مصطفى حمد يكتب: «عتبات البهجة».. واستحضار روايح الزمن الجميل
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
الكتابة عن عمل فنى ليست أمراً سهلاً، لا سيما إذا كان المكتوب عنه بطله غول تمثيل بقيمة يحيى الفخرانى، صاحب التاريخ الدرامى الضخم، فما بالك لو قلت لك إن مايسترو العمل هو مجدى أبوعميرة، مخرج الروائع، اللذين بمجرد سماع اسميهما معاً، يشدو فى أذنيك «يا روايح الزمن الجميل هفهفى وخدينا للماضى وسحره الخفى»، ويجعلك تفكر ألف مرة قبل أن يخط قلمك حرفاً عن مسلسلهما الجديد «عتبات البهجة» فى 2024 خوفاً من أن يجانبك الصواب.
وبالمثل القائل «ما هكذا يا سعد تورد الإبل»، أخذت أهمس لنفسى، كلما قرأت التعليقات بشأن المسلسل، فلا أفهم أن يحكم ناقد فنى أو أى مشاهد -بالمناسبة- بامتلاكه الحقيقة المطلقة فى الحكم على العمل الدرامى، وأن «كلمته مش ممكن تنزل الأرض أبداً»، وأن غيره خاطئ؛ وأتمنى لو أخبره قائلاً يا عزيزى، الفن أساسه اختلاف الآراء، وكل ما يكتب عن الأعمال الدرامية «حلوه ومره»، لا تعده «آفة»، ويجب أن نراه «صحياً»، فالعمل السيئ لا يتحمل النقاشات ولا يستفز طاقات الكتابة فينا ولو لسطر واحد. وعلى أى حال لا أبالغ إذا قلت إن مسلسل «عتبات البهجة» من أجمل المسلسلات التى رأيتها ولا تسألنى على أى أساس أطلقت حكمك؟ فيمكن أن أجيبك بـ«رأيى وأنا حر»؛ لكن سأقول لك نظريتى وراء ذلك؛ وهى أن تجعل ما يهمك يتلخص فى ماذا يقدم العمل الدرامى وكيف، وتشاهد المسلسل بشكل كامل؛ حتى لا تُصدر رأياً من مشاهدة حلقة أو أكثر دون تكوين رؤية عامة عن الحلقات؛ وهذا ما تتبعه غالبية الآراء -للأسف- على مواقع التواصل الاجتماعى، فلا تزيد عن وجهة نظر انطباعية و«عوم مع الرايجة» وليس لها علاقة بفهم عميق بعد مشاهدة حقيقية.
وبشكل عام، أرى أن المنطق السائد فى معظم الأعمال الحالية، فى التحليل الأخير له، هو توصيل رسالة إلى الأسرة المصرية بكل فئاتها مفادها إدراك القيم وعودتها لمجتمعنا سواء برد فعل أخلاقى مباشر أو بذكر الضد ومآلاته السلبية؛ وهذا يسهم فى النهاية فى رفعة الذوق الفنى؛ وكأن الإبداع المصرى يقوم بعملية «تطهر» -بالمعنى الأرسطى- ليعيد التوازن للمشاهد على غرار المسلسلات الخالدة فى ذاكرتنا.
ومن الأعمال التى نجحت فى الموسم الحالى من تحقيق الرؤية السابقة، جاء مسلسل عتبات البهجة للفنان الكبير يحيى الفخرانى، الذى يعود به بعد غياب عامين عن آخر أعماله نجيب زاهى زركش فى 2021، ليقدم وجبة درامية جديدة بتوقيع مدحت العدل عن رواية للكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد، وإخراج مجدى أبوعميرة الذى قدم روائع لا تنسى فى الدراما المصرية، مثل: «الضوء الشارد والمال والبنون والراية البيضا»، ومجرد وجود اسمه يعطى شهادة نجاح للعمل.
المضمون الدرامى على مدى أحداث مسلسل عتبات البهجة جاء متناسقاً، فلم يحدث خلل يجعل المشاهد يمل أو يشعر بعدم السببية بين نهاية كل حلقة وأخرى؛ وظهرت الشخصيات بشكل يتجسد فيه أداء السهل الممتنع الذى يجعلك تشعر أن ما يعرض أمامك واقع حى وليس تمثيلاً، وهو ما انعكس أيضاً على تناسق ملابسهم مع طبيعة شخصياتهم وأسلوب الحوار البسيط الذى تفهمه وتتقبله كل الأعمار؛ وهو ما يؤكد أنه عمل موجه للأسرة المصرية وكُتب ليكون بطعم البيوت؛ ولذا كان تصنيفه جمهوراً عاماً. استطاع صانع البهجة، يحيى الفخرانى، أن يجسد شخصية «الجد» بأبعادها المختلفة بحرفية شديدة، فظهر وقوراً حكيماً، وإن جاءت لغته خطابية مباشرة، فأراها تتسق مع الخط الدرامى، الذى أراد توجيه عدة رسائل بين رفض التحرش، والدعوة لنشر الحب والتسامح؛ ومواجهة البدائل غير الأخلاقية لتحقيق السعادة كاتجاه الشباب لطريق المخدرات، وكلها دعوات لاستعادة أخلاقنا الجميلة مع محبة الحياة، فى زمن يشهد تطوراً تكنولوجياً سريعاً وزيادة الفجوة بين الأجيال، وإن انتصر بهجت الأنصارى للماضى فيقول فى أول مشهد من المسلسل: «تخيلوا الفرق بين زماننا اللى إحنا عشناه والزمن اللى إحنا عايشينه دلوقتى عرفتوا ليه بقى سموه الزمن الجميل»، فإن النهاية كانت دعوة للتوفيق بين الأصالة والمعاصرة.
وعلى سيرة أعمالنا الخالدة، وبما أن الشىء بالشىء يذكر، فمن الوهلة الأولى عند مشاهدتى لـ«عتبات البهجة»، تذكرت مسلسل «ضمير أبلة حكمت»، الذى عُرض لأول مرة عام 1991 من قصة أسامة أنور عكاشة، هذا الربط جعلنى مع كل ظهور للعبقرى يحيى الفخرانى على الشاشة ومناقشاته مع أبطال العمل لحل مشكلة ما -كأننى أرى نفس طريقة تعامل أبلة حكمت «فاتن حمامة» الناظرة الوقورة مع تلاميذها- أردد: نحتاج لـ«ضمير أستاذ بهجت» لنصل للسعادة فى حياتنا، فالمفارقة أن كلا المسلسلين من 15 حلقة، ويناقشان قضية التعليم وصراع الأجيال الناجم عن الهوة الثقافية بين الجيلين القديم والجديد، ومحاولات البحث عن جسور التواصل برقى بينهما مع الحفاظ على خصوصية كل جيل، ورغم مرور أكثر من 30 عاماً بين العملين، يطبق أستاذ بهجت رسالته التربوية مع أحفاده وطلابه لتحقيق فلسفة الحق والخير والجمال واحترام أن لكل جيل لغته وشخصيته، ليثبت أن الرقى لا يسقط بالتقادم، فجاء محتواه كـ«بلوجر» تمثيلاً لمبدئه وضميره.
أظن رسالة المسلسل أشد ما نحتاج لتقديمه الآن، وعلى المستوى البعيد، فى ظل توحش السوشيال ميديا وتهديدها للأسر، وأستطيع القول فى النهاية إن كتابة ورشة حواديت والمعالجة الدرامية لمدحت العدل، طمحت إلى السير على خُطى الأعمال الخالدة فأخذتنا فى رحلة درامية ممتعة بدأت باستمرار البحث عن لؤلؤة المستحيل الفريدة «البهجة» وألا نتوقف عن المحاولة، وانتهت برباعية عظيمة لصلاح جاهين كرسالة لنفهم أن البهجة فى الرحلة، وتذكرنا بعبارة نجيب محفوظ: «الحقيقة بحث وليست وصولاً»:
أنا اللى بالأمر المحال اغتوى.. شفت القمر نطيت لفوق فى الهوا.. طلته ماطلتوش إيه أنا يهمنى.. وليه ما دام بالنشوة قلبى ارتوى.. وعجبى!
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دراما رمضان المتحدة عتبات البهجة یحیى الفخرانى عتبات البهجة
إقرأ أيضاً:
بعد حضورهما عزاء شقيقه مصطفى.. هل انتهى خلاف حسين فهمى وفنانين مشهورين
شهد عزاء الفنان مصطفى فهمى حضور عدد كبير من النجوم الكبار وحرص حسين فهمى على استقبال العزاء وكان من بين الحضور الفنانين محمود قابيل ولقاء سويدان حيث كان على خلاف مع حسين فهمى فهل انتهى الخلاف بحضورهما العزاء.
حرص كل من محمود قابيل ولقاء سويدان على تقديم واجب العزاء للفنان حسين فهمى فى الراحل شقيقه مصطفى فهمى والذى اقيم فى مسجد عمر مكرم وهو الأمر الذى رآه البعض نوعا من الصلح بين حسين فهمى ومحمود قابيل ولقاء سويدان بعد خلاف شديد بينهم.
ومن المعروف ان حسين فهمى دخل فى خلاف حاد مع محمود قابيل بسبب استقالة حسين فهمى من منصبه كسفير للنوايا الحسنة فى الأمم المتحدة وهو الأمر الذى شكك فيه محمود قابيل وهو ما أغضب حسين فهمى الذى قام برفع عدد من القضايا ضده.
أما الفنانة لقاء سويدان دخلت فى خلاف حاد مع حسين فهمى بعد انفصالهما وهو الأمر الذى وصل أيضا الى القضاء.
أخبار الفن.. فنانة شهيرة تعلن انفصالها رسميا .. ورد قوي من أمينة خليل على عدم زواجها فنانة شهيرة تعلن طلاقها بشكل رسمى .. تفاصيل رد قوى من أمينة خليل عن سبب عدم زواجها حتى الآن.. فيديو وصية الراحل حسن يوسف .. ما علاقة الشيخ الشعراوى بها؟ عزاء مصطفى فهمىدخل الفنان حسين فهمي فى نوبة بكاء أثناء تلقيه عزاء شقيقه مصطفي فهمي.
وحرص عدد كبير من نجوم الفن على حضور العزاء أبرزهم ، يسرا ، ليلي علوي ، أحمد سعيد عبدالغني.
ورحل الفنان مصطفى فهمي، عن عمر يناهز 77 عاما، وذلك بعد صراع طويل مع مرض السرطان و الذي أدى إلى تدهور حالته الصحية خلال الأشهر الماضية.
مرض مصطفى فهمىعلق الدكتور أسامة حمدي، أستاذ السكر بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، على خبر وفاة الفنان مصطفى فهمي.
كتب الدكتور أسامة حمدي في منشوره: "عرفني به صديق مشترك، وهو صديق طفولته الأستاذ أحمد أبو زيد، مساعد وزير الاستثمار الأسبق، التقينا على الغداء في مطعم رائع بالزمالك، وجدته إنسانًا يدخل قلبك من أوسع أبوابه، بأخلاقه العالية، وأسلوبه المهذب، وضحكته البشوشة التي تجعلك تشعر وكأنك تعرفه منذ سنوات طويلة، دار بيننا حوار طويل، شعرت فيه بطاقته الإيجابية في الحياة والفن والمعرفة، حدثني عن أعماله الفنية وما يخطط له كان بسيطًا وودودًا، وكأنه يعيش بقلب أصغر بكثير من عمره الذي قارب السابعة والسبعين (أضاف الإعلام في خبر وفاته خمس سنوات لعمره).
أستطرد:" كنت أتابع حالته الصحية عن كثب من خلال صديقي، وعلمت بإصابته بسرطان المخ من النوع الذي يصعب علاجه، تمنيت من كل قلبي أن يأتي إلى أمريكا لإعادة الفحص والبحث عن أي أسلوب حديث لعلاجه، ثم علمت بتدهور حالته الصحية سريعًا نتيجة العلاج ومضاعفاته، توفي فجأة الإنسان المفعم بالحياة مصطفى فهمي، وفقد الفن المصري الناعم فارسًا جميلًا من فرسانه، يموت الناس ولكن يبقى من هؤلاء الفنانين والأدباء في هذه الدنيا لوحة، وفيلم، وموسيقى، وأغنية، وتمثال، وكتاب، وقصيدة يسعدونا بهم مدى الحياة.