آخر تحديث: 13 أبريل 2024 - 10:56 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق-  كُتب للولائي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مقالاً نشر في مجلة “فورين بوليسي” الامريكية، عشية بدء زيارته الاولى من نوعها الى البيت الابيض، عن رؤيته لطبيعة الشراكة الجديدة التي يريدها مع الولايات المتحدة، متحدثا عن الطريق الذي يقود الى التعاون المستدام بين بغداد وواشنطن.

وجاء في المقال، انه “قبل عقدين من الزمن، ساعدت الولايات المتحدة الشعب العراقي على الإطاحة بالنظام الديكتاتوري لصدام حسين ووضع الأسس لنظام ديمقراطي، وهو ما ساعد العراقيين على تذوق طعم الحرية للمرة الاولى، فألغى القمع وسوء استخدام الموارد الذي كان سببا في المشاكل ليس لوطني فقط، وإنما أيضا للمنطقة على نطاق أوسع”.واضاف، إنه “منذ ذلك الحين، مرت العلاقات الامريكية- العراقية بمراحل صعود وهبوط، ومراحل من الاشتباك وفك الارتباط، حيث كانت المواقف متقاربة في بعض الأحيان ومتوترة في احيان اخرى”.وتابع، انه “طوال الوقت، كان هناك تفاهم مشترك بين زعماء البلدين على أن علاقتنا ستظل أولوية استراتيجية، مدعومة بالمصلحة المشتركة والجهود التعاونية من أجل تخطي الصعوبات”، موضحا “هزمنا الإرهاب سوية، وقد أتاح لنا التعاون الأمني اعادة بناء الجيش العراقي وقوات الأمن الفعالة”. واعتبر رئيس الوزراء العراقي “نحتاج أن نحكي شراكتنا الاستراتيجية من خلال الانتقال بها الى مرحلة جديدة، وهي مرحلة تدعم سيادة العراق واستقلاله وانما من دون التخلي عن التعاون المثمر بين بغداد وواشنطن”. واضاف انه “اوعزنا بتشكيل اللجنة العسكرية العليا، المؤلفة من كبار المسؤولين العسكريين من كل من الولايات المتحدة والعراق، من أجل تقييم التهديد المستمر الذي يشكله ما يسمى بتنظيم داعش، وقدرات أجهزة الأمن العراقية، والظروف العملياتية في كافة أنحاء البلد”. وتابع  ان “هذا الجهد ادى الى اتفاق بين كافة الأطراف على انهاء التحالف الدولي بطريقة تدريجية ومنظمة وفق جدول زمني متفق عليه”، مذكرا بأن التحالف تم تشكيله في العام 2014 لمحاربة داعش، ويضم 86 دولة، بقيادة الولايات المتحدة وبدعوة من العراق”. واضاف  انه من اجل المضي قدما “ستقوم اللجنة العسكرية العليا بوضع خريطة طريق للعلاقات المستقبلية، بما في ذلك وجود مستشارين امريكيين”، مشيرا الى ان هذه الخطوات التي “تتعارض مع تراجع علاقتنا مع الولايات المتحدة، ستسمح لنا بالانتقال الى مرحلة جديدة من الشراكة، على أساس التعاون الذي يتجاوز مجرد الشؤون الامنية والعسكرية”.واكد السوداني على أن “العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق تمثل عنصرا أساسيا للاستقرار في الشرق الأوسط، بالاضافة الى رفاهية شعوب المنطقة”ن مضيفا أنه “خلال السنوات الاخيرة، برزت التوترات بين بلدينا بين الحين والآخر، كنتيجة للصراع مع الجماعات المسلحة التي كانت موجودة في العراق على مدى العقدين الماضيين”، مشيرا إلى أن هذه الجماعات نشأت من الظروف المعقدة التي واجهها العراق أثناء مواجهته للإرهاب، الا انه بالتدريج، ومع استعادة الأمن والاستقرار، ستتلاشى الحاجة إلى السلاح الموجود خارج سيطرة الدولة ومؤسساتها، ونحن نعمل لتحقيق هذه الغاية”. لكن السوداني قال انه “امام العراق طريق طويل وحافل بالتحديات، وحكومتي على ادراك بموقفها الحساس والتوازن الدقيق الذي يجب عليها الحفاظ عليه بين الولايات المتحدة والجماعات التي تدخل أحيانا في مواجهة مباشرة مع القوات الأمريكية، إلا أن رؤيتنا لهذا الوضع واضحة: نحن نرفض الهجمات على المصالح الاميركية في العراق او في الدول المجاورة. وفي الوقت نفسه، نحن بحاجة الى الوقت لإدارة التعقيدات الداخلية والتوصل إلى تفاهمات سياسية مع مختلف الأطراف”.واكد السوداني أن “قرار الحرب والسلم يجب ان يكون شأنا خاصا بالدولة، ولا يمكن لاي طرف اخر ان يدعي هذا الحق”.وتابع قائلا انه “من خلال مساعدة اصدقائه، وخصوصا الولايات المتحدة، فان العراق تمكن من هزيمة التنظيم الارهابي الأكثر وحشية في التاريخ الحديث، وحاليا لم يتبق سوى جماعات صغيرة من داعش؛ وتلاحقها قواتنا الامنية عبر الصحراء والجبال والكهوف، الا انهم لم يعودوا يمثلون تهديدا للدولة”. ولفت الى ان ذلك “عزز بشكل كبير خبرة قواتنا الامنية، ووضعها بين أفضل الجيوش في مكافحة الإرهاب، وقد حان الوقت من أجل طي الصفحة واعادة توجيه مواردنا وقدراتنا من شن الحروب نحو تعزيز التنمية”.ورأى رئيس الحكومة العراقي ان “الانتصار النهائي على الإرهاب لا يمكن تحقيقه من دون تنمية حقيقية، بما في ذلك تأمين مستوى لائق من الرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الخدمات الرئيسية، وهذا هو هدف البرنامج الذي أعدته حكومتي وهي عازمة على تنفيذه: الدفع بالإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتعزيز حقوق الإنسان، وتمكين المرأة، وتقوية مبادئ الحرية والديمقراطية بشكل عام”. واضاف قائلا انه من المهم ايضا ان “نكافح الفساد، وهو الوجه الآخر للإرهاب، حيث ان تأثيره لا يقل تدميراً، وأن نعمل على ضمان توجيه أموال الشعب نحو اهداف قيمة”، مشيرا إلى انه “يتحتم علينا ايضا العمل على تنويع اقتصادنا بعيدا عن الاعتماد على النفط، حتى في حين نستفيد من مكانتنا باعتبارنا ثاني أكبر دولة مصدرة للنفط في منظمة أوبك (بالإضافة إلى استحواذنا على احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي)”.  وتابع قائلا انه “من اجل تحقيق هذه الغاية، فاننا تعمل من اجل تطوير المشاريع العابرة للحدود (مثل المناطق الصناعية مع الدول المجاورة) وطريق التنمية، الذي يعمل على ربط منطقة الخليج بتركيا وأوروبا”.الى ذلك، قال السوداني في مقاله إنه “لدينا حاليا فرصة لتحويل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة من علاقة أحادية الجانب إلى علاقة شاملة. لقد حان الوقت لتفعيل كافة بنود اتفاقية الاطار الاستراتيجي الموقعة العام 2008 بين العراق والولايات المتحدةطن مشيرا الى ان هذا الاتفاق يطال ما هو ابعد من مجرد الشؤون الامنية والعسكرية، التي هيمنت على العلاقة خلال معظم العقدين الماضيين، حيث يتضمن شروطا للتعاون في مجالات مثل الاقتصاد والاستثمار والطاقة والمناخ، والزراعة والصناعة، والتكنولوجيا والتعليم”. واضاف ان “الشعبين العراقي والامريكي بالنظر الى تضحياتهم الجماعية، فإنهما يستحقان رؤية فوائد مستمرة من هذه الشراكة”، مضيفا أن “الاستقرار الحالي في العراق يجب ان يكون مشجعا للشركات الامريكية لكي تنخرط في مشاريع تنموية مهمة في مجالات الطاقة والاتصالات والإسكان والرعاية الصحية والتعليم والنقل وغيرها”.وقال السوداني إن “حاجتنا الملحة للخبرة والتكنولوجيا الامريكية تمتد الى الطاقة النظيفة والاقتصاد الاخضر، حيث نسعى الى تطوير قطاعات مستدامة ومتجددة”، مضيفا أن “اتفاق الإطار الاستراتيجي وضع الأساس القانوني لهذه الانشطة، وانه من خلال الاستثمار فيها، سيمكننا من وضع العراق في مكانة تساعده على تعزيز ديمقراطيته، وتقوية الدولة، وتعزيز سيادة القانون، وهي الركائز التي ستسمح لنا باستعادة العراق الى تألقه التاريخي”. وقال السوداني في المقال أن “المبدأ التوجيهي لعلاقاتنا الخارجية هو العراق أولا، وهو ما يعني بناء شراكات قوية تقوم على المصالح المشتركة مع الدول الصديقة في المنطقة وخارجها، ويعني هذا المبدأ ايضا اننا نتعامل مع كل دولة على قدم المساواة، حتى لا يتحول العراق الى ساحة لتصفية حسابات أي جهة خارجية”. واكد السوداني أنه “يجب التعامل مع العراق على أساس السيادة والاحترام المتبادل، وليس باعتباره وكيلاً لصراعات اخرى”.واضاف السوداني انه لهذا السبب ايضا “نسعى إلى استعادة دور العراق المركزي في الشرق الاوسط، مستفيدين من موقعنا الاستراتيجي”، معربا عن “الترحيب بفرصة العمل مع الولايات المتحدة لنزع فتيل الأزمات وخفض التوترات في الشرق الاوسط”. لكن السوداني قال “اننا عازمون على تجنب الوقوع في صراع بين اثنين من شركائنا، اي ايران والولايات المتحدة، ونحن نعتبر أن التهدئة الشاملة في الشرق الاوسط تصب في مصلحة العراق والولايات المتحدة، وهو ما يتطلب قبل كل شيء، إنهاء الحرب في قطاع غزة بشكل عاجل واحترام الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”.وتابع السوداني انه “عندما أزور واشنطن والتقي بالرئيس جو بايدن في 15 نيسان/أبريل، فانه ستكون هناك فرصة لوضع الشراكة الأميركية العراقية على أساس جديد وأكثر استدامة، وستؤكد مناقشاتنا على الأهمية المستمرة لعلاقاتنا الاقتصادية، والتعاون في مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب، واستخدام الأدوات السياسية والدبلوماسية لنزع فتيل التوترات إقليمية، في حين ستظل الحرب ضد الإرهاب قضية مركزية لحكومتينا”. وخلص رئيس الحكومة العراقي في مقالته في “فورين بوليسي” الى القول “نحن ندرك ونقدر الدور الحاسم الذي تؤديه الولايات المتحدة والاعضاء الاخرون في التحالف الدولي لمحاربة داعش، في هزيمة الإرهاب، وهو دعم ساعد العراق على تحقيق الاستقرار وانجاز خطوات كبيرة على طريق الديمقراطية وسيادة القانون وضمان احتكار الحكومة لاستخدام القوة”. وتابع قائلا انه “ومع ذلك، انه نعتقد ان الوقت صار مناسبا لكي تصبح علاقتنا اكثر اتساعا، مع الاعتراف بالقدرات المتنامية لقواتنا للدفاع عن العراق وضمان سلامة مواطنيه، والمساهمة بوسائل أساسية في اقامة عراق مزدهر ومستقر”. وختم قائلا انه “شراكتنا في شكلها الجديد، يمكن أن تمثل مصدرا للمصلحة المتبادلة لكلا بلدينا وقوة تدفع باتجاه تحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط”.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: والولایات المتحدة الولایات المتحدة فی الشرق الاوسط قائلا انه

إقرأ أيضاً:

ما بعد “قازان”: ما الذي يحتاجه “بريكس” ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟

 

منذ أن تأسس تجمع “بريكس” عام 2006 من قِبل البرازيل وروسيا والهند والصين، وانضمام جنوب إفريقيا إليه عام 2011، ثم انضمام دولة الإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران في أول يناير 2024، استطاع لفت الأنظار إليه كرمز لنظام دولي جديد متعدد الأقطاب أكثر تنوعاً وعدلاً، وكبديل يسعى لتعزيز التنوع والمساواة في صنع القرار العالمي.

وتحت شعار “تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين”، ومشاركة ممثلي 32 دولة بينها 24 على مستوى رئاسي، وقيادات ست منظمات دولية؛ عقد رؤساء دول “بريكس+” قمتهم الـ16 في مدينة قازان عاصمة جمهورية تتارستان الروسية، وهي القمة الأولى بعد توسعة هذا التجمع؛ لتُلخص نتائج رئاسة روسيا له، والتي حددت أولوياتها في السياسة والأمن، والتعاون في الاقتصاد والتمويل، والتبادلات الإنسانية والثقافية.

وهدفت قمة قازان، التي عُقدت في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر 2024، إلى كتابة فصل جديد يُعزز التأثير المتنامي لـ”بريكس” في الساحة العالمية؛ وهو ما برز في الموضوعات التي ناقشتها القمة، وحجم الوفود المشاركة، وكذلك مشاركة أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة.

مخرجات القمة:

على الرغم من تركيز قمة قازان على القضايا الاقتصادية، ومشكلات الطاقة، ومكافحة الفقر والإرهاب، وضمان التنمية المستدامة للأمن الغذائي؛ فإنها لم تغفل عمّا تشهده الساحة العالمية من حروب وتحديات، وفي صدارتها الحرب الروسية الأوكرانية، وتصعيد ماكينة الحرب الإسرائيلية في منطقة الشرق الأوسط. وقد تضمن البيان الختامي للقمة 134 بنداً تشمل جوانب متعددة، منها الآتي:

– ضرورة إصلاح المؤسسات الدولية مثل: الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي؛ لتصبح أكثر تمثيلاً وفعالية، مع تعزيز دور الدول النامية في اتخاذ القرارات الدولية.

– أهمية احترام مبادئ تعدد الأقطاب في العلاقات الدولية، والتعاون في مواجهة التحديات العالمية.

– التركيز على تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، وعلى الحاجة لتقديم التمويل اللازم من الدول المتقدمة للدول النامية.

– تعزيز نظام منع الانتشار النووي، وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، مع الدعوة لتجديد جميع الأطراف للاتفاق النووي الإيراني.

– الموافقة المبدئية على قبول 10 دول جديدة، مع استطلاع رأي الدول الأعضاء قبل الموافقة النهائية، واستحداث فئة “الدول الشريكة”، في ظل إبداء 30 دولة اهتمامها بالانضمام إلى “بريكس”.

– تعزيز التعاون بين دول “بريكس” في المجالات الاقتصادية والمالية، وتطوير المشروعات المشتركة، وتشجيع استخدام العملات المحلية، والعمل على إنشاء بنك التنمية الجديد ليصبح بنكاً تنموياً متعدد الأطراف.

– تدشين منصة مالية جديدة هي “بريكس كلير”؛ بهدف معالجة التضخم ودعم الاقتصاد الوطني لدول التجمع، إلى جانب بورصة للحبوب، ودراسة إنشاء منصة نقل موحدة لضمان الخدمات اللوجستية المتعددة الوسائط بين بلدان التجمع.

– الإعراب عن القلق إزاء تدهور الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والدعوة إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن والمحتجزين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتأييد حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وانضمام دولة فلسطين المستقلة إلى الأمم المتحدة. كما أبدت الدول الأعضاء انزعاجها من الوضع في جنوب لبنان، ودعت إلى الوقف الفوري للأعمال العسكرية والحفاظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه، والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، فضلاً عن الدعوة لحل الصراع الروسي الأوكراني بالطرق السلمية.

مستقبل “بريكس”:

أبرزت قمة قازان مجموعة من العوامل التي قد تُشكل مستقبل تجمع “بريكس”، والتي يمكن تقييمها على النحو التالي:

1- محفزات:

أ- سياسية:

– اهتزاز الثقة في النظام العالمي الراهن بشقيه السياسي والاقتصادي، في الوقت الذي تبحث فيه الدول النامية عن فضاء أفضل وأكثر مصداقية لتمويل برامجها الاقتصادية والتنموية.

– نظرة دول الجنوب العالمي (تمثل 85% من سكان العالم، و40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي) لتجمع “بريكس” باعتباره منصة مهمة لإيصال أصواتها؛ إذ بدا وكأنه واجهة براقة لدول الجنوب لتحظى بتمثيل أكبر على الساحة الدولية، ومناقشة قضاياها، وزاد من وعي هذه الدول بأهمية تعميق تعاونها بشكل يتوافق مع مشاغلها وأولوياتها ضمن هيكل عالمي أكثر إنصافاً وشفافية وشمولية.

– تشكيل وجود روسيا والصين عنصر قوة للتكتل؛ إذ تُمثل موسكو قوة سياسية وعسكرية ومصدراً أساسياً للسلاح، فيما أضحت بكين قطباً اقتصادياً وتكنولوجياً مهماً.

– قدرة “بريكس” على إذابة التناقضات التي تسود علاقات العديد من الدول، مثل: مصر وإثيوبيا، والصين والهند.

– احتمالية أن يساعد “بريكس” على إحداث توازن دولي يؤدي إلى تهدئة أجواء الصراعات العالمية.

– توسعة “بريكس” يمكن أن تؤدي إلى زيادة نفوذه الجيوسياسي والاقتصادي، وتمنحه تنوعاً أكبر في الموارد والأسواق.

ب- اقتصادية:

– يُمثل تجمع “بريكس” 33.9% من إجمالي مساحة اليابسة، و45% من سكان العالم. ويبلغ حجم اقتصاد التجمع 29 تريليون دولار (30% من الناتج الاقتصادي العالمي)، وتستحوذ دوله على 25% من صادرات العالم، وتُنتج نحو 35% من الحبوب عالمياً، وتتحكم في أكثر من 50% من احتياطي الذهب والعملات.

– تكملة اقتصادات دول “بريكس” بعضها؛ إذ تُعد مصدراً للغاز والنفط والمعادن والتكنولوجيا والثروات الزراعية والإمكانات العسكرية.

– امتلاك “بريكس” مجموعة من المؤسسات المالية، منها “بنك التنمية الجديد” لتمويل مشروعات البنية التحتية والتنمية في الدول الأعضاء، والذي سيُقلل من الاعتماد على المؤسسات المالية الدولية، و”صندوق احتياط نقدي” لدعم الدول على سداد ديونها.

– زيادة التبادل التجاري بين دول “بريكس” بعملات محلية سيُقلل من الاعتماد على الدولار الأمريكي، وسيُعزز استقلالية التكتل.

– المساهمة في تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول الجنوب؛ مما يُسهم في نموها وتطورها. وتشير التقديرات إلى أن تنفيذ منظومة الدفع المتكامل يمكن أن يُعزز التجارة بين أعضاء “بريكس” بنسبة تتراوح بين 5% و7%.

ج- جغرافية:

– عدم انتماء دول “بريكس” إلى الحضارة الغربية، وليس لها ماضٍ استعماري؛ بل تنتمي إلى دول الجنوب، وهي تُشكل مزيجاً من حضارات مختلفة.

– انتشار الأعضاء الجغرافي يُمكن أن يُعزز مرونة التكتل في مواجهة التحديات العالمية، وقد يزيد قدرة “بريكس” على التأثير داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة.

2- تحديات:

أ- سياسية:

– غياب أمانة عامة لإدارة وتنسيق أنشطة “بريكس”، أو مؤسسات وهياكل تنظيمية.

– الخلافات والتوترات بين بعض دول التكتل، منها: الصين والهند، ومصر وإثيوبيا، والسعودية وإيران.

– الصراعات الداخلية والأزمات الحادة التي تشهدها بعض بلدان التكتل.

– التنافس القائم بين بعض دول “بريكس” مع الولايات المتحدة (روسيا والصين)، في مقابل دول أخرى ترتبط بعلاقات وطيدة مع واشنطن (الهند)، وعدم رغبة البعض الآخر في الدخول في مواجهة مع أقطاب النظام العالمي الراهن والمؤسسات الغربية.

ب- اقتصادية:

– امتلاك دول “بريكس” أنظمة اقتصادية ذات أحجام متفاوتة وأسعار عملات متباينة؛ وهو ما ينعكس على اختلاف تصوراتها حيال القضايا الاقتصادية والتجارية والتمويل.

– التنافس الاقتصادي والتجاري بين بعض دول التكتل، خاصةً بين الصين والهند.

– التخوف من هيمنة بكين على التكتل، ومن سياسات الإغراق وغياب التنسيق في الأسواق؛ فالصين تُمثل 69% من إجمالي الناتج المحلي لـ”بريكس”، وهو أكثر من ضعف حجم جميع الأعضاء الآخرين مجتمعين.

– عدم امتلاك “بريكس” أو مؤسساته المالية التمويل اللازم لمنح قروض كبيرة أو إخراج الدول من أزماتها الاقتصادية.

– بالرغم من سياسة التعامل بالعملات الوطنية، يُعد القضاء على هيمنة الدولار الأمريكي أمراً صعباً لعدة أسباب؛ أولها، استمرار هيمنة الدولار في النظام التجاري (80% من حجم التجارة العالمية) والمصرفي العالمي. وثانيها، اعتبار الدولار مخزوناً للمدخرات والقيم المالية واحتياطيات البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم. وثالثها، تمتع غالبية دول “بريكس” بعلاقات اقتصادية وثيقة مع الدول الغربية؛ ومن ثم يصعب عليها التخلي الكامل عن استخدام الدولار.

ج- جغرافية:

– غياب الرابط الجغرافي والثقافي بين دول “بريكس”.

– تحفظ بعض الدول على انضمام دول جديدة، والمطالبة بتحديد معايير وشروط واضحة، خاصةً أن التوسع ربما يؤثر في تماسك التكتل ويُبطئ التقدم في عملية صُنع القرار في كتلة يتم فيها اتخاذ القرارات بالإجماع، وفي ظل وجود اختلافات في المصالح بين الدول الأعضاء.

ماذا يحتاج “بريكس”؟

يُعد تجمع “بريكس” إحدى أهم المنصات لتحويل العالم إلى عالم متعدد الأقطاب أكثر عدالة، لكن هذا التحول ربما يتطلب ما يلي:

1- أن تكون هناك أيديولوجيا أو سياسة واضحة تتفق عليها جميع الدول الأعضاء، بما في ذلك قبول الأعضاء الجدد.

2- أهمية التفكير بجدية في فكرة العملة الموحدة التي تجمع دول “بريكس”، وفي إنشاء عملة رقمية ونظام مالي مبتكر بعيداً عن تأثير النظام العالمي القائم.

3- التعاون المشترك بين دول التجمع في مواجهة الأزمات التي تؤثر سلباً في الاقتصاد العالمي والنظام الغذائي؛ وإلا سيظل “بريكس” كياناً ضعيفاً.

4- يتطلب نجاح “بريكس” التعاون من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي داخل الدول الأعضاء.

5- تنفيذ إصلاحات هيكلية في بعض الاقتصادات الوطنية من أجل تعزيز قدرة دول “بريكس” على المنافسة العالمية.

6- التركيز على التعاون في مجالات مثل: الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة؛ بما يزيد من قدرة “بريكس” التنافسية.

ختاماً، قد تكون التحديات التي تواجه تجمع “بريكس” كبيرة، لكن الفرص والإمكانات المتاحة أكبر؛ إذا تم استغلالها بالشكل الصحيح، فمستقبل “بريكس” واعد، وهذا يتطلب تحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي وتضافر الجهود من قِبل الدول الأعضاء لتحقيق أهدافه الطموحة؛ من أجل أن يصبح “بريكس” قوة مؤثرة في تشكيل مستقبل النظام العالمي.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • الصين تهنئ ترامب وتأمل في “تعايش سلمي” مع الولايات المتحدة
  • ما بعد “قازان”: ما الذي يحتاجه “بريكس” ليصبح قوة عالمية مؤثرة؟
  • أمريكا أولاً وترامب آخراً..العالم يستعد إلى تقلبات عاصفة من أوكرانيا إلى غزة وإيران
  • بعد فوز ترامب وقبل مغادرة بايدن، ما الذي تعنيه مرحلة “البطة العرجاء”؟
  • السوداني يهنئ ترامب وفانس ويؤكد التزام العراق بتعزيز العلاقات مع أمريكا
  • أمريكا تدعو السوداني إلى حماية موظفيها ومنع ميليشيا الحشد من استهداف إسرائيل
  • ما هي قصة “الحمار والفيل” اللذين يحكمان الولايات المتحدة منذ عقود؟!
  • السوداني: الإمام السيستاني شخّص احتياجات العراق وتطلعات شعبه
  • ما قصة “الحمار والفيل” اللذين يحكمان الولايات المتحدة منذ عقود؟
  • الجيش الذي “لا يقهر” يستنجد بالمرتزقة