قال الشيخ الدكتور أحمد بن طالب بن حميد،  إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الصائمين إذا خرجوا يوم فطرهم من صلاة عيدهم، وُفّوا أجورهم قبل أن يتيمنوا دورهم، فمن وفّى وفّي له، ومن نقص نُقّص منه، ومن طفّف فقد علمتم ما قيل في المطففين.

إذا خرجوا يوم فطرهم

وأوضح " بن حميد" خلال خطبة الجمعة الأولى في شوال اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أن المؤمن وإن عمل من الصالحات ما عمل، فهو من عمله في خجل، ومن ردّه عليه في وجلّ، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:  " إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ".

وأشار إلى أنهم الذين يعملون في طاعة الله جل وعلا ، على نور من الله عز وجل ، يرجون ثواب الله سبحانه وتعالى، ويتقون محارم الله، يخافون عقاب الله عز وجل ، ولقبول مثقال حبة من خردل أحبّ إليهم من الدنيا وما فيها.

وأوصى المسلمين بتقوى الله جل وعلا في السر والعلن، ومداومة الإخلاص في عبادته، طمعاً في مرضاته وثوابه، وخشية عقابه، محذرًا من أن يكون العمل ليس خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى ، والخوف وألا يكون متقبلاً، فكم بين من حضه القبول والغفران، ومن نصيبة الخيبة والخسران، ومن أعتقه الله تعالى من النار.

إياك أن تعود

وأضاف: إياك أن تعود بعد أن صرت حراً إلى رقّ الأوزار، يبعدك الله سبحانه وتعالى عن النار وتقترب منها، وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها، منوهًا بأن الاستغفار ختام الأعمال الصالحة كلها، فتختم به الصلاة، والحج، وقيام الليل، والمجالس، فإن كانت ذكرا كان كالطابع عليها، وإن كانت لغواً كان كفارة لها.

وتابع: وكما أن صدقة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث، فالاستغفار يرقع ما تخرق من الصيام باللغو والرفث، وصيامنا يحتاج إلى استغفار نافع، وعمل صالح له شافع، مشيرًا إلى أن أنفع الاستغفار ما قارنته التوبة، فمن استغفر بلسانه، وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، حريٌّ أن يكون صومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد النبوي خطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة من المسجد النبوي الله سبحانه وتعالى

إقرأ أيضاً:

الإيمان والعلم

الإيمان والعلم يتكاملان ولا يتناقضان، وصحيح العقل لا يتناقض مع صحيح فهم الشرع، فبالعلم نصل للإيمان، حيث يقول الحق سبحانه: «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ»، ويقول سبحانه: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ»، والإيمان يحثنا على طلب العلم، حيث يقول الحق سبحانه: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ»، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ وإنَّ العالم ليستغفِرُ لَهُ مَن فى السَّمواتِ ومن فى الأرضِ، حتَّى الحيتانِ فى الماءِ، وفضلَ العالمِ على العابدِ كفَضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ، وإنَّ العُلَماءَ ورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَ فمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ».
كما أنه لا تناقض بين الإيمان والعلم على الإطلاق، فالعلم قائم على الأخذ بالأسباب، والإيمان يدعونا إلى الأخذ بأقصى الأسباب، وكان سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) يقول: «لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق» ويقول: اللهم ارزقنى، وقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، وحتى فى حديث نبينا (صلى الله عليه وسلم): «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى الله حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُوا خِمَاصًا وَتَرُوْحُ بِطَانًا»، قال أهل العلم وشراح الحديث: إن الطير تأخذ بالأسباب، فتغدو وتروح، ولا تقعد فى مكانها وتقول: اللهم ارزقنى.
ونقل بعض الرواة أن أحد الناس خرج فى تجارة فلجأ إلى حائط بستان للاستراحة فيه، فوجد طائرًا كسير الجناح، فقال: يا سبحان الله ما لهذا الطائر الكسير كيف يأكل؟ وكيف يشرب؟ وبينما هو على هذه الحال إذا بطائر آخر يأتى بشىء يسير من الطعام فيضعه أمام الطائر كسير الجناح، فقال: يا سبحان الله، سيأتينى ما قسمه الله لى، فقال له صاحبه: كيف رضيت لنفسك أن تكون الطائر المسكين الكسير مهيض الجناح؟ ولم تسع لأن تكون الطائر الآخر القوى الذى يسعى على رزقه ويساعد الآخرين من بنى جنسه، وقد قال أحد الحكماء: لا تسأل الله أن يخفف حملك، ولكن اسأله سبحانه أن يقوى ظهرك.
ويقول الحق سبحانه: «فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور»، ولم يقل اقعدوا وسيأتيكم الرزق حيث كنتم، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «تَدَاوَوْا فَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ»، ولم يقل أحد على الإطلاق إن الدعاء بديل الدواء، إنما هو تضرع إلى الله (عز وجل) بإعمال الأسباب التى أمرنا سبحانه وتعالى بالأخذ بها لنتائجها.
ولم يقل أحد على الإطلاق من أهل العلم إن الفقه بديل الطب بل إن الفقه الصحيح يؤكد أن تعلم الطب من فروض الكفايات، وقد يرقى فى بعض الأحوال إلى درجة فرض العين على البعض. 
ونؤكد أن ثواب تعلم الطب لا يقل عن ثواب تعلم الفقه، وأن الأولوية لأحدهما ترتبط بمدى الحاجة الملحة إليه، فحيث تكون حاجة الأمة يكون الثواب أعلى وأفضل ما صدقت النية لله (عز وجل).
وعلينا ونحن نأخذ بأقصى الأسباب ألا ننسى خالق الأسباب والمسببات، مَنْ أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، فنجمع بين أسباب العلم وأسباب الإيمان معًا، مؤكدين أنه لا تناقض بينهما بل الخير كل الخير والنجاء كل النجاء أن نحسن الجمع بينهما والأخذ بهما معًا.

الأستاذ بجامعة الأزهر

مقالات مشابهة

  • تقال عند الشدائد.. حكم قول حسبي الله ونعم الوكيل
  • صور.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد النبوي
  • العلاقات الزوجية.. خطيب المسجد الحرام: متى علم الزوجان الحقوق والواجبات نعما سويا بالسعادة
  • خطيب المسجد النبوي: الابتلاء سنة الحياة ليختبر الله الصبر ويزيد اليقين عند الإنسان
  • خطبة الجمعة من المسجد النبوي: الإيمان العميق وحسن الظن بالله هما سر ثبات الأمة في أقسى الأزمات
  • خطيب المسجد النبوي: الإيمان وحسن الظن بالله هما السر الكامن في ثبات الأمة وقت الأزمات
  • في عالم مصطخب بالمشكلات.. خطيب المسجد الحرام: الإسلام أرسى قواعد الأخوة والمحبة
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • منها التطيب ولبس أحسن الثياب.. سنن ومستحبات يوم الجمعة
  • الإيمان والعلم