بات من الصعب فى هذا الزمن الذى نعيشه أن يقول أحد إن الأعمال الفنية محض ترفيه فقط، ولا سبيل لتلك الأعمال سوى تسلية الجمهور فقط، أصبح هذا الكلام قديماً نوعاً ما، فنحن نعيش بعصر أصبحت كافة الدول تتنافس فيما بينها لنشر ثقافتها ولإعلان قوتها الناعمة، ولكل دولة الحق فى ذلك على وجه الأرض، ولكن تبقى القوة الناعمة المصرية والفن المصرى ذا مذاق وهدف ومعنى خاص.

دوماً ما كان الفن المصرى بالوطن العربى صاحب السطوة الكبرى، ومن خلال العديد من الأعمال الفنية ونجوم الفن من تربينا على أعمالهم كانوا سُفراء لمصر بكل بيت عربى، وكانت المسلسلات بشكل خاص هى التى تنشر ثقافتنا وأفكارنا وعاداتنا، وبالطبع يبقى شهر رمضان الموسم الأبرز لتنافس المسلسلات التليفزيونية وعرضها للجمهور بكافة أرجاء الوطن العربى، ليختاروا ما يشاءون منها، ومع تعدد مصادر المشاهدة فى السنوات الأخيرة أصبح أمام الجميع أن يرى ما يُريد.

إلا أن موسم دراما رمضان هذا العام شهد انتصاراً حقيقياً للدراما التليفزيونية المصرية، حيث تم تقديم أعمال فنية تُناسب كافة الأذواق، وتم تقديمها بحرفية وجودة عالية، والأهم من ذلك أن تلك الأعمال تعدت حدود ترفيه المشاهد، ولكنها تأكيداً وتوثيقاً للريادة المصرية وعودة لمكانة الفن المصرى الحقيقى. شاهدنا جميعاً هذا العالم مسلسلات تليفزيونية تنوعت ما بين الأعمال المستوحاة من التاريخ مثل مسلسل «الحشاشين»، والذى لا يختلف على براعة وجودة تنفيذه أحد، كما تمت أيضاً الاستعانة بالتراث والأساطير فى واحدة من أشهر تلك النوعية من الأعمال، وهى «ألف ليلة وليلة»، ليأتى مسلسل «جودر» الذى يستحق المنافسة بشكل عالمى. وبالطبع استكمالاً لنجاح موسم درامى استثنائى كانت هناك العديد من المسلسلات الاجتماعية التى ناقشت العديد من القضايا الاجتماعية، ولاقت صدى كبيراً لدى الجمهور، مثل «أعلى نسبة مشاهدة، مسار إجبارى»، وكان للكوميديا الهادفة مكان بـ«بابا جه»، تلك الكوميديا التى تستطيع أن توصل معانى تعجز آلاف المقالات عن إيصالها، ولم تغفل الدراما المصرية الحديث عن القضية الفلسطينية، وتأكيد حق الشعب الفلسطينى بـ«مليحة»، والعديد من الأعمال الفنية التى أكدت ريادة الدراما المصرية.

نستطيع أن نقول إن شهر رمضان عام 2024 شهد عودة الفن والدراما المصرية لمكانتها الحقيقية وبقوة لتظل هى المُعبر، وإن القوة الناعمة المصرية قادرة على تحقيق الكثير وليس الترفيه فقط، لتأكيد أن الفن الحقيقى هو الباقى وهو لسان حال الشعوب.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: دراما رمضان المتحدة

إقرأ أيضاً:

مكمن صلابة مصر

خلال الأيام الأولى من ولايته الجديدة، اتخذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سلسلة من القرارات والإجراءات التى أثارت الجدل حول العالم، لا فرق فى ذلك بين حلفاء الولايات المتحدة مثل دول الاتحاد الأوروبى وبريطانيا وكندا وبعض دول الشرق الأوسط، أو خصوم الولايات المتحدة مثل الصين وروسيا وغيرهما من الدول التى تقف فى الخندق المواجه للهيمنة الأمريكية، والواضح أن كل ما اتخذه ترامب من قرارات واجراءات مثيرة للجدل كان الهدف منه مخاطبة الداخل الأمريكى واستخدام الشو الاعلامى فى الاعلان عن الوفاء بتعهداته الانتخابية، وأيضًا طرح بعض القضايا فى صورة بالونات اختبار، وهو أسلوب اعتاد ترامب استخدامه بطريقته الشعبوية القائمة على الشو والمفاجآت والصدمات والفضائح التى تجذب الرأى العام الأمريكى.. لكن فى المقابل هناك قضايا حساسة وذات طابع تاريخى وعقائدى يصعب التعامل معها بهذا المنطق، وربما تأتى بنتائج عكسية وآثار سلبية على الولايات المتحدة مثل القضية الفلسطينية، بكل ما تملكه من إرث تاريخى وقرارات دولية وأممية وجانب عقائدى للقدس التى تشكل أحد مقدسات مليارى مسلم، وفوق كل هذا وجود خمسة ملايين فلسطينى فى الضفة وغزة يتمسكون بأرضهم وقيام دولتهم المستقلة.

ردود الفعل الكبيرة على دعوة ترامب بنقل بعض الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، كان أكبر من أن يتوقعه ترامب وادارته الجديدة خاصة وأن مصر والأردن قد أعلنتا بشكل رسمى رفض هذا التصريح.. صحيح أن بيان وزارة الخارجية المصرية كان قاطعًا فى رفض تصفية القضية الفلسطينية من خلال عمليات التهجير والتأكيد على دعم الفلسطينيين فى التمسك بأرضهم ورفض ضم أراضٍ جديدة للاستيطان، والعمل على نفاذ قرارات الشرعية الدولية وقيام الدولة الفلسطينية على حدود 67، والأهم أن مصر قد أشارت إلى خطورة نقل الفلسطينيين إلى أماكن أخرى باعتباره نقلا للصراع إلى تلك الأماكن، وهو الأمر الذى يدركه المصريون جيدًا، ودفع أعضاء مجلس النواب المصرى إلى الانتفاض فى مواجهة هذا المخطط، كما أصدر مجلس الشيوخ المصرى الذى يضم حكماء الأمة برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، بيانًا قاطعًا يشكل تعبيرًا صادقًا عن رأى وتوجهات ومشاعر الشعب المصرى، الذى دفع أكبر ضريبة عبر تاريخه فى مساندة الشعب الفلسطينى من خلال عدة حروب بداية من عام 1948 وحتى حرب اكتوبر المجيدة، وفقد فى هذه الحروب عشرات الآلاف من خيرة شبابه، كما دفع ضريبة باهظة من اقتصاده بمئات المليارات من الدولارات وما زال يعانى آثار هذه الحروب، كما جاءت ردود الفعل الشعبية والمدنية رافضة لمثل هذه التصريحات، والتأكيد على الالتفاف حول القيادة السياسية فى كل القرارات التى تحمى الأمن القومى المصرى.

مؤكد أن كل ما يمثل تهديدًا للأمن القومى المصرى أو الوطن بشكل عام، أمر يحتاج إلى الاصطفاف الوطنى من شتى طوائف الشعب المصرى وفى مقدمتهم القوى السياسية والمدنية، باعتبار أن هذا الاصطفاف هو الضامن الأساسى لقوة واستقرار الوطن، والصخرة التى تتحطم عليها كل المؤامرات التى تحاك لمصر والمنطقة بشكل عام، وفى مثل هذه الأزمات تأتى أهمية الدور الفاعل للأحزاب والقوى السياسية والمدنية فى حشد الرأى العام ضد هذه المخططات.. بل إن دور أحزاب المعارضة المصرية يأتى مقدمًا على كل ما دونها فى هذه المواقف الفارقة على اعتبار أن هذه الأحزاب لها ممثلون فى البرلمان بغرفتيه ولها مقرات ومؤسسات، تستطيع من خلال الاعلان عن مواقفها بقوة وحرية سواء داخل البرلمان أو من خلال البيانات، أو المؤتمرات الجماهيرية وأيضًا الندوات السياسية والمؤتمرات الصحفية لوسائل الاعلام الأجنبية والمحلية، خاصة أنها تستطيع أن تقول ما لا تقوله الدبلوماسية الرسمية، وعلينا أن نتعلم من كل التجارب السابقة التى أكدت بما لا يدع مجالاً للشك، أن قوة هذا الوطن عبر تاريخه القديم والحديث، تكمن فى وحدته وتماسكه واصطفافه وقت الأزمات، ولسنا ببعيدين عن ثورة الثلاثين من يونيو العظيمة ولا عن مذكرات هيلارى كلينتون وغيرها من الأسرار التى تتكشف تباعًا عن المؤامرات، وعظمة هذا الشعب فى المواجهة.

حفظ الله مصر

 

مقالات مشابهة

  • محمد رمضان يطالب بوضع صورته على بوسترات المسلسلات
  • دفتر أحوال وطن «٣٠٨»
  • بينها أم كلثوم.. المسلماني: بدء ترجمة المسلسلات المصرية إلى لغات إفريقية
  • محمد صبحي: «فارس يكشف المستور» كناية عن المؤامرات العالمية التى تحاك ضد الأمة
  • يا ليل يا عين| المسرح الشعبى والفنون الغنائية مرآة التراث ووجدان المجتمع المصرى.. إسهامات المبدعى من الشيخ سلامة حجازى إلى جمالات شيحة
  • د.حماد عبدالله يكتب: جدد حياتك !!
  • أيقونة السيريالية المصرية.. جاليرى "المشهد" يفتتح معرض الفنان محمد رياض سعيد
  • مسلسلات رمضان 2025.. watch it تطرح بوستر حاتم صلاح في «إخواتي» |صورة
  • "المسلسلات الرمضانية 2025".. منافسة قوية مع أعمال درامية متنوعة ونجوم بارزين
  • مكمن صلابة مصر