الحرب في السودان.. من يدعم حميدتي ومن يساند البرهان؟
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
مع اندلاع صراع مدمر في السودان العام الماضي، سعى الخصمان المتحاربان في البلاد للحصول على الدعم من الخارج في محاولة من كل طرف لحسم الصراع لصالحه.
ويهدد هذا الدعم بتوسيع وإطالة الصراع على السلطة بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.
وفي عام 2021، أطاح الحليفان السابقان بالمدنيين الذين كانوا يتقاسمون السلطة معهم منذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير في 2019، لكنهما اختلفا لاحقاً بشأن مسألة دمج قوات الدعم السريع في الجيش.
ويتبدى تأثير اللاعبين الخارجيين على مجريات الأحداث بالسودان منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير خلال انتفاضة شعبية قبل خمس سنوات.
أهم داعم للبرهان هي مصر التي تشترك في حدود مع السودان، عبرها أكثر من 500 ألف شخص منذ بدء القتال.
وفي كلا البلدين، لعب الجيش دورا مهيمنا في العقود التي تلت الاستقلال وتدخل في أعقاب الانتفاضات الشعبية. ففي مصر قاد قائد الجيش السابق، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي قبل عقد من الزمن. وفي السودان قاد البرهان انقلابا عسكريا في عام 2021.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في أكتوبر الماضي أن "مصر زودت أيضا الجيش السوداني بطائرات من دون طيار ودربت القوات على كيفية استخدامها".
صحيفة أميركية: مصر سلمت طائرات مسيرة للجيش السوداني قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، السبت، نقلا عن مسؤولين أمنيين إن مصر سلمت طائرات مسيرة للجيش السوداني، وذلك في تصعيد محتمل للصراع الذي يجتذب المزيد من الأطراف الإقليمية.ومنذ اندلعت الحرب، استقبلت مصر البرهان وممثليه في زيارات وأطلقت عملية سلام شملت جيران السودان وجرت بالتوازي مع جهود الوساطة التي قادتها الولايات المتحدة والسعودية والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيجاد).
وانضمت مصر إلى دعوات لوقف فعلي لإطلاق النار بينما قالت إنها تعتبر الصراع شأنا داخليا للسودان.
ومن الدول الأخرى المجاورة لمناطق في السودان يسيطر عليها الجيش والتي سعى البرهان إلى كسب دعمها في الحرب إريتريا، وكانت من بين أول محطاته عندما استأنف رحلاته الخارجية العام الماضي.
وتقول المصادر إنه منذ أواخر 2023 يعتمد الجيش أيضا على الدعم المادي من إيران، بما في ذلك الطائرات المسيرة إيرانية الصنع التي ساعدته على تحقيق مكاسب كبيرة في أم درمان، وهي واحدة من ثلاث مدن على ضفاف نهر النيل تتألف منها العاصمة الخرطوم.
بلومبرغ: طهران زودت الجيش السوداني بطائرات مسيرة كشف مسؤولون غربيون كبار عن قيام إيران بتزويد الجيش السوداني بطائرات مسيرة، وفقا لما أوردته وكالة بلومبرغ، الأربعاء.وقال وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، وهو حليف للجيش وزار إيران هذا العام مع استعادة العلاقات الدبلوماسية التي قُطعت في 2016، لرويترز "لم يحصل السودان على أي سلاح من إيران".
وكانت وكالة "بلومبرغ"، نقلت في يناير الماضي، عن ثلاثة مسؤولين غربيين أن الجيش السوداني تلقى شحنات من طائرة "مهاجر 6" وهي طائرة مسيرة مزودة بمحرك واحد، تم تصنيعها في إيران بواسطة شركة القدس للصناعات الجوية، وتحمل ذخائر موجهة بدقة.
ووفقا لعدة تقارير لوسائل إعلام أوكرانية وعالمية، تدخلت قوات خاصة أوكرانية أيضا إلى جانب الجيش لمواجهة دعم مزعوم قدمته مجموعة فاغنر الروسية العسكرية الخاصة لقوات الدعم السريع.
وعقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اجتماعا دون سابق ترتيب مع البرهان في أيرلندا في سبتمبر الماضي لبحث "الجماعات المسلحة غير الشرعية التي تمولها روسيا".
كما أعلنت بعض الحركات المسلحة الدارفورية نوفمبر الماضي انخراطها رسميا في القتال إلى جانب الجيش السوداني، في مواجهة قوات الدعم السريع التي تجد السند أيضا من تشكيلات مسلحة أخرى دخلت على خط الصراع.
وأعلن حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، أن قواته ستحارب إلى جانب الجيش السوداني "لاستعادة البلاد وبيوت المواطنين من قوات الدعم السريع".
من يدعم حميدتي؟يقول محللون ودبلوماسيون ومصادر سودانية إنه ولعدة سنوات كانت الإمارات أهم حليف لحميدتي.
وتسعى الإمارات بقوة إلى دحر نفوذ الإسلاميين في المنطقة، إذ تدخلت في صراعات في دول منها ليبيا واليمن. وقدم حميدتي نفسه على أنه حصن في مواجهة الفصائل ذات التوجهات والميول الإسلامية التي رسخت أقدامها في الجيش والمؤسسات الأخرى في عهد البشير.
ويقول خبراء الأمم المتحدة إن التقارير التي تفيد بأن الإمارات أرسلت أسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر شرق تشاد هي تقارير "ذات مصداقية" وإن مصادر في تشاد ودارفور أفادت بأن طائرات شحن كانت تنقل الأسلحة والذخيرة عدة مرات أسبوعيا.
ونفت الإمارات تقديم أي من هذه الشحنات وقالت إن دورها في السودان يركز على الدعم الإنساني والدعوات إلى وقف التصعيد.
اتهام رسمي من مسؤول رفيع.. ما احتمالات التصعيد بين الإمارات والسودان؟ في اتهام علني، يُعد الأول من مسؤول سوداني إلى السلطات الإماراتية، قال عضو مجلس السيادة السوداني ياسر العطا، إن "الإمارات ترسل إمدادات إلى قوات الدعم السريع، عبر مطار أم جرس التشادي".وقال أندرياس كريج الأستاذ المساعد في كينجز كوليدج بلندن إن الإمارات وفرت لحميدتي، الذي شكل ثروة من تجارة الذهب، منصة لنقل وتوجيه موارده المالية وكذلك الدعم فيما يتعلق بالعلاقات العامة لقوات الدعم السريع.
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في أغسطس الماضي أن "الإمارات ترسل أسلحة إلى قوات الدعم السريع".
وفي تقرير نشر في يناير، قال خبراء الأمم المتحدة إن قوات الدعم السريع، التي عززت تحالفاتها القبلية الممتدة عبر الحدود الغربية للسودان، جلبت السلاح أيضا من ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والوقود من جنوب السودان.
وقبل اندلاع الحرب، عزز حميدتي أيضا علاقاته مع روسيا. وقال دبلوماسيون غربيون في الخرطوم في عام 2022 إن مجموعة فاجنر الروسية متورطة في تعدين الذهب بشكل غير مشروع في السودان، وكانت تنشر معلومات مضللة. وقال حميدتي إنه نصح السودان بقطع العلاقات مع فاجنر بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها. وذكرت فاجنر العام الماضي إنها لم تعد تعمل في السودان.
كما يتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بالاستعانة بمسلحين من دول أجنبية، مثل النيجر وتشاد وغيرها، وهو حديث جرى كثيرا على لسان قائد الجيش، البرهان، ومساعده الفريق، ياسر العطا.
ما هي القوى الأخرى التي لها تأثير؟ترتبط السعودية بعلاقات وثيقة مع البرهان وحميدتي، وكلاهما أرسل قوات إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وقالت آنا جاكوبس، كبيرة محللي شؤون الخليج بمجموعة الأزمات الدولية، إنه مع زيادة طموحاتها الدبلوماسية في شتى أنحاء الشرق الأوسط، عززت الرياض مكانتها في جهود الوساطة في أزمة السودان بينما تتطلع أيضا إلى حماية طموحاتها الاقتصادية في منطقة البحر الأحمر.
وأضافت "تركز السعودية على أمن البحر الأحمر، وهو جزء لا يتجزأ من رؤية 2030 الخاصة بالمملكة والاستثمارات على طول البحر الأحمر مثل (مشروع) نيوم"، في إشارة إلى المدينة العصرية التي يدعمها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقادت المملكة والولايات المتحدة العام الماضي جهودا غير ناجحة للوصول إلى وقف لإطلاق النار في السودان.
كما تتمتع إثيوبيا وكينيا، القوتان الكبيرتان في شرق أفريقيا، ببعض النفوذ بسبب دورهما البارز في الدبلوماسية الإقليمية والوساطة السابقة في السودان.
واستضاف جنوب السودان محادثات سلام بين الحكومة السودانية وجماعات متمردة في السنوات القليلة الماضية، ويعتبر من بين الدول التي يمكن أن تستضيف محادثات بشأن الأزمة الحالية.
كما عرضت إسرائيل، التي كانت تأمل في المضي قدما في تطبيع العلاقات مع السودان، استضافة المحادثات.
ما هو موقف الغرب؟قبل اندلاع الحرب، دعمت القوى الغربية مرحلة انتقالية تمهد لانتخابات بعدما تقاسم الجيش السلطة مع المدنيين عقب الإطاحة بالبشير، وقدمت دعما ماليا مباشرا تم تجميده عندما قام البرهان وحميدتي بانقلاب في عام 2021.
وبعد الانقلاب، ساندت القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة اتفاقا انتقاليا جديدا، لكن هذا الاتفاق ساهم بدلا من ذلك في اندلاع القتال من خلال خلق مواجهة حول الهيكل المستقبلي للجيش.
ويقول منتقدون إن الولايات المتحدة كانت متساهلة للغاية مع قادة الجيش.
وقال أليكس دي وال، الخبير في شؤون السودان والمدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي في جامعة تافتس "كانت استراتيجيتهم هي تحقيق الاستقرار وكان مفهومهم الخاطئ الأساسي هو أنهم سيحصلون على الاستقرار من خلال دعم اللاعبين الأقوياء الحاسمين المتلاحمين الذين تصادف وجودهم في السلطة".
وأدى القتال منذ 15 أبريل 2023 إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص. وأسفر عن نزوح نحو ثمانية ملايين آخرين، بينهم أكثر من 1.5 مليون لجأ إلى الدول المجاورة، بحسب الأمم المتحدة.
وتسبب النزاع بكارثة إنسانية، إذ يحتاج حوالي 25 مليون شخص، أي ما يعادل أكثر من نصف السكان، إلى المساعدات، بينهم نحو 18 مليونا يواجهون انعداما حادا للأمن الغذائي، وفق بيانات الأمم المتحدة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الولایات المتحدة الجیش السودانی الأمم المتحدة العام الماضی فی السودان أکثر من فی عام
إقرأ أيضاً:
كنداكة الثورة السودانية تتحدث عن الثورة والانقلاب وانتهاكات الدعم السريع
وتعود كلمة "كنداكة" إلى العهد الكوشي أو ما يعرف بالحضارة النوبية، وهي تعني الملكة أو السيدة الأولى، لكن آلاء صلاح، قالت لبودكاست "ملهمات" إن الكلمة تعني "المقاتلة" أو بمعنى آخر "الأيقونة".
ويمكن القول إن كنداكة الثورة السودانية ليست جديدة على النضال السياسي، فقد شاركت جدتها في حراك 1964، الذي أنهى حكم الفريق إبراهيم عبود، وشاركت والدتها في انتفاضة 1985، التي أطاح الجيش على إثرها بحكم جعفر النميري، فيما شاركت أختها في انتفاضة الطلاب عام 2013 التي خرجت ضد قرار رفع الدعم الحكومي عن الوقود.
وبسبب مشاركتها في الثورة على عمر البشير، فقدت آلاء دراستها بعدما تم فصلها من الجامعة، لكنها التحقت بإحدى الجامعات البريطانية بعد حرمانها من الالتحاق بجامعة محلية.
وظلت آلاء في السودان حتى انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث غادرت خشية التعرض للاعتقال كما حدث لكثيرين ممن شاركوا في الثورة على البشير، وفق قولها.
وتعرضت لتهديد مباشر من قوات الدعم السريع، وتلقت اتصالا من مدير مكتب قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي طلب منها لقاء سريًّا، لكنها رفضت ذلك بسبب مسؤوليته عن قتل الثوار في اعتصام القيادة العامة وحرقهم واغتصاب بعضهم، حسب قولها.
إعلان
السفر لبريطانيا
بعد ذلك، أصبح تهديد الدعم السريع للشابة صريحا، وقد ذهبوا إلى بيتها أكثر من مرة وحاولوا ترهيب عائلتها جراء رفضها مقابلة حميدتي، الذي قالت إنه كان يحاول الضغط على رموز الثورة لدعم انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، ووصفه بأنه "تصحيح للمسار".
وعندما توجهت قوات الدعم السريع لبيتها قبل انقلاب 2021 بـ3 أيام، قررت آلاء الاختباء عند بعض أقربائها حتى تمكنت من السفر إلى بريطانيا التي كانت ستسافر لها بعد أيام من الانقلاب على كل حال لإكمال دراستها، كما قالت.
وبعد 5 سنوات من الإطاحة بحكم عمر البشير، وما آلت إليه أوضاع السودان، لا تريد صلاح القول إنها تشعر بخيبة أمل، لأن هذا الأمل هو الذي ساعدهم على تحقيق بعض أهداف الثورة -كما تقول- لكنها تعترف بأنها ليست سعيدة بينما السودان يعيش حالة من القتل والاغتصاب والانتهاكات التي لا تتوقف، وفق تعبيرها.
وشاركت المرأة بشكل كبير بالثورة على نظام البشير في ديسمبر/كانون الأول 2018، رغم القيود الكبيرة التي كانت مفروضة عليها في ذلك الوقت، وكانت كل واحدة منهن تقوم بما تجيد القيام به سواء كان التصوير أو مخاطبة الجماهير أو الرأي العام أو إسعاف الجرحى أو إعداد الطعام والشراب، كما تقول صلاح.
وبعد أن كان السودانيون يحلمون بالديمقراطية وتداول السلطة، "أصبحوا اليوم يعيشون قمعا وتهجيرا وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على يد قوات الدعم السريع التي تقاتل منذ عامين ضد قوات الجيش"، حسب كنداكة الثورة.
وإلى جانب الانتهاكات، يعيش السودانيون مجاعة فعلية وتراجعا حادا في الخدمات الصحية وقتلا خارج القانون فيما توزع "شباب الثورة" بين جائع ونازح وهارب، حسب وصف صلاح.
أما من نجحوا في الخروج إلى دول أكثر أمنا، تضيف صلاح، فيعملون على توثيق ما يتعرض له الناس من انتهاكات وجرائم وتعريف العالم بها من خلال مواقع التواصل، لكنّ مَن هم بالداخل يجدون صعوبة كبيرة في إيصال ما يتم توثيقه للخارج بسبب توقف الإنترنت.
إعلانبيد أنه في ظل حالة الفقر المدقع والحاجة الشديدة وانهيار الخدمات وتفشي الخوف، أصبحت غالبية النشطاء مشغولين بعائلاتهم وجيرانهم وزملائهم أكثر من انشغالهم بمحاولة إحياء الثورة التي لم تعد سهلة أبدا في ظل ما وصلت إليه البلاد من استحكام للقوة، برأي صلاح.
ومع ذلك، فإن الشباب قادرون على إحداث التغيير لكنهم بحاجة للحد الأدنى من الظروف التي قد تساعد على تحويل مسار البلاد من الحرب إلى السلم الأهلي، وهو مسار تقول صلاح إنه "صعب جدا".
24/12/2024