لا تنتظر وحدة الأحزاب السودانية لإيقاف الحرب.. قد تأتي الأحزاب متأخرة كالعادة، وقد لا تأتي مطلقا (1)
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
alnaierhamad20@gmail.com
حمد الناير
الجميع في انتظار هذه الوحدة السحرية وكأن مجرد التقاء تقدم/قحت ودعاة التغيير الجذري واصدارهم اعلانا للوحدة كفيل بإنهاء الحرب فورا واستعادة المسار الديمقراطي. هذه دعوة صادقة من دعاة "أوسع جبهة للقوى المدنية ضد الحرب." تجد مني كل التقدير والاحترام، لكن ربط وحدة القوى المدنية لمناهضة الحرب بوحدة الأحزاب السودانية كشرط لازم لانهاء الحرب والشروع في بناء نظام ديمقراطي لا يعدو أن يكون سوى وهم لا أساس له في التاريخ او الواقع.
بل أكثر من ذلك ترقب وانتظار هذه الوحدة بعيدة المنال – حاليا- يمثل عائقا وكابحا لطاقات مهولة تمور بها المجتمعات السودانية، داخل الوطن والمنافي، تعمل من أجل إيقاف الحرب وعودة المسار الديمقراطي وقد تكون هذه الطاقات والتيارات هي الاساس المتين لوحدة أكثر جدوى ربما تتبعها الاحزاب السودانية فيما بعد كما سابين في الجزء الاخير من هذا المقال. ذلك لا يعني أن الاحزاب السياسة ليست من الحركة المدنية ، بل يعني أن الاحزاب هي فقط جزء منها وليست كلها.
وفي تقديري أن هنالك قراءات غير دقيقة خلقت للأحزاب السودانية هذا الدور المزعوم. هذه القراءات إعتمدت على أنصاف حقائق وانتقائية متعسفة، ترتب عليها الأسطورة التي تقول أن وحدة الاحزاب هي الشرط اللازم لسقوط الديكتاتوريات. روجت كتابات وادبيات ترسخت، وقع ضحيتها الكثيرون بما فيهم شخصي الضعيف، أن الحلقة المفقودة في اسقاط اي دكتاتورية كانت دائما وحدة الأحزاب، وحدة المعارضة واتفاقها لإحداث التغيير. لكن القراءة المتأنية لكل الانتفاضات السودانية تشير الى أن هنالك ما هو أكبر من وحدة الأحزاب.
هذه النظرة السائدة عن دور الاحزاب في التغيير تدعو للوقوف وهلة والنظر في جوهرها. حقيقي ارى أن فيها ابتسار فقد كانت الاحزاب تأتي دائما متأخرة وفي آخر اللحظات التاريخية. حدث ذلك في أكتوبر 64 وفي مارس/ابريل 1985 وفي ديسمبر18/ابريل 19. بينما كان لتنظيمات مدنية أخرى القدح المعلى في احداث التغير. لماذا ننسب كل اسقاط الدكتاتوريات لوحدة الأحزاب السودانية ونتجاهل منابع اخرى للحركة المدنية السودانية نحو الديمقراطية كان لها الدور الحاسم في التغير؟ قد يقول قائل "ولكن عضوية هذه التنظيمات المدنية هي من الأحزاب نفسها. بل أن أحزابنا هي التي خلقت هذه المنظمات المدنية!" والرد ببساطة أن ديناميات العمل في هذه المنظمات المدنية تختلف عن ديناميات العمل الحزبي منفردا او جماعيا. وأن تلك المنظمات المدنية على غير طبيعة الأحزاب لها مكينيزماتها الخاصة المستمدة من قاعدتها وأغراضها تجبر الحزبيين على العمل سويا مهما كانت خلافاتهم الفكرية نحو أهداف مشتركة. أذن هذه المنظمات المدنية هي المنفذ الأكثر عنفوانا وقوة لوحدة السودانيين.
فقد كانت جبهة الهيئات في 1964 تضم عضو الحزب الاتحادي/الوطني الاتحادي والأخ المسلم والشيوعي وانصار حزب الأمة والختمية، بل القوميين العرب الذين تحولوا فيما بعد الى حزب البعث وناصريون، واستطاعت الجبهة أن تكون فاعلة على نحو منقطع النظير في إسقاط نظام عبود والمجلس العسكري الأعلى. وينطبق ذلك على النقابات الست التي كانت نواة التجمع النقابي1985 ، وينطبق ايضا على تجمع المهنيين منذ 2015 حتى انقسامه على يد الأحزاب، فقد كانت عضويته تضم معظم الاحزاب السودانية . إذن علينا أن ننظر الى وحدة القوى المدنية، على ألأقل، في منابعها المتعددة.
ثم، حول هذه الاسطورة التي تقول أن وحدة الاحزاب هي العامل الحاسم . لنا في تجربة التجمع الوطني الديمقراطي درسا قاسيا كان يجب أن تعلم منه. التجمع الوطني الديقراطي وهو بحق أكبر تحالف شهدته الحركة السياسية السودانية -وليس كما يشاع أن قحت الاولى او الحالية هي أكبر تحالف شهده السودان – حيث ضم التجمع الوطني الديمقراطي حزب الأمة كاملا غير منقوص والحزب الاتحادي الديمقراطي كاملا غير منقوص ايضا واالحركة السياسية/المسلحة الجنوبسودانية وكل حركات شرق السودان الفاعلة آنذاك ..الخ في تلك التجربة تحققت تلك الحلقة المفقودة المزعومة، وحدة الاحزاب، ولم يسقط النظام. إذن هنالك لوحدة القوى المدنية ما هو أكبر من وحدة الأحزاب. وحدة الأحزاب في التجمع الوطني الديمقراطي تحولت الى هيئة دبلوماسية شعبية كبرى تتحدث نيابة عن شعوب السودان، بل قل مكتب علاقات عامة ضخم، ولكن أبدا لم يتحول التجمع لقيادة يومية حقيقية للحركة المدنية السودانية التي اسقطت نظام البشير بعد سنين عددا. إنني أخاف على تقدم وتحالف التغيير الجذري من نفس المصير.
لا أقول ذلك لأنفي دور الأحزاب في أي تغير حدث في الماضي، وربما يحدث في المستقبل. لكن يجب أن يوضع هذا الدور في حجمه الطبيعي، وعدم تضخيمه بحيث يصير عائقا لنمو وتوحد روافد الحركة المدنية الأخرى. فقد أهدر حبرا كثيفا في تقريع قحت وتقريع الجذريين لعدم الوحدة وتمترسهم العنيد في خنادقهم، بما في ذلك قلمي شخصيا، وظلت هذه القضية الشاغل الأول للنشطاء والكتاب وصار الدفاع والدفاع المضاد هو المسيطر في الكتابة حول الجبهة المدنية العريضة. هذا يحجب الناس عن رؤية الحقيقة ويحجبهم عما تقتضيه الوحدة من عمل شاق.
أهم من ذلك خلق وهم الاحزاب بوحدتها المزعومة هاجس لتكبير الكوم الوحدوي المدني، وحقيقة الاحزاب مسؤولة عن ذلك. يتضح ذلك عندما تقرأ المكونات الموقعة على بيان ما وترى اسماء المنظمات الموقعة، يدفعك ذلك للتساؤل: هل هذه المنظمة مكونة من خمسة او خمسين عضوا، هل هذه اسرة ام شلة اصدقاء؟ ام أن هنالك شخص واحد إنتحل اسم منظمة كاملة. بل أكثر من ذلك تجد كما قال صديق ساخرا: "في ناس خاشين بصرفتين."
وحدة القوى المدنية – من الواقع والتاريخ – تأتي من اسفل الى اعلى ولا تنتجها وحدة الاحزاب من اعلى الى اسفل. نعم، الاحزاب تساهم في "من أسفل" تلك، لكنها لا تستطيع أن تهندس وحدة مدنية مصطنعة.
لحسن الحظ، إن بقيت حظوظ لشعوب السودان في هذا الظرف الشائك – هنالك حركة سودانية عفية تتخلق في الاوساط المدنية ضد الحرب ، سأتحدث عنها في الجزء الثاني من هذا المقال. نعم، أنها تتكون في أحلك ظرف يشهدها الوطن، لكنها تطل في عنفوان وتحمل كل خصائص هذا الشعب الكريم قوى الشكيمة. رصد هذه الحركة وتسليط الضوء عليها يخرجنا من إنتظار منقذ ربما لن يأتي أبدا. بل أن الحديث عنها ورفع الصوت بالنقاش حولها قد يقود الى وحدة مدنية راكزة.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المنظمات المدنیة التجمع الوطنی
إقرأ أيضاً:
"تيك توك" تخطط لإيقاف خدماتها في الولايات المتحدة بدءًا من الأحد.. ما لم يتدخل إيلون ماسك
تعكف شركة "تيك توك" الصينية على إيقاف خدماتها في الولايات المتحدة الأمريكية ابتداءً من يوم الأحد المقبل، إلا إذا تحركت المحكمة العليا لمنع تنفيذ القرار.
اعلانوإذا ما أوقف التطبيق الشهير خدماته، فسيفرض حظر على تنزيلاته الجديدة من المتاجر الإلكترونية، ولن يكون بمقدور المستخدمين الحاليين في أمريكا استخدامه لفترة طويلة.
بعد الحظر، سيصل المستخدمون الذين يحاولون فتح التطبيق رسالة توجههم إلى موقع إلكتروني يحتوي على معلومات حول الحظر، حسبما نقلت وكالة "رويترز".
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد وقع في أبريل/ نيسان من العام الماضي قانونًا يلزم شركة "بايت دانس" الصينية المالكة لتيك توك ببيع أصولها في الولايات المتحدة بحلول 19 يناير/ كانون الثاني 2025 أو مواجهة حظر على مستوى البلاد، لكنّ أنها رفضت.
مراهقة أمريكية تشاهد مقاطع فيديو كاتي فانغ GRWM على Tik Tok يوم الخميس 29 أغسطس 2024 في حي برونكس في نيويورك.Brittainy Newman/Brittainy Newmanويبدو أن القضاة الأمريكيين باتوا مقتنعين بأن العلاقات الوثيقة بين "تيك توك" والحكومة الصينية قد تشكل تهديدًا يتجاوز بكثير مسألة حرية التعبير أو تأثير الحظر على 170 مليون مستخدم نشط في الولايات المتحدة.
فقد أكد رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، أن مصدر قلقه الرئيسي يكمن في ملكية "بايت دانس" ومطالبات التعاون الاستخباراتي مع الصين.
Relatedمسلسل تيك توك في الولايات المتحدة: المحكمة العليا تتجه لإبقاء الحظر لأنه "يهدد الأمن القومي لواشنطن"ألبانيا تحظر تطبيق تيك توك لمدة عام وتتهمه بتحريض الشباب على العنف والتنمّرهل ينتهي عصر تيك توك في أمريكا؟ صناع المحتوى في انتظار قرار المحكمة العلياكما أثار القاضي بريت كافانو مخاوف من احتمالية وصول السلطات الصينية إلى بيانات عشرات الملايين من المستخدمين الأمريكيين، خاصة الشباب والمراهقين، مما يشكل تهديدًا كبيرًا على الأمن القومي الأمريكي. وأضاف كافانو: "هذا القلق يتجاوز تيك توك ليؤثر على مستقبل البلاد بأكملها".
من جهتها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن السلطات الصينية تفكر في بيع أصولها في الولايات المتحدة لإيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" و" سبيس إكس".
الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس إيلون ماسك يستمع بينما يتحدث المرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب في حدث حملته الانتخابية في معرض باتلر الزراعيAlex Brandon/ APفي المقابل، قالت شبكة "سي إن إن" إنها تواصلت مع شركة "بايت دانس" لتأكيد الخبر، لكنّ المتحدث باسمها مايكل هيوز رفض التعليق عليه قائلًا: "لا يمكن أن نتوقع التعليق على محض خيال".
ومع ذلك، فإن ماسك لا يزال يعدّ أحد الحلول المطروحة لدى الشركة الصينية التي لا تريد خسارة سوق كبير بحجم الولايات المتحدة، فهو من جهة لديه "إمبراطورية تجارية في الصين"، كما أنه مقرب من الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في وقت تبحث فيه الصين عن نفوذ في مفاوضات التعرفة الجمركية، حسب "سي إن إن".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية هل تنجح إسبانيا في كبح شهية الأجانب العقارية لحل أزمة الإسكان عبر رفع الضريبة 100%؟ الحرب بيومها الـ467: إضراب عام في جنين حدادًا على الضحايا والجيش يعلن إصابة ثلاثة جنود بعبوة ناسفة تقرير: المحقق الخاص يكشف تورط ترامب في "جهد إجرامي" للبقاء في السلطة بعد انتخابات 2020 تيك توكالولايات المتحدة الأمريكيةالمحكمة العليا الأمريكيةإيلون ماسكوسائل التواصل الاجتماعي حظراعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب بيومها الـ467: إضراب عام في جنين حدادًا على الضحايا والجيش يعلن إصابة ثلاثة جنود بعبوة ناسفة يعرض الآن Next وكالة مكافحة الفساد تعتقل رئيس كوريا الجنوبية المعزول يون سوك يول في عملية أمنية واسعة يعرض الآن Next هل تنجح إسبانيا في كبح شهية الأجانب العقارية لحل أزمة الإسكان عبر رفع الضريبة 100%؟ يعرض الآن Next اليهود يغادرون.. حاخام بارز يدعو أوروبا إلى التصدي لتزايد معاداة السامية يعرض الآن Next بلينكن وخطته لليوم التالي في غزة: لا يمكن لأحد أن يجبر إسرائيل على قبول دولة تحكمها حماس اعلانالاكثر قراءة حرائق لوس أنجلوس تستعر وتتوسع وساعات حاسمة في مواجهة أعاصير من ألسنة اللهب تسببها الرياح العاتية بن غفير يحرض سموتريتش على الاستقالة معه وحل الحكومة في حال تمّت صفقة غزة روسيا تعلن رسميا عن موعد التوقيع على اتفاقية للتعاون الاستراتيجي مع إيران "كنتُ اليد الحازمة التي كان العالم بحاجة إليها".. بايدن يخرج من البيت الأبيض منتشيًا بـ"إنجازاته" مشهد مرح في مترو لندن: سكان المدينة يخلعون سراويلهم لكسر رتابة الشتاء اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلغزةحركة حماسضحاياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني لوس أنجلسدونالد ترامبمحكمةقطاع غزةحرائقروسياالحرب في أوكرانيا الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025