الجيش السوداني يراهن على المسيّرات الإيرانية لتغيير مسار الحرب
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
دخول إيران على الخط يثير حفيظة العديد من الدول
الخرطوم – العرب الدولية:
صعدت قيادات الجيش السوداني خطابها باتجاه الحشد لاستمرار القتال مع حصول الجيش السوداني على مسيّرات إيرانية بدا تأثيرها واضحا في المعارك الأخيرة بأم درمان.
والأربعاء قال قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان إن العيد القادم سيكون دون “متمردين”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع، وذهب إلى أبعد من ذلك بإطلاق لفظ الخيانة على كل من لديه موقف لا يتفق مع الجيش.
وقال “نحن جميعا في القوات المسلحة والقوات النظامية وحركات الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية والمستنفرين والشعب سندحر هؤلاء المتمردين، وأي شخص خان الشعب لن يكون له مكان بين السودانيين حتى وإن ذهبنا”.
وتزامنت تصريحات البرهان مع أخرى مماثلة على لسان عضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين كباشي، وزعم خلال الزيارة التي قام بها إلى ولاية النيل الأبيض الأربعاء أن الجيش يتقدم على كافة المحاور، وثمة جاهزية لدى القوات لتحقيق النصر قريبًا.
دخول إيران على خط الصراع هو أحد الأسباب التي تشجع البرهان على التصعيد الميداني لتحقيق انتصار حاسم
وقال قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) في تسجيل صوتي الأربعاء إن قواته ستنتصر لإرادة الشعب السوداني ووحدته، مشددا على أن خيارهم واحد وهو النصر، وأن قواته لن توفر أي حماية للمتفلتين بين عناصره.
ويراهن الجيش على بدء مرحلة جديدة من العمليات العسكرية تمكنه من تحقيق نتائج إيجابية، معتمدا على وصول دعم عسكري من إيران يتمثل في طائرات مسيرة استخدمت في عمليات أم درمان، ويرى أن إطالة الصراع ضمانة لاستمرار تدفق المساعدات بعد أن واجهت قوات الجيش شُحا على مستوى الدعم العسكري الخارجي في السنوات التي سبقت اندلاع الحرب الجارية.
وقال مصدر كبير في الجيش السوداني إنه مع مرور عام على بدء الحرب الأهلية في السودان، تساعد الطائرات المسيرة المسلحة إيرانية الصنع على تحويل دفة الصراع ووقف تقدم قوات الدعم السريع واستعادة أراض حول العاصمة.
وذكرت ستة مصادر إيرانية ومسؤولون ودبلوماسيون في المنطقة طلبوا، شأنهم شأن المصدر العسكري، عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية المعلومات، لرويترز أن الجيش حصل على طائرات مسيرة إيرانية الصنع خلال الأشهر القليلة الماضية.
وتحدثت قيادات عسكرية سودانية مؤخرا عن تقديم إيران طائرات مسيرة للجيش، وتم استخدام طائرات مسيرة أكثر فاعلية من قاعدة وادي سيدنا العسكرية في يناير الماضي، وهو أمر أكدته أيضا قوات الدعم السريع.
rr
وأرسل الجيش إشارات إلى أطراف معادية لإيران، تفيد بأنه سوف يصبح رقمًا في معادلة الصراعات الإقليمية، وتمكن من تجاوز الضغوط الخارجية التي كانت تمارس عليه خلال الأشهر الماضية، فيما يقول مراقبون إن الجيش سيسعى إلى عدم المشاركة في جلسات الحوار ليربح وقتا يمكنه من تحسين وضعه العسكري قبل الجلوس إلى طاولة أي مفاوضات.
وتراجع المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيريللو عن حديثه السابق بشأن موعد استئناف مفاوضات جدة، وأشار في تصريحات الأربعاء إلى أنه من غير المرجح أن تُستأنف محادثات السلام في 18 أبريل الجاري.
وقال المحلل السياسي السوداني سليمان سري إن الجيش السوداني لديه رؤية تفيد بقدرته على التقدم في عدد من الجبهات، ويعول على استمرار الدعم الخارجي الذي يأتيه من طهران، بعد أن كشفت الحرب أنه لم يكن جاهزا لها منذ البداية، ويعمل حاليا على إعادة تأهيل القوات لاستعادة مناطق سيطرت عليها قوات الدعم السريع بلا مقاومة تقريبا، ويستفيد الجيش من إطالة الصراع عبر الاتجاه نحو تكثيف عمليات التجنيد.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن الجيش توسع منذ فترة في عمليات الإحالة إلى المعاش، وتقاعد عدد كبير من الخبراء العسكريين، ويحاول استدعاء البعض وتدريبهم تزامنًا مع توافد الدعم العسكري من الخارج، واستخدم تكتيكات، مثل سماحه بدخول عناصر أوكرانية للقتال بحجة ضرب فاغنر الروسية التي قيل إنها تقاتل في صف الدعم السريع.
وأشار سليمان سري إلى أن الحرب دخلت مرحلة الاستعانة بالتقنيات العسكرية الحديثة، وأن الميليشيات المتحالفة مع الجيش، ومن بينها كتائب البراء، لديها خبرات في استخدام المسيّرات، وتلقت تدريبات تؤهلها لذلك، وأن انخراط الجيش في المعارك وإطالة وقتها يضمنان وصول المزيد من الإمدادات الخارجية. وسوّق البرهان وكباشي في زياراتهما الميدانية إلى ولايات مختلفة قرب تحقيق ما يسميانه “الانتصار”.
وذهب الجيش نحو رفع عمليات حشد المواطنين للقتال، وسط توقعات بأن تشهد بعض ولايات السودان مظاهرات مؤيدة له، ما يوحي لقوى خارجية بأنه يملك دعما داخليا يجعله يمضي في مسار الحرب، وليس مستبعدا أن تصل المعارك إلى إقليم دارفور عبر توجيه طائرات مسيرة لضرب قوات الدعم السريع في معاقلها الرئيسية.
وانتقلت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى مدينة القضارف مؤخرا، وهي إحدى الولايات الهادئة في الشرق ونزح إليها نحو نصف مليون شخص منذ بدء الحرب، وتقع تحت سيطرة الجيش.
ee
وأكد محافظ القضارف محمد عبدالرحمن محجوب وقوع هجوم بطائرة مسيرة، دون توجيه اللوم إلى طرف محدد، وحث من انضموا إلى المقاومة الشعبية على الاستعداد للدفاع.
وذكر الناطق باسم الجبهة الثورية السودانية أسامة سعيد أن استمرار الحرب العبثية “هدف لأطراف الصراع، والنتيجة سوف تكون تدمير ما تبقى من بنى تحتية وتهجير أعداد أكبر من المواطنين”.
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى “أن رهانات الجيش الكبيرة على تحشيد المواطنين تقابلها قوات الدعم السريع بتحشيد مضاد، ومن ثم الدخول في حرب أهلية طويلة تقلص فرص الحل السياسي”.
وأوضح أن “دخول إيران على خط الصراع مؤشر يدعم إطالة أمد الحرب، وهو أحد الأسباب التي تشجع قادة الجيش على مواصلتها، لأن تقديراتهم تشير إلى قدرتهم على تحقيق انتصار حاسم، ما يتنافى مع الواقع الذي يشير إلى استحالة أن يصل أي طرف إلى الانتصار الكامل نتيجة الطبيعة الجيوسياسية المعقدة، والمكونات العسكرية المتشابكة ونفوذها في مناطق عدة، ما يقلل فرص الحسم العسكري النهائي”.
ويثير دخول إيران على خط الصراع الراهن في السودان حفيظة العديد من الدول التي تعاديها، ما يدفع بعضها إلى عدم التورع عن تقديم مساعدات عسكرية إلى الدعم السريع، ويمكن أن يحدث اصطفاف أكثر حدة يجعل السودان أمام مشاهد عسكرية وسياسية أشد صعوبة.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجیش السودانی دخول إیران على طائرات مسیرة
إقرأ أيضاً:
كنداكة الثورة السودانية تتحدث عن الثورة والانقلاب وانتهاكات الدعم السريع
وتعود كلمة "كنداكة" إلى العهد الكوشي أو ما يعرف بالحضارة النوبية، وهي تعني الملكة أو السيدة الأولى، لكن آلاء صلاح، قالت لبودكاست "ملهمات" إن الكلمة تعني "المقاتلة" أو بمعنى آخر "الأيقونة".
ويمكن القول إن كنداكة الثورة السودانية ليست جديدة على النضال السياسي، فقد شاركت جدتها في حراك 1964، الذي أنهى حكم الفريق إبراهيم عبود، وشاركت والدتها في انتفاضة 1985، التي أطاح الجيش على إثرها بحكم جعفر النميري، فيما شاركت أختها في انتفاضة الطلاب عام 2013 التي خرجت ضد قرار رفع الدعم الحكومي عن الوقود.
وبسبب مشاركتها في الثورة على عمر البشير، فقدت آلاء دراستها بعدما تم فصلها من الجامعة، لكنها التحقت بإحدى الجامعات البريطانية بعد حرمانها من الالتحاق بجامعة محلية.
وظلت آلاء في السودان حتى انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث غادرت خشية التعرض للاعتقال كما حدث لكثيرين ممن شاركوا في الثورة على البشير، وفق قولها.
وتعرضت لتهديد مباشر من قوات الدعم السريع، وتلقت اتصالا من مدير مكتب قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي طلب منها لقاء سريًّا، لكنها رفضت ذلك بسبب مسؤوليته عن قتل الثوار في اعتصام القيادة العامة وحرقهم واغتصاب بعضهم، حسب قولها.
إعلان
السفر لبريطانيا
بعد ذلك، أصبح تهديد الدعم السريع للشابة صريحا، وقد ذهبوا إلى بيتها أكثر من مرة وحاولوا ترهيب عائلتها جراء رفضها مقابلة حميدتي، الذي قالت إنه كان يحاول الضغط على رموز الثورة لدعم انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، ووصفه بأنه "تصحيح للمسار".
وعندما توجهت قوات الدعم السريع لبيتها قبل انقلاب 2021 بـ3 أيام، قررت آلاء الاختباء عند بعض أقربائها حتى تمكنت من السفر إلى بريطانيا التي كانت ستسافر لها بعد أيام من الانقلاب على كل حال لإكمال دراستها، كما قالت.
وبعد 5 سنوات من الإطاحة بحكم عمر البشير، وما آلت إليه أوضاع السودان، لا تريد صلاح القول إنها تشعر بخيبة أمل، لأن هذا الأمل هو الذي ساعدهم على تحقيق بعض أهداف الثورة -كما تقول- لكنها تعترف بأنها ليست سعيدة بينما السودان يعيش حالة من القتل والاغتصاب والانتهاكات التي لا تتوقف، وفق تعبيرها.
وشاركت المرأة بشكل كبير بالثورة على نظام البشير في ديسمبر/كانون الأول 2018، رغم القيود الكبيرة التي كانت مفروضة عليها في ذلك الوقت، وكانت كل واحدة منهن تقوم بما تجيد القيام به سواء كان التصوير أو مخاطبة الجماهير أو الرأي العام أو إسعاف الجرحى أو إعداد الطعام والشراب، كما تقول صلاح.
وبعد أن كان السودانيون يحلمون بالديمقراطية وتداول السلطة، "أصبحوا اليوم يعيشون قمعا وتهجيرا وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على يد قوات الدعم السريع التي تقاتل منذ عامين ضد قوات الجيش"، حسب كنداكة الثورة.
وإلى جانب الانتهاكات، يعيش السودانيون مجاعة فعلية وتراجعا حادا في الخدمات الصحية وقتلا خارج القانون فيما توزع "شباب الثورة" بين جائع ونازح وهارب، حسب وصف صلاح.
أما من نجحوا في الخروج إلى دول أكثر أمنا، تضيف صلاح، فيعملون على توثيق ما يتعرض له الناس من انتهاكات وجرائم وتعريف العالم بها من خلال مواقع التواصل، لكنّ مَن هم بالداخل يجدون صعوبة كبيرة في إيصال ما يتم توثيقه للخارج بسبب توقف الإنترنت.
إعلانبيد أنه في ظل حالة الفقر المدقع والحاجة الشديدة وانهيار الخدمات وتفشي الخوف، أصبحت غالبية النشطاء مشغولين بعائلاتهم وجيرانهم وزملائهم أكثر من انشغالهم بمحاولة إحياء الثورة التي لم تعد سهلة أبدا في ظل ما وصلت إليه البلاد من استحكام للقوة، برأي صلاح.
ومع ذلك، فإن الشباب قادرون على إحداث التغيير لكنهم بحاجة للحد الأدنى من الظروف التي قد تساعد على تحويل مسار البلاد من الحرب إلى السلم الأهلي، وهو مسار تقول صلاح إنه "صعب جدا".
24/12/2024