هذا العنوان، يطابق واقعة عندما خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الناس، ونصحهم ألا يغالوا في مهور النساء، وبيّن لهم أن المغالاة في المهور لو كانت مكرمة في الدنيا أو الآخرة، لفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، فقامت إليه إحدى النساء وقالت: يا عمر يعطينا الله وتحرمنا، أليس الله سبحانه يقول (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا).
هنالك تهويل لأمر الذكاء الاصطناعي، بدرجة أن بعض أساطين عالم الأعمال والكمبيوتر، من بينهم أيلون ماسك صاحب شركة تيسلا للسيارات الكهربائية، وبيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة، والعالم الفيزيائي الراحل ستيف هوكينغز قالوا إن هذا النمط من الذكاء سيؤدي إلى حلول الآلات الذكية محل البشر في كافة المجالات، وهم بهذا يزعمون أن الحوار (التلميذ) قادر على التغلب على شيخه (أستاذه)، فالكمبيوتر وكل ما أتى به، من صنع الإنسان الآدمي، الذي خلقه الله في أحسن تقويم، ومكّنه في الأرض، لأنه أكثر من يعيشون عليها ذكاء وقدرة على التصرف، ومواجهة الطوارئ وإيجاد الحلول لما يطرأ من مشكلات.
الأمر الذي لا شك فيه هو أن الذكاء الاصطناعي ثورة وطفرة علمية هائلة وذات أثر بعيد وعميق، لعل أخطرها تكريس البطالة، خاصة بين شاغلي الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية، مما سيؤدي إلى تكريس الفوارق الطبقية، مما سيؤدي بدوره إلى اضطرابات سياسية واجتماعية..يبدأ التهويل من أمر الذكاء الاصطناعي بالتهليل لقدراته الضخمة على هرس الأرقام وطحنها، وهذا أمر حققه العلم الحديث قبل عصر الأنترنت بكثير، وهب أنه أنتج الطحين المنشود، هل لديه أي قدر من وعي وأحاسيس وإرادة حرة وقدرة على الإبداع؟ إجراء العمليات الحسابية بسرعة ودقة باستخدام كوكتيل من الخوارزميات يختلف كثيرا عن الطريقة التي يعمل بها العقل البشري، ومهما اكتنز الكمبيوتر من أطنان من المعلومات فإنه سيظل يفتقر لـ "الخبرة الإنسانية" المتوارثة عبر القرون، وسيظل مجرد مقلد للإنسان. هل يستطيع أكثر مهندسي برامج الكمبيوتر التطبيقية ان يطوع الخوارزميات لجعل الكمبيوتر يعض على ليمونة ليحس بحموضة محتواها؟ وقد ينجح الكمبيوتر في تحليل ضائقة اقتصادية على نحو دقيق وطرح حلول لعلاجها، ولكنه لن يوصي مثلا بمنح إعانات مادية للأسر المعسرة لحين من الدهر، لأنه يفتقر إلى "الحس الإنساني".
الأمر الذي لا شك فيه هو أن الذكاء الاصطناعي ثورة وطفرة علمية هائلة وذات أثر بعيد وعميق، لعل أخطرها تكريس البطالة، خاصة بين شاغلي الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية، مما سيؤدي إلى تكريس الفوارق الطبقية، مما سيؤدي بدوره إلى اضطرابات سياسية واجتماعية، وبما أن الذين يغذون الكمبيوتر بالبيانات والمعلومات يعيشون في عالم فيه الكثير من التمييز السلبي على أساس العرق والجنس (ذكورة وأنوثة) والدين، فإن مخرجات الذكاء الاصطناعي المجرد من الأحاسيس، ستكرس ذلك الضرب من التمييز في مجالات التوظيف ومنح القروض والمحاكم.
وبما أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على اتخاذ قرارات تؤثر على حياة الأفراد فعلى من تقع مسؤولية قرارات يتضرر منها الفرد أو الجماعة؟ من هي الجهة التي ينبغي أن تمارس الشفافية فيما يصدر عن الذكاء الاصطناعي بحيث لا يتم انتهاك خصوصيات الأفراد والمجتمعات؟ وهل ستربح الشركات من تعامل زبائنها مع شخوص روبوتات (آليين)، أم أن التعامل وجها لوجه بين الزبون ومسوؤلي التعامل مع الجمهور هو الأجدى، كما أثبتت التجارب والدراسات عبر القرون؟
يتحدث كثيرون عن الذكاء الاصطناعي وكأنه في طور الشرنقة، أي لم يكمل نموه، بينما واقع الأمر هو أن بلايين بني البشر ظلوا يستفيدون منه منذ عقود، بعد الطفرات التكنولوجية الهائلة التي شهدها العالم خلال العقود الأربعة الأخيرة، ولكن افتراض أننا على أعتاب نقلة هائلة في مجال الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب فيه الكثير من الشطح، فأن تأتي بجهاز ليقلد التفكير والفعل البشري يتطلب الكثير من الوقت والمال، فبرمجياته الصلبة والتطبيقية تتطلب التطوير المستمر، مما يجعل تكلفة الاستفادة منه باهظة لا طاقة لمعظم الدول على تكبدها، ثم ان الذكاء الاصطناعي لا ولن يملك القدرة على التفكير خارج الصندوق، لأنه يفتقر القدرة على الابداع والابتكار وسيظل أسير ما به من بيانات ومعلومات.
وما هو أخطر من كل ذلك في تقديري هو أن الركون لخدمات الذكاء الاصطناعي ليؤدي عددا من المهام ذات الطابع الرتيب، سيؤدي إلى خمول العقل والجسم البشري، وكل من يملك هاتفا ذكيا يدرك كم أضر هذا الهاتف بذاكرته، لأنه ترك للهاتف مهاما كان يقوم بها الدماغ: حفظ أرقام هواتف الآخرين والمواعيد المهمة إلخ، بل إن التصحيح التلقائي في الهواتف والكمبيوتر، يتسبب في ضعف قدرات جيل كامل على كتابة المفردات والجمل، لأن المصحح التلقائي غير معصوم من الخطأ، ويقترح على المستخدم كلمات قد لا تكون مناسبة أو حتى صحيحة، وينطلي خطؤها على كثيرين.
وقوع الأنترنت تحت سطوة الولايات المتحدة جعلها في مركز قوة تسمح بهذا وتحظر ذاك، وكل المنصات والتطبيقات التي تدر البلايين على أصحابها أمريكية (فيسبوك وتويتر/إكس، ويوتيوب وغوغل على سبيل المثال لا الحصر) وفي 13 آذار/ مارس المنصرم اصدر مجلس النواب الأمريكي قرارا بحظر تطبيق تيك-توك ذائع الصيت، إلا مفصولا من الشركة الأم وهي شركة بايت دانس الصينية، وراج في العديد من وكالات الأنباء أن السبب الرئيس للحظر، هو ان التطبيق احتشد بالمتعاطفين مع فلسطين والمستنكرين لحرب إسرائيل عليها، مما جعل اللوبي الصهيوني يحرك أراجوزاته في الكونغرس لاستصدار الحظر.
وفي هذا يقول مثل سوداني "ال ماسك القلم لا يكتب نفسه شقي" أي أن من بيده إصدار القرارات، يعمل على ضمان مصالح "نفسه".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه رأيه الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا رأي تطورات ذكاء اصطناعي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی سیؤدی إلى مما سیؤدی
إقرأ أيضاً:
هل يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل أطفالنا؟
شمسان بوست / متابعات:
الذكاء الاصطناعي حديث الساعة على صفحات الجرائد والمجلات، وبات يشكل حيزًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة، ولديه القدرة على المساعدة في حل المشاكل المعقدة، ولكننا عرفنا أيضًا مخاوف جدية عنه، خصوصاً الطرق التي قد يغير بها حياة الأطفال والمراهقين.
فعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يتقدم بشكل أسرع مما يتوقعه أي شخص، فإننا لم نفكر بعد في تأثيره على الرفاهية الاجتماعية والعاطفية للأطفال، الذين لديهم قابلية كبيرة للارتباط بالألعاب- وحتى قبل مرحلة الإنترنت والأجهزة المحمولة-!
من هنا يتبادر إلى الذهن سؤال واحد هو: كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي بين السلبيات والإيجابيات في حياة أطفالنا؟ اللقاء والدكتور محمود حسن أستاذ الحاسب الآلي والبرمجة الإلكترونية للشرح والتفسير.
*فوائد الذكاء الاصطناعي للأطفال
أشار خبراء صحة الأطفال في منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” إلى أن الأطفال في جميع أنحاء العالم أصبحوا يستخدمون الذكاء الاصطناعي بشكل يومي تقريبًا، ويمكن للذكاء الاصطناعي والمراقبة الأبوية الجيدة أن تحسن حياة الأطفال بطرق إيجابية وعصرية ومنها:
*تحسين الخبرات التعليمية
مع تقدم الذكاء الصناعي، تسابقت الشركات المهتمة بالتعليم لإنشاء نماذج ذكاء اصطناعي تلبي احتياجات الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و12 سنة، ويولّد ردودًا مناسبة بحسب العمر فقط.
لقد أنشأ الذكاء الاصطناعي قوته وإمكاناته المثيرة، طريقة تعليمية وممتعة للأطفال؛ للوصول إلى المعلومات على الإنترنت، ولكن مع مراعاة الحماية والأمان المناسبين للعمر.
كما يمكنه مساعدة الأطفال في تحسين مهاراتهم اللغوية وحتى تعلم لغات جديدة، مع تقدم الذكاء الصناعي تسابقت الشركات المهتمة بالتعليم لإنشاء نماذج ذكاء اصطناعي تلبي احتياجات الأطفال.
* الذكاء الاصطناعي يعزز الإبداع:
نحن نعيش في عالم مرئي، لذا يحتاج الأطفال إلى طرق للتعبير عن أفكارهم من خلال الصور والتصوير والرسوم البيانية وغيرها،
لهذا يعد الذكاء الاصطناعي ذا قيمة للفنانين الناشئين، وأيضًا للأطفال الذين يرغبون في إنشاء عروض بيانية ومخططات، ورسوم متحركة.
وقد يكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على تحفيز الأطفال والتفاعل معهم بطرق جديدة؛ حيث يوفر طرقًا جديدة للاستمتاع واكتشاف عالمهم.
الذكاء الاصطناعي يساعد في حل المشكلات:
من خلال التفاعل مع الروبوتات الاجتماعية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسن الطريقة التي يعبر بها الأطفال عن أفكارهم وتحليلهم للمواقف، ويمكنه أيضاً تحسين قدرات فهمهم بشكل نقدي.
كما أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يتفاعلون مع هذه الروبوتات الاجتماعية عرضة لأن يعاملوها كشريك بشري، كما يساعد التفكير النقدي الأطفال في التعاون والتواصل مع الروبوتات بشكل إنتاجي.
الذكاء الاصطناعي يجهز الأطفال لفرص الوظائف في المستقبل:
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُعِد الأطفال في سن مبكرة للفرص المستقبلية في سوق العمل المتطور بسرعة، كما يمكن أن يوفر للأطفال الكفاءات والمعرفة اللازمة للنجاح في عالم التكنولوجيا.
مثل برمجة الحاسوب وتحليل البيانات، وذلك من خلال فهم إمكانيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، كما يمكن للأطفال أن يحظوا ببداية جيدة في الاستكشاف والتحضير لحياة مهنية في مجالات التكنولوجيا والابتكار.
* مخاطر الذكاء الاصطناعي على الأطفال
على الآباء إدراك أن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين بالنسبة للأطفال، والعامل الحاسم هو الأبوان اللذان عليهما توجيه أطفالهما ومراقبتهم كي ينعموا بأكبر فائدة، وأقل ضرر من الذكاء الاصطناعي ؛ فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يلحق الضرر بالأطفال والأسر، خاصة أن عالم الإنترنت كبير ومفتوح، ومن طبيعة الطفل أنه فضولي ويحب الاكتشاف، وهذا ما يفتح الأبواب نحو المخاطر.
* قد ينشر الكراهية والتحيز والصور النمطية:
بما أن الذكاء الاصطناعي “يتعلم” من كل ما يجده على الإنترنت، فقد تعكس منصات الذكاء الاصطناعي نفس المتحيزات التي تهدد بتقسيمنا وعزلتنا، وبالتالي فإن المحتوى الذي يُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي يعزز الصور النمطية والأكاذيب، وعلى البالغين أن يكونوا جاهزين للحديث مع الأطفال عما يرونه عبر الإنترنت.
* الشخصيات الوهمية وراء محتالي الإنترنت:
المخاطر المقلقة للغاية للأطفال عبر الإنترنت تتمثل في: تهديد المعتدين والمحتالين، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي على وجه التحديد أن يُمكّن المحتالين عبر الإنترنت الاختباء وراء شخصيات وهمية.
وهؤلاء المحتالون يمكنهم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لإنشاء روايات تحاكي قصص الأطفال، مما يزيد من خطر استمالة الأطفال واستغلالهم.
كما أن الألعاب والعوالم الافتراضية التي يُنشئها الذكاء الاصطناعي تقدم فرصًا كبيرة للتفاعل الاجتماعي، ولكنها يمكن أيضًا أن تعرّض الأطفال لسلوك عدواني.
* انتهاك خصوصية الأطفال وذويهم:
يجمع الذكاء الاصطناعي كمية هائلة من البيانات، فعلى سبيل المثال، عُثر على لعبة واحدة تسجل المحادثات بين الآباء والأطفال وأي شخص آخر قريب، مع إمكانية نقل البيانات من هذه المحادثات إلى أطراف ثالثة.
ومن الصعب متابعة التقارير المتعلقة بالألعاب والأجهزة التي قد تنتهك خصوصية عائلتك، ولكن قد يرغب الآباء في تجنب الألعاب التفاعلية التي يمكنها التحدث مع الأطفال.
* دعم العزلة الاجتماعية في المجتمع:
يواجه الأطفال والمراهقون حالياً وباء العزلة الاجتماعية، ويمكن أن تقلل الأنظمة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي من الوقت الذي يقضونه في التفاعل مع الآخرين.