رأي اليوم:
2024-09-20@03:35:22 GMT

لحسن أوزين: رسالة إلى  أبي في عيد ميلاده التسعين

تاريخ النشر: 29th, July 2023 GMT

لحسن أوزين: رسالة إلى  أبي في عيد ميلاده التسعين

لحسن أوزين لا أعرف ما الذي يدفع الناس للاستسلام للضجة المفتعلة حول تحسن الوضع الاستهلاكي والصحي، بما يضمن تجاوز متوسط العمر الذي عاشه الانسان في الماضي، القريب والبعيد.؟  تراهم جميعا يلهثون وراء ترميم أجسادهم التي غزتها الامراض المختلفة الطارئة والمزمنة.  فماذا يريده من تجاوز الستين مثقلا بواحد أو أكثر من الامراض المزمنة السهلة والمعقدة؟  من طبيب لآخر، ومن علاج الى حلم بدواء أكثر فعالية للاستمرار في الحياة، بدون حياة، في ظروف وشروط صحية ونفسية واجتماعية… متآكلة بمفعول أدوية الموت البطيء… يبدو أن هذا الرعب من ترك الحياة نهائيا، والذي تعاش فيه الحياة بألم وعذابات فظيعة على الأقل نفسيا.

خاصة وأن عداد الذاكرة لا يتوقف عن سرد  متخيل الأيام “الماضية الجميلة”، الحياة الحقيقية التي لم تعش، والفرص التي لم تستغل بشكل أفضل في التمتع بالحياة التي يرونها الآن، الحياة الحقيقية، فرحا والتحاما بالطبيعة والناس، والنفس الأمارة بالحب والخير واللعب، والزهد غير المقنع بالدين الى حد الهلاك والتعذيب الذاتي. كما يرون عمرهم هاربا منفلتا من بين جوارحهم كلها،  وقد أغتصب منهم في لحظة انخداع كبرى. السوق وما أدراك ما السوق يا محمد.  يبدو أن فهما خاطئا للحياة التي يستميتون، الآن، في التشبث بها الى آخر محاولة في العلاج، تحت وقع الألم وعذابات الخيبات النفسية الباذخة التي لا تكف عن عزلهم بخوف رهيب، عن أنفسهم، وعن الاخرين، والحياة التي يعتقدون وهما، أنهم يعضون عليها بالنواجد، دون أن يكتشفوا أنهم مجرد سلعة تستثمر وتباع في السوق، بالمعنى الرأسمالي، النيوليبرالي. لو أدركوا  أن الخلود والأبدية والحياة التي يرغبونها كامنة في لحظة، أو لحظات كانوا فيها في مقتبل العمر، وفي أوج الحياة التي عاشوها بعماء العقل وانغلاق النفس، وتخدر الحواس وتشوه الرغبة، وزيف المصلحة… لقد خسروا حياتهم.. ضاعت منهم، تحت وطأة عبء تجذر غباء الكائن الذي لا يحتمل. لا سنوات في العمر المديد تعادل عيش الحياة بكل زخمها الفاتن، بصمتها الهادر، بجنونها المغامر الفادح…، بكل ما تعني في الحواس والعقل والعواطف والجسد والعلائق والدلالات… على اللحظة أن تكون مفارقة، خارج الصيرورة والزوال… ميتافيزيقا من نوع آخر، أقرب الى التراجيديا، أن تكون أبدية خالدة. وبعدها لرهاب الموت ألف لعنة ولعنة. وما يتبقى، أيها الغبي، من سنوات العمر مجرد تفاصيل تتخطى هوس مطاردة سراب ترقيع الجسد، ورتق خيبات النفس والروح التائهة في جحيم كسب أطول قدر ممكن من متوسط العمر، أو بعده قليلا. لا تنخدع بتقسيمات العمر التي فرضتها ألة العمل الرهيبة في إغرائك بإتلاف حياتك، في الجري اللاهث وراء الكدح لمعاشك أو تقاعدك عن العمل، كما يزعمون ويرددون على مسامعك، في العمل والبنك، والسوبر ماركيت… المعاش، التقاعد.. ما أحقر التسمية، وما أبشع المعنى القدحي، والسخرية اللاذعة و الفضيحة الفضائحية، في جعلك تحلم بأحلام تنهش ببطء، ليس فقط لحمك الحي، بل أيضا حياتك التي لا تعوضها بعض سنوات أضيفت لك بحساب مدروس، من مزيد من النهب الجشع لما تبقى منك من سلع صالحة للبيع، أو في المزاد السري لآلة الموت الحقيرة، الأدوية والمصحات، التي تسحقك، جسدا وروحا قبل الإجهاز عليك، يا طويل العمر. ما أجملك، ومأ أبخسك، وأنت تزين جداول البيانات والإحصائيات، دليلا  مقنعا كافيا على تحسن الحياة، والشرط البشري في البقاء أقصى فترة عمر ممكن.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الحیاة التی

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو

وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو

مقالات مشابهة

  • رسالة من قائد الحرس الثوري الإيراني لحسن نصر الله.. هذا مفادها
  • بين الحياة والموت.. أنت حيّ بقدر ما تريد 
  • تفاصيل من الحياة الزوجية لملكة جمال سويسرا التي قطعها زوجها بمنشار
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • أحمد صبور: مبادرة "بداية" خطوة مهمة لتعزيز جودة الحياة
  • اكتشاف “حالة ثالثة” بعد الحياة والموت!
  • عالم مصري يروي لـ«الوطن» تفاصيل ابتكار أسرع مجهر إلكتروني.. «أحد أسرار الحياة»
  • الفشل الذريع الذي رافق الدعم السريع يحمل رسالة كونية واضحه بأن الله لاينصر الخائنين
  • محمد إمام يوجه رسالة لجمهوره في عيد ميلاده الـ 40 (صورة)
  • محمد عادل إمام يوجه رسالة للجمهور بمناسبة عيد ميلاده: «شكراً على كل الحب»