مصرف لبنان: التأخر في إنجاز القوانين الإصلاحية يُضعف المكانة المالية للدولة
تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT
شدد مصرف لبنان على أن استمرار التأخر في إنجاز القوانين الإصلاحية يُضعف المكانة المالية للدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف، موضحًا أن هذا الوضع في حال استمراره، يأتي بالضرر على المودعين الذين تتآكل حقوقهم مع مرور الزمن.
وأفاد المصرف، في بيان له الجمعة 12 أبريل/ نيسان، على أن استمرار التأخير في معالجة الأزمة المصرفية له تبعات جسيمة على المجتمع اللبناني ككل وعلى الاقتصاد الوطني.
وانطلاقًا من ذلك، أكد أهمية الإسراع في وضع خطة واقعية وعلمية لإعادة هيكلة وإصلاح النظام المصرفي والمالي وإقرار القوانين الخاصة بها والبدء بالتفاوض مع الدائنين، ومع التأكيد مجددًا على أن مصرف لبنان على أتم الاستعداد للقيام بكل ما تفرضه عليه القوانين المرعية الاجراء لإتمام ما تقدم.
وفيما يتعلق بملفات الدعم، وإلحاقًا بالمراسلات العديدة التي أرسلها مصرف لبنان إلى الجهات المعنية للتأكيد على ضرورة البدء بتطبيق القانون رقم 240 تاريخ 16 يوليو/ تموز 2021، والرامي إلى "إخضاع كل المستفيدين من دعم الحكومة للدولار الأميركي أو ما يوازيه بالعملات الأجنبية للتدقيق الجنائي الخارجي"، أفاد المصرف في بيانه بأنه قام مجددًا بتزويد كافة الجهات المعنية بجردة مفصلة عن كافة ملفات الدعم، ويدعو إلى المباشرة لفتح هذا الملف منعًا من مرور الزمن على الجرم أو الجرائم التي يمكن أن تكون قد ارتكبت خلال فترة الدعم والمتعلقة بتلك الملفات.
كذلك فيما يتعلق بالمعلومات عن عمليات قام بها مصرف لبنان مع احدى الشركات المالية خلال الفترة ما بين الاعوام 2015 إلى 2018، أوضح مصرف لبنان أنه عملًا بسياسته المتبعة منذ الأول من أغسطس/ آب 2023، فإنه يتعاون بشكل وثيق مع الجهات القضائية وصولا لإظهار الحقائق كاملة.
وقد أرسل مباشرة و/أو بواسطة هيئة التحقيق الخاصة المعلومات والمستندات والحسابات التي من شأنها أن تنير التحقيق الجاري والناتج عن تقرير التدقيق الجنائي لشركة الفاريز ومرسال وذلك فور طلبها، والتي تُشكل العمليات التي تمت مع الشركة المذكورة جزء منها. وقد بدأ القضاء في العمل عليها منذ مدة.
وتمنع المادة 420 من قانون العقوبات نشر أي "وثيقة" من وثائق التحقيق الجنائي قبل تلاوتها في جلسة علنية، وبالتالي فإن أي تسريبات في تحقيقات قضائية هو مخالف للقانون، بل يعتبر جرمًا جزائيًا يعاقب عليه القانون وبغض النظر عن مضمون ما يتم نشره وأي مغالطات أو قلة دراية تتضمنه، فإن الأوضاع الحالية تفرض على الجميع احترام القانون وترك القضاء يقوم بمهامه لأنه يعود للقضاء، وللقضاء وحده البت بكل الملفات التي تمت إحالتها إليه.
وبالتالي أكدت حاكمية مصرف لبنان التزامها الكامل والمستمر بجلاء كل الحقائق والحفاظ على حقوق مصرف لبنان وذلك بالأطر القانونية المناسبة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مصرف لبنان
إقرأ أيضاً:
رغم أهوال الحرب ..حدثان إيجابيان والدفعات الشهرية الثلاث للمودعين قد تتكرر
اخترقت الحربَ العبثيّة وويلاتِها، مشهديةٌ دوليّةٌ حاضنة للبنان، من البوابة الباريسيّة، ليس بخلاصتها الماديّة التي فاقت التوقّعات فحسب، بل برسالتها السياسية، من خلال حضور عالمي موسّع، ومواقف دوليّة داعمة لاستقار لبنان وقوّة جيشه ومؤسساته. قبل الحدث الباريسي بشقّيه المالي والسياسي، سجّل الداخل اللبناني النقدي مؤشّرًا إيجابيّا بضخٍّ للدولار في السوق، من خلال تعديل مصرف لبنان للتعميمين 166 و147 ، وما سبقه من ثلاث دفعات شهرية في مطلع تشرين الأول، استثنائياً ولمرة واحدة، للمستفيدين من التعميمين الأساسيين 158 و166. نتحدث هنا عن ضخّ للعملة الصعبة في الاقتصاد اللبناني، من خلال تعديل المركزي، ومن ثمّ لاحقًا من من خلال مبلغ المليار دولار الذي رُصد في مؤتمر باريس كمساعدات موزّعة بين نقديّة وعينيّة. أيّ مفاعيل لمليار باريس وملايين دولارات المودعين على المشهد النقدي والاقتصادي في البلد؟ وما مدى مساهمتهما في صمود دولار بيروت دون التسعين ألف ليرة، وفي لجم الانحدار الهائل نحو الأسوأ؟
في المنحى السياسي تكمن أهميّة مؤتمر باريس في حجم الحضور الدولي،من خلال مشاركة سبعين دولة، فضلًا عن منظّمات دوليّة، أكّدوا على مطلب الحكومة اللبنانية تطبيق القرار 1701، بما يمثّل دعمًا سياسيًّا للبنان حكومة وشعبًا، يقول الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الدكتور أنيس بو دياب في اتصال مع "لبنان 24" لافتًا إلى أنّ المؤتمرات السابقة كانت تشدّد على محورية هذا القرار، منها مؤتمر "سيدر" الذي منح لبنان 11.2 مليار دولار بشرط الإلتزام بالإصلاحات وأيضًا بالتطبيق الفعلي للقرار 1701.
دعم باريس يغطي أكلاف 3 أشهر للنزوح
من الناحية الإقتصاديّة، لفت بو دياب إلى أنّ نتائج مؤتمر باريس فاقت التوقّعات التي كانت تتراوح بين 400 و500 مليون دولار. "في المعطى المالي يغطّي مؤتمر باريس كلفة إيواء النازحين لمدّة ثلاثة أشهر، وفق الورقة التي قدّمها وزير البيئة ناصر ياسين، والتي تشير إلى الحاجة لمبلغ 250 مليون دولار شهريًّا لسدّ حاجات النازحين. بالتوازي مع دعم مؤتمر باريس، هناك المساعدات العينيّة من قبل الدول العربية عبر البحر والجو، الأمر الذي من شأنه أن يخفّف من ثقل الأعباء عن كاهل الموازنة، وهذا هو العامل الإيجابي الوحيد الذي يسجّل بظل الحرب والتصعيد العسكري، ولكن بالمقابل هناك نزوح مليوني يتوسّع، ومن شأنه أن يمتصّ حجم هذه الموارد ويتخطّاها".
أموال المؤتمر إلى مصرف لبنان
مليار مؤتمر باريس، ليس مبلغًا نقديًّا بالكامل، يشرح بو دياب "بل يتراوح بين مساعدات عينيّة، وأخرى نقدية ستدخل حتمًا إلى مصرف لبنان. اقترحنا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن يتمّ تخصيص جزء من المساعدات لدعم الصناعات الوطنيّة لاسيّما الغذائيّة والدوائيّة، والتي تعمل بطاقات قصوى لتلبية الحاجات، وبذلك تساهم الأموال في الدورة الاقتصادية. كما اقتراحنا إيجاد فرص عمل تضامنيّة للنازحين وإشراكهم في الدورة الإنتاجيّة في مناطق النزوح، لخلق موارد ماليّة لهم والتخفيف من تكاليف الإنتاج، كالعمل في قطف موسم الزيتون وفي المصانع الغذائيّة".
أضاف بو دياب أنّ اللجنة الوزارية تعمل بالأطر المؤسساتيّة مع المحافظين ورؤساء البلديات والقائمقامين، ما يعني أنّ عملية تدوير الدورة الاقتصادية في الأموال النقدية ستساهم بطبيعة الحال في تعزيز الاقتصاد"من هنا وخلافًا للتوقعات لن يتهاوى حجم الناتج المحلي بشكل كبير، وذلك بفضل تدفّق المساعدات وتحويلات المغتربين التي تتصاعد في الأزمات".
مفاعيل تعديل المركزي: ضخ 200 مليون دولار في شهر تشرين
فاقمت الحرب حاجة المودعين للحصول على جزء من ودائعهم المحتجزة في المصارف منذ تشرين 2019، فعمل مصرف لبنان على تعديل التعاميم وتوسيع دائرة المستفيدين منها. رغم أنّ خطوة المركزي لا زالت دون حجم التحدّيات التي فرضتها ظروف الحرب، لكنّها تساهم في ضخ دولارات في السوق. الأمين العام لجمعية المصارف الدكتور فادي خلف وصف الخطوة في افتتاحية التقرير الشهري للجمعية، بأنّها "ليست مجرّد إجراء تقني بل هي تغيير جذري في السياسة النقديّة، وتعكس إدراكًا بأنّ ضخّ الدولار عبر المودعين يسهم في إعادة الأموال إلى أصحابها بدلًا من أن تُستنزف بالتدخل المباشر في سوق القطع، أو تُبدّد بسياسات دعم لم يرَ منها المواطن إلّا القليل القليل". هل سيكرر مصرف لبنان مضاعفة المبلغ الشهري المتاح بالسحوبات المصرفيّة ثلاث مرّات؟ وهل خطوة المركزي ستقود في المستقبل إلى تحرير جزء أكبر من الودائع؟
"لطالما كنّا نشدّد على وجوب أن يُوجّه الدعم للأفراد، وليس للسلع وما ينتج عنه من احتكار وتهريب، ولكن ما فعله المركزي لا يعتبر تغييرًا في السياسة النقديّة، فهو أعطى المودع من ماله، ولم تشمل الخطوة سوى المودعين. في النتائج الإيجابية للتعديل، ساهم في استقرار سعر صرف الدولار، لأنّه ضخّ في السوق مبلغًا يوازي 200 مليون دولار من جرّاء الدفعات الثلاث مرّة واحدة، إضافةً إلى مبلغ 140 مليون دولار المتأتّي من رواتب وأجور القطاع العام بالدولار" يقول بو دياب لافتًا إلى دعوات للحاكم أن يكرر مضاعفة السحوبات في تشرين الثاني، وهناك احتمال أن يستجيب لذلك، لكنّه استبعد أن يلجأ مصرف لبنان إلى زيادة السحوبات من الودائع "في ظلّ الظروف السائدة، هناك استحالة أن يتمكّن المركزي من زيادة احتياطاته. كان هناك إمكانية لتحقيق إيرادادت للدولة بـ 300 مليون دولار، لكنّها تراجعت بشكل دراماتيكي بما يتجاوز نسبة 50%، كما تمّ إرجاء الضرائب على القيمة المضافة، فضلًا عن تمديد المهل من قبل وزارة المال، كل ذلك يؤدي إلى تراجع في الإيرادات، مقابل استمرار الإنفاق على الرواتب والأجور وأكلاف النزوح الكبيرة، كارتفاع إنفاق وزارة الصحة لتغطية معالجة الإصابات الناجمة عن العدوان. كما أنّ المساعدات الدوليّة الحاليّة على أهميتها تبقى خجولة مقارنة بالحاجات، وبمثيلاتها خلال عدوان تموز عام 2006. في حينه وبعد يومين على عدوان تموز وضعت السعودية مليار دولار وديعة في المركزي ووضعت الكويت نصف ملياردولار، وكان القطاع المصرفي متين، على عكس حالنا اليوم، وما نعانيه من تعطّل الاقتصاد بنسبة 50%، يضاف إلى مسار تصاعدي للتضخّم، من المتوقّع أن يلامس الـ 60% حتّى نهاية العام".
خسائر صادمة للحرب المستعرة في الجغرافيا اللبنانية، تفوق قدرة البلد على تحمّلها، والمفارقة أنّ لبنان الرسمي سيدفع أكلاف حرب لم يقررها. بالمقابل هناك رهان على مقاومة اقتصادية تُبقي الدولار على ثباته، وإلّا سنكون أمام انهيار جديد نحو القعر الأعمق.
المصدر: خاص "لبنان 24"