ضربة مباشرة أم عبر وكلاء؟.. الرد على هجوم القنصلية يضع إيران أمام اختبار حقيقي
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
دخل الشرق الأوسط مرحلة جديدة من التصعيد العسكري، مع ترقب رد إيراني محتمل على ضربة استهدفت قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، والتي نُسبت لإسرائيل دون أن تقر الأخيرة بها.
وفي وقت تعهدت فيه إيران بالانتقام من إسرائيل جراء هذه الضربة، قال مسؤولون إسرائيليون إن أي عمل عسكري مباشر من طهران على أراضيها، فإنها سترد بضربات على الأراضي الإيرانية، مما "يفتح الباب أمام حرب إقليمية واسعة النطاق في الشرق الأوسط"، حسب صحيفة "تلغراف" البريطانية.
لكن كيفية الرد الإيراني المرتقب تظل مسألة غير واضحة، على الرغم من أن تقييما استخباراتيا أميركيا نشرته وكالة "بلومبيرغ"، هذا الأسبوع، يشير إلى أن "إيران قد تكون مستعدة لشن ضربات عالية الدقة باستخدام الصواريخ البالستية أو الطائرات بدون طيار على أهداف داخل إسرائيل".
ووفقا لصحيفة "تلغراف"، فإن "الهجوم المباشر من الأراضي الإيرانية على إسرائيل، من شأنه أن يرقى إلى مستوى عمل من أعمال الحرب، ويمكن القول إنه سيكون بمثابة رد فعل مبالغ فيه على الضربة الأولية في دمشق، التي استهدفت القوات الإيرانية في الخارج، وليس أهدافا داخل إيران نفسها".
أما السيناريو الآخر، وهو أكثر انسجاما مع سلوك إيران السابق، وفقا للصحيفة ذاتها، فهو "إصدار أوامر لمجموعة من الوكلاء في جنوب لبنان أو سوريا، مثل حزب الله، بإطلاق هجمات صاروخية أو طائرات بدون طيار واسعة النطاق عبر الحدود ضد إسرائيل".
"اختبار حقيقي"وقال الأستاذ المساعد البارز بجامعة الكويت، الزميل غير المقيم بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن العاصمة، بدر السيف، إن "إيران في وضع محفوف بالمخاطر".
وفي حديثه لوكالة "بلومبيرغ"، أضاف السيف: "إنها لعنة سواء استجابت (إيران) أم لم تستجب".
ودمر الهجوم الذي نسب إلى إسرائيل، القنصلية الإيرانية لدى دمشق، وأدى إلى مقتل 16 شخصا، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. ونعى الحرس الثوري الإيراني 7 من أفراده في الهجوم، بينهم ضابطان كبيران.
وتوعد مسؤولون إيرانيون، يتقدمهم المرشد الأعلى، علي خامنئي، بأن إسرائيل سوف "تنال العقاب" بعد الهجوم الذي وقع في الأول من أبريل.
وقال المحاضر البارز في الأمن الدولي بجامعة برونيل، ستيفن واغنر، إن "النظام حذر بشكل عام ويتجنب المواجهة المباشرة، لكنه يتعرض للاستفزاز أكثر من المعتاد".
وتابع: "الضربة الإسرائيلية في سوريا ستخلق بالتأكيد شعورا بالحاجة إلى الانتقام.. ربما يكون هذا هو ما قرره السياسيون
بعد أن سئموا.. ومن المنطقي الإدلاء ببيان مثير".
وفي تقرير جديد، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، نقلا عن شخص مطلع لم تسمه، أن إسرائيل "تستعد لهجوم مباشر من إيران على جنوبي أو شمالي البلاد في غضون الـ24 إلى 48 ساعة المقبلة".
وقال السيف إن "الرد المباشر هو الاختبار الحقيقي" لإيران.
وتأتي هذه التطورات بعد أن دخلت الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحماس - الحركة المدعومة من إيران والمصنفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي - شهرها السابع، والتي كانت مصحوبة بتوتر متزايد مع حزب الله والحوثيين، والميليشيات الأخرى المتحالفة مع طهران.
وقال مدير مبادرة "سكوكروفت" لأمن الشرق الأوسط في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، جوناثان بانيكوف، في تقييم أمني حديث: "إن الهجوم باستخدام الصواريخ الباليستية أو الطائرات بدون طيار ضد أهداف داخلية إسرائيلية سيكون الخيار الأكثر تأثيرا وخطورة (من ضمن الخيارات) المتاحة لطهران".
واستطرد: "في حين أن إيران قد تسعى إلى منع التصعيد إلى حرب واسعة النطاق، على سبيل المثال، من خلال ضرب أهداف عسكرية أو استخباراتية فقط، بدلا من الأهداف المدنية، إلا أن هذه خطوة لا تزال محفوفة بالمخاطر، بالنظر إلى أن إيران تحاول تجنب صراع أوسع من المرجح أنها غير مستعدة له".
ومن بين السيناريوهات للرد الإيراني المحتمل، إطلاق طهران لوابل من الصواريخ من سوريا على مواقع في مرتفعات الجولان، حسب "بلومبيرغ".
وحتى لو حاول المرشد الإيراني - صاحب القول الفصل في البلاد - القيام بمثل هذه الخطوة، "فسيتعين على جيشه تجاوز أنظمة الدفاع الإسرائيلية المتطورة"، وفقا لفابيان هينز، وهو زميل الأبحاث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
وقال هينز في حديث لوكالة "بلومبيرغ"، إن "الأنظمة الإيرانية جيدة جدا – ليس هناك شك في ذلك – المشكلة هي أن الدفاعات الإسرائيلية استثنائية تماما"، مردفا: "إذا أظهرت الضربة أنه يمكن اعتراض معظمها وأنها ليست فعالة للغاية، فقد لا يزال بإمكانك (طهران) تحقيق نصر سياسي ورمزي، لكنها ستقلل من قدرات الردع لديك".
كيف سترد إسرائيل؟يظل هناك أيضا احتمال بأن الهجوم الإيراني ليس وشيكا، خلافا لتقييم الاستخبارات الأميركية وتقارير وسائل الإعلام، التي أشارت إلى أن الرد اقترب.
ويمكن بدلا من ذلك، وفق "تلغراف"، أن يكون "جزءا من جهد أوسع لشن حرب نفسية ضد إسرائيل، وربما التحقيق في نقاط الضعف في دفاعها الجوي، من خلال إطلاق تهديدات تهدف إلى وضع الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب دائم".
وقال الخبير في شؤون الجيش الإيراني بمجموعة "متحدون ضد إيران النووية"، كسرى عرابي، إنه "على الرغم من كل الضجيج الذي أحدثه النظام الإيراني، فإن توجيه ضربة مباشرة لإسرائيل من قبل الحرس الثوري الإيراني لا يزال غير محتمل إلى حد كبير".
وفي تصريحات لصحيفة "تلغراف"، قال عرابي: "بدلا من ذلك، ينخرط الحرس الثوري الإيراني حاليا في شن حرب نفسية واسعة النطاق، بهدف جعل الخوف من الهجوم أسوأ من الهجوم الفعلي".
ومن المرجح أن يفكر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في الرد بالمثل إذا تعرضت أهداف عسكرية أو حكومية إسرائيلية لقصف إيران.
وتشمل هذه الأهداف، حسب "تلغراف"، مقر الحرس الثوري الإيراني في طهران، أو قواعد أخرى محتملة للحرس الثوري الإيراني، مثل منشآته الجديدة في محافظتي سيستان وبلوشستان.
وفي مواجهة ضغوط هائلة داخل إسرائيل لتركيز الجهود على إعادة الرهائن من قطاع غزة، "فمن غير المرجح أن يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي حريصا على مواصلة الحرب مع إيران ما لم يكن ذلك ضروريا للغاية، وردا على تهديد وجودي فوري"، كما قالت الصحيفة البريطانية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحرس الثوری الإیرانی الشرق الأوسط واسعة النطاق مباشر من
إقرأ أيضاً:
إيران توجه ضربة سيبرانية لإسرائيل.. تسريب معلومات حساسة عن حاملي الأسلحة
اعترف مسؤولون أمنيون في تل أبيب بتعرض قاعدة بيانات حساسة تضم معلومات أكثر من 100 ألف إسرائيلي يحملون أسلحة للاختراق، ما أدى إلى تسريب هذه البيانات وانتشارها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ووصولها إلى جهات معادية.
تفاصيل الاختراق والخطر الأمنيبحسب تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس"، فإن هذا التسريب يشكل تهديدًا مباشرًا على حياة الأفراد الذين تم الكشف عن بياناتهم، حيث يمكن لجهات إجرامية أو متطرفة استغلال هذه المعلومات لتعقب حاملي الأسلحة، أو مصادرتها، أو حتى تهديد حياتهم.
وكشف التحقيق أن قراصنة إيرانيين تمكنوا من الاستيلاء على هذه القوائم السرية، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الوثائق الأخرى التي كانت مخزنة بشكل عشوائي في حواسيب الشرطة الإسرائيلية ووزارة الأمن الوطني وشركات الحراسة. وتشمل هذه الوثائق معلومات حساسة عن حراس مسلحين، وأماكن تخزين الأسلحة في المؤسسات العامة، وهو ما يفاقم المخاطر الأمنية على مستويات عدة.
ووفقًا لمصادر التحقيق، فقد بدأت عمليات التسريب في فبراير 2025، حيث نشرت مجموعة القراصنة جزءًا من البيانات على الإنترنت، فيما هددت بنشر 4 تيرابايت من المعلومات المخترقة لاحقًا.
تحقيقات إسرائيلية واستعانة بشركات أمريكية
على إثر هذا الكشف، باشرت وحدة "لاهف 433" المختصة بالتحقيق في الجرائم السيبرانية فحص الأمر، وأجرت اتصالات بشركة أمريكية تُدعى "داتا بريتش" لتحليل البيانات المسربة.
وأوضحت الشركة أن التسريب جعل أي شخص يمتلك سلاحًا في منزله عرضة لخطر أكبر، موضحة أن المعلومات التعريفية عن 10 آلاف إسرائيلي قد تُستخدم بطرق ضارة.
ووفقًا للتحليلات الأولية، فإن الملفات المسربة محدثة للغاية، وتعود إلى العامين الأخيرين، حيث تشمل مئات الوثائق الصادرة في عام 2025. ومن بين التفاصيل التي تم تسريبها الاسم الكامل لحامل السلاح وعنوان السكن، وصور شخصية والخلفية العسكرية والصحية ونوع السلاح وعدد الذخائر المملوكة ومكان تخزين السلاح داخل المنزل.
كما كشفت التسريبات بطاقات هوية لشرطيين مسلحين، بالإضافة إلى وثائق تقييم أمني لرجال الأمن الذين تم تسريحهم مؤخرًا.
وأكد عدد من الإسرائيليين، الذين وردت أسماؤهم في التسريبات، أن البيانات المنشورة صحيحة تمامًا، مما يزيد من مخاوفهم بشأن تعرضهم لتهديدات محتملة، سواء من عصابات الجريمة أو الجهات المعادية.
من يقف وراء الاختراق؟بحسب التحقيقات، فإن مجموعة قرصنة إيرانية تُدعى "هندلة" هي التي نفذت الهجوم، حيث تفاخرت باختراق أنظمة وزارة الأمن الوطني الإسرائيلية، وقامت بنشر لقطات شاشة لتراخيص الأسلحة، إلى جانب تهديدها بمواصلة نشر المعلومات في الأشهر المقبلة.
وفي الشهر الماضي، سربت المجموعة بالفعل 40 غيغابايت من البيانات كجزء من حربها الإلكترونية ضد إسرائيل، وهو ما يعكس استمرار المواجهة السيبرانية بين إيران وإسرائيل، التي تصاعدت منذ اندلاع الحرب في غزة.
وتعتبر "هندلة" واحدة من عدة مجموعات قرصنة مرتبطة بإيران، التي صعّدت في العام الماضي من هجماتها السيبرانية ضد مؤسسات حكومية وأمنية إسرائيلية، حيث تم اختراق وتسريب بيانات من وزارة العدل ووزارة الدفاع والأمن الوطني، ما أدى إلى كشف معلومات حساسة عن مسؤولين كبار في الحكومة الإسرائيلية.
إسرائيل تفشل في احتواء الأزمة
ورغم محاولات إسرائيل إزالة البيانات المسربة من الإنترنت، إلا أن التحقيق أشار إلى أن المعركة خاسرة، حيث يلجأ القراصنة إلى إنشاء قنوات جديدة باستمرار، فضلًا عن استخدام خوادم في دول لا تتعاون مع السلطات الإسرائيلية، مما يجعل من الصعب محو البيانات المسربة نهائيًا.
ويُبرز هذا الهجوم مدى الهشاشة الأمنية للأنظمة الإلكترونية الإسرائيلية، حيث أن تسريب معلومات عشرات الآلاف من حاملي الأسلحة، ومن بينهم عناصر أمنية، يعكس خللًا خطيرًا في حماية البيانات الحساسة، ويزيد من احتمالية تعرض إسرائيل لمزيد من الهجمات السيبرانية في المستقبل.