شبكة اخبار العراق:
2024-11-26@08:54:48 GMT

العراقيون وصخرة سيزيف

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

العراقيون وصخرة سيزيف

آخر تحديث: 13 أبريل 2024 - 9:53 صبقلم: باسل الخطيب ياكم وتصديق الأميركيين، لقد خدعونا بوعودهم المعسولة، ودمّروا زراعتنا، فبعد أن كنا من الدول المصدرة للقمح بتنا نستورده نتيجة النصائح الأميركية! هكذا قالت الوزيرة البلغارية لوزير الصناعة والمعادن العراقي الأسبق الراحل عدنان العاني خلال لقائها به في مقر الوزارة، خلال تسعينات القرن الماضي.

إن نصيحة الوزيرة البلغارية، التي جاءت في لحظة صدق مع النفس، وعن تجربة مريرة، تعكس واقع حال من يضع بيضه في سلة الأميركيين من دون تفعيل قدراته الذاتية وترصين جبهته الداخلية.ولعل من المفيد التذكير بـ”بشرى” للعراقيين أطلقها الحاكم المدني حينها، بول بريمر، ذات مؤتمر صحفي، في قصر المؤتمرات، وسط العاصمة بغداد، بقوله إن إدارته وفّرت للعراقيين عشرة آلاف فرصة عمل كعمال نظافة! للدلالة على طبيعة الحلول التي يحملها العم سام للعراق الجديد.إذا ما كان الأميركيون قد أطاحوا بنظام صدام حسين بدافع الحقد والانتقام.. فسرعان ما تبخرت وعودهم بشأن الحياة الأفضل للعراقيين، وبناء نموذج ديمقراطي يحتذى به وما أن فرغ بريمر من كلامه، حتى انبرى له صحافي يمثل جريدة “الزمان”، بسؤال عن أيهما أجدى للعراق، هل تشغيل العراقيين عمال نظافة، أو تشغيل المصانع المتوقفة، ومنها مجمع البتروكيمياويات في البصرة، الذي لم يكن يحتاج إلّا إلى الغاز ليعمل، ويشغّل نحو أربعة آلاف عامل، فضلاً عن جدواه الاقتصادية الكبيرة.. وهل ذلك أفضل أو إنقاذ مليوني طن من الكبريت المستخرج في الشركة العامة لكبريت المشرق، بمحافظة نينوى، متروكة في العراء، عرضة للسرقة والحرائق وباقي الظروف الطبيعية؟ وهو ما أدى إلى ارتباك بريمر الذي لم يجد جواباً مكتفياً بتسجيل المعلومات في أجندته. اللهاث وراء الأجنبي وانتظار بركاته وتوجيهاته أدى بالعراق، كما دول أخرى كثيرة، إلى ما هو عليه الآن، فالمعارضة لنظام صدام حسين، قبّلت أيدي الأميركيين، كما بساطيلهم، للقبول بإطاحته، وهنالك اليوم معارضة من نوع آخر، تسعى للشيء ذاته، في شبه إعادة ممجوجة للتاريخ. وهنا يحق التساؤل عمّا يجري في العراق حاليا بعد 21 سنة على إسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وما هذا الانحطاط الاجتماعي عامة والخطاب السياسي خاصة، وكيف طفت طبقة من سقط المتاع وأراذل القوم على السطح، بل وباتت تحتكر نجومية المجتمع، وهل ثمة أمل يرتجى من الطبقة السياسية الحالية، الفاسدة حتى النخاع، لاسيما أنها باتت غير قادرة على إنتاج ساسة أكفاء يؤمنون بأهمية الحكم الرشيد وجدواه، وبولاية الشعب على مصيره، وهل بات على العراقيين تسليم مقدراتهم للأكاذيب نفسها، وهم يخدعون أنفسهم بأن فاقد الشيء قد يعطيه وبأن مَن نبت وجودهم من تربة الفساد والعمالة والاستبداد يمكن أن يكونوا أنبياء تحرر أو دعاة إصلاح؟ اللهاث وراء الأجنبي وانتظار بركاته وتوجيهاته أدى بالعراق إلى ما هو عليه الآن، فالمعارضة لنظام صدام حسين، قبّلت أيدي الأميركيين للقبول بإطاحته وإذا ما كان الأميركيون قد أطاحوا بنظام صدام حسين بدافع الحقد والانتقام، مستندين في ذلك إلى تلفيقات بان زيفها للقاصي والداني، فسرعان ما تبخرت وعودهم بشأن الحياة الأفضل للعراقيين، وبناء نموذج ديمقراطي يحتذى به، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، مع طلوع شمس أول يوم من أيام احتلالهم للعراق، واستنساخ النموذج اللبناني بالتوزيع المفخخ للسلطات، حتى أن تجربتهم في البلد باتت لعنة تلاحقهم. على صعيد متصل فإن هاجس الطبقة السياسية التي هيمنت على مقدرات العراق بعد 2003، كان وما يزال الحقد والانتقام أيضاً، حيث نجحت بامتياز في إشاعة الجهل والتخلف والمخدرات، وبث الفرقة والتنافر بين فئات المجتمع، وتعطيل عجلة الإنتاج، وإشاعة الفساد والسلاح المنفلت، وتحويل نظام الحكم إلى نوع من الاستبداد الجديد، أبعد ما يكون عن النماذج الديمقراطية، وأفرغت الانتخابات من معناها وجدواها، وحوّلت الحكم إلى شكل مشوّه يعتمد على الابتزاز والثراء غير المشروع. وأكثر من ذلك بات العراق رهينة منهوبة ومسلوبة الإرادة والسيادة تتلاعب بمقدراته دول إقليمية وعالمية، وعامل تهديد لاستقرار المنطقة، الأمر الذي لم ينسف جوهر التغيير من الأساس وحسب، بل وربما ينذر أيضاً بنسف وجوده كبلد موحد.وبعد ذلك كله هل بات قدر العراقيين (منذ سنة 1958 وحتى الآن) كقدر “سيزيف”؟ وإلى متى يبقى العراقي يدحرج آماله وتطلعاته، بحياة حرة كريمة والعيش في بلد تسوده العدالة والمساواة، كسيزيف، الذي يدحرج صخرته صعوداً إلى جبل، حتى تعود للتدحرج نزولاً من جديد، مراراً وتكراراً، ليتقهقر مع كل مرة إلى قاع جديد وسحيق.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: صدام حسین

إقرأ أيضاً:

لماذا يستغرق انتقال السلطة بين الرؤساء الأميركيين وقتا طويلا؟

تمر 75 يوما كاملة بين إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية وتولي الرئيس الجديد منصبه رسميا في البيت الأبيض إثر تسلمه مقاليد السلطة من الرئيس المنتهية ولايته.

وتعتبر هذه الفترة الانتقالية أطول من مثيلاتها في الدول الأوروبية، فرغم أن الانتخابات جرت في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2024 فلن يتم تنصيب الرئيس الجديد إلا في 20 يناير/كانون الثاني 2025.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما الذي يريده الأميركيون من ترامب وما التحديات المنتظرة؟list 2 of 2ترامب يسعى لإفلاس إيران باعتماد سياسة الضغط الأقصىend of list نظام انتخابي معقد

ولعل أبرز أسباب طول المدة الانتقالية هو نظام الاقتراع غير المباشر لرئيس الولايات المتحدة، فكما هو معلوم عندما يتوجه الأميركيون إلى صناديق الاقتراع، فهم في الواقع يصوتون لاختيار ما يسمى "كبار الناخبين" الذين سيشكلون المجمع الانتخابي، وهي الهيئة المسؤولة عن اختيار ساكن البيت الأبيض بشكل رسمي على أساس التصويت الشعبي في كل ولاية.

وهؤلاء "الناخبون الكبار" البالغ عددهم 538 لا يجتمعون عادة قبل منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول، ويجب بعد ذلك قراءة النتيجة وإعلانها خلال جلسة مشتركة للكونغرس في واشنطن في السادس من يناير/كانون الثاني.

علما أنه خلال القرنين السابقين كانت عمليات النقل والاتصالات تستغرق وقتا أطول مما هي عليه اليوم حتى يتم تجميع النتائج في الولايات المختلفة ونقلها إلى المركز، ولكي يرتب الفائزون انتقالهم إلى واشنطن.

وفضلا عما سبق، يحتاج الرئيس الجديد لتعيين أكثر من 4 آلاف شخص في مناصب مختلفة في الإدارة، يتطلب جزء منهم (أكثر من ألف) مصادقة مجلس الشيوخ، كما يجب تقييم الآخرين والتحقق من خلفياتهم.

وقد أدى دخول التعديل 20 للدستور الأميركي حيز التنفيذ، عام 1933، إلى تقصير الفترة الانتقالية بتحديد موعد تنصيب الرئيس في 20 يناير/كانون الثاني.

وقد جاء هذا التعديل لإعطاء الكونغرس الجديد (مجلسي النواب والشيوخ)، الذي يتولى منصبه في الثالث من يناير/كانون الثاني، الوقت الكافي لحسم بعض المسائل على غرار التعادل المحتمل بين مرشحين في المجمع الانتخابي، وهو السيناريو الذي حدث مرة واحدة فقط في تاريخ البلاد خلال المواجهة بين توماس جيفرسون وآرون بور عام 1800.

مساوئ

ويرى المراقبون أن امتداد الفترة الانتقالية لأكثر من شهرين هي في الواقع مدة زمنية طويلة جدا، وقد تنجر عن ذلك مشكلات في بعض الأحيان كما حدث في عام 2020 عندما حاول أنصار دونالد ترامب قلب النتائج خلال الفترة الانتقالية، وهو أمر كان من الممكن تفاديه لو تسلمت الإدارة الجديدة مهامها مباشرة.

ومن مساوئ طول الفترة الانتقالية أيضا إضعاف الإدارة المنتهية ولايتها التي تعاني حتما من فقدان نفوذها، في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس الفائز بإعداد فريقه الحكومي وإجراء اتصالات مع القادة الأجانب.

ويذكر التاريخ الأميركي أن هذه الفترة الانتقالية بين الإدارتين تمتد أحيانا لوقت أطول، إذ استغرق الأمر في بعض الأحيان 4 أشهر كاملة، ليتولى الرئيس الجديد مهامه في مارس/آذار، حتى أن أول رئيس للولايات المتحدة جورج واشنطن تم تنصيبه في أبريل/نيسان بسبب سوء الأحوال الجوية.

مقالات مشابهة

  • “الكيماوي والطحين”.. صهر صدام حسين يكشف حقيقة ما حصل في دهوك
  • كيف نظر صدام حسين إلى عبد الكريم قاسم بعد محاولة اغتياله؟ صهره يكشف التفاصيل المدهشة!
  • لماذا يستغرق انتقال السلطة بين الرؤساء الأميركيين وقتا طويلا؟
  • كنا نعتمد فلسفة القوة.. وزير خارجية العراق يقارن توجه البلاد الحالي وعهد صدام حسين
  • رئيس مؤسسة غالوب عن نتائج التعداد السكاني: العراقيون يتجاوزون الـ 50 مليون نسمة
  • السوداني: أبارك للعراقيين مرور قرن كامل على العمل الدبلوماسي في العراق
  • مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإيران بالمكان؟
  • فؤاد حسين يحتفل على أنغام عود بـ 140 مليون: رقص على الدماء
  • كاتب أمريكي: العراق ركيزة أساسية في محور المقاومة الذي تقوده إيران
  • مدير مخابرات صدام: هكذا اعتقلني الأميركيون وأخذوا سيارتي وساعتي