قطاع الطاقة.. مساهمة متزايدة في جهود التنويع والاستدامة في سلطنة عمان
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
اكتمال اختبار القدرة الإنتاجية المطلوبة لمجمع أوكيو للبلاستيك أحد أهم التطورات التي شهدتها جهود الاستدامة والتنويع:
الوصول للقدرة المستهدفة يحقق للحكومة استفادة مباشرة في استيفاء جميع اشتراطات رفع الضمانات التي تم تقديمها للمجمع
تعزيز القدرة الإنتاجية للمجمع يعد إضافة مهمة لجهود التنويع واستغلال الموارد وتشجيع قطاع الصناعة
ثمار مهمة يحققها توحيد الاستثمارات والشركات الحكومية تحت مظلة جهاز الاستثمار
يعد النفط مصدرا رئيسا للعائدات العامة ورافدا مهما للنمو الاقتصادي حيث يسهم بأكثر من نصف العائدات المالية للدولة، وتمثل الأنشطة النفطية نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي في الوقت الحالي، وضمن مساعي سلطنة عمان نحو الوصول للاستدامة المالية والاقتصادية تحقيقا لطموحات «رؤية عمان 2040»، يشهد قطاع الطاقة تحولات إيجابية توسع من دوره في دعم مستهدفات التنويع والاستدامة.
وفي هذا السياق تأتي نتائج الأداء المالي والتشغيلي لمجموعة أوكيو التي تم الإعلان عنها مؤخرا لترصد الدور المتزايد لقطاع الطاقة، ومن خلال هذه النتائج، يبرز بشكل خاص الإعلان عن اكتمال اختبار القدرة الإنتاجية المطلوبة لمجمع أوكيو للبلاستيك وتجاوز المجمع القدرة الإنتاجية المستهدفة كأحد أهم التطورات التي شهدتها جهود الاستدامة والتنويع مؤخرا.
فمع الوصول للقدرة الإنتاجية المستهدفة وفق المعايير المطلوبة والمتفق عليها مع مقرضي المجمع تحقق حكومة سلطنة عمان استفادة مباشرة في استيفاء جميع الاشتراطات التي يتطلبها رفع ضمانات كانت قد قدمتها الحكومة لتمويل المجمع وتقدر بنحو 1.5 مليار ريال عماني، كما يأتي تعزيز القدرة الإنتاجية للمجمع كإضافة جديدة لجهود التنويع واستغلال الموارد الطبيعية في سلطنة عمان.
وخلال السنوات الأخيرة، كان استغلال موارد النفط في توسعة صناعات البتروكيماويات من أهم التوجهات التي قامت بها سلطنة عمان، نظرا لأنه توجه يعزز الاستفادة من الثروات الطبيعية، ويوسع تنوع الصناعة والصادرات، ويجعل دور قطاع النفط يتخطى بكثير مجرد كونه مصدرا للعائدات التي تأتي عبر تصدير النفط الخام، ويسهم كل ذلك في توسعة دور قطاع النفط في دعم التنويع والاستدامة المالية من خلال مرافق مثل تكرير النفط والبتروكيماويات، وما يقوم عليها من صناعات توفر فرص العمل وتؤدي لارتفاع متواصل في حجم الصادرات.
وفي صناعة البتروكيماويات، تم بداية هذا العام الافتتاح الرسمي لمصفاة الدقم كأضخم مشروع في صناعة البتروكيماويات في سلطنة عمان، وهو صرح عالمي في قطاع الصناعة التحويلية يجمع شراكة مثمرة بين مجموعة أوكيو وشركة البترول الكويتية العالمية، كما تمثل المصفاة نقلة في مكانة الدقم كمركز صناعي عالمي من خلال المشروعات القائمة على منتجات المصفاة التي تسهم في مضاعفة حجم صناعة تكرير النفط، وكانت الصناعات التحويلية قد شهدت نقلة مع تشغيل مجمع أوكيو للبلاستيك الذي يرفد قطاع الصناعات البتروكيماوية بإنتاج 880 ألف طن سنويًا من مادة البولي إيثيلين، ونحو 300 ألف طن سنويًا من مادة البولي بروبيلين، مما يرفع إنتاج سلطنة عُمان من المادتين إلى 1.5 مليون طن سنويًا يتم تسويقها إلى أكثر من 60 دولة في مختلف أنحاء العالم، ومن المتوقع إسهاما متزايدا للمجمع من خلال الصناعات التكاملية التي تستفيد من منتجاته.
وتأتي نتائج أوكيو التشغيلية والمالية لتعكس أيضا ثمار توحيد الاستثمارات والشركات الحكومية تحت مظلة جهاز الاستثمار العماني مما يحقق فعالية متزايدة لدور هذه الاستثمارات في مستهدفات سلطنة عمان نحو التنويع والاستدامة، وبعد تأسيس جهاز الاستثمار العماني، أصبحت مجموعة أوكيو ضمن الشركات التابعة للجهاز، مما عزز دور المجموعة في تحقيق مستهدفات الرؤية المستقبلية، من خلال تعزيز مستمر لمساهمتها في برامج القيمة المحلية وسرعة إنجاز المشروعات الاستراتيجية التي تشارك فيها أوكيو ومن بينها مصفاة الدقم، والاستغلال الأمثل للمشروعات القائمة بالتوسع في صناعات تكاملية تعزز النمو وفرص الاستثمار، مثلما يتم حاليا من خلال مجمع البلاستيك.
وفضلا عن ذلك، يقدم قطاع الطاقة مساهمة مهمة مباشرة في جهود زيادة مصادر العائدات، ودعم قيادة القطاع الخاص للاقتصاد، وتعزيز أداء بورصة مسقط عبر عملية التخارج من بعض الاستثمارات الحكومية، وطرحها من خلال عمليات الاكتتاب العام في بورصة مسقط حيث تم إدراج أسهم شركة أوكيو لشبكات الغاز كثاني إدراج خلال عام 2023 بعد الإدراج الأول الذي تم لأسهم شركة «أبراج لخدمات الطاقة»، التي كانت أول شركة في قطاع النفط تدرج في البورصة وأول شركة يتم طرحها للاكتتاب العام الأولي ضمن خطة التخارج التي أعلنها جهاز الاستثمار العُماني، وكان لنجاح هذه الاكتتابات أهمية في إتاحة فرص الاستثمار الجيدة للمستثمرين، وتعميق بورصة مسقط ورفع قيمتها السوقية. وتظل أهمية هذا التخارج كونه ضمن أحد التوجهات الاستراتيجية التي تتبعها الحكومة لتقليص دورها في الاقتصاد وإفساح الطريق للقطاع الخاص ليقود نمو الاقتصاد وتوليد فرص العمل.
وكانت أوكيو قد كشفت عن تأثير إيجابي لهذا التخارج على عائداتها المالية، إذ بلغت إيراداتها 13.7 مليار ريال عماني، وسجل صافي الأرباح 970 مليون ريال عماني، وكان الأداء المالي والتشغيلي مدعوما بارتفاع معدلات الإنتاج والأسعار في كل من عمليات الاستكشاف والإنتاج وأعمال الصناعات التحويلية، إلى جانب استمرار جهود رفع كفاءة الإنفاق والأداء التشغيلي في الشركات التابعة للمجموعة وعائدات عمليات التخارج من بعض الشركات وإدراجها في بورصة مسقط.
من جانب آخر، ومع الآفاق الطموحة التي تفتحها صناعات الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، ودورها المهم في الاستدامة ببعديها المالي والاقتصادي، يتزايد دور قطاع الطاقة في دعم الاستدامة في سلطنة عمان بكافة أبعادها المالية والاقتصادية والبيئية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القدرة الإنتاجیة جهاز الاستثمار فی سلطنة عمان قطاع الطاقة بورصة مسقط من خلال
إقرأ أيضاً:
المتاحف وأدوارها في التنمية الثقافية
تُمثل البُنى الثقافـية كالمتاحف والمسارح والمكتبات معالم أساسية فـي خطط التنمية والاستثمار الاقتصادي، وركائز أساسية فـي صناعة السياحة وعوامل جذب للزوار، ناهيك عن أهميتها الثقافـية كونها ذاكرة وطنية وسجلا زمنيا حافلا بالمنجزات الإنسانية عبر التاريخ، يمكن من خلالها الاطلاع على مراحل التطور البشري وقدرة الإنسان الذهنية على الخلق والإبداع.
ونظرا للتنوع الثقافـي العُماني والإرث الحضاري الممتد منذ بدايات الاستيطان البشري فـي الجزيرة العربية، فقد أولت سلطنة عمان المتاحف العناية والاهتمام، وعندما نذكر قصة الاستيطان البشري فـي عُمان نُذكّر بالآثار المكتشفة فـي الأرض العمانية، والتي تثبت وجود البشر فـي هذه البقاع، فهناك «آثار تعود إلى العصر الحجري المتأخر يقدر بحوالي عشرة آلاف سنة قبل الميلاد، حسب تقديرات البعثة الفرنسية للآثار التي أجرت العديد من الحفريات فـي أكثر من 400 موقع منها كهف ناطف بنيابة حاسك، ضمن مشروع دراسة شواطئ بحر العرب»، وتوجد أحجار جرانيت تعود إلى 800 مليون عام معروضة فـي متحف عُمان عبر الزمان، بالإضافة إلى فك متحجر لنوع بدائي من الفـيلة يدعى «عُمانيثيريوم ظفارينسس» عاش فـي أرض عُمان قبل حوالي 35 مليون عام، وقد عُثر على الفك فـي محافظة ظفار، وحسب التعريف المدون على اللوحة أسفل صورة الفك، فإن هذا النوع من الفـيلة «من أوائل الثدييات ذات الخراطيم التي ظهرت على سطح الأرض، وهي قريبة الصلة بالماموث والماستودون».
هذا ما يتعلق بالآثار والمكتشفات الموغلة فـي القدم، أما بالنسبة لتسمية (عمان) فتعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد من خلال النقش المكتشف فـي منطقة مليحة فـي إمارة الشارقة، إذ أُعلن فـي يناير 2016م، عن اكتشاف أثري عبارة عن نقش جنائزي مكتوب بخط المسند (اللغة العربية الجنوبية) إضافة إلى خط آرامي. وترجمة النقش تذكر بأن «شاهد وقبر عمد بن جر بن علي بقر (كاهن) ملك عُمان والذي بناه فوقه ابنه عمد بن جر بقر (كاهن) ملك عُمان» والنقش كما يوضح هو لكاهن وليس للملك، إضافة إلى أن هذا النقش يؤرخ لشكل نظام الحكم بالإضافة إلى كونه أقدم نقش أثري يرد فـيه اسم عمان. ونأمل أن يُعرض هذا النقش مستقبلا فـي أحد المتاحف العُمانية. إن قيمة المكتشفات لا تكمن فـي عمرها الزمني بل فـي كيفـية استثمارها ثقافـيا وماديا، وتوظيف المكتشفات والمقتنيات فـي المتاحف وعرضها للجمهور.
إن الباحث عن المتاحف فـي سلطنة عمان يجدها منتشرة فـي جل المحافظات سواء كانت متاحف حكومية أو خاصة، فحسب نشرة الإحصاءات الثقافـية الصادرة عام 2022م عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات يوجد فـي سلطنة عمان 22 متحفا حكوميا وخاصا، (حسب الإحصائية لم تدرج متحف عمان عبر الزمان الذي افتتح فـي مارس 2023) وإذا أضفناه إلى القائمة نجد أن المتاحف الحكومية (11) متحفا، و(12) متحفا خاصا، يعمل فـيها حوالي (231) موظفا وموظفة، «إحصاءات 2021، من دون موظفـي متحف عمان عبر الزمان». هكذا تساهم المتاحف فـي خلق فرص عمل للباحثين، بالإضافة إلى كونها مكتسبات وطنية تدعم السياحة وتوفر بيئة جاذبة للسائح والمواطن والمقيم، ولذلك فإننا نأمل بتوسيع خريطة إقامة متاحف حكومية أخرى أو حتى متاحف خاصة ببعض المؤسسات العاملة فـي القطاع الخاص فعلى سبيل الذكر، فإن إقامة متحف للصناعات النفطية فـي محافظة الوسطى بات ضروريا خاصة وأن المحافظة لا تحتوي على قلاع أو حصون أو متاحف خاصة فـي الوقت الحاضر، مع العلم بأن المحافظة توجد بها مقومات نادرة فـي سلطنة عمان مثل محمية المها العربية فـي وادي جعلوني، وحديقة الصخور فـي الدقم.
أما بالنسبة للمتاحف القائمة، فنتمنى منها توظيف التراث الثقافـي الشفوي فـي المتاحف عبر إقامة قاعات للفنون المغناة وأشكال التعبير الشفاهي. بالإضافة إلى التوسع فـي إقامة قاعات مخصصة للفن الصخري فـي عمان، بكافة الأشكال والأنواع المكتشفة فـي السلطنة.
تبقى الطبيعة العُمانية متاحف طبيعية مفتوحة من الجبال الشاهقة إلى حفر الإذابة العميقة فـي باطن الأرض مرورا بالجزر والشواطئ والصحاري والسهول، وحكايات الإنسان الذي طوع الطبيعة لصالحه.