لابد من الإشارة إلى أمر أرى ضرورة تصحيحه، حيث درجنا على نطق الكلمة بضم الهاء، بل بلغ الأمر أن بعضهم يرى نطقها بالهاء المفتوحة لحناً، على أن المصطلح جديد في الثقافات كلها، وعربياً هو ترجمة لكلمة (Identity)، والكلمة الإنجليزية تتضمن الإحالة للذات، والمصطلح في كل أبعاده هو إحالة للذات، وليس إحالة للآخر (الهو)، بل هو معنى مضاد للآخر، لأنه يجنح للمواجهة مع الآخر الذي سيكون مختلفاً، وربما مصدر تهديد، وهذه مسألة تتعلق بالتعددية والصراع حولها، كما سأعرض لاحقاً.

 
أما الهوية من حيث النطق، فلدينا كلمة عربية قديمة وعريقة هي كلمة الهوية - بفتح الهاء - وتعني البئر العميقة، وهذا ما تورده معظم المعاجم العربية، والإحالة للبئر العميقة تتصل دلالياً بأهم جذر في مفهوم الهوية، حيث هي عودة للأصل العميق للذات، سواء الأصل العرقي أم الديني أم القومي أم اللغوي أم الثقافي، وهي كلها أصول تثوي وراء فكرة الهوية، ولم تكن الهوية ضمن الاستخدام القديم في الثقافات القديمة، ولكنها تجددت على المعاني اللغوية بعد تحول الكرة الأرضية إلى نظرية الجغرافيا والحدود الفاصلة بين الأمم، كما في الحد على الخريطة الأرضية، وتبعها حد ذهني افتراضي يقيم حدوداً بين الأعراق واللغات وألوان البشر، ممزوجاً بمعاني الجغرافيا السياسية التي ستتبعها جغرافيا المعاني والعواطف، وأخطرها جغرافيا الولاءات والانتماءات، وكل أصحاب لغة واحدة ودين واحد انقسموا إلى دول ذات حدود صلبة، وجعلوا المعنى السياسي هو الحد الفاصل بينهم، وتم استدعاء الفروق والتمايزات لكي تحقق فكرة الحد الفاصل. فهي إذن استلهام لفكرة البئر العميقة، وهي في هذه الحال بئر ذهنية ذات عمق ذهني، والعمق الذهني أقوى من أي عمق خارجي، وهذا هو ما يصنع فكرة الانتماء ومعها فكرة الولاء، ما يعزز علاقات معاني التمايز، وتصل حد التفاضل الذي سيفضي في كثير من حالاته إلى التغالب والتقوي ضد الآخر، أو التحصين من الآخر، وهنا يصبح من الأدق، معرفياً ومفاهيمياً، أن ننطق المصطلح بفتح الهاء (الهَوية).
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: المتنبي بين قوسين د. عبدالله الغذامي يكتب: أوروبا وحدها الحرب أو السلام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: عبدالله الغذامي الغذامي

إقرأ أيضاً:

ما هو “المصطلح” الذي يستخدمه “اليمنيون” ودفع “نتنياهو الى الجنون (فيديو) 

 

 

الجديد برس|

 

منذ بدء العمليات اليمنية المساندة لغزة استخدم المتحدث العسكري لـ”قوات صنعاء” مصطلح يطلقه قائد انصار الله على مدينة “تل ابيب” في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

تكرار استخدام هذا المصطلح “يافا المحتلة” دفع رئيس وزراء الكيان الصهيوني المجرم “نتنياهو” الى الرد على هذا المصطلح في كلمة له قائلاً : “يافا التي يتفاخر “الحوثيون” بضربها ليست محتلة.. وسنرد على هجماتهم”.

 

https://www.aljadeedpress.net/wp-content/uploads/2025/04/المجرم_نتنياهو_يافا_التي_يتفاخر_الحوثيون_بضربها_ليست_محتلة_وسنرد.mp4

وتؤكد هيستيرية “نتنياهو” أهمية حرب المصطلحات في الحرب مع إسرائيل لان الصهاينة يسعون لأن نستخدم مصطلحاتهم فيصبح من المتداول وفقاً للحرب الصهيونية الناعمة أن نقول “تل ابيب” بدلاً عن يافا و “دولة إسرائيل” بدل عن كيان الاحتلال ، و”جيش الدفاع” بدلاً عن “جيش الاحتلال” وهكذا .

مقالات مشابهة

  • سامح قاسم يكتب | ضي رحمي.. أن تترجم لتكون القصيدة قلبك الآخر
  • د.حماد عبدالله يكتب: من أهم أسباب تخلفنا !!
  • مها بوزيد: يوم السويد.. رمز للشراكة العميقة والمتنامية
  • رأي.. عبدالخالق عبدالله يكتب عن ترتيب الإمارات في تقرير السعادة العالمي 2025: ما المطلوب لتكون ضمن قائمة العشرة الأوائل؟
  • "الصحة" تواصل اجتماعات اللجنة المشكلة لمتابعة خطة استقبال مصابي غزة
  • ترامب وحروب  الوكالة للدولة  العميقة
  • د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!
  • "قضايا المصطلح في فنون البادية" ضمن مناقشات الندوة العلمية بملتقى سيناء
  • د.حماد عبدالله يكتب: (المقهى فى الحياة السياسية المصرية) !!
  • ما هو “المصطلح” الذي يستخدمه “اليمنيون” ودفع “نتنياهو الى الجنون (فيديو)