الجزيرة:
2025-02-06@06:48:22 GMT

إسرائيل.. هل ينقطع حبل الناس عنها؟

تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT

إسرائيل.. هل ينقطع حبل الناس عنها؟

ارتبطت قوة واستدامة كيان الاحتلال بالعلاقة الإستراتيجيّة، والدعم الأميركي الثّابت له، والمرتبط بقوّة اللوبي اليهوديّ السياسية والاقتصادية، والتغلغل في الحزبَين الحاكمَين، ومن خلال إدماج كينونة ووجود الاحتلال، بخدمة المصالح الأميركية والغربية في المنطقة. وتعزّز ذلك بهيمنة القطب الواحد، ولكنه يميل للتراجع بعد بروز الصين، وسعي روسيا لتحدّي الهيمنة الأميركية.

وفي ظل ذلك، جاء "طوفان الأقصى"؛ ليزعزع المكانة الإستراتيجية لإسرائيل في المنطقة، والمرتبطة بتفوق جيشها (الذي لا يقهر)، وليضرب نظرية الردع المستندة للتفوق النووي والتكنولوجي. أما مجريات العدوان على غزة وتوحش الاحتلال، فقد بدأ ذلك يخلخل قواعد الانحياز الأميركي للكيان، من خلال التأثير على القاعدة الشعبية، وكشف زيف بكائيات الاحتلال وأخلاقية جيشه. هذا فضلًا عن انقلاب صورة الكيان في العالم.

اتّضح كذب الدعاية الإسرائيلية من خلال تدفق الصور والفيديوهات للمجازر الإسرائيلية التي ركزت على الأطفال والنساء ومهاجمة المستشفيات والمدارس وعمال الإغاثة والفلسطينيين الذين يُهرعون لتسلّم المساعدات

 

فشل الاحتلال وساديّته

تحدثنا في المقال المنشور في الجزيرة نت في 28 يناير/ كانون ثاني عن أن مكانة الكيان الإستراتيجية في المنطقة، تضررت، بعد أن أصبح غير قادر على حماية نفسه، فضلًا عن أن يحمي غيره، الأمر الذي شكل تهديدًا حقيقيًا لمصالح الولايات المتحدة، ودفعها للعودة بقوة للمنطقة لحماية الكيان، بعد أن كانت تعتبره حصنًا متقدمًا لها، وسعت إلى تتويجه على عرش المنطقة، عبر عملية التطبيع والتعاون الأمني مع الدول العربية.

ولذلك، سنركّز هنا على تطورات الحرب التي قطعت حتى الآن أكثر من ستة أشهر، دون أن يتمكن الاحتلال من تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية فيها، ولجوئه إلى إستراتيجية استهداف المدنيين وتجويعهم، واستهداف قوافل الإغاثة بعد الإغلاق شبه الكامل لمعبر رفح، ليصل إلى استهداف طواقم منظمة المطبخ المركزي العالمي، وقتل 7 من موظفيها الأجانب، وهو ما فتح أبواب جهنّم عليه.

ومع أن الدول التي سقط لها قتلى في المجزرة، وهي: بريطانيا، وأستراليا، والولايات المتحدة، وكندا، وبولندا، لم تدِنْ مقتل رعاياها، ولكن كانت لها تصريحات تنبئ عن حجم الضجر والسخط على إسرائيل، بما عزّز مواقف معظمها الداعي لوقف الحرب، بعد أن دعمتها في بدايتها.

هذا التحول كان ملموسًا في المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأميركي جو بايدن مع نتنياهو عقب الحادثة، وقالَ فيها: إنّ "العالم تحوّل ضد إسرائيل، وإن حلفاء لواشنطن أبلغوها بتحوّل في سياستهم". وعندما يصدر هذا التصريح على لسان رئيس أكبر وأهم حليف لإسرائيل، فهذا له مدلول عميق يتركز في التحول في المواقف الأوروبية وعلى الأخصّ الدول الأنجلوساكسونيّة في دعمها للحرب على غزّة.

ويعود ذلك لسببَين:

الأول: فشل الاحتلال في المهمة الموكلة إليه بالقضاء على حماس، وغرقه في وحْل غزة، دون أن يحقق أهدافه، بل وتكبّده خسائر عالية، تدفعه باستمرار إلى طلب الذخيرة والسلاح من أميركا والغرب، وهو ما يشكل عبئًا على شبكة توريد الأسلحة، وضغطًا على طاقتها الإنتاجية، خصوصًا أنها مستنزفة في توريد الذخائر والأسلحة لأوكرانيا. الثاني: تسبّبت وحشية الاحتلال وساديته في تصاعد الاحتجاجات الشعبية في الدول الغربية، ضد استمرار الحرب، وكان أكثف وأضخم هذه الاحتجاجات في أكبر دولتين داعمتين للعدوان، وهما؛ أميركا وبريطانيا، الأمر الذي أثّر على شعبية الحزبَين الحاكمَين فيهما: (الديمقراطي في أميركا، والمحافظ في بريطانيا)، وتضرر فرصهما في الانتخابات التي ستجري هذا العام فيهما.

ولذلك، فإن مجمل المواقف الغربية، الآن، لا يدعم استمرار الحرب، فيما لا تزال إدارة بايدن تدعو لوقف مؤقت لإطلاق النار، مع دعمها استمرارَ الحرب؛ ولكن لأجل محدّد، بحيث يسمح لها أن تخرج منها بثمرة سياسية تقود للتطبيع في المنطقة، تستخدمه كورقة انتخابيّة.

إن هذه المواقف لا تعني زوال الدعم عن الاحتلال، حيث لا تزال ألمانيا -مثلًا- المزوّد الثاني لإسرائيل بالأسلحة بعد أميركا، ولكن من الواضح أن هناك تحولًا في موقف الولايات المتحدة والغرب بالعمل على إضعاف حماس سياسيًا بعد فشل الاحتلال في إنهائها عسكريًا، أو حتى إضعافها لدرجة الإخضاع في مواقفها السياسيّة.

وقد أكّدت تقديرات أجهزة الاستخبارات الأميركية، أن قوّات الاحتلال لم تنجحْ إلا في تدمير ثلث أنفاق حماس، فيما يؤكد الكثير من المحللين الصهاينة أن كتائب القسام لا تزال تحتفظ بالآلاف من قواتها العاملة في غزة، فضلًا استمرار المقاومين في التصدي للاحتلال في كل مناطق القتال التي سبق أن قال الجيش الإسرائيلي؛ إنه قضى على قوة حماس فيها.

تحوّل الرأي العام الغربي

إن فشل الاحتلال في مهمته سيضعف قطعًا مكانته الإستراتيجية في المنطقة، بما قد يجعله عبئًا على داعميه، ولكن الجانب الآخر هو أن ممارساته بدأت في إحداث تحول في الرأي العام الغربي، بما يشكل خميرة مستقبلية مهمة لإحداث تغييرات في المواقف السياسية لدى الأحزاب الحاكمة والمعارضة، وهو ما سينعكس بالضرورة سلبيًا على حجم وطبيعة الدعم الذي ستوفره لإسرائيل، ويتيح المجال بشكل أكبر للمقاومة الفلسطينية لاستمرار دورها الذي ينحت في الاحتلال ويضعفه.

كما أن ذلك سيُساهم في إضعاف الأنظمة في المنطقة والتي تتحالف مع الكيان أو تطبّع معه، ويعزز مكانة الحركة الشعبية الداعمة للمقاومة.

ونستدعي في هذا السياق استطلاع "غالوب" الذي أظهر انخفاض التأييد الأميركي للحرب الإسرائيلية في غزة من 50% نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى 36% في مارس/آذار 2024.

وكذلك الاستطلاع الصادم لمعهد "بيو" الأميركي للأبحاث الذي جاء فيه أن 58٪ من الأميركيين يرون أنه يجب السماح بالتعبير عن معارضة حقّ إسرائيل في الوجود.

وتكمن أهمية نتائج هذه الاستطلاعات في أنّها تؤشر على تحرر المجتمع الأميركي، ومعه الغربي من قيود القوانين التي تم سنّها؛ لمنع انتقاد إسرائيل، أو إدانتها تحت مسمى: "معاداة السامية"، وانكشاف زيف الدعاية الصهيونية التي استندت إلى البكائيات، ومحاولة إظهار أن إسرائيل تعيش وسط غابة من الإرهابيين.

فقد اتّضح كذب هذه الدعاية من خلال تدفق الصور والفيديوهات للمجازر الإسرائيلية التي ركزت على الأطفال والنساء ومهاجمة المستشفيات والمدارس وعمال الإغاثة والفلسطينيين الذين يُهرعون لتسلّم المساعدات.

كما انكشفت الأكاذيب الإسرائيلية التي اتهمت المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول بارتكاب الفظاعات ضد الأطفال، واغتصاب النساء، ما أحدث ردَّ فعلٍ عكسيًا عند الناشطين الاجتماعيين الذين ساهموا بكشف زيف هذه الروايات!

وقد فنّدت صحيفة "لوموند" الفرنسية كذبة الأطفال مقطوعي الرأس في تحقيق جديد نشر في 3/4/2024 الذي خلَص إلى أن "إسرائيل لم تفعل شيئًا لمحاربة المعلومات المضللة، وفي كثير من الأحيان حاولت استغلالها بدلًا من إنكارها".

وقد حاولت الدولة العميقة الدفاع عن النفوذ اليهودي، حينما استجوب الكونغرس الأميركي رؤساء 4 جامعات أميركية عريقة؛ بسبب عدم ضبطهم للمظاهر المناهضة للكيان في جامعاتهم والتي صنفت ضمن معاداة السامية!!

ومن الأمثلة عن الضجر الغربي من مجازر الاحتلال، هو عدد "الإندبندنت" البريطانية الذي كتب على غلافه :" كفـى!  (Enough)، حيث جاء في افتتاحيتها: "لقد أصبح عمال الإغاثة الـ7 الذين قُتلوا في غارة جوية رمزًا للطريقة المتهورة الخارجة عن القانون التي أدار بها نتنياهو هذه الحرب. لقد حان الوقت للقيام بكل ما يلزم لإجبار حكومة إسرائيل على إنهائها".

حبل الناس

كانت إسرائيل ولا تزال كيانًا غريبًا في المنطقة، ومنبوذًا من شعوبها. وعلى الرغم من اتفاقات السلام والتطبيع التي تمت معه من قِبل بعض الأنظمة العربية، فإن التطبيع بقي حبيس الأنظمة دون أن يطال الشعوب.

والحقيقة أن قادة الكيان يدركون هذه الحقيقة منذ البداية، ولذلك بقي صمام أمان وجودهم في المنطقة، هو اعتمادهم على الدعم الغربي، وعلى الأخص الأميركي بالمال والسلاح. وقد كشفَ 7 أكتوبر/تشرين الأول هشاشة الجيش الإسرائيلي الذي لم يصمد أمام هجمة مئات من الشبان المسلحين بالأسلحة الخفيفة، فضلًا عن أن مجرى الحرب، أكّد أن الكيان غير قابل للصمود بدون الدعم العسكري والمالي الأميركي، مصحوبًا بتأمينه سياسيًا بالفيتو الذي يمنع إدانته في مجلس الأمن على جرائمه وانتهاكه المواثيق والأعراف الدولية.

ولذلك، فإن تخلخلَ المكانة العسكرية والأمنية للكيان، الذي أكدته الأحداث، واستمرارَ حاجة الاحتلال للدعم الأميركي دون أن يكون مؤهلًا لحراسة المشروع الغربي، سيجعلان هذا الكيان يخسر مكانته الإستراتيجية في المنطقة، وقد يصبح عبئًا على داعميه في المرحلة المقبلة.

وإذا أضفنا لذلك انقلاب صورته -التي سوقها لنفسه بأنه يواجه إرهاب الفلسطينيين- إلى كيان إرهابي متمرد على القيم والمبادئ الإنسانية، فسيؤدي ذلك إلى تغييرات مهمة في الرأي العام الغربي الذي سيضغط بدوره على الأحزاب المختلفة في الغرب لتغيير طريقتها في التعامل معه.

لقد وصل الكيان إلى انحطاط غير مسبوق في مكانته العالمية، حينما أوصلته جرائمه لمحكمة العدل الدولية وانضمام دول إلى جنوب أفريقيا في الدعوى ضده بارتكاب الإبادة الجماعية، وهي حالة لم تمر بالكيان منذ تأسيسه.

كما أنّ رفع نيكاراغوا دعوى مماثلة في نفس المحكمة ضد ألمانيا المصنّفة ثانيةً في دعم الكيان بالسلاح، سيؤدّي إلى تحسّب الدول التي تدعم هذا الكيان من أن توضع في خانة الإدانة الدولية، الأمر الذي قد يفرمل مستوى تعاون أو تحالف أي دولة مع هذا الكيان مستقبلًا.

كل ذلك يؤكّد أن إسرائيل تسير برجلَيها إلى خراب كيانها المصطنع، عبر فقدانها التدريجي حبلَ الناس الذي يبقيها على قيد الحياة. ولو سُمح لمحيطها العربي والإسلامي بالتحرك ضدها جماهيريًا وسياسيًا، فإن ذلك سيعجّل بنهايتها، وذلك بعد أن تصبح عبئًا على أميركا والغرب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات فشل الاحتلال فی المنطقة عبئ ا على لا تزال من خلال بعد أن دون أن

إقرأ أيضاً:

في رحيل الجنرال الذي أغتالته “إسرائيل” 100 مرة!!

يمانيون../
رحل رجل الظل، ابن الموت، ذو السبعة أرواح، البأس الشديد الذي لا يخشى الموت، مفجر الطوفان، ومؤسس ‎وحدة الظل، شبح الكيان، وقاهر الاحتلال، من هزَّ الأرض عرضاً وطولاً، ودوّخ استخبارات وجيوش العدو، قائد أركان كتائب القسام، البطل المقاوم الشهيد المجاهد الجنرال محمد دياب إبراهيم المصري؛ الملقب “محمد الضيف”، إلى السماء في حضرة الشهداء.

رحل الضيف اللاجئ في وطنه إلى وطنه الأبدي ضيفاً في جنات ربه، وبقت ذكرى بطولاته خالدة في أعماق كل عربي حراً مقاوم، وسيخلد الرجل المقاوم، الذي أعلن الحرب على كل شيء، العجز والضعف والصمت والتواطؤ والخيانة والعملاء والعمالة والهزيمة، المنهزمين، والتطبيع والمطبّعين قبل أن يعلنها على المحتل والاحتلال، والطغاة والكيان والمستعمرين.

واقعة الاستشهاد
رحل رأس الأفعى -كما تسميه “إسرائيل”- القائد المرعب محمد الضيف “أبو خالد”، شهيداً يوم 13 يوليو 2024، (قبل ستة أشهر ونصف) بخيانة العميل السري للكيان، الخائن سعد برهوم، ‏الذي بلغ عن مكان الضيف ورافع سلامة، وفر هارباً إلى العدو – شرق خان يونس، ومع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تم انتشال جثمانه الطاهر، لكن تأخرت كتائب القسام في إعلان الخبر حتى إتمام صفقة تبادل الأسرى، وعودة النازحين.

الخبر الموجع
في مساء يوم خميس 30 يناير 2025، أعلنت كتائب القسام رسمياً الخبر الموجع في تسجيل صوتي بصوت أيقونة المقاومة، الجنرال المجاهد أبو عبيدة، نبأ استشهاد قائد الأركان محمد الضيف “أبو خالد”، وبعض رفاقه؛ أبرزهم: نائبه مروان عيسى، وقائد لواء خانيونس رافع سلامة، وقائد لواء الشمال أحمد الغندور، وقائد لواء الوسطى أيمن نوفل، وقائد ركن القوى البشرية رائد ثابت، وقائد ركن الأسلحة غازي طماعة، رحمهم الله جميعاً، وأسكنهم فسيح جناته.

خطاب الطوفان
في خطابه الشهير عبر الرسالة الصوتية، فجر يوم السابع من أكتوبر 2023، أعلن القائد العام لكتائب عز الدين القسام، محمد الضيف، الذي لم يظهر إلا صوتًا وظلاً إلا في مشاهد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، بدء عملية عسكرية على “إسرائيل” باسم “طوفان الأقصى” بهجوم مباغت بإطلاق خمسة آلاف صاروخ وقذيفة خلال الدقائق العشرين الأولى من العملية.

وقال: “إننا نعلن بدء عملية طوفان الأقصى، اليوم يتفجر غضب الأقصى، غضب شعبنا وأمتنا ومجاهدينا الأبرار، هذا يومكم لتفهموا العدو أنه قد انتهى زمنه.. نفذوا هجماتكم على المستوطنات بكل ما يتاح لكم من وسائل وأدوات، نحن شعبا ظلمنا وقهرنا وطردنا من ديارنا، نحن نسعى إلى حق، ومهما حاول الطغاة قلعنا ستثبت البذور”.

أسطورة مقاوم
قال عنه رئيس الشاباك الأسبق، كرمي غيلون: “أنا مجبر على القول؛ عليّ أن أكون حذراً في الكلمات، لكن: طوّرت تجاهه “محمّد الضيف” تقديراً مرتفعاً جداً، حتى – إن أردتِ – نوعاً من الإعجاب.. أنتَ ميّت لأن تقتله، مثلما هو ميّت لأن يقتلك، لكنه خصم مُستحقّ.. نتحدّث هنا عن مستوى ليت عندنا مثله، كنتَ ستريد أن يكون قائدًا لسرية الأركان”.

وقال مدير معهد أبحاث الأمن القومي السابق، الجنرال احتياط تمير هايمان: “الضيف يملك قدرة إدراكية، وقد أصبح رمزا وأسطورة بعد نجاته من عدة محاولات اغتيال، وبمجرد ذكر اسمه فإن ذلك يحفز المقاتلين الفلسطينيين”.

بشكل عام، علقت المنصات العبرية، بعد سماع خبر استشهاد الضيف، بقولها: “مات القائد الوحيد الذي أعلن جيشنا اغتياله 100 مرة.. وبعد كل إعلان نتفأجا بأنه لا يزال حيا”.

عاش ألف مرة
والكلام للثائر الفلسطيني إبراهيم المدهون: “كم مرة قالوا: قُتل، وكم مرة عاد من بين الركام، يبتسم، ويتحسس موضع الجرح، ثم يكمل المسير؟
2002، 2003، 2006، 2014.. توالت المحاولات، تناثرت الشظايا، سقطت جدران البيوت، وسقط أحبّته شهداء بين يديه، زوجته، بناته ابنه علي، رفاقه الذين سبقوه، لكنه ظل واقفًا، كالنخيل في العاصفة، ينهض من بين الموت كأن الحياة لا تليق إلا به، وكأن فلسطين أبت أن تفقده قبل أن يكتب لها مجدًا يليق بها”.

قائد أركان كتائب القسام
ولد محمد دياب إبراهيم المصري – الملقب محمد الضيف- عام 1965 في أسرة فلسطينية لاجئة أجبرت على مغادرة بلدتها “القبيبة” داخل فلسطين المحتلة عام 1948.
درس العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، ونشط في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، ومجال المسرح، وتشبع بالفكر الإسلامي في الكتلة الإسلامية، ثم انضم إلى حركة حماس حتى أصبح قائداً عسكرياً يهابه العدو.
تحاط شخصيته بالغموض والحذر والحيطة وسرعة البديهة، ونجا من 7 محاولات اغتيال سابقة، أصيب ببعضها بجروح خطرة، واستشهدت زوجته ونجله في إحداها.
اُعتقل عام 1989، وقضى 16 شهرا في سجونها، وبقي موقوفا دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس.

“أنا عمري انتهى”!!
عُيّن قائداً لكتائب القسّام عام 2002، ولقب بـ”الضيف” لتنقله كل يوم في ضيافة الفلسطينيين تخفياً من عيون “إسرائيل”.
أشرف أبو خالد على عدة عمليات؛ أسر فيها الجندي “الإسرائيلي” نخشون فاكسمان، بعد اغتيال القائد يحيى عياش يوم 5 يناير 1996، ونفذ سلسلة عمليات فدائية انتقاما له، منها قتل 50 إسرائيليا.
يقول الضيف، بعد محاولة اغتياله في حرب 2014، في المنزل الذي كان متواجدا فيه بثلاث قنابل خارقة للحصون، لم تنفجر سوى قنبلة، ونجا هو وآخرون، واستشهدت زوجته وولده علي: “أنا عمري انتهى من هذه الضربة.. اللي عايشه بعد هيك زيادة”.

“سيظل يطارد الكيان
في 14 يوليو 2024، أعلنت “إسرائيل” اغتياله في منطقة المواصي “غرب مدينة خان يونس” بعملية قصف جوي اُستشهد فيها 90 فلسطينيا وأصيب 300 آخرون، بينهم عشرات من الأطفال والنساء.

في نهاية الكلام، كانت نهاية القائد القسامي البطل الذي أرهق “إسرائيل” لعقود بطولية، ومثلما كان غياب رجل الظل عن الأنظار وهو حياً يمثل حضوراً يطارد الاحتلال، سيظل ضيف فلسطين والأمة وأيقونة المقاومة، وبطل المقاومين ومحرر الأسرى، كذلك شبحاً يخيف العدو بخلود ذكرى أسمه، وشجاعة رجال كتائب القسام، وتأكيد مقولتهم: “حط السيف قبال السيف نحن رجال محمد ضيف”.

السياســـية – صادق سريع

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها
  • الكيان الصهيوني يعتقل ثمانية مواطنين جنوب طوباس
  • حركة حماس ترفض تصريحات ترامب حول احتلال غزة وتدعو للتراجع عنها
  • الكيان الصهيوني يقتحم عدة مدن فلسطينية مساء اليوم
  • في رحيل الجنرال الذي أغتالته “إسرائيل” 100 مرة!!
  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟
  • إسرائيل تستعد لسيناريو أمني خطير في الضفة الغربية.. تفاصيل
  • سياسي أردني: اليمن أجبر الكيان الصهيوني على وقف عدوانه على غزة
  • الكيان الصهيوني يعتقل مواطنين شرق القدس
  • «الرئاسة الفلسطينية» تحذّر من خطورة توسيع إسرائيل حربها الشاملة في الضفة الغربية