الحضن البارد – المجتمع الدولي يدفع 6 في المئة فقط من الإحتياجات الإنسانية المطلوبة
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
الحضن البارد – المجتمع الدولي يدفع 6 في المئة فقط من الإحتياجات الإنسانية المطلوبة:
في عهد الحكومة الانتقالية ظلت هذه الصفحة تكرر أن اعتماد المجموعة الحاكمة على الأجانب لدعم وبناء السودان هو غباء مطلق.
ولم يكن هذا جزافا في ظل وجود أدلة متزايدة على أن فترة 2019 إلي أكتوبر 2021 شهدت أدني مستوي مساعدات خارجية تلقاها السودان في تاريخه الحديث وربما كانت تلك هي الفترة الوحيدة في ذلك التاريخ التي توقف فيها الدعم العربي تقريبا تماما.
حدث هذا البخل ممن سمتهم الصفوة التي ورثت البشير ب”أصدقاء السودان” و”شركاء التنمية”. وحدث هذا البخل الاحتقاري رغم أن الحكومة الانتقالية طبقت جميع مطالب القوى الأجنبية المهيمنة، بما في ذلك سياسة اقتصادية قاسية شملت إلغاء الدعم، والزيادات الشديدة في الأسعار، والتعويم المبكر للجنيه السوداني، وبالطبع تطبيع العلاقات مع تلك الدولة.
وحدثت كل تلك التنازلات المجانية بلا مقابل تحت شعار “العودة لحضن المجتمع الدولي” الذي إتضح إنه حضن بارد، لئيم .
باختصار، ما يسمى “المجتمع الدولي” أخذ من الحكومة أعز ما تملك وكل ما تمناه ولم يعطها شيئاً سوي إحتقار وتعالي.
ويمكننا أن نضيف أن ما يسمى بـ”المجتمع الدولي” وقف متفرجاً والبلد تتجه نحو الهاوية وفشل في التنبؤ باندلاع الحرب الشرسة وفشل في منعها وفشل في إيقافها مع أنه يملك أكثرمما يكفي من القوة والنفوذ لوقفها بين ليلة وضحاها.
وإزداد السجل سوءا منذ ذلك الحين. وصارت الحرب السودانية حرباً منسية من قبل ما يسمى ب“المجتمع الدولي” إذ تدور رحاها في بلد منسي. وقوبلت المعاناة الواسعة النطاق لملايين السودانيين بلامبالاة تجاه احتياجاتهم الإنسانية لا يمكن وصفها إلا بكونها عنصرية بغيضة، قاسية بلا قلب لها إذا ما قارناها بإستجابة المجتمع الدولي لكوارث شبيهة حدثت وتحدث في أماكن أخري حول العالم.
و”المجتمع الدولي” نفسه مشهور باستعداده لإرسال مساعدات إنسانية ضخمة إلى مناطق الكوارث حتى، أو بشكل خاص، عندما تكون استجابته السياسية ضعيفة.
لكن هذا لم يحدث في السودان. فقد نسوا و إحتقروا إحتياجات الشعب السوداني في محنته رغم أنهم أعطوا أنفسهم حق التدخل في تشكيل كل سياسات الفترة الإنتقالية التي إنتهت بكارثة ولدت علي أيديهم وايادي جماعاتهم المحلية المفضلة وبذا فإن المجتمع الدولي يتحمل جزءا من وزر ما حدث للشعب السوداني في الخمسة أعوام السابقة.
ومن المثير للصدمة معرفة ما أشار إليه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية علناً من أن السودان بحاجة إلى 2.7 مليار دولار من المساعدات الإنسانية، لكن الجهات المانحة لم تدفع سوى 6 في المائة من هذا المبلغ المطلوب. تخيل.
وتذكر ذلك الوزير الانتقالي الذي كان يتفاخر بأن حكومته ستعقد مؤتمرات للمانحين بعد باريس في طوكيو وبالرياض، واستمر في ذكر عدة عواصم عالمية أخرى بكامل الفخر والانتفاخ كديك وسيم حتي ظننت أنه أطلق العنان لفانتازيته السياحية في شهر عسل قادم.
لذا فإن الدعوة إلى الاعتماد على الذات وعدم اوعدم وضع كامل البيض الوطني في سلة الخارج لم تكن موقفاً أيديولوجياً كما إدعي البعض. فقد كانت دعوة لاختيار طريق حتى لو كان صعبا فانه يظل الأفضل لأن البدائل يمكن أن تكون أوهام تؤدي إلى الكوارث.
معتصم اقرع
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المجتمع الدولی
إقرأ أيضاً:
السودان واستغلال الفرص
تلاحقت المبادرات الإقليمية والدولية خلال الأيام الماضية للمشاركة في وضع تصور لإنهاء الحرب الأهلية في السودان.
ويبدو أن هذا الزخم الإقليمي، والدولي قد جاء عقب إشارة من حاكم العالم في البيت الأبيض الأمريكي فقد أعربت الولايات المتحدة الأمريكية على لسان كبار مسؤوليها خاصة وزير الخارجية انتوى بلينكن عن رغبتها في وقف الحرب وإسعاف النازحين والمتضررين منها، وتعاقبت المواقف الدولية التى تبنت هذا الاتجاه حيث أعربت تركيا عن رغبتها في القيام بالوساطة بين السودان والإمارات من ناحية ولعب دور لإنهاء الأزمة بالداخل من ناحية أخرى كما ساندت العديد من الدول الأفريقية ضرورة وقف الحرب، والمشاركة في الجهود الساعية لذلك.
والتزمت دولة الإمارات العربية أمام جلسة مجلس الأمن التى عقدت نهاية الأسبوع الماضي لوقف دعمها العسكري لميليشيا الدعم السريع، وفي وصف بأنه تحرك محسوب لأمريكا، وينفذ أهدافها في السودان.
أعلنت عن تقديم 200 مليون دولار كمساعدات للسودان، وخصصت 30 مليون دولار منها لدعم المجتمع المدني، وهو ما يعني أن الإدارة الأمريكية لا تزال متمسكة بدعم مناصريها من التيارات السياسية التى تتبني التدخل الأمريكي والغربى في البلاد، وتتخذ موقفًا معاديًا للحكومة الشرعية، ومجلس السيادة بزعامة عبد الفتاح البرهان، كما يعتبر قادة المجتمع المدني أنفسهم أصحاب الثورة، ومن ثم رفض مشاركة أي تيارات أخرى في إدارة العملية الانتقالية، أو رسم مستقبل السودان.
أمريكا إذن تريد وقف الحرب بالسودان مع استبعاد الجيش، والشكل العسكري للدعم السريع وتسليم السلطة والقرار لمجموعات تقدم التي يقودها عبد الله حمدوك وآخرون ينتسبون إلى المجتمع المدني وتأتي الرغبة الأمريكية في إنهاء الحرب بغرض تبريد المناطق الساخنة في العالم قبل القيام بحرب شاملة ضد روسيا وهو ما كشف عنه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين الذي قال نهاية الأسبوع الماضي إن الغرب يحضر لهجوم شامل على بلاده.
وانطلاقًا من هذا الأمر قامت أمريكا وحلفاؤها بإنهاء الوجودين الروسي والإيراني من سوريا حتى يصبح استهداف إيران مع روسيا دون أي مشاكل سياسية، أو عسكرية في المنطقة كما أن إنهاء الحرب في السودان بالطريقة الأمريكية التي خططت لها إدارة جو بايدن تمثل انتصارًا كبيرًا لتلك الإدارة لأنها تضمن طرد روسيا من السودان ووضع ممثليها على رأس السلطة في هي مرحلة إحلال وتجديد تقوم بها أمريكا الآن بالسودان وسوريا وفلسطين ويتوقع المراقبون أن تحاول أمريكا وإسرائيل تغيير النظام في إيران بعد تدمير قدراتها النووية والإستراتيجية.
السودان إذن أمام فرصة دولية لأنهاء الحرب يمكن أن يكسبها إذا ما توحدت الإرادتان الشعبية والسياسية مع الإرادة العسكرية في إنهاء هذه الأزمة غير المسبوقة مع الاحتفاظ بوحدته واستقلاله وإزاحة الفرص من أمام العملاء لتولي الحكم في البلاد والحقيقي أن إلقاء كميات من الدولارات الأمريكية في الشارع السوداني يمكن الاستفادة منها بعملية فرز أخيرة تفصل بين أولئك القابلين على حب السودان واستقلاله ووحدة أراضيه وبين اللاهثين خلف الدولار والذين يستبيحون بيع الوطن قطعة قطعة.