لأنفسهن وللآخرين، ومن الرجل، فقد تجلى ذلك في نصين، الأول قصة "الحياة خارج نفسه"، حيث تكتشف الزوجة، حين تختفي ملابسها وترجع مرة أخرى، بأن زوجها يتخفى في زي امرأة في ملهى، يكون دوره تمثيل دور من تغني وهي ترتدي ملابس إغراء، حيث تتقبل الزوجة عمل زوجها، بل وتشجعه حين تلتقي به.
أما اكتشاف الرجال للنساء، فكان في قصة "حين ينجلي الغبار"، الذي صور صالون فادية للتجميل. يقوم الزوج بتخمين شخصيات النساء بعد التجميل، على ضوء ما عرفهن قبل ذلك. حين استضافت فادية مجموعة من السيدات العاملات في مجال التجميل، يقوم الزوج بتصويرهن وبعث الصور لزوجته، ولا يبقي إلا صورة واحدة يتأملها مع شعور بالذنب، كمن خان الزوجة. وتكون المفارقة حين يكتشف أن تلك الأربعينية الجميلة زوجته. "تعرف عليهن جميعا الا امرأة في الأربعين من عمرها التقط لها صورا أكثر من غيرها..ترن زوجته فتظهر صورة زوجته، "الصورة التي كان يتأملها خلسة وفوقها اسم المتصل كما يحتفظ به "زوجتي الحبيبة".
خارج تيمة المرأة وداخلها
الحق أن قصة للموت تغدو الوالدات سخالها"، قامت على شخصية المرأة، لكننا فصلناها شكليا، بسبب كون القصة ذات مضمون وطني، خلال القصة الرمزية والواقعية. هي قصة المرأة التي لا تتزوج خشية سطو الزوج على ميراثها، لكنها تضطر لذلك، من أجل ضمان تخصيب عنزاتها من خلال اختلاطهن بعنزات الزوج، لكن ذلك لا يتم ل "ثنية السعد". "ظلت تتزوج في موسم الشيق وتتطلق في موسم العفة"، ولم تيأس حتى بعدما صارت ثمانينية، من خلال حمل عنزتها الأخيرة للبحث لها عن تيس، لتلقي بقنبلتها ضد الذكور (رجال العرب): "عنزتي ما زال فيها الخير ولكن ما العمل إذا كان ذكوركم تيوسا". إنه نقد حاد يستحق التيوس!
أما في "فجوة لا تطاق" التي تجلت فيها التحولات سياسية، فلا نعرف منطلق الكاتبة في اختيار ذلك، وهي التي تعيش في فلسطين المحتلة عام 1948، تحت حكم كولنيالي ديمقراطي غربي. بيد أنها نجحت في التعبير عن هذا المضمون. تناولت تحولا اجتماعيا في الزهد بوظيفة المعلم للعمل كنحات يعمل منحوتات للقادة يزينون بها قصورهم، وتحولا سياسية مع قيام انقلاب سياسي طوح بالنخبة، لكن المفارقة في عودة تلك النخبة، وبالتالي الإفراج عن الفنان، الذي أصبح فنان الشعب.
ونختتم بقصتين الأولى "سوف تغزو العالم"، التي تصور فردة صندل ذات لمعة تثير الجار كلما نظر الى البيت المجاور، يكون مصيرها الطيران بعد تعليق البالونات بها. لعلها قصة الأمل الإنساني. "في الليالي التالية كنت أنظر الى السماء من المربعات الخشبية أبحث عن لمعة فضية".
أما في قصة "يأتي قبل أوانه دائما"، التي انتهت بعبارة "امهلني صيفا آخر"، عنوان المجموعة القصصية، للكاتبة شيخة حليوي، فقد أبدعت في التعبير عن الشعور بالوحدة والزمن.
وأخيرا فقد ظهر المجتمع الكولينيالي لمحا، كالإشارة الى المستوطنة في قصة "شيء بهذا الحجم"، وقصة "كش بنت"، في نقد تصرفات صاحب العمل زيف اليهودي. فثمة علاقة ربما بين الاسم والدلالة.
في الشكل الفني:
كانت لغة المجموعة من روافع النصوص، بما اختارته الكاتبة من لغة منسابة متدفقة، مبتكرة أحيانا كما في "الأصوات المزعجة تمر عبر حلقها"، تخلصت فيها من الثقل الجمالي، حيث استعاضت عن ذلك ببلاغة الموقف، حين لم تحسم ما التبس من دلالات ومقاصد خاصة في خواتم القصص، التي أعادتنا الرمزية السحرية الى القراءة من جديد. مثل خاتمة القصة بانتقاد الطفلة ابنة ال 14 عاما لأحلام أبويها، والطلب منهما بالاحتشام بالأحلام. ولنا مثلا يمكن تأويل التجسس على الأحلام في قصة "لا يعرف أن اليقين توأمه"، بالتجسس على السوشيال ميديا. أما في قصة "شيء بهذا الحجم"، ثمة منحى رمزي في تقييد حِسن ذراعيها خلف ظهرها، وكيف أن "يد تتأبط الكنة ويد مشنوقة بشال مطرزة الى عنقها"، في إشارة أنها ربما أصبحت بدون دور في ظل عجز الابن.
أما عنصر التشويق فظهر بشكل خاص في قصتي "الحياة خارج نفسه"، و"حين ينجلي الغبار". وهذا يدل على تمكن الكاتبة من السرد والتشويق، والذي يمكن أن نقول إنه ظهر بشكل متفاوت حسب مضامين ما تم سرده.
وفي مجال "نفس الكاتبة السرديّ"، فقد دلتنا قصة "فإنما اللذات في الدهر لقط"، على الإمكانيات الأدبية لدى الكاتبة في كتابة الروايات.
تميزت الكاتبة بعناوين القصص من خلال جمل خبرية، تمنح أفكارا ومشاعر، وهي تدفع القارئ للتفكير بها، لما لها من أثر تشويقيّ.
صدر للكاتبة "سيدات العتمة" 2015. و"خارج الفصول تعلمت الطيران" 2016 و"النوافذ كتب الرديئة" 2016
و"الطلبية C342" 2018.
*صدرت عن دار أثر للنشر والتوزيع، الدمام-المملكة العربية السعودية، ووقعت في 64 صفحة.