بعد غزة، أي مسارات ستسلكها الأوضاع العربية؟
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
يغلب الحديث عن اليوم التالي للحرب على غزة، على تفاصيل صغيرة تتعلق جميعها بأوضاع الفاعلين داخل القطاع، أو الترتيبات التي يجري الإعداد لها لإدارة غزة، بالإضافة إلى حديث، خجل، عن إعادة إعمار، من غير الواضح من سيتولى تمويلها ولا شروط تنفيذها، فيما لا تزال الأطراف المحركة للحرب، إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، لم يتوصلا إلى استراتيجية خروج واضحة من الحرب، فكيف سيتم التوافق على إدارة مرحلة ما بعد الحرب؟
بالتوازي مع ذلك، حصلت على مدار الأشهر الستة الماضية، تطورات خطيرة على الصعيد العربي، ساهمت الحرب في غزة على التعتيم عليها، وبعض هذه التطورات يتجهز للتعبير عن نفسه على شكل مسارات وخطوط تحكم المشهد العربي في المرحلة المقبلة، وسيكون لها تداعيات جيوسياسية بعيدة المدى، ويمكن إجمال هذه التطورات على الشكل التالي:
ـ تعمُق الانخراط الدولي في تفاصيل المشهد الجيوسياسي العربي، إذ اتبعت الأطراف العربية في المرحلة الماضية استراتيجية تحوطية تهدف إلى تنويع العلاقات مع الفاعلين الدوليين لزيادة وزنهم التأثيري في اللعبة الدولية، لكن هذه الاستراتيجية كان لها منعكسات لم يجر حسابها بدقة، إذ أنها منحت لاعبين جدد مزايا استراتيجية واقتصادية دون الحصول على أثمان مهمة بالمقابل، ويكشف التغلغل الروسي والصيني هذه الحقائق، دون أن يضيف أي قيمة للأطراف العربية في اللعبة الدولية، ولم يتبين كيفية إمكانية استخدامه كورقة تفاوضية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية.
ـ تراجع التأثير العربي في أي حل مستقبلي لحرب غزة، وفي الموضوع الفلسطيني عموما، وباستثناء الدور الدبلوماسي القطري، توارت الأدوار العربية ولم تعد ملحوظة أو تملك وزن تأثيري مهم على سياق الحل الذي بات بيد إسرائيل وأمريكا، بدليل السجال الجاري بينهما حول بعض التفاصيل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أمريكا تفاضل المصالح الإسرائيلية عن أي اعتبار آخر.
ـ ولَدت حرب غزة ديناميكيات جديدة في الشارع العربي، ليس كما يُقال بفعل تأثير الإسلاميين أو تحريضهم، بل لتسليطها الضوء على رخاوة مؤسسة الأنظمة العربية وضعفها في إدارة أزمة جيوسياسية تمس الأمن والمصالح العربية في العمق، وما نتج عنها من تراجع للقيمة الإستراتيجية للعالم العربي عموما، بالتزامن مع الاستمرار في اتباع سياسات فوضوية في إدارة الأوضاع الداخلية العربية، ويدلل على ذلك الأزمات الاقتصادية التي تعمقت في الشهور الأخيرة، ومخرجات الحلول لهذه الأزمات والتي تمثلت في وضع الكثير من البلدان العربية على حافة الهاوية بصناعتها لمستقبل ضبابي وهلامي.
ثمة بنيان عربي انهار في الفترة الأخيرة، وثمة مجتمعات ونظم سياسية زادت الصدوع في علاقاتها البينية، وثمَة أنظمة خرجت من أيديها القدرة على إدارة الأوضاع في بلدانها، وبتنا نقف على عتبة اليوم التالي.. العربي.وعلى عكس ما تحاول دعاية أجهزة السلطات العربية إثبات أن الأمور تسير على ما يُرام، وهذه في الأغلب إما قراءة رغبوية للأوضاع، أو مقصودة بهدف منع الديناميكيات الجديدة من التفاعل في الوسط العربي وتشكيل المشهد العربي في المرحلة المقبلة، وما يعنيه ذلك من تحوَل هائل في التوازنات الداخلية لغير صالح نُخب الحكم الراهنة، فإن ثمَة مسارات" سيناريوهات" بدأت ترتسم عل وقع التطورات السابقة:
ـ مسار "سيناريو" عودة حراكات الربيع العربي، اذ رغم إنهاك المجتمعات العربية وضعفها، إلا ان ثمة تراكم للقوى والوعي بات يعبر عن نفسه من خلال بعض القضايا المطلبية أو الاحتجاجات الصريحة، وهو ما نشهده على سبيل المثال في تونس، وفي سورية "حراك السويداء"، والتململ الشعبي في مصر، والأسئلة عن مخارج الأزمة الراهنة التي بدأت تطرحها الشعوب العربية في الكثير من الدول، قد تكون هذه الحراكات ما زالت ضعيفة، ولكنها قياسا بالمرحلة التي سبقت الربيع العربي، تعتبر حراكات مؤثرة.
ـ مسار" سيناريو" الصراعات في القمة، رغم أن النخب الحاكمة تُظهر تماسكا ملحوظا، نتيجة تشكيلها وفق هندسة معينة، إلا ان الإدارة العنيفة الفوضوية لمسارات المرحلة الماضية، أنتجت مراكز قوى، بحكم الحاجة لها، لديها مساحات مرنة في الحركة، وهذا الأمر شهدناه في صراع السودان، وفي روسيا، وهو في الأصل ليس غريبا عن بنى نظم الحكم العربية، وقد يتغذى هذا المسار "السيناريو" من توسَع الانخراط الدولي في التفاصيل العربية والصراع الجيوسياسي الدولي، الذي تؤكد مؤشرات عديدة أن الجغرافية العربية وأجزاء من افريقيا ستكون مسارحه في المرحلة المقبلة.
ـ مسار "سيناريو" الفوضى، إذ تعاني الكتلة الكبيرة من الدول العربية، من أزمات اقتصادية وضغط أمني وتراجع على مستوى الحريات، وهذا مناخ مناسب جدا للاضطرابات، التي ليس بالضرورة ان تكون ذات طابع سياسي، أو لها مطالب سياسية واقتصادية محددة، قد تأخذ نمط عصابات الجريمة المنظمة، كما هو حاصل في دول أميركا الوسطى واللاتينية، وقد تكون مدعومة من مراكز قوى داخل النظام، إما لقمع حراكات سياسية متوقعة، أو كتعبير عن صراعات داخل هياكل النظام نفسه.
ثمة بنيان عربي انهار في الفترة الأخيرة، وثمة مجتمعات ونظم سياسية زادت الصدوع في علاقاتها البينية، وثمَة أنظمة خرجت من أيديها القدرة على إدارة الأوضاع في بلدانها، وبتنا نقف على عتبة اليوم التالي.. العربي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحرب تداعيات الفلسطيني احتلال فلسطين غزة حرب تداعيات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المرحلة العربیة فی
إقرأ أيضاً:
مذكرة تعاون بين مكتبة الإسكندرية وجامعة الدول العربية على هامش الأسبوع العربي للتنمية المستدامة
وقع كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، اليوم، الأحد، مذكرة تعاون بين جامعة الدول العربية ومكتبة الاسكندرية في مجالات التنمية المستدامة وبناء القدرات لتعزيز الجهود المشتركة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية والرؤية العربية 2045 في الوطن العربي، وذلك بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بمناسبة افتتاح النسخة الخامسة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة المقرر عقده في الفترة من 24 إلى 27 من نوفمبر الجاري.
وأكد الدكتور أحمد زايد اعتزاز مكتبة الإسكندرية بتوقيع مذكرة التعاون مع جامعة الدول العربية، وقال أن هذا التعاون يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز دور المكتبة كمركز فكري وثقافي يسهم في نشر المعرفة وخدمة المجتمعات العربية، كما أنه يعزز من جهود تبادل الموارد والخبرات، بما يدعم الأنشطة البحثية والعلمية المختلفة.
وأردف مدير مكتبة الإسكندرية قائلًا "أن توقيع مذكرة التعاون يُمثل محطة هامة نحو تعزيز دور المكتبة كمركز ثقافي ومعرفي في العالم العربي وهو ما يؤكد التزام المكتبة الراسخ ببناء شراكات استراتيجية مع كافة المؤسسات العربية والإقليمية لتحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030 والرؤية العربية 2045، بما يعزز من قدراتها على تقديم خدمات متميزة، وتوسيع نطاق تأثير مكتبة الإسكندرية الفكري والثقافي.
وأضاف بقوله "إن التعاون مع جامعة الدول العربية، كإحدى أبرز المؤسسات الإقليمية، يُتيح لنا فرصة تبادل الخبرات والمعارف، وتطوير مبادرات مشتركة تعزز من الهوية العربية وتدعم جهود بناء القدرات والابتكار والتقدم. كما أن هذا التعاون سيُسهم في إثراء ودفع عجلة التعاون والتنسيق بين المكتبة والمؤسسات العربية والإقليمية، وتوسيع آفاق الباحثين، وتعزيز الحوار الثقافي بين مختلف دول المنطقة.
ويأتي هذا التعاون من خلال برنامج دراسات التنمية المستدامة وبناء قدرات الشباب ودعم العلاقات الإفريقية التابع لقطاع البحث الأكاديمي بالمكتبة وإدارة التنمية المستدامة والتعاون الدولي بجامعة الدول العربية، حيث سيتم التعاون بين المكتبة والجامعة في عقد مؤتمرات علمية وندوات متخصصة وبرامج تدريبية وورش عمل وغيرها من الأنشطة المختلفة في مجال التنمية المستدامة مع التركيز على قطاعي الشباب والمرأة، إلى جانب إجراء دراسات وأبحاث مشتركة متخصصة في مجال التنمية.
وتشارك مكتبة الإسكندرية ايضًا في فعاليات الأسبوع بجلسة علمية تحت عنوان "مكتبة الإسكندرية والاستدامة: دور المؤسسات الثقافية في تحقيق التنمية المستدامة بالوطن العربي" وذلك يوم 26 نوفمبر 2024، يشارك فيها عدد كبير من خبراء الاستدامة بالوطن العربي وهم الدكتور حسين أباظة، مستشار دولي للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر، ورئيس برنامج الاقتصاد والتجارة الدولية بمنظمة الأمم المتحدة للبيئة سابقًا، والمهندسة سماح صالح، رئيس وحدة التنمية المستدامة بوزارة البيئة المصرية، والسيد حسن محمد بوهزاع، رئيس الاتحاد العربي للتطوع، مملكة البحرين، والدكتور حمد عبد الرحمن البقيشي؛ المدير التنفيذي لجمعية الفجيرة الاجتماعية والثقافية بدولة الإمارات العربية المتحدة.
ويأتي ذلك ايضًا بحضور كلًا من الدكتور هشام العسكري؛ أستاذ الاستشعار عن بُعد وعلوم نظم الارض بجامعة تشابمان بالولايات المتحدة الامريكية، ونائب الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية الأسبق، والدكتورة "أكاتسوكي تاكاهاشي" أخصائي برامج الثقافة بالمكتب الإقليمي لليونسكو في القاهرة وتدير الجلسة الدكتورة مروة الوكيل، رئيس قطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية.