من الواضح أنّ البلاد دخلت في "إجازة مفتوحة" ولا نشاط سياسيّا فعليّا، حتى بما يتعلق بالاستحقاقات المؤجّلة أصلاً، والتي تأخّر أوانها، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية المفترضة منذ أواخر 2022.
 
ينطبق ذلك على ما يمكن تسميته بـ"المبادرات الرئاسية"، فمبادرة "الاعتدال" شبه مجمّدة رغم كلّ التعويل عليها منذ إنهاء الكتلة جولتها على الفرقاء، والتي قيل إنّها ستتبعها جولة ثانية "تنفيذية" بعد الحصول على أجوبة منتظرة، خصوصًا من "حزب الله"، فيما حراك "الخماسية" معلَّق هو الآخر، بفعل مغادرة عدد من السفراء إلى بلدانهم لتمضية إجازة الأعياد، ولو حاول البعض الآخر "التعويض" ببعض النشاط، الذي بدا بمثابة "بدل عن ضائع".


 
وفي حين لا تزال زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان المفترضة منذ مطلع العام "بحكم المؤجّلة"، بانتظار بلورة حراك "الخماسية" الذي يتولاه السفراء المعتمدون، ونضوج بعض المعطيات التي يريدها حتى لا تكون رحلته المقبلة كسابقاتها، فإنّ علامات استفهام تُطرَح حول "مصير" هذه المبادرات بالجملة، فهل تمهد إجازة الأعياد لـ"انفراجة" سيحين أوانها بعد الفطر؟!
 
"ترنّح" المبادرات
 
يقول العارفون إنّ الثابت اليوم هو أنّ أيّ "خرق" على المستوى الرئاسي مُستبعَدٌ بالمُطلَق ولو أنّ البعض يمنّي النفس بـ"مشاورات" يمكن أن تخلق ديناميّة ما، من شأنها أن تفتح الباب أمام إطلاق "الحوار الرئاسي" الذي طال انتظاره، إلا أنّ ذلك لم يحصل مثلاً في عيد الفصح مثلاً، حيث لم تنجح المشاورات التي رُصِدت في بكركي مثلاً في إحداث أيّ تغيير، بل ثمّة من يرى أنّ "التعقيدات" قد ازدادت، خصوصًا بعد عظة البطريرك بشارة الراعي.
 
ولعلّ ما يعزّز هذا الاعتقاد أنّ المبادرات الرئاسية "مترنّحة" بشكل أو بآخر، ولو حاول القيّمون عليها تبرير هذا "الترنّح" بجمود فترة الأعياد، فمبادرة "الاعتدال" التي اعتقد البعض أنّها ستُحدِث "الخرق"، اصطدمت بالشروط والشروط المضادة، وكذلك بالتفسيرات والتفسيرات المضادة، بل إنّها تحوّلت في مكان ما إلى مادة أخرى لـ"تقاذف المسؤوليات" بين هذا الطرف وذاك، مع اتهام كلّ فريق خصمه بـ"إفراغها من مضمونها"، وصولاً لحدّ "نسفها" من الأساس.
 
وإذا كان هناك من يرجّح أن يُعاد "إنعاش" هذه المبادرة بشكل أو بآخر، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، فإنّ هناك من يراهن على حراك سفراء "الخماسية" الذي يفترض أن يتجدّد أيضًا بعد الأعياد، من خلال لقاءات يقال إنّها ستشمل هذه المرّة رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل، وكذلك "حزب الله"، إلا أنّ هذا الحراك أيضًا ضربته سهام "الترنّح" وفق البعض، ولا سيما بعدما أضحى عبارة عن "جولات استطلاعية" لا تقدّم أمورًا عمليّة.
 
ترقّب بانتظار.. معجزة؟
 
وسط هذا المشهد الضبابي للمبادرات "المترنّحة" التي يُخشى أن تلتحق بتلك التي سبقتها، وفي مقدّمها المبادرة الحوارية لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ولو أنّ الأخير يؤكد أنّ كلّ ما يُطرَح من أفكار "يدور" حول جوهر مبادرته أساسًا، يبدو أنّ "الترقّب" يبقى سيد الموقف في المرحلة المقبلة، وهو "ترقّب" يمتدّ من المستويات العسكرية، ربطًا بالهدنة التي طال انتظارها في قطاع غزة، إلى المستويات السياسية، بانتظار عودة حركة الموفدين الدوليين.
 
فعلى الرغم من أنّ هناك من يتّهم "حزب الله" بربط كل الاستحقاقات بجبهة غزة، ويطالبه بـ"فصل المسارات"، سواء على مستوى الجبهة المفتوحة جنوبًا وربما بقاعًا، أو على مستوى الرئاسة المجمّدة، فإنّ كل المؤشرات تدلّ على أنّ الوسطاء أنفسهم باتوا ينتظرون تحقّق "الهدنة" في غزة، قبل تشغيل محرّكاتهم رئاسيًا، باعتبار أنّ مثل هذه الهدنة يمكن أن تشكّل فرصة "مثالية" لانتخاب الرئيس في لبنان، تحضيرًا لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب.
 
أما على مستوى زيارات الموفدين، فكلّ المعطيات المتوافرة تشير إلى أنّها مؤجّلة، ولو أنّ الموفد الفرنسي جان إيف لودريان "جاهز" للعودة كما وعد، إلا أنّ هذه العودة يجب أن تكون منسّقة مع سائر أعضاء "الخماسية"، وبالتالي فأيّ زيارة من هذا النوع لن تحصل قبل أن تأتيه إشارات واضحة من سفراء "الخماسية"، الذين يتولّون "تحضير الأرضية" لحراك متجدّد، حتى لا تكون زيارته "دعسة ناقصة"، فتنتهي كما انتهت سابقاتها بلا أيّ نتائج عملية.
 
لا جديد إذًا يُبنى عليه على خطّ الملف الرئاسي، بل لعلّها الرسائل نفسها تتكرّر منذ أشهر طويلة، فالخرق مُستبعَد في الوقت الحاليّ، والترقّب سيد الموقف، ولو أنّ عناوينه تغيّرت قبل وبعد حرب غزة. أما "الثابت" الذي يبدو أنّ هناك من يصِرّ على عدم تلقّفه، فيبقى أنّ الكرة هي في ملعب اللبنانيين، بعيدًا عن كلّ الوسطاء، والمطلوب منهم أولاً أن يتفاهموا على مبدأ التفاهم بالحدّ الأدنى، وإلا فلا رئاسة ولا من يحزنون! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هناک من ولو أن

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز تدعو بايدن للانسحاب من السباق الرئاسي.. أعلن عزمه على الاستمرار

دعت هيئة تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية العريقة، الجمعة، الرئيس جو بايدن إلى الانسحاب من السباق إلى البيت الأبيض غداة مناظرته مع منافسه الجمهوري دونالد ترامب.

وكتبت الصحيفة في افتتاحية نشرت مساء الجمعة: "بايدن كان رئيسا مثيرا للإعجاب. في ظل قيادته، ازدهرت الأمة وبدأت في معالجة سلسلة تحديات طويلة الأمد، وبدأت الجروح التي فتحها ترامب في الالتئام. لكن أعظم خدمة عامة يمكن أن يؤديها بايدن الآن هي أن يعلن أنه لن يستمر في الترشح لإعادة انتخابه".

في المقابل أكد بايدن، الجمعة، عزمه على مواصلة خوض السباق الرئاسي رغم أدائه السيئ في المناظرة أمام ترامب.


وقال بايدن أمام تجمع لأنصاره في ولاية كارولاينا الشمالية: "لم أعد أسير بسهولة كما كنت أفعل سابقا، لم أعد أتكلم بطلاقة كما كنت أفعل سابقا، لم أعد أناظر بالجودة السابقة نفسها، لكنني أعلم كيفية قول الحقيقة".

وأضاف: "أعلم الصواب من الخطأ. أعلم كيفية تأدية هذه المهمة. أعلم كيفية إنجاز الأمور. أعلم، كما يعلم ملايين الأمريكيين، أنك حين تسقط فإنك تنهض مجددا".

وتحدثت وسائل الإعلام الأميركية عن "ذعر" حقيقي خلّفته المناظرة في صفوف الديمقراطيين، قبل أربعة أشهر من الانتخابات وقبل نحو ستة أسابيع من المؤتمر المفترض أن يُنصَّب فيه الرئيس الأمريكي مرشّحا رسميا للحزب.

لكن حاليا، لم تُعبّر أي شخصية وازنة في الحزب الديمقراطي عن هذا الشعور علنا.

"أكبر عدد من الأكاذيب"
وبدا، الجمعة، في كارولاينا الشمالية أن بايدن يقول الكلمات التي شاء أنصاره أن يقولها خلال المناظرة، لكنه لم يتمكن من ذلك.

وتابع الرئيس الأمريكي: "هل شاهدتُم ترامب الليلة الفائتة؟ أعتقد أنه حقق رقما قياسيا جديدا لأكبر عدد من الأكاذيب في مناظرة واحدة".

وقال أيضا: "لم أكُن لأترشّح مجددا لو لم أكُن مؤمنا من كل قلبي بأنّني قادر على تأدية هذه المهمة".

وشدد بايدن أن "ترامب أكبر تهديد لهذه الأمّة. إنّه تهديد لحرّيتنا. إنّه تهديد لديمقراطيّتنا. إنّه حرفيا تهديد لكلّ شيء تدافع عنه أمريكا".

ولتبيان مدى سوء الوضع إثر المناظرة، تكفي المقالة اللاذعة لتوماس فريدمان الذي يطرح نفسه "صديقا" للرئيس الأمريكي، الصادرة الجمعة في صحيفة "نيويورك تايمز".

كتب فريدمان أنّ بايدن "رجل طيّب، رئيس جيّد، لكنّه ليس في وضع يسمح له بالترشّح لولاية ثانية"، كاشفا أنه "بكى" لدى رؤيته الرئيس الديمقراطي البالغ 81 عاما والذي بدا منهكا في بعض الأحيان، ومتلعثما خلال مناظرة استمرت 90 دقيقة أمام كاميرات شبكة "سي أن أن" الإخباريّة.

وكتبت ماريا شرايفر، ابنة شقيقة جون كينيدي، الرئيس الأمريكي الذي اغتيل عام 1963، وحليفة بايدن، على منصة "إكس": "قلبي مفطور".

 مخاطر سياسية
وعاد ترامب أيضا إلى الحملة الانتخابية، الجمعة، وخاطب تجمعا حاشدا في فيرجينيا حيث شن هجماته المألوفة على بايدن.

وقال ترامب: "الأمر لا يتعلّق بعمره، بل بكفاءته".

وأضاف: "السؤال الذي يجب على كل ناخب طرحه على نفسه اليوم، ليس إذا كان جو بايدن يستطيع النجاة من أداء مناظرة مدتها 90 دقيقة، لكن إذا كان بإمكان أمريكا البقاء أربع سنوات أخرى تحت حكم المحتال جو بايدن".

وتابع ترامب: "يقول كثير من الناس إنه بعد أداء الليلة الماضية، سيترك جو بايدن السباق. لكن في الحقيقة أنا لا أصدّق ذلك، لأنه يحقق في استطلاعات الرأي نتائج أفضل من أي من الديمقراطيين الآخرين الذين يتحدثون عنهم".

يرى محللون أن اختيار الديمقراطيين بديلا من بايدن سينطوي على مخاطر سياسية عدة، وسيتعين على بايدن أن يقرر بنفسه الانسحاب لإفساح المجال أمام مرشح آخر قبل مؤتمر الحزب.

والمرشّحة الأبرز للحلول محله هي نائبته كامالا هاريس التي دافعت بإخلاص عن أدائه، الخميس، مع اعترافها بأنّ انطلاقته كانت "صعبة".

أما رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون فأكّد أنّ بايدن "ليس قادرا على أن يكون رئيسا، ولا يمتعنا قول ذلك لأنّ الأمر خطير جدا".


إذا قرّر بايدن الانسحاب، سيجتمع الديمقراطيون في آب/ أغسطس في شيكاغو في ما يُعرف بالمؤتمر "المفتوح"، حيث سيعاد خلط الأوراق ولا سيما أصوات المندوبين الذي صوّتوا للرئيس.

وسيكون هذا السيناريو غير مسبوق منذ عام 1968 حين تعيّن على الحزب إيجاد بديل من الرئيس ليندون جونسون بعد أن سحب الأخير ترشّحه في خضم حرب فيتنام.

وتم ترشيح نائب الرئيس حينها هوبرت همفري الذي خسر الانتخابات أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون.

مقالات مشابهة

  • نقاشات الرئاسة بعد أسبوعين.. بخاري: مساعي الخماسية لم تتوقف
  • نيويورك تايمز تدعو بايدن للانسحاب من السباق الرئاسي.. أعلن عزمه على الاستمرار
  • بخاري زار دريان: مساعي الخماسية لم تتوقف في مساعدة اللبنانيين لانتخاب رئيس
  • المعسكر الرئاسي يحرص على تغييب صورة ماكرون بحملته الانتخابية
  • توقيف قائد ثانٍ في الجيش البوليفي بعد محاولة الانقلاب
  • هل يزعج الفراغ الرئاسي حارة حريك؟
  • زيارة بارولين ولقاء بكركي.. اهتمام فاتيكاني بلبنان والحل معلّق!
  • فشل محاولة انقلابية بعد هجوم عسكري على القصر الرئاسي
  • توقعات بتحريك اجتماعات اللجنة الخماسية.. والجامعة العربية جددت مساعيها
  • ندوة تستعرض المشروعات والمبادرات لتحقيق الحياد الصفري الكربوني