كيف تحوّل الجيش السوداني لمليشيا؟
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
مع تنامي الضخ الإعلامي الكثيف من منصات فلول النظام البائد، وتركيز آلتهم الإعلامية على استغلال رمزية الجيش لاستنفار الناس، نسي الكثيرون من الطيبين من أبناء شعبنا الكريم، الأسباب الجوهرية لسوء الحال الذي آل إليه جيش البلاد، والذي جعل منه مليشيا فاقدة لكل النظم واللوائح والمعايير المؤهلة لأن يكون جيشاً منضبطاً، وكذلك تجاهل الغالب الأعم من الشعب وخاصة الأجيال المعاصرة، للدور الخطير الذي لعبه نظام الجبهة الإسلامية (الاخوان المسلمين) – حزب المؤتمر الوطني، في تحويل الجيش لمليشيا تأتمر بأوامر مدنيين يتبعون للحزب، وما يعضد مذهبنا هذا اعتراف جهابذة التنظيم بأنهم هم الذين رتبوا ونفذوا انقلابهم الشهير، الذي جاء بالدكتاتور البشير حاكماً أوحداً للبلاد لثلاثة عقود، حتى أن كبيرهم وفي إحدى المقابلات التلفزيونية، أقر بأن شعبتهم الأمنية في الحزب هي التي خطفت العميد قائد الانقلاب من قرية نائية بكردفان، وجاءت به لأحد أوكارهم بالخرطوم لبث البيان، كانت الحسرة تغطي وجوه أعمامنا الذين خدموا بالمؤسسة العسكرية سنين طويلة، عندما بدأ عصر التمكين الاخواني بنحر مؤسسة الجيش ورهن قرارها لحفنة صغير من (الملكية) – المدنيين، وكما هو محفوظ لدى العسكر الصغار منهم والكبار، أن الضبط والربط هما روح الجندية، والتسلسل الهرمي للرتب هو العظم الفقري لهيبة المؤسسة، قبل أن يأتي هؤلاء الذين أبدع في وصفهم الأديب الطيب صالح، ليعصفوا بكل ممسكات الانضباط والرباط، ليحل محلها الفوضى وتجاوز النسق الإداري التقليدي، وليسبحوا عكس تيار الأسبقية (الأقدمية) لتزول هيبة الضابط العظيم، الذي يوبّخه الضابط الصغير – (صلف وغرور الرائد إبراهيم شمس الدين، وصولاته وجولاته القاصمة لظهور كبار الجنرالات خير شاهد على ذلك).
المضحك أن نفس الذين فككوا الجيش ومكنوا لكتائبهم الإرهابية، يتباكون اليوم على ضياع المؤسسة التي نحروها في وضح النهار، وينشدون الأناشيد لاستثارة الحماسة في نفوس السودانيين، لكي ينهضوا لينضووا تحت لواء المليشيا التي ألبسوها لباس الجيش، إمعاناً منهم في الاستخفاف بعقل الانسان البسيط، وبوادر الانشقاق بين جنرالات الجيش الطافحة على المشهد اليوم، ما هي إلّا امتداد للامتعاض الذي كان يبديه الشرفاء من تحوّل الجيش لمليشيا، ورغبة من بعض الجنرالات الذين يدينون بالولاء للمؤسسة ويعتقدون في الجيش بنكهته القديمة، في أن يقفوا موقفاً مغايراً للقادة المدجّنين الموالين للتنظيم الاخواني، الذين غسلت أدمغتهم وصاروا يسبحون بحمد الكهنوت، الذي أحرق خيرة شباب الوطن في الحروب العبثية، بالجنوب ودارفور وجبال النوبة، وأخيراً العدوان على المؤسسة الشقيقة الوليدة، وقد بدا واضحاً أن الحصاد المُر الذي حصده فلول النظام البائد، من تكسيرهم للجيش في سنوات مضت، تمثل في بكائهم وندمهم على ما اقترفت أيديهم الآثمة بحق مؤسسات الدولة جميعها – فالتدمير قد طال أيضاً المؤسسات المدنية، فالظواهر السالبة التي أصبحت سلوكاً جهيراً لمليشيات الجيش بالمدن أثناء الحرب، رفع حواجب دهشة الجيل القديم الذي كان يعلم مدى مثالية الضبط والربط للجندي السوداني، لم يستوعب هذا الجيل العتيق ظاهرة نهب ممتلكات المواطنين بأيدي عسكرية ترتدي (شرف الدولة)، وتفتح أسواق الحرب التي يباع فيها متاع المواطن تحت حماية بندقية الجيش المليشي، أسواق أطلق عليها اسم قائد الجيش، ذلك النحس الذي حل بالبلاد منذ أن قدمه أحد الساسة كحامي حمى ثورة الشباب في يوم مشهود، فانقلب لبوم شؤم كلما نعق حلقت طائرات الموت فوق سحب المدن السودانية الهانئة المطمئنة.
بعد أن خرج الجيش من الحياة العامة كمؤسسة، وجب على القائمين على مشروع الدولة الجديدة، أن يؤسسوا جيشاً وطنياً لا يفاخر قادته بخوضهم لحروب سيناء واليمن والقرم والمكسيك وليبيا، بل يفاخرون بتحريرهم لحلايب وشلاتين والفشقة وأبي رماد، ويستميتون في الدفاع عن دستور البلاد وحماية الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره وصون كرامة مواطنيه، وبنفس قدر كره الناس للحرب يكون الأمل في التأسيس والتصحيح الذي لا يمكن أن يكون إلّا بفناء القديم، وها نحن اليوم نرى زوال المؤسسة المنحورة التي فعل بها الاخوانيون الأفاعيل، فاخترقوها ونفذوا إلى مفاصلها الصميمة وانتهكوا نسقها الإداري ونمطها العسكري، فأورثوها دار البوار، وها هم ذات أنفسهم يذرفون الدمع على ما كسبت أيديهم، فهم وحدهم من عمل بجد واجتهاد لأن لا تقوم للجيش قائمة، فأعدموا من أعدموا من خيرة الضباط وضباط الصف والجنود، ووضعوا على رأس كل شعبة عسكرية وأمنية صاحب لحية زائفة، لا يعلم من فنون الحرب غير السطو على موارد الدولة والتجارة الفاسدة، فمن منكم لم يشتم روائح الفساد المنتنة لوزير الدفاع الأسبق وصفقات المدرعات الأوكرانية المعطوبة، هذا فضلاً عن بيع الجنود كمرتزقة، كل هذه التجاوزات التي ترقى لمستوى جرائم الخيانة العظمى، أرسى دعائمها هؤلاء الذين يحاضروننا اليوم عن جيشنا الوطني، الذي يجب علينا أن نسنده لكي يدحر (المليشيا المتمردة الأجنبية)، لقد أرهق الاخوانيون خزينة الدولة، وأضاعوا مواردها الاقتصادية في صناعة الموت الداخلي بين المكونات الاجتماعية، وصرفوا مدخرات البلاد في زعزعة أمن واستقرار دول الجوار جميعها – مصر وليبيا وتشاد وافريقيا الوسطى وجنوب السودان واثيوبيا وارتريا، ولك أن تتخيل عزيزي المواطن السوداني حجم الجرم العظيم والخطيئة الكبرى التي ارتكبها هؤلاء.
إسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تفاصيل كمين حي الشجاعية برواية الجيش الإسرائيلي.. ما الذي حصل؟
أفادت مواقع إخبارية إسرائيلية بإصابة قائد "لواء القدس" -لواء 16- بجيش الاحتلال الإسرائيلي بجراح خطيرة، خلال الاشتباكات مع المقاومة في حي الشجاعية بغزة أمس.
اقرأ ايضاًمن جانبه، نشر "الجيش الإسرائيلي" تفاصيل التحقيق الأولي حول المعركة في حي الشجاعية التي قُتل فيها ضابط الجيش عيدو فولوخ ومقاتل وحدة المستعربين نيتع يتسحاك كاهانا، يوم أمس الجمعة.
وقالت إذاعة الجيش التفاصيل إن قوة من لواء الاحتياط 16، خرجت لغارة هجومية على بُعد حوالي 1.5 كيلومتر من السياج الحدودي، حيث نفذت عمليات تمشيط ثم بقيت في الميدان لتنفيذ كمين بواسطة مقاتلي وحدة اليماس (وحدة المستعربين).
وعلى حد وصفها قالت إن "خلية مسلحة" (في إشارة إلى عناصر القسام) وصلت إلى موقع الكمين واشتبكت مع مقاتلي اليماس داخل مبنى في الشجاعية، وقتل أحد عناصر الوحدة بالاشتباك.
وبعد أن "بدأت عملية الإنقاذ مباشرة، تطلّبت استدعاء قوات إضافية إلى المكان لإخراج المقاتلين من الكمين".
وبحسب الإذاعة، فقد "استمر القتال لإنقاذهم ساعتين كاملتين، وخلالهما أطلقت خلايا حماس النار 5 مرات على الأقل نحو قوات الإنقاذ".
تم إطلاق 3 صواريخ، صاروخ مضاد للدروع على آلية عسكرية ما أسفر عن إصابة جندي بجروح متوسطة، ولاحقًا، أُطلق صاروخان مضادان للدروع على دبابة من كتيبة 46، لكن لم تقع إصابات.
وأشارت إلى أنه وبعد ساعة تقريبا من الاشتباك الأول، أُطلق صاروخ مضاد للدروع على دبابة أخرى من كتيبة 46، حيث أصاب الهدف، مما أدى إلى مقتل ضابط من الكتيبة وإصابة جندي آخر بجروح.
وختم التحقيق بالقول، إنه وبعد "حوالي نصف ساعة تم إطلاق صاروخ آخر مضاد للدروع على القوة، وبدأ المسلحون بإطلاق نيران الأسلحة الخفيفة، مما أسفر عن إصابة جنديين آخرين".
اقرأ ايضاًوفي سياق متصل، كشفت القناة الـ14 الإسرائيلية أن هناك غضبا بين كبار الضباط في الجيش، ونقلت عنهم قولهم إنه "يجب اتخاذ قرار، إما تدمير غزة أو الخروج منها، دماء جنودنا ليست رخيصة".
المصدر: الجزيرة+ وكالات
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن