الثورة نت:
2025-03-04@12:24:24 GMT

الزامل والبرع..فن الرجولة الذي لا شبيه له

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

 

تطفو الهوية الإيمانية الإنسانية الحضارية للشعب اليمني على موج زاخر من السمات الثقافية الحية والتي تتمازج مع محصول أو ركامٍ ثري موروث من العادات والتقاليد النابضة في مفاصل حياته اليومية بمناسباتها ومواسمها ومحطاتها الإحيائية الشتى، كمواسم الزرع والحصاد والزواج والنفير لمواجهة عدو أو غاز، ومناسباتِ الوداع والمآتم وأيضا مناسباتِ الأعياد، وعلى رأسها عيدا الفطر والأضحى المباركان، وسوى ذلك من المناسبات البهيجة أوالحزينة.

.
من بين تلك السمات الثقافية أو الفنون العريقة..فنُّ”الزامل”، الذي يتصل به وعلى نحو عضوي قوي فنٌ آخر لايقل عنه عراقةً وتميزا، هو “البرع” .
“الزامل” هو صهيل الروح اليمنية الشجاعة المقاتلة والمتشبثةِ بدينها وعزتها وكرامتها وأرضها، والتي لاتهادن ولاتنكسر في مواجهة المعتدين والغزاة عبر التاريخ حتى اليوم..
و”البرع” هو التحليق عالياً فوق السحاب، لتلك الروح الأبية الفولاذية “المشحوطة” المنتصرة – دائما – على العدو والغازي المجاوز للحدود ..!
وبينهما (أي الزامل والبرع)- كما سلفت الإشارة- علاقة عضوية لا تنفك أبداً..
نحن نتحدث-إذن-عن فن مركب لا شبيه له، على أوسع المستويات، في وهج الرجولة العالي الذي تتكئ عليه حركة الإيقاع والنبرة والمعاني والدلالات والإيحاءات لهذا الفن الشعبي اليمني عميق الجذور والذي يحكي بصمةً نادرة هي نسيج وحدها بين فنون الشعوب وفلوكلورها المعبِّر المتوارث..
لكن للأسف فن “الزامل”، بالتحديد، يكاد اليوم أن يفقد الكثير من طابعه الرجولي الحربي الشعبي اليمني الأصيل والفريد على مستوى العالم، وخصوصا لدى من انخرطوا به في السياق الفني والثقافي لمواكبة الأحداث.. وذلك بتغلغل الآلات الموسيقية الحديثة فيه على حساب إيقاع “الطاسة والمرفع” – الطبل الشعبي المعروف- الذي يتسم بالمهابة والحماسة والاعتزاز ويعكس شجاعة وإباء اليمني في الحرب..
بكل تأكيد أمرٌ محمود بل مطلوب أن يوظَّف فنٌّ كهذا في الجبهة الجهادية والتعبوية وشحذ الهمم والعزائم ضد الأعداء.. كما أننا لسنا ضد التجديد الذي لا يمس بأصالته وجوهره المميز والأصيل، وهذا هو المفهوم الصحيح للتجديد كقيمة إبداعية تضيف وتثري..
لكنَّ ما سوى ذلك-كما نرى-ليس تجديداً، وإنما شيء آخر.
ورحم الله الشهيد الكبير لطف القحوم، الذي أدرك تلك السمة الجوهرية المميزة للزامل اليمني، وحافظ عليها في كل أعماله تقريبا.
والتحية لكل المبدعين الدائبين في الزرع والبذل والجهد والتثمير والحصاد في هذا الحقل الثقافي الفني الخصب والمَريع والذين نتمنى عليهم (على كل المنشدين “المزوملين” الأعزاء الحاضرين في الساحة..) أن يتحروا ذلك الحرصَ نفسه على خصوصية هذا الفن الأصيل كبصمة إبداعية يمنية رجولية خالصة..

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

فبراير الشارقة.. فصول من الإبداع ترسخ هُوية الإمارة الثقافية

الشارقة: «الخليج»

شهدت الشارقة خلال فبراير الماضي، إطلاق مشاريع إبداعية تضاف إلى حزمة المبادرات والبرامج التي تجسد رؤية الإمارة وأنها باتت الثقافة والفنون هُويتها، حيث سردت الفعاليات بالضوء والإبداع حكايا العالم واستقطبت الأنظار، وتحولت الإمارة إلى مسرح للأضواء تصدح فيه أصوات الفنانين وتتراقص على عمارتها وساحاتها ألوان الإضاءة، ويتردد صدى الشعر النبطي في أروقة التراث، بينما تروي عدسات أشهر المصورين في العالم حكايات المدن والأزمنة.
أعلن «حي الشارقة للإبداع»، ليكون مدينة مصغرة للمبدعين، يجد فيها الفنانون والمصممون والمبتكرون فضاء يجمعهم، لتتلاقى أفكارهم وتتحول مشاريع مؤثرة في المشهد الثقافي والفني العالمي.
وفي السياق نفسه، جاء إعلان «مختبر الشارقة لتطوير الأزياء»، ليمنح المصممين المحليين منصة للتعبير عن إبداعاتهم، وليجعل من الشارقة محطة رئيسية في صناعة الأزياء المستدامة والمبتكرة ومنحه حياة جديدة في مشهد الإمارة الثقافي.
وفي قلب الشارقة النابض بالتراث تضيف الإمارة إلى بيوتها العتيقة «بيت اللوال» لاستعادة أصالة المنزل الإماراتي التقليدي، ويأخذ البيت ضيوف المكان إلى رحلة عبر التاريخ وتراث الطهي، مع قائمة مستوحاة من طريق الحرير القديم، والحرف التقليدية من جميع أنحاء العالم.
وحسب اللهجة التقليدية الإماراتية، يشير «اللّوال» إلى المسافر الذي عاد إلى وطنه بعد سفر طويل محمّلاً بكثير من القصص المشوقة، والهدايا التذكارية، والنكهات المتنوّعة من الثقافات الأخرى.
شهر الإبداع
في شهر الإبداع بذرت الشارقة الثقافة في كل الزوايا، لتمتزج الفنون بالبصيرة وتصبح وجهة الأدباء والفنانين والمصورين والمبدعين من مختلف بقاع الأرض.
يتفق زوار الفعاليات وسياح شتاء الشارقة الدافئ على أن روزنامة فبراير المزدحمة جعلته شهراً لا يُشبه غيره ليجسد رحلة استثنائية، تتقاطع فيها الفنون والتراث، ويزدهر فيها الإبداع ليلتقي الضوء بالشعر، والصورة بالتراث، والإبداع بالمستقبل، في مدينة لا تكتفي بأن تكون مجرد عاصمة للثقافة، بل تصنع ثقافة خاصة بها، تشع بريقاً يمتد إلى العالم بأسره.
عمارة الشارقة
يعكس «مهرجان أضواء الشارقة» روح المدينة الممتزجة بين الماضي والمستقبل في تناغم نادر للاحتفاء بجماليات هندسة العمارة الفريدة، وتقول السائحة الأجنبية ميليا جورج: أبهرتني عمارة الشارقة عندما تلمست جمال إبداعاتها بالأضواء، ليبقى بريقها عالقاً في ذاكرتي، كأثر ضوء عابر يترك بصمته في القلب قبل العين.
«إكسبوجر» يحكي العالم
وما إن تنطفئ إشعاعات «مهرجان أضواء الشارقة» حتى تضيء الشارقة سردياتها بلغة الصورة التي تغني عن ألف كلمة، لتفتح أبوابها لاستقبال محترفي ورواد التصوير من أنحاء العالم في المهرجان الدولي للتصوير «إكسبوجر» الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ليستكمل به توجهات الشارقة بدعم الإبداع وتأكيد مكانة الصورة وأهميتها لتوثيق الأحداث ونشر الحكايا.
وفي دورة فبراير الماضي استضاف المهرجان 300 مصور عالمي ومشاركات ب2500 صورة توزعت على 100 معرض، وتضمن برنامج النسخة التاسعة عرض أفلام سينمائية تتنوع بين وثائقيات قصيرة وطويلة، ورسوم متحركة، موفراً لعشاق السينما وهواة الفنون البصرية فرصة الاستمتاع بمجموعة متنوعة من السرديات الإبداعية.
وللبيئة نصيبها الوافر في «إكسبوجر» بتنظيمه القمة البيئية تحت شعار«الهجرة وتأثيرها في النظام البيئي» بمشاركة نخبة من الخبراء البيئيين والمصورين المتخصصين.
يقول الزائر إبراهيم الحاج: أحرص سنوياً على زيارة هذا الحدث المهم الذي يحول الكاميرا الى أداة سردية تكشف أسرار الحياة والإنسان والطبيعة. فيما تصف المعمارية الهندية زينيا كومار، تجربتها في المهرجان، بأنها تفوق الوصف وقالت «شعرت بأنني في عالم آخر وسط هذا المكان الساحر الذي يحكي العالم بصور وفعاليات متنوعة».
حوار عالمي
كان «بينالي الشارقة» بدورته (16) واحداً من أبرز الأحداث التي جسّدت رؤية الإمارة جسراً بين الثقافات، ومنصة للحوار البصري بين فنانين من مختلف أنحاء العالم.
وبين جمال الكون وتقلباته إلى القضايا الإنسانية والثقافية تلتقي اللوحة في البينالي مع الصورة الصامتة والمتحركة في «إكسبوجر» لنشر رسائل مشتركة متوافقة مع نهج الشارقة ورؤيتها، ما يعكس التزامها المستمر بتقديم الفنون قوةً محركةً للتغيير والابتكار.
شارك بالبينالي 200 فنان من أنحاء العالم حضروا ب 650 عملاً فنياً، إلى جانب برنامجٍ شاملٍ من العروض الأدائية والموسيقية والسينمائية.
تجد الخبيرة الفنية ناتاشا جينوالا، التي حضرت من جنوب آسيا، أن «بينالي الشارقة» بيئة مثالية لدعم الفنانين الشباب وحفظ الذاكرة الشفوية بالأغاني، والقصص، والطقوس التي تعزز الروابط الإنسانية وتساعد على التعافي والشفاء، خاصة في ظل التحولات التي يشهدها العالم اليوم.
عودة إلى الجذور
تتواصل أيام الشارقة التراثية بدورتها 22 تحت شعار «جذور» لتعيد الحكاية إلى أصولها، إلى الأسواق العتيقة والبيوت التي تحمل بصمة الأجداد.
ففي هذه الأيام، لا يعود التراث مجرد ماضٍ محفوظ في الكتب، بل يتحول تجربة حية، حيث تنبعث أصوات الحرفيين وهم يصنعون الأواني الفخارية، وتعلو أهازيج الفرق الشعبية التي تحكي قصص البحر والصحراء، وكأن الزمن يتوقف ليفسح المجال لذاكرة المكان كي تروي نفسها بنفسها.
الحياة والفنلا يقتصر فبراير الشارقة على المعارض والفعاليات الفنية والبصرية فقط، بل يمتد ليشمل عالم المسرح والموسيقى، لتتحول ليالي الإمارة إلى مهرجان من العروض الأدائية والموسيقية التي تجذب الجماهير من مختلف الخلفيات.
ففي إطار أيام الشارقة المسرحية، شهدت الإمارة عروضاً مسرحية مبهرة جمعت بين النصوص التقليدية والأعمال المعاصرة، مقدمة للجمهور تجربة درامية غنية تجسد التنوع الثقافي والفني الذي تتميز به الشارقة. وشكل المهرجان منصة للفنانين والمخرجين المسرحيين العرب.
عشاق الشعر
اجتمع عشاق الشعر في مهرجان الشارقة للشعر النبطي، بدورته 18 ومشاركة 40 شاعراً وشاعرة، وإعلاميين يمثلون الدول العربية، إذ تتجسد لغة البادية في أبيات تنبض بالحكمة والوجد، وكأنها ترسم معالم الروح الإماراتية الأصيلة.
في الشارقة لا تكون القصيدة مجرد كلمات، بل صدى لمشاعر أمة ووجدانها، تحتفي بلغتها وتروي حكاياها بإيقاع لا يخفت.
يودع فبراير الشارقة على إرث جديد، ليترك بصمته في ذاكرة الزوار والحضور، ويثبت أن الشارقة ليست وجهة ثقافية فقط، بل عاصمة للإبداع المتواصل الذي ينبض بالحياة كل يوم.

مقالات مشابهة

  • ما الرجولة وهل يعاني العرب أزمة في هذا المفهوم؟
  • 638 منحة دراسية من المجلس الهندي للعلاقات الثقافية
  • حلا الترك تستقبل رمضان بإطلالات أنيقة ولمسات إبداعية
  • انهيار جديد للريال اليمني مساء اليوم الاثنين في عدن
  • “وادي الأحسبة” بالمخواة يرسم مشاهد إبداعية
  • عبد الله: ودعنا اليوم رفيقنا علي عويدات الذي تشهد له الساحات والمواقف
  • الهوية الثقافية في ظل المتغيرات
  • ارتفاع جديد لأسعار العملات الأجنبية أمام الريال اليمني مع بدء تعاملات اليوم
  • عدد جديد من «الشارقة الثقافية»
  • فبراير الشارقة.. فصول من الإبداع ترسخ هُوية الإمارة الثقافية