منذ مطلع شهر أبريل الجاري، تتواصل التهديدات الإيرانية من أعلى المستويات، بشأن تنفيذ رد عسكري على الهجوم الذي استهدف قنصلية طهران في دمشق وتسبب في مقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري، بينهم اللواء محمّد رضا زاهدي، القيادي العسكري الإيراني الأبرز الذي يتم استهدافه منذ قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني.

يوم، الأربعاء، الماضي أكد المرشد الإيراني علي خامنئي أن إسرائيل سوف "تنال العقاب" وقال إن "القنصليات والسفارات في أي دولة هي بمثابة أراض لتلك الدولة والهجوم على قنصليتنا يعني الهجوم على أراضينا".

وقبل ذلك توعد مسؤولون إيرانيون إسرائيل بالرد على الهجوم وأن سفارات إسرائيل "لم تعد آمنة".

ومع ذلك قالت مصادر إيرانية لرويترز، الخميس، إن طهران نقلت لواشنطن رسالة مفادها أنها سترد على الهجوم الإسرائيلي على سفارتها على نحو يستهدف تجنب تصعيد كبير وأنها لن تتعجل في الرد.

رويترز عن مصادر: طهران نقلت رسالة لواشنطن بشأن الرد على هجوم دمشق قالت مصادر إيرانية إن طهران نقلت لواشنطن أنها سترد على الهجوم الإسرائيلي على سفارتها في سوريا على نحو يستهدف تجنب تصعيد كبير،

وقالت المصادر إن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان نقل رسالة إيران إلى واشنطن أثناء زيارة يوم الأحد لسلطنة عمان.

وأضافت أن أمير عبد اللهيان أشار خلال اجتماعاته في عمان إلى استعداد طهران لتقليص التصعيد بشرط تلبية مطالب تتضمن وقفا دائما لإطلاق النار في غزة، وكذلك إحياء محادثات برنامجها النووي المثير للجدل. 

وأحجم متحدث باسم البيت الأبيض عن التعليق على أي رسائل من إيران، لكنه قال إن الولايات المتحدة نقلت لإيران أنها لم تشارك في الهجوم على السفارة.

ولم تعلق وزارة الخارجية الإيرانية ولا العمانية على رسالة طهران لواشنطن.

وقال مصدر مطلع على معلومات استخباراتية أميركية إن لا علم له بالرسالة المنقولة عبر سلطنة عمان، وذكر أن إيران "كانت واضحة جدا" بأن ردها على الهجوم على مجمع سفارتها في دمشق سيكون "منضبطا" و"غير تصعيدي" ويشمل خططا "باستخدام وكلاء بالمنطقة لشن عدد من الهجمات على إسرائيل".

وتشير الرسائل الدبلوماسية إلى نهج حذر تتبعه إيران في وقت تحسب فيه كيفية الرد على هجوم الأول من أبريل على نحو يردع إسرائيل عن الإقدام على أعمال أخرى كهذه لكن يتفادى تصعيدا عسكريا قد تنجر إليه الولايات المتحدة.

فما الذي تعنيه رسالة طهران لواشنطن وهل تسعى إيران لحفظ ماء الوجه عبر رد بسيط بعد أن تأخذ ضمانات بأن إسرائيل لن تصعد؟

يقول الكاتب والمحلل سياسي الإيراني حسين رويران إن الرد الإيراني على الهجوم المنسوب لإسرائيل "حتمي وضروري لاعتبارات الردع".

ويضيف رويران في حديث لموقع "الحرة" أن "عدم الرد يعني استباحة الأمن الإيراني، وأن أي طرف يمكنه تنفيذ اعتداء على البلاد باعتبار أنها لا ترد".

ويرجح رويران أن "ينطلق الرد من داخل الأراضي الإيرانية وليس من خارجها أو من قبل حلفائها" في المنطقة.

وعن طبيعة هذا الرد المرتقب، يشير رويران إلى أنه لن يكون "واسعا جدا" ولكنه سيتم على الأغلب بشكل "متناسب مع حجم الفعل الذي قامت به إسرائيل".

ويرى المحلل الإيراني أن "الرد لن يكون لمجرد الرد، لأنه كان هناك اعتداء اسرائيلي على أرض إيرانية وهناك أشخاص قتلوا في الهجوم وبالتالي من الطبيعي أن تكون هناك خسائر بشرية من جانب إسرائيل"، حسب قوله.

والجمعة، أكد البيت الأبيض أن تهديدات إيران لإسرائيل بالرد "حقيقية"، وأن الولايات المتحدة تنوي "بذل كل ما هو ممكن لضمان تمكن إسرائيل من الدفاع عن نفسها".

وقبل ذلك حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن إيران "تهدد بشن هجوم كبير على إسرائيل" مؤكدا دعم الولايات المتحدة "الثابت" لحليفتها الرئيسية في الشرق الأوسط رغم التوترات الدبلوماسية بين البلدين بشأن طريقة إدارة إسرائيل لحملتها العسكرية في قطاع غزة.

على الجانب الآخر قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن إسرائيل والولايات المتحدة تقفان "جنبا إلى جنب" في مواجهة إيران.

وشدّد غالانت في بيان عقب لقائه قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال إريك كوريلا الذي يجري زيارة لإسرائيل "أعداؤنا يظنون أن بإمكانهم المباعدة بين إسرائيل والولايات المتحدة، لكن العكس هو الصحيح: إنهم يقرّبوننا من بعضنا البعض ويعزّزون روابطنا".

وتابع الوزير الإسرائيلي "نحن جاهزون للدفاع عن أنفسنا برا وجوا بتعاون وثيق مع شركائنا، ونعلم كيف نرد".

قواعد اللعبة

يرى الباحث في الشؤون الإقليمية في مركز الأهرام للدراسات سامح راشد أن "الصراع بين إيران وإسرائيل ليس صراع بقاء أو تناقض جذري كما يبدو في الظاهر".

ويضيف لموقع "الحرة" أن "الخطاب الإعلامي العدواني المتبادل بينهما، مدفوع باعتبارات داخلية أي للاستهلاك المحلي وحشد التأييد للنظام الحاكم سواء في إيران أو إسرائيل".

وتحدث راشد عن حالات سابقة شهدت تعاونا وتنسيقا بين الجانبين منها على سبيل المثال "ما عرف بفضيحة إيران-غيت) أثناء الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي".

ويتابع راشد أنه طوال العقود الأربعة الماضية، منذ سيطرة رجال الدين على الحكم في إيران عام 1979، "يؤكد السلوك الفعلي لإسرائيل وإيران وجود حرص متبادل على تجنب الانزلاق إلى مواجهة شاملة أو حرب حقيقية".

ويرى أنه "رغم أن لدى طهران برنامجا نوويا متقدما وتوشك على امتلاك قنبلة نووية، حتى الآن لم تتدخل إسرائيل ضدها عسكريا كما فعلت مع العراق مثلا عام 1980، بل اكتفت بعمليات استخباراتية دقيقة ومنتقاة بعناية، كالهجمات الإلكترونية أو اغتيال علماء".

"وحتى بعد أن تدخلت إيران في سوريا عسكريا وبات تمتلك وجودا عسكريا مباشرا ومتعدد الأشكال، تعمل إسرائيل على تحجيم النشاط الإيران هناك في حدود معينة"، وفقا لراشد

في المقابل، يشير راشد إلى أن "إيران لم تتحرك بشكل مباشر ضد إسرائيل رغم تكرار وتوالي الاجتياحات العسكرية لغزة والانتهاكات بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عموما".

ويؤكد راشد أن "الحرب الجارية في غزة، حدث كبير يتجاوز كل المحطات السابقة والاختبارات بين البلدين، لكن يمكن بسهول ملاحظة الحذر الشديد في التعامل بينهما".

"فإسرائيل تتجنب توسيع نطاق الحرب، خصوصا بعد التعثر أمام قدرات المقاومة الفلسطينية المحدودة، وإيران تخشى مواجهة شاملة ومفتوحة تعلم أنها ستخوضها بمفردها ضد تل أبيب وواشنطن معا"، بحسب راشد.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الهجوم على على الهجوم الرد على

إقرأ أيضاً:

يديعوت أحرونوت: إسرائيل لا تعرف خطوط ترامب الحمراء تجاه إيران

عبّرت مصادر أمنية وسياسية إسرائيلية قلق متزايد من أن إسرائيل لا تعرف خطوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترامب الحمراء تجاه إيران.

يأتي ذلك في ضوء المحادثات الأميركية الإيرانية غير المباشرة التي تُجرى في العاصمة العُمانية مسقط، دون أي وضوح حول الشروط التي يضعها ترامب بشأن البرنامج النووي الإيراني أو ما إذا كان سيسعى إلى كبح جماح نفوذ طهران الإقليمي وأذرعها العسكرية في المنطقة.

وفي تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" قال المحلل السياسي إيتمار آيخنر إن هناك "ارتباكا في الحكومة الإسرائيلية، وسط غياب أي إشارات واضحة من ترامب بشأن خطوطه الحمراء فيما يتعلق بإيران".

وأضاف آيخنر نقلا عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه لا يعرف ما الخطوط الحمراء التي يعتمدها ترامب".

وكان ترامب قد صعّد في الأيام الأخيرة لهجته تجاه طهران، مهددا بمهاجمة منشآتها النووية، ومشيرا إلى أنها "قريبة جدا من الحصول على سلاح نووي"، لكنه في المقابل أبدى استعدادا للتوصل إلى اتفاق، وقال إن إيران إذا تخلت عن مفهوم الأسلحة النووية فإنها قد تصبح دولة عظيمة.

مخاوف جدية

لكن هذا التوجه -بحسب المصدر الأمني الإسرائيلي- يثير مخاوف جدية في تل أبيب، خاصة إذا ما تمخضت المفاوضات عن اتفاق يبقي على البنية الأساسية للبرنامج النووي الإيراني دون تفكيكه الكامل.

إعلان

وأوضح المصدر "أن اتفاقا سيئا سيقيد أيدينا، ولن نكون قادرين على الهجوم، فإما تفكيك البرنامج أو الهجوم".

وبحسب التقرير، فإن إسرائيل لا تخفي انزعاجها من أن المحادثات الجارية تركز فقط على الملف النووي دون التطرق إلى برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني أو المليشيات التابعة لطهران في المنطقة، بما في ذلك جماعة الحوثي في اليمن التي تواصل إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة على إسرائيل في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة.

وقال المصدر الإسرائيلي "لا يوجد خيار ثالث، إما تفكيك البرنامج أو عمل عسكري"، مضيفا أن "الإيرانيين ماكرون، والقلق في إسرائيل له ما يبرره"، حسب تعبيره.

ولفت آيخنر إلى أن ترامب قال في تصريحات أدلى بها للصحفيين على متن طائرة الرئاسة إن "الأمور تسير بشكل جيد" في المفاوضات، لكنه حذر من أنه "إذا كان علينا أن نفعل شيئا صعبا للغاية فسنفعل ذلك، هؤلاء أناس متطرفون لا يمكنهم الحصول على أسلحة نووية".

لكنه ينقل في المقابل عن مصدر أمني إسرائيلي تعليقه على إعلان المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف -الذي يقود المحادثات من الجانب الأميركي- بأن بلاده مستعدة للتوصل إلى "حل وسط"، ويقول "إن الخط الأحمر الوحيد للولايات المتحدة هو منع إيران من امتلاك سلاح نووي، وليس بالضرورة تفكيك البرنامج بالكامل".

اهتمامات إسرائيل

ويذكّر التقرير بأن إسرائيل مهتمة باتفاق يفضي إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وهو ما أطلق عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في السابق "النموذج الليبي".

لكن هذا الطرح يعد خطا أحمر بالنسبة لطهران التي تصر على حقها في تخصيب اليورانيوم وتشغيل برنامج نووي مدني مستقل.

لذلك، فإنه يرى أن القلق الإسرائيلي لا يقتصر على الموقف الأميركي، بل يمتد أيضا إلى التقدم السريع الذي أحرزته طهران في برنامجها النووي خلال السنوات الأخيرة، خصوصا بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، الأمر الذي دفع إيران إلى تجاوز كل القيود التي كانت مفروضة على أنشطتها النووية.

إعلان

ووفقا للتقرير، فإن إيران تواصل زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة قريبة من مستوى التخصيب المطلوب لصناعة القنبلة النووية والبالغ 90%.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن طهران تمتلك اليوم ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع ما لا يقل عن 6 قنابل نووية، ويمكنها استكمال التخصيب في غضون أسبوع واحد فقط.

وينقل آيخنر عن تقارير غربية أن طهران تدرس خيار تصنيع "قنبلة نووية بدائية"، أي سلاح نووي بسيط وسريع التجميع قد لا يكون فعالا أو قابلا للتركيب على صواريخ باليستية، لكنه سيكون كافيا لأغراض الردع الإستراتيجي.

وفي ظل هذه التطورات، أعلنت إيران أن وزير خارجيتها عباس عراقجي سيزور روسيا للتشاور مع المسؤولين الروس بشأن مسار المحادثات مع واشنطن، مما يعكس محاولة طهران تحصين موقفها الإقليمي والدولي في مواجهة أي تصعيد أميركي محتمل.

استبعاد واستياء

في المقابل، تبدو الدول الأوروبية مستبعدة تماما من الجولة الحالية من المفاوضات على عكس ما جرى في محادثات الاتفاق النووي الأصلي عام 2015، وهو ما يثير امتعاضا أوروبيا ضمنيا، بحسب الصحيفة.

ويؤكد آيخنر في ختام تقريره أن إسرائيل ماضية في محاولاتها الضغط على الإدارة الأميركية كي لا تكرر تجربة الاتفاق النووي السابق.

وتؤكد تل أبيب أن أي اتفاق جديد لا يشمل تفكيك البرنامج الصاروخي الإيراني ولا يضع حدا لأذرع طهران في العراق وسوريا ولبنان واليمن سيكون اتفاقا "أسوأ من سابقه".

وبين تهديدات ترامب الغامضة ومهارة الإيرانيين في المناورة تخشى إسرائيل من أن تجد نفسها أمام واقع إستراتيجي جديد قد يقيد هامش حركتها العسكرية في المستقبل ويمنح إيران غطاء دوليا للاستمرار في تطوير قدراتها النووية والصاروخية.

مقالات مشابهة

  • المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو متردد ويخشى مهاجمة إيران
  • قرار مفاجئ من محكمة العدل الدولية بشأن دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
  • عُمان ستبقى الوسيط في محادثات الملف النووي الإيراني في روما
  • تسليم رسالة الملك سلمان للمرشد الإيراني خامنئي في طهران
  • جيروزاليم بوست: إسرائيل فكرت جديًا في مهاجمة إيران عدة مرات منذ أكتوبر
  • رسالة من خادم الحرمين إلى المرشد الأعلى الإيراني
  • غانتس يدعو لتنسيق مع واشنطن لإزالة احتمال امتلاك إيران سلاحا نوويا
  • انتقادات اسرائيلية بشأن تسريب معلومات الهجوم على إيران
  • غانتس: إسرائيل قادرة على مهاجمة إيران.. و"حان وقت التغيير" بالتنسيق مع واشنطن
  • يديعوت أحرونوت: إسرائيل لا تعرف خطوط ترامب الحمراء تجاه إيران