الجيش السوداني بين قومية التكوين والتراص العرقي: مراجعة نقدية للدراسات المحدودة
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
د. عبد المنعم مختار
استاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية
الدراسات حول التراص العرقي في الجيوش الأفريقية
تراكمت الدراسات حول الاستخدام واسع النطاق للتراص العرقيى في الجيوش الأفريقية بغرض حماية الأنظمة والنخب الحاكمة من الانقلابات العسكرية والانتفاضات المدنية وعدم الاستقرار السياسي والعنف.
يرجع بعض الباحثون التراص العرقي في الجيوش الأفريقية للسياسات الاستعمارية، اذ عمد الاستعمار البريطاني في الهند ونيجريا والسودان الى اختيار مجموعات عرقية محددة لخدمة الجيش وفقاً لفرضية عنصرية بعلو قدرات هذه المجموعات العرقية القتالية.
ركزت هذه الدراسات غالباً على التراص العرقي بين النخب المدنية الحاكمة وكبار ضباط الجيش، واغفلت كثيرا التراص العرقي بين النخب المدنية المعارضة وصغار ضباط الجيش والجنود.
الامر الاكثر أهمية الذي اهملته أغلب الدراسات هو فصل التراص العرقي والقبلي والديني والطائفي (انتماءات تقليدية وغالباً موروثة) عن الانتماء السياسي والايديولوجي والطبقي والجغرافي (انتماءات حديثة وغالباً مكتسبة)مما يقود لارباك شديد الخطورة. مثلا ركزت أغلب الدراسات الغربية على ابراز الحروب الأهلية في جنوب السودان كنتاج للتراص العربي - الإسلامي ضد التراص الافريقي - المسيحي و الحروب الأهلية في دارفور كنتاج للتراص العربي - الوافد ضد التراص الافريقي – صاحب الدار وأغفلت هذه الدراسات التراص السياسي والايديولجي والصراع على المصالح الاقتصادية والموارد الطبيعية كعوامل هامة في هذه الحروب الاهلية.
الجيش السوداني بين قومية التكوين والتراص العرقي
لا توجد احصائيات رسمية ولا دراسات ذات جودة عالية لتحليل الانتماءات العرقية والقبلية والدينية والطائفية والسياسية والايدولوجية والطبقية والجغرافية في الجيش السوداني. تشير معظم الدراسات المتوفرة الى ان أغلب كبار ضباط الجيش من سكان الخرطوم والشمال النيلي. ويشير صديق امبدة الى انه في العام 1962 كان 92,3% من حاملي رتبة الفريق و87% من حاملي رتبة العقيد في الجيش السوداني من سكان الخرطوم والشمال النيلي وانخفضت هذه النسب الى 66,6% و 70%، على التوالي السابق، في العام 1972. ويرجع أمبدة هذا الانخفاض الى زيادة عدد الضباط من أقليم كردفان في أغلب الرتب. وفقاً لدراسة مارشال فقد شكل النوبة من جنوب كردفان غالبية الجنود في الجيش السوداني منذ فترة الاستعمار.
يشير الكتاب الاسود الصادر من دوائر قريبة من حزب المؤتمر الشعبي وحركة العدل والمساواة في بداية العشرية الثانية في القرن الجاري الى هيمنة مواطني شمال السودان على قيادة كافة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية
من المهم هنا ملاحظة تأكيد الدراسات على ان هيمنة الشمال النيلي على قيادة مؤسسات الدولة السودانية لم تنحصر على الجيش والشرطة والاجهزة الأمنية بل امتدت الى المؤسسات المدنية. ولم نعثر على دراسات لحجم واثر هذه الهيمنة في المؤسسات العسكرية مقارنة مع المؤسسات المدنية.
لكن الأهم هو فهم هذه الهيمنة في اطار التطور التاريخي للتنمية البشرية في السودان والتي ظلت منذ الحكم التركي غير متوازنة ولصالح سكان الشمال النيلي. تجلت هذه الهيمنة بوضوح في نتائج عملية السودنة عند خروج الاستعمار البريطاني من السودان .
خلاصة
لا توجد احصائيات رسمية ولا دراسات عالية الجودة حول التركيبة العرقية والقبلية والدينية والطائفية والسياسية والايدولوجية والطبقية والجغرافية للجيش السوداني. وربما هذا أمر طبيعي ومقصود لابعاد الجيش عن الانقسامات.
وتشير الدراسات المحدودة المتوفرة الى غلبة سكان الشمال النيلي في الرتب العليا وغلبة نوبة جنوب كردفان في الرتب الدنيا في الجيش السوداني.
ولكن لا يوجد اعتبار للانتماءات الجغرافية والسياسية عند دراسة التراص العرقي والديني في الجيش السوداني، الشئ الذي يربك عملية الفصل بين تاثير الولاءات الموروثة والمكتسبة على تركيبة الجيش.
تتعرض قومية الجيش السوداني، وبالاخص قومية قيادته، لتساؤلات عديدة وتشكيك كبير نتيجة لتطاول الحروب الاهلية زمنيا وتمددها جغرافياً. وتدعو كثير من القوى السياسية المدنية والعسكرية الى إعادة بناء الجيش وفق مؤشرات سكانية تضمن قومية تركيبته قيادة وقاعدة.
moniem.mukhtar@googlemail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی الجیش السودانی
إقرأ أيضاً:
مزارع يُبادر بقلع شجرة القات واستبدالها بمحاصيل نقدية
الثورة نت/..
في خطوة نوعية تهدف إلى تعزيز وتشجيع زراعة المحاصيل الاقتصادية، أطلق المُزارع رزق الجابري من أبناء مديرية الحيمة الخارجية في محافظة صنعاء، مبادرة رائدة لقلع شجرة القات من مزارعه، واستبدالها بمحاصيل زراعية متنوعة ذات قيمة اقتصادية عالية.
وحظيت هذه المبادرة بترحيب وإشادة قيادة القطاع الزراعي والسلطة المحلية في المديرية والمحافظة، معتبرة المبادرة نموذجًا راقياً يجب الاستفادة منه من قِبل كافة المزارعين.
وخلال التدشين، أكد مدير القطاع الزراعي في المديرية، فضل الكبسي، أن مبادرة اقتلاع أشجار القات إحدى أهم المبادرات النوعية للتخلص من شجرة القات، وهي بداية لكل المزارعين للتخلص من هذه الآفة، واستبدالها بالمحاصيل النقدية.
فيما أشار مدير مديرية الحيمة الخارجية خالد العرشي، إلى أهمية اقتلاع شجرة القات؛ نظرًا لما لها من نتائج عكسية على الاقتصاد الوطني، فضلًا عن التأثيرات السلبية الناجمة عن شجرة القات؛ أبرزها استنزاف الموارد المائية اللازمة للزراعة كأحد أهم مصادر الأمن الغذائي.
بدوره، شدد رئيس جمعية النمو، محمد الجابري، على ضرورة تعميم هذه المبادرة كمحطة تحول إيجابية في القطاع الزراعي، لافتاً إلى أن زراعة البدائل الاقتصادية تعود بالفائدة على المزارع والمجتمع، وتسهم في تحسين الأمن الغذائي وتعزيز مصادر الدخل.
فيما عبَّر المُزارع رزق الجابري عن تطلعه لأن تكون هذه الخطوة بداية لتوسيع نطاق الوعي بأهمية الاستغناء عن زراعة القات، والاتجاه نحو زراعة محاصيل مثل البن والفواكه والخضروات، التي توفر فرص عمل أكبر، وتحسِّن من الوضع المعيشي للمُزارعين في المنطقة.