لندن: «الشرق الأوسط»

قال مصدر كبير بالجيش السوداني إنه مع مرور عام على بدء الحرب الأهلية في السودان، تساعد الطائرات المسيّرة المسلحة إيرانية الصنع «التي طوّرها الجيش السوداني» على تحويل دفة الصراع ووقف تقدم «قوات الدعم السريع» التي يحاربها، واستعادة أراض حول العاصمة، وفق تقرير لـ«رويترز».

كما قالت ستة مصادر إيرانية ومسؤولون ودبلوماسيون بالمنطقة طلبوا، شأنهم شأن المصدر العسكري، عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المعلومات، لـ«رويترز»، إن الجيش حصل على طائرات مسيّرة إيرانية الصنع، خلال الأشهر القليلة الماضية.

وذكر أكثر من عشرة من سكان الخرطوم أن القوات المسلحة السودانية استخدمت بعض الطائرات المسيّرة القديمة في الأشهر الأولى من الحرب إلى جانب بطاريات صواريخ وطائرات مقاتلة، لكنها لم تحقق نجاحاً يذكر في القضاء على مقاتلي «قوات الدعم السريع» المتمركزين في أحياء مكتظة بالسكان في الخرطوم ومدن أخرى.

وقال خمسة شهود من السكان إنه في يناير (كانون الثاني)، أي بعد تسعة أشهر من اندلاع القتال، بدأ استخدام طائرات مسيّرة أكثر فاعلية من قاعدة «وادي سيدنا» العسكرية شمالي الخرطوم. وقال السكان إن الطائرات المسيّرة بدا أنها تراقب تحركات «قوات الدعم السريع» وتستهدف مواقعها وتحدد بدقة ضربات المدفعية في أم درمان وهي واحدة من ثلاث مدن على ضفاف نهر النيل تضم العاصمة الخرطوم.

مواصفات مُسيّرات «مهاجر 6»
وقال محمد عثمان (59 عاماً)، وهو من سكان حي الثورة في أم درمان: «في الأسابيع الماضية، الجيش أصبح يستخدم مسيّرات دقيقة في العمليات العسكرية أجبرت (الدعم السريع) على الهرب من مناطق كثيرة وجعلت الجيش يستطيع نشر قواته على الأرض في أم درمان القديمة بكثافة تحت حماية الطيران».

ولم تشر أي تقارير في السابق إلى حجم وطريقة نشر الجيش للمُسيّرات الإيرانية في أم درمان ومناطق أخرى. وأفادت وكالة «بلومبرغ» ووسائل إعلام سودانية بوجود طائرات مسيّرة إيرانية في البلاد.

الجيش السوداني ينفي
ونفى المصدر الكبير بالجيش السوداني أن تكون المُسيّرات إيرانية الصنع جاءت مباشرة من طهران، وامتنع عن ذكر كيفية شرائها أو عدد الطائرات التي حصل عليها الجيش. وذكرت «رويترز» أنها لم تتمكن من التوصل لتلك التفاصيل على نحو مستقل. وقال المصدر إنه رغم عودة التعاون الدبلوماسي بين السودان وإيران العام الماضي، لا يزال التعاون العسكري الرسمي معلقاً.

ورداً على سؤال عن الطائرات المسيرة الإيرانية، قال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، وهو حليف للجيش وزار إيران العام الماضي، لـ«رويترز»: «لم يحصل السودان على أي سلاح من إيران». ولم ترد إدارة الإعلام بالجيش ولا وزارة الخارجية الإيرانية على طلبين للتعقيب.

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يصافح وزير الخارجية السوداني علي الصادق في طهران فبراير الماضي (الرئاسة الإيرانية)
وأقرّت «قوات الدعم السريع» بأنها تعرّضت لانتكاسات في أم درمان. وقال مكتبها الإعلامي إن الجيش تسلم طائرات مسيّرة إيرانية وأسلحة أخرى، استناداً إلى معلومات استخباراتية جمعتها. ولم تستجب لطلبات لتقديم الأدلة على ذلك. وقالت المصادر الإيرانية والإقليمية إن دعم طهران للجيش السوداني يهدف إلى تعزيز العلاقات مع البلد ذي الموقع الاستراتيجي.

يقع السودان على ساحل البحر الأحمر، وهو موقع مهم في ظل المنافسة بين القوى العالمية، بما في ذلك إيران، مع احتدام الحرب في الشرق الأوسط. وعلى الجانب الآخر من البحر الأحمر، يشنّ الحوثيون في اليمن هجمات دعماً لحركة «حماس» في غزة. وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه: «ما الذي ستحصل عليه إيران في المقابل؟ لديهم الآن نقطة انطلاق على البحر الأحمر وعلى الجانب الأفريقي».

والمكاسب الأخيرة على الأرض هي الأكبر بالنسبة للجيش منذ بدء القتال بالعاصمة السودانية في أبريل (نيسان) الماضي.

مسيرات مهاجر الايرانية (موقع تسنيم التابع للحرس الثوري)
والحرب بين قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو ألقت بالملايين في براثن الجوع وخلقت أكبر أزمة نزوح في العالم، وتسببت في موجات من أعمال القتل والعنف الجنسي ذات الدوافع العرقية في منطقة دارفور بغرب السودان.

ويقول خبراء من الأمم المتحدة إن الجهود الحربية لـ«قوات الدعم السريع» تحصل على دعم من دول أفريقية مجاورة منها تشاد وليبيا وجنوب السودان. وذكر شاهدان أن نجاح الجيش في أم درمان سمح له ابتداءً من فبراير (شباط) بمواصلة هجمات مماثلة باستخدام الطائرات المسيّرة والمدفعية والقوات البرية في بحري شمالي الخرطوم لمحاولة السيطرة على مصفاة الجيلي المهمة لتكرير النفط.

وقال الجيش إن مكاسبه الأخيرة ساعدت أيضاً في تجنيد آلاف المتطوعين في المناطق التي يسيطر عليها. وعمليات تجنيد المتطوعين جارية منذ أكثر من ستة أشهر وتتسارع منذ ديسمبر (كانون الأول).

رحلات جوية من إيران
كان التعاون بين السودان وإيران وثيقاً في عهد الرئيس السابق عمر البشير ثم تخلى عن طهران بعد ضغوط شديدة في أواخر فترة حكمه الذي استمر ثلاثة عقود؛ مما أدى إلى قطع العلاقات مع طهران. وقال أمين مجذوب، وهو جنرال سابق بجهاز المخابرات السوداني، إن السودان كان يصنع في السابق أسلحة بمساعدة إيران، وأعاد تهيئة طائرات مسيّرة كانت بحوزته بالفعل لجعلها أكثر فاعلية خلال الحرب. ولم يعلق المجذوب تحديداً على مصدر الطائرات المسيّرة التي استخدمت مؤخرا في القتال.

وذكر مصدر إقليمي مقرّب من الدائرة الحاكمة في إيران أن شركة الطيران الإيرانية (فارس إير قشم) نقلت طائرات مسيّرة إيرانية من طرازي مهاجر وأبابيل للسودان مرات عدة منذ أواخر العام الماضي. وطائرات «مهاجر» و«أبابيل» المسيّرة تصنعها شركات تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الإيرانية، والتي لم ترد بعد على طلب للتعقيب.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجیش السودانی فی أم درمان

إقرأ أيضاً:

“أطباء السودان”: مقتل 12 مدنياً بهجوم “الدعم السريع” على خور الدليب

أعلنت شبكة أطباء السودان، اليوم الأربعاء، مقتل 12 مدنياً جراء هجوم قوات الدعم السريع على منطقة خور الدليب في ولاية جنوب كردفان، جنوبي البلاد، منذ الاثنين. وأفادت الشبكة (مستقلة)، في بيان، بأنّ عدد قتلى الهجوم الذي نفذته قوات الدعم السريع على خور الدليب، الاثنين، بلغ 12 مدنياً، فضلاً عن نزوح مئات الأسر من المنطقة، وأرجعت ذلك "لاستخدام قوات الدعم السريع وقوات الحركة الشعبية، جناح عبد العزيز الحلو، للأسلحة الثقيلة في وسط الأحياء".

والاثنين، أفادت وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة السوداني، بأنّ خور الدليب شهدت نزوحاً واسعاً عقب دخول قوات الدعم السريع و"الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال" إلى المنطقة. ويسيطر الجيش السوداني على أجزاء واسعة من ولاية جنوب كردفان، فيما تقاتل "الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال" ضد الحكومة منذ عام 2011 للمطالبة بحكم ذاتي في إقليمي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" لصالح الجيش في ولايات الخرطوم والجزيرة، والنيل الأبيض وشمال كردفان وسنار والنيل الأزرق. والأحد الماضي، اعترف قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، للمرة الأولى بأن قواته انسحبت من الخرطوم التي أعلن الجيش، الخميس، أنه استعاد السيطرة عليها بالكامل. وقال دقلو في كلمة موجهة إلى قواته تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي: "في الأيام السابقة حصل انسحاب لتموضع القوات في أم درمان"، في قرار وافقت عليه "القيادة وإدارة العمليات (...) أنا أؤكد لكم أننا خرجنا من الخرطوم ولكن بإذن الله نعود للخرطوم".

وأجبرت استعادة الجيش للخرطوم قوات الدعم السريع على إعادة تنظيم صفوفها، لكن قيادتها استمرت في التعبير عن تحديها، وتعهدت بأنه "لا تراجع ولا استسلام"، مؤكدةً أنها ستعمل "على حسم المعركة لمصلحة شعبنا وسوف نجرع العدو الهزائم". وأعلنت القوات عن "تحالف عسكري" مع فصيل من الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، التي تسيطر على أجزاء من ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

ويخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" منذ إبريل/ نيسان 2023 حرباً خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفاً. وباتت البلاد منقسمة فعلياً إلى قسمين، إذ يسيطر الجيش على الشمال والشرق، في حين تسيطر قوات الدعم السريع على معظم دارفور في الغرب ومناطق في الجنوب.

(الأناضول، العربي الجديد)  

مقالات مشابهة

  • “أطباء السودان”: مقتل 12 مدنياً بهجوم “الدعم السريع” على خور الدليب
  • عقار يحذر من اجتياح الدعم السريع لكل السودان إذا سقطت الفاشر
  • مدفعية الجيش السوداني في الفاشر تستهدف مستنفري الدعم السريع
  • الجيش السوداني يحبط هجوما على الأبيض ويلقي القبض على عدد من المتعاونين مع الدعم السريع
  • الجيش السوداني يستعيد منطقة حيوية في جنوب كردفان بعد سيطرة لساعات بواسطة الدعم السريع
  • بعد اقتحامه بواسطة الدعم السريع.. الجيش السوداني يدفع بتعزيزات عسكرية نحو جسر مهم
  • رؤية استشرافية لمستقبل السودان بعد سيطرة الجيش على العاصمة
  • أبرز محطات الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
  • المتحدث باسم الحكومة السودانية يرسل أخطر تحذير لمناصري الدعم السريع.. الجيش في طريقه إليكم والعاقل من اتعظ بغيره 
  • الجيش السوداني يتقدم في الفاشر والدعم السريع يقصف المدينة