الشواء وجبة تقليدية فريدة تتميز بها السفرة العمانية بين دول الخليج
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
في أجواء العيد تتزين السفرة العمانية بأشهى المأكولات والوجبات الشهية، وتبرز من بينها وجبة الشواء العمانية كواحدة من أبرز المأكولات والتقاليد والعادات التي تعزز بها أجواء المناسبات، ويعتبر الشواء في سلطنة عمان ليس مجرد وجبة، بل تجربة اجتماعية تجمع الناس وتعزز الروابط الاجتماعية بينهم.
يقول سعد بن علي التوبي: إن التحضير للشواء يبدأ بمرحلة اختيار أفضل أنواع اللحوم مع استخدام توابل وأعشاب محلية تمنح الأطباق نكهة فريدة ولذيذة، وتتميز تقنيات الشواء العماني بالبساطة، ويعتبر لحم الشواء من أبرز الأطباق المحببة لدى العائلات العمانية، ولا يكتمل جلسة الشواء العماني دون تقديم مجموعة متنوعة من المقبلات والسلطات الشهية مثل الحمص والسلطات الخضراء المتنوعة.
وأوضح التوبي مراحل إعداد الشواء المتمثلة في تجهيز "الخيشة أو الخصفة أو الجونية" المصنوعة من السعف من خلال وضعها في الماء، بالإضافة إلى تجهيز أوراق الموز أو نبتة الشوع ويتم تغطية مساحة الخصفة لتجنب احتراق اللحم، ويتم وضع اللحم فوق "الجونية" المغطاة بورق الموز أو نبتة الشوع وإضافة بعض البهارات، والبعض يقوم بتجهيز "تبزيرة" خاصة للشواء، وبعد الانتهاء من وضع البهارات يتم إغلاق الجونية بإحكام، ووضع الشواء داخل التنور عندما يصبح الحطب جمرا وجاهزا.
من جهته قال مازن البوسعيدي: إن الاستعداد للشواء يبدأ بتجهيز "التبزيرة" قبل شهر من حلول العيد وهي بهارات "تتبيل" اللحم، وتتكون خلطتها من الخل العماني المصنوع من التمر المخلل، بالإضافة إلى القرفة والزنجبيل والجلجلان والثوم والفلفل الأسود والأحمر و"السنوت" أو "الشمار" والملح، حيث تترك "التتبيلة" أو "التبزيرة" لشهر أو أسبوعين قبل استخدامها. موضحا أنه باقتراب العيد يتم تجهيز الحفرة التي يصل عمقها إلى مترين مع تجهيز حطب "السمر" المعروف بقوة فحمه وبطء انطفائه، وغالبا ما يكون لكل عائلة حفرتها الخاصة بها وأحيانا تتشارك مجموعة من العائلات المتجاورة في حفرة واحدة، حيث يثبّت جدار الحفرة بالإسمنت أو الطين وتوقد النار داخلها حتى يتحول الحطب إلى جمر قبل إنزال اللحم داخل "الخصفة". وتغطى الحفرة عند الشواء بغطاء حديدي يمنع تسرب التراب إلى اللحم. وأشار البوسعيدي إلى عدد الأيام التي يمكثها الشواء تحت الأرض وقال: يعتمد ذلك على نوع اللحم وعادة إذا كان لحم ضأن يترك في التنور من صباح أول أيام العيد ليستخرج اللحم صباح اليوم الثاني لحما مستويا طيب المذاق.
وتقول سمر العبرية: يعد تنور الشواء العماني أنموذجا من نماذج العادات والتقاليد العمانية الأصيلة في الاحتفال بالعيد، وهي مظهر من مظاهر التعاون والألفة والترابط الاجتماعي، وأبرز ما يميز الشواء طريقة دفنه تحت الأرض ليوم أو يومين في حفرة عميقة أسفلها جمر من حطب "السمر" الصحراوي يتم إطفاؤه بمهارة، خصوصا طريقة إنزال "الخصفة" المصنوعة من سعف النخيل المحتوية على قطع اللحم الكبيرة لتستقر على الجمر، فينطفئ وهجه ويظل اللحم يمدد ببخاره ليتسرب إلى أوراق الموز الملفوف حول اللحم المتبل بتتبيلة خاصة حتى ينضج على مدى يوم أو يومين.
وتردف بالقول نور الكندية: إن الشواء من الوجبات المميزة في العيد وغيرها من المناسبات، حيث تجتمع الأسر والأصدقاء والأقارب لتناول الشواء معا في جو يسوده الألفة والمحبة، ويتميز الشواء بمذاقه الشهي ويختلف طعمه وطريقة إعداده من عائلة إلى أخرى، وفي الوقت الحالي غالبا ما يكون لكل عائلة حفرتها الخاصة ولكن هناك أيضا عائلات تتشارك حفرة التنور وفي بعض المناطق يخصصون حفرة كبيرة للشواء لكل منطقة، وفي كل الحالات يتم طهيه بنفس الطريقة وبمذاق مختلف.
أما سالم المعمري فيقول: إن الشواء هي وجبة لحم تدفن وتطهى على نار هادئة باستخدام الجمر مع تغليفها بطريقة تقليدية باستخدام ورق الموز أو ورق الشوع، بعد إضافة توابل خاصة تضيف عليها نكهة فريدة وتسمى هذه البهارات بــ"التبزيرة" ويتم وضعها في الخصفة المصنوعة من سعف النخيل، ومن ثم يوضع في الحفرة حتى ينضج على مدى يوم أو يومين. مؤكدا أنها وجبة رئيسية في الأعياد، ومن الوجبات المفضلة لديه ولا تكمل فرحة العيد إلا بها.
جدير بالذكر أن بعض المناطق في ربوع سلطنة عمان تكون لديهم طقوس خاصة أثناء دفن الشواء وإخراجه مع تجمع تسوده المحبة والتآخي والألفة والتهاني والتبريكات بالعيد السعيد.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
احكي لنا حكاية.. برنامج إذاعي يروي قصصا من التراث العماني والعربي
أحمد الراشدي: الحكاية وسيلة سحرية فاتنة لتنمية خيال الأطفال
عبدالعزيز الراشدي: العثور على حكاية مناسة هو التحدي الأكبر
وفاء الحنشية: جاذبية الحكي تكمن في استخدام الراوي لهجته الأم
بثينة الفورية: تستيقظ الحكايات حينما يلقتطها الحكواتيون بحبّ
***************************************************
يجتمع عدد من الحكواتيين العمانيين للمرة الرابعة في البرنامج الإذاعي اليومي (احكي لنا حكاية) والذي يبث عبر أثير إذاعة سلطنة عمان، وهو برنامج موجه للأسرة، للأطفال والكبار. يقدم فيه أحمد الراشدي وعبدالعزيز الراشدي وثمنة الجندل ووفاء الحنشية ووميثاء المنذرية ونوال الدرمكية بتصرف قصصا شعبية، مستلة من التراث العماني والعربي وأفواه الجدات وبطون الكتب، والبرنامج من إخراج حمد بن عامر الوردي.
**************************************************
البحث عن الحكايات الممتعة
في سؤالنا حول معايير اختيار هذه القصص، قال الحكاء أحمد الراشدي: "هذا السؤال يدفعني لأن أقول بكل فخر أن برنامج احكي لنا حكاية وصل في الدورة الرمضانية الإذاعية الحالية لعام 2025 الدورة الرابعة، وهذا أتاح لي ولزملائي الحكواتيين منذ الدورة الأولى فرصة ذهبية للبحث عن الحكايات الممتعة ، وهذا البحث تنوع بين ما ورثناه وسمعناه من جداتنا ومن المورث الشعبي الشفهي، بل إن ّ بعضنا وجد أن في مخزونه حكايات ناقصة سمعها في طفولته وفقد بعض أحداثها وشخصياتها، فصرنا نجالس كبار السن الرواة الذين هم كنوزنا البشرية ونطلب منهم أن يروا لنا الحكاية مرة أخرى فنقوم بتسجيلها وتدوينها ، كذلك اعتمدنا على مصدر يستحق التقدير وهم بعضُ جامعي الحكايات من باحثين وهواة ؛ فهؤلاء قاموا بجهود نوعية استثنائية أغلبها فردية في تجميع الحكايات الشعبية في تراثنا العُماني منهم الأديب يوسف الشاروني في كتابة " قصص من الترث العماني " طبعته جريدة عُمان عام 1987، والأستاذة خديجة الذهب التي جمعت حكايات من التراث الشعبي الحكائي الظفاري في كتابها " حكايات جدتي – حكايات شعبية من ظفار" وكذلك الدكتور محمد المهري في كتابه" حكايات شعبية ظفارية" ، وفاطمة قلم في كتابها "روت لي جدتي"، وغيرهم من الباحثين العمانيين ومنهم الدكتورة عائشة الدرمكية ، كما أن الموسوعة العمانية تضم كنزا ثريا من الحكايات المنتقاة بعناية في بعض المداخل".
وتابع: "اعتمدنا أيضا على كتب متخصصة ضمت حكايات شعب بعينه من الشعوب العربية أيضا قام بها بعض الباحثين والهواة في الدول العربية مثل كتاب قول يا طير للباحثيْن إبراهيم مهوّي وشريف كناعنه في التراث الحكائي الفلسطيني وكتاب زينة العقل للأديب عبد التواب يوسف من التراث المصري ، وبعض الكتب التي تضم حكايات متناثرة من التراث العربي الشعبي المأخوذة من حكايات ألف ليلة وليلة وحكايات السندباد وغيرها مثل كتاب " أجمل الحكايات " للأديب يعقوب الشاروني الصادر عن دار الشروق. وغيرها من الكتب والمصادر المرئية والمسموعة التي لا يمكن إفال ثرائها عبر اليوتيوب. كل هذا الجهد دفعنا طوال الدورات الماضية أن نكوّن مكتبة خاصة بالحكايات الشعبية وما يرتبط بها من دراسات".
وأضاف: "كما ترين هذا البحث والانتقاء الحكائي أيضا طور لدينا مهارة مهمة لدى الحكاء وهي التوثيق والتدوين، وهناك خطوة مهمة في البرنامج وهي إعادة كتابة هذه الحكايات باللهجة المحكية وهذا أيضا أعطانا دُربة في عملية التشويق التي تتم أدائيا عن طريق التلوين الصوتي والتنويع في الأداء وكيفية التعبير عن الجُمل والحوارات حسب الحالة الدرامية للحدث والشخصية وأعطانا ثراء في إعادة الاستماع لكيفية نطق بعض الكلمات في لهجاتنا أو بعض الأمثال أو الأهازيج والأغاني الشعبية. ومن المهم التأكيد أن هذه الحكايات التي جمعها ورواها الحكواتيون في هذا البرنامج قد مرت بعملية نقد لمحتواها حيث تضم بعض الحكايات بعض الجوانب غير التربوية فيتم تحريرها والتصرف فيها لأنها من الضرورات الفنية ولكل زمان حكاياته".
جاذبية الحكي الشفهي
وحول الكيفية التي يحافظ البرنامج من خلالها على جاذبية الحكي الشفهي للأطفال، وتعزيزه لتجربة الاستماع وجعل الحكايات أكثر تشويقا، أشار الحكواتي والباحث في مجال الحكايات الشعبية عبدالعزيز الراشدي أن ذلك يتم من خلال اختيار الحكايات وأسلوب الحكواتي في الأداء إلى جانب إخراج الحكايات، وقال: "يتم اختيار الحكايات التي تحمل رسائل إيجابية وتنمي القيم والسلوكيات الحميدة، ويكون الخيال حاضرا في بعضها بدرجات متفاوتة، أما أسلوب الحكواتي وأداؤه فيتمثل في طريقة دخوله للحكاية، وتنويع نبرات الصوت، وطريقة سرد الحكاية، والقفلة المستخدمة في نهاية الحكاية، أما إخراج الحكايات فيتمثل ذلك في التوزيع الموسيقى والتأثيرات الصوتية المصاحبة للحكي التي أضافها وأبدع فيها المخرج حمد الوردي. وكذلك الملاحظات التي يقدمها لنا الإعلامي والكاتب سليمان المعمري المشرف على برنامج احكي لنا حكاية، كل ذلك له دور كبير في جعل الحكايات أكثر تشويقا وجذبا للمستمعين".
وتضيف الكاتبة والحكواتية وفاء الحنشية أن "جاذبية الحكي قد تكمن في استخدام الراوي لهجته الأم، ذلك لأن عمان بها خليط من اللهجات، والبرنامج يستقطب الأسرة ككل، وعنصر التشويق يكون في تقليد الأصوات، اختلاف نبرة الصوت حسب الموقف وإدخال بعض المفردات العلمية التي لم يعد لها استخدام كالسابق".
ويلفت الحكاء أحمد الراشدي إلى أن "برنامج احكي لنا حكاية هو برنامج موجه للأسرة من أطفال وكبار ولأنه يحكى ويؤدى ويقدم باللهجة المحكية العمانية هذا يجعله قريبا من أذن ووجدان المستمعين سواء كانوا أطفالا أو كبارا، وبثه عبر أثير إذاعة سلطنة عُمان أعتبره إضافة ثرية لرفع مكانة ومهارة الاستمتاع التي تراجعت بسبب الهاتف الذي صار يقدم كل شيء بصريا، وأعتبره من الفرص التربوية والوجدانية الكبيرة للأسرة لتستمع للحكاية في رحلاتها عبر مذياع السيارة وهذا يحقق التواصل والاتصال الأسري عبر الاستماع والنقاش، وكذلك سيجد القارئ 90 حلقة متوفرة عبر منصة عين التابعة لوزارة الإعلام فهذا يوفر فرصة للاستماع لتراثنا الثقافي الشعبي وفرصة للباحثين لدراسة هذه المواد السمعية لتقديم دراسات وبحوث عن مضامينها وأشكالها."
التحدي في انتقاء الحكاية
يرى أحمد الراشدي أن التحديات التي يواجهونها في تقديم القصص التراثية بأسلوب جذاب "يكمن أحيانا في في انتقاء الحكاية التي تناسب ذوق وثقافة المستمع عبر الإذاعة حيث أن بعض الحكيات ملئية بالفنتازيا والعوالم مثل عوالم السحر والجن والمغامرات الخارقة التي أحيانا قد لا تحقق الفائدة للمستمع المعاصر والتي لابد من مراعاة الجوانب التربوية فيها ، ولكنها في مقامات فنية أخرى قد تحقق تشويقا وجذبا منقطع النظير مثلا حين توظف في رواية فنتازية أو فيلما أو مسرحية."
ويشاطره عبدالعزيز الراشدي في أن التحدي هو "العثور على الحكايات المناسبة من حيث طولها المناسب والرسائل التي تحملها، وكذلك التصرف فيها وتحويلها إلى اللهجة الدارجة، والتدرب على أدائها قبل تسجيلها كل ذلك يحتاج إلى جهد ووقت".
ورأت وفاء الحنشية أن مراعاة الأعراف المجتمعية والدينية يعد تحديا أيضا، لاسيما وأن أغلب الحكايات الشعبية يتخللها السحر والجن، وقالت: "لذلك نلجأ أحيانا إلى البحث عن بديل من الحكايات العالمية أو محاولة دوزنة الحكاية، أما التحدي الثاني يكمن في جعل المستمع مستمتع لنهاية الحكاية وهذا حقيقة أصعب شيء بالنسبة لي، لأن لكل حكاء بصمة خاصة ودخول خاص مختلف عن الآخر.
الحكايات في عصر التكنولوجيا
في سؤال: كيف تقيمون دور الحكايات في تنمية الخيال والقيم الأخلاقية لدى الأطفال في عصر التكنولوجيا؟ أجابت وفاء الحنشية أن " الحكايات الشعبية مهمة جدًا في عصر التكنولوجيا، فكما نرى جيل سين جيل تكنولوجي بحت، والحكايا الشعبية مدخل ومعلم للقيم المجتمعية، العادات والتقاليد وخصوصا السمت العماني، حيث يحاول الحكاء الراوي أن يغرس قيمة مجتمعية أو أخلاقية في حكاياته ورسالة توعوية، لذلك مهمة الحكاء الراوي ليست سهلة إطلاقًا فهو محاسب ومراقب في نفس الوقت على كل حكاية يرويها".
وقال أحمد الراشدي: "الحكاية وسيلة سحرية فاتنة لتنمية خيال الأطفال لأنها تعتمد على الإمتاع السمعي والتشويق والمؤانسة في سرد وحكي أحداثها، وهذا ما تؤكده الدراسات العلمية، فالحكاية تحقق للطفل الأمان النفسي حيث يتخلص من بعض مخاوفه في الحياة التي لا يستطيع التعبير عنها أو قد يرى نفسه في شخصية من الشخصيات البطولية وتحقق له النهاية السعيدة لها انتصارا داخليا وتبني في داخله أملا قد لا يجده في بيئته وبيته، وكذلك الحكاية المسموعة ترفع عند الطفل مهارة الاستماع وتزيد من ثرائه اللغوي الذي يحقق له قدرة عالية ومبهرة في التحدث والحكي والتعبير عن ذاته وأحلامه ورغباته وتفوقه الدراسي".
وقال عبد العزيزالراشدي: "الحكايات ليست للتسلية فقط، وإنما لها دور وأهمية كبيرة في كسب المتلقي للعديد من المهارات والسلوكيات والقيم في الحياة، ومنها تنمية الخيال لدى الأطفال، فالمزج في الحكاية بين الواقع والخيال، والانتقال من عالم الواقع المحدود إلى عالم الخيال اللامحدود، وحديث الحيوانات والنباتات والجمادات، كل هذا وغيره له دور كبير في تنمية قدرة الطفل على التخيُّل، وكذلك يتم تقديم هذه الأشياء اليوم للطفل عن طريق الألعاب الإلكترونية والأفلام الكرتونية وغيرها من التقنيات بأسلوب جاهز ومعلب، وليس فيه مجال للتخيُّل والإبداع. كما تقوم الحكاية بتكوين المفاهيم الأساسية والقيم والسلوكيات وإرسائها في حياة الطفل، مثل: النجاح مقابل الفشل، والإخلاص مقابل الخيانة، والصدق مقابل الكذب، وهناك الكثير من الأدوار التي تقوم بها الحكاية مثل الأدوار التربوية والنفسية واللغوية والجمالية والترفيهية وغيرها."
تجربة جديدة
تشارك بثينة الفورية للمرة الأولى في البرنامج، بعد أن جابت السلطنة تحكي الحكايات للصغار وجهًا لوجه. تقول عن تجربتها الأولى: "تجربتي في برنامج احكي لنا حكاية في هذا الموسم هي التجربة الأولى بالنسبة لي إذاعيًا، ففيها أجرب أن ألتقي بالمستمع طفلًا، وشابًا، وكهلًا- بالصوت واللهجة المحكيّة، متخيلة ملامح الذين أحكي لهم الحكايات، ضحكاتهم، تعجّبهم، وتركيزهم الذي لطالما أحرص على أن أتصيده وأتمسّك به حينما أحكي الحكايات وجهًا لوجه.
وأضافت: "عندما سمعت الحكاية التي سجلتها، والتي بُثّت في الإذاعة في ثاني أيام رمضان، انتابني شعور جميل، هنا لم أكن الحكواتية، كنت المستمعة لصوتي، والمندمجة مع الأحداث، وكأنني أستمع للحكاية لأوّل مرة. وتمنيتُ لو أن طفلًا ما كان على الطريق في السيارة ليستمع للحكاية التي اخترتها بحبّ وأعجبتني. كانت هذه الحكاية بعنوان "الحمار الكسول" من كتاب حكايات جدتي وهو حكايات شعبية من ظفار من تأليف الكاتبة خديجة بنت علوي الذهب."
وعن حبها الحكايات والحكي قالت: " يمكنني أن أقول الحكايات ميّتة على الرفوف، تستيقظ حينما يلقتطها الحكواتيون بحبّ، وحينما ينقلونها بأصواتهم ولهجاتهم المختلفة التي تميزهم، يمنحون للحكاية عمرًا طويلًا، لا ينتهي. ولن ينتهي ما دام هناك من يحب أن يحكي ويروي؛ فالحكواتيون امتداد للأجداد والجدات الذين غابوا وما غابت حكاويهم وكلماتهم وغناويهم التي تتوارث جيلًا بعد جيل."