خطيب الجامع الأزهر: شهر رمضان كان فرصة عظيمة للتدريب عن ترك الحرام
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، ودار موضوعها حول قوله تعالى: "لعلهم يرشدون"، وذلك في أول جمعة بعد انتهاء شهر رمضان المبارك.
وقال د. الهدهد: انتهى شهر رمضان، واستجاب الله فيه لمن أجابه، وغفر لمن استغفره، وتقبل صيام وقيام من أطاعه بحق وعبده بصدق، موضحا أن آيات الصيام جاءت مختومة بثلاث رجاءات: "الأول: لعلكم تتقون، الثاني: لعلكم تشكرون، الثالث: لعلهم يرشدون"، رجاء التقوي، تعليم للعباد المؤمنين برب العالمين ألا يعبدوا ربهم متعلقين بالأسباب وحدها، فقد تصوم ولا يتحقق في قلبك التقوي لأن تحقيق النتائج مشروط بتعلق قلبك بالله لا التعلق بالنتائج بالأسباب لأنك لست ماديًا، ولا عابد دنيا، بل تعبد رب الأسباب وتأخذ بالأسباب.
وبيَّن أستاذ البلاغة والنقد، أن قوله تعالي: "لعلكم تشكرون"، جاء في تيسير أحكام الصيام، لأن الأخذ بالعزائم والرخص في الأحكام نعمة كبرى من الله توجب عليك أن تتوجه إليه بالشكر، ثم تخللت "لعلهم يرشدون" آيات الدعاء ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾، ومعنى الرشد أن تطلب أن يهديك الله لصلاح أمرك في الدنيا والآخرة، فبهذا الرشد بعينه تكون صالحًا في الناس مصلحًا في دنياك، وذلك هو الذي يحقق لك في الآخرة الجنة والثواب العظيم.
وأشار خطيب الجامع الأزهر، إلى قول الله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي"، دل على اليقين بسؤال الله وحده ولا نلجأ إلى أحد سواه، ولا نطلب من غيره، وفي قوله عزَّ وجلَّ: "عِبَادِي" ولم يقل "الناس أو المؤمنين"، لأن العبودية هي المرقي الأعلى في مراتب الإيمان بالله، فطلب منهم أن يتوجهوا إليه بالدعاء، وجعل الاستجابة قبل الإيمان: "فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي"، لأنك إذا أيقنت بأن الله هو رب العباد، وهو المنعم عليك، وتوجهت إليه بالطاعة كنت مؤمنًا حقًا وتصبح من أهل الرشاد في الدنيا تصلح بك نفسك، ويصلح بك الناس "لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ".
وأوضح أن المسلم بحاجة إلى برنامج هداية، قال ﷺ: "ما من مسلم يدعو دعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يؤخرها له في الآخرة، وإما أن يكف عنه من الشر مثلها، قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر".
وتابع: لعلنا خرجنا من مركز التدريب العالي الذي تدربنا فيه طوال الشهر الفضيل على الامتناع عن الحلال، بل الضروري منه الذي تقوم به الأجساد ولا بد منه، فهل نمتنع عن الحرام بعد رمضان؟ فنكون قد عبدنا الله بحق، ودعوناه بصدق، فنحن أمة خصها الله بخصائص كثيرة، منها ثلاث لم تعط لأحد من قبلها سوي الأنبياء، فهل نحن الأمة التي تستحق ما خص به الأنبياء من قبلها؟ هذه الخصائص إنما جعلت لنكون أمة النبي ﷺ بحق وصدق، وأن نتبع ما فرضه علينا ربنا في شهر رمضان من نعمة التوفيق في طاعته والامتناع عن الحلال للتدريب على الامتناع عن الحرام في غيره.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الجامع الأزهر الدكتور إبراهيم الهدهد انتهاء شهر رمضان خطبة الجمعة اليوم الحلال شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الزهد هو سفر القلب من الدنيا إلى الآخرة
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان الإمام أحمد بن حنبل كان يرى أننا إذا أردنا السير في طريق الزهد، يجب علينا أن نتبع ثلاث خطوات:
الخطوة الأولى: أن نترك الحرام. فقد كان يربط بين ترك الحرام وبين العلاقة القلبية بين العبد وربه. يقول أهل الله: "الزهد هو سفر القلب من الدنيا إلى الآخرة". فالقلب إذا سافر إلى الآخرة - أي اشتاق إلى دار المحبوب - فإن هذا السفر هو الذي يهون على الإنسان أمر الدنيا.
وكان الإمام أحمد يقول: إذا أردت أن تعلم ولدك الزهد، فعلمه أولًا ترك الحرام، ولا أستطيع تعليم ولدي ترك الحرام إلا إذا كنت أنا تاركًا له. وكان الزهاد إذا أراد أحدهم أن يعلم ابنه، يقول له: "انظر يا بني، لم يدخل فمك لقمة حرام"، وبهذا الشكل يصبح قلبه مستنيرًا من قبل الله عز وجل، ويصل إلى مقام الزهد.
فتعليم الزهد أو بلوغ مرتبة الزهد لا يصل إليه الإنسان إلا إذا أكل الحلال أولًا، وعلم أبناءه أن يأكلوا الحلال ولا يقربوا الحرام. كما يجب أن يبين لهم أن كل جسم نبت من حرام فالنار أولى به، وأن الحرام يمنع من استجابة الدعاء ويتسبب في ظلمة القبر.
الخطوة الثانية: ترك الفضول من الحلال. وهذا يعني عدم الإكثار من الأكل حتى وإن كان المصدر حلالًا، استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه». وقد كان السلف الصالح لا يأكلون إلا من نوع واحد، أي لا يجمعون بين أكثر من نوع من الطعام - وهذا في بداية الطريق. فالمقصود أن يكتفي الإنسان بنوع واحد من الطعام كوسيلة للتدريب، وهذا هو المراد من قوله، رحمه الله، ترك الفضول من الطعام.
الخطوة الثالثة: أن "تترك كل شيء سوى الله تعالى". وهي ما نسميها بـ"نظارة المحبة"، بمعنى أن لا تتوكل إلا عليه سبحانه وتعالى، ولا تعتمد إلا عليه. وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أجملوا في الطلب»، أي اجعل مرادك هو الله واعتمادك عليه وحده سبحانه وتعالى.