سؤال يشغل المحللين والمراقبين: لماذا لم تردّ إيران على إسرائيل حتّى اللحظة؟
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
لا تزال هناك الكثير من علامات الإستفهام بشأن تأخّر الردّ الإيرانيّ على إسرائيل، إثر استهداف تل أبيب لسفارة طهران في دمشق. وبرز موقفٌ خطير، من أنّ الجيش الإسرائيليّ سيقوم بدوره بقصف إيران، إنّ عمدت الأخيرة إلى تنفيذ هجومٍ داخل فلسطين المحتلة، ما قد يُفجّر الوضع الأمنيّ في المنطقة أكثر.
وأمام الموقف الإسرائيليّ المتقدّم، قد تُؤخّر إيران ردّها إلى ما بعد عيد الفطر، أو إلى فترة أطول، ريثما تتأمّن لها الظروف المناسبة للقيام بعمليّة عسكريّة.
ووفق محللين عسكريين، قد يبدو أنّ طهران أخذت بجدّية الكلام الإسرائيليّ، من أنّ تل أبيب ستردّ عليها إنّ عمدت إلى الإنتقام على ما جرى لسفارتها في دمشق. ويُشير المحللون إلى أنّ إيران لا تُريد توسّيع رقعة الحرب، وقد يُعتبر قصفها إسرائيل من داخل أراضيها تدخّلاً مباشراً بما يجري في غزة. فمنذ 7 تشرين الأوّل، كان الحرس الثوري الإيرانيّ يُقدّم المشورة وخبراته وبنك الأهداف لـ"حزب الله" وحركة "حماس" و"الحوثيين" والفصائل الشيعيّة في سوريا والعراق، لضرب المراكز العسكريّة الأميركيّة والإسرائيليّة في المنطقة. ويُضيف المحللون أنّ إيران دورها في الحرب إستشاريّ لكنّه مهمّ، من دون أنّ تكون طرفاً أساسيّاً في النزاع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ، على غرار "المقاومة الإسلاميّة" في لبنان.
وعما إذا كان ردّ إيران سيكون من الأراضي اللبنانيّة، عبر "حزب الله"، يستبعدّ المحللون هذا الأمر، لكنّه قد يكون أحد خيارات طهران، إنّ كانت تُريد فعلاً البقاء على الحياد عسكريّاً. ويُذكّرون أنّه بعد اغتيال الولايات المتّحدة الأميركيّة لقاسم سليماني في العراق، عام 2023، قصفت إيران بـ10 صواريخ بالستيّة قاعدة عين الأسد الأميركيّة، وأتى ذلك فقط بعد 5 أيّام تقريباً من مقتل قائد فيلق القدس السابق.
وبحسب المحللين، يبدو أنّ ردّ طهران لن يختلف عما قامت به حين استهدفت الجيش الأميركيّ عام 2020، إذ قيل إنّ إيران أخطرت واشنطن بالضربة مسبقاً، كيّ تُخفّف من الأضرار، ولا تُشعل المنطقة، بينما اكتفتّ إدارة الرئيس الأميركيّ السابق دونالد ترامب في وقتها، بعمليّة إغتيال سليماني، من دون أنّ تجدّ نفسها مضطرّة للردّ على الردّ الإيرانيّ.
وتجدر الإشارة إلى أنّ إيران حدّدت أهدافاً داخل إسرائيل لضربها، ووجّهت تهديداً للسفارات الإسرائيليّة، على أنّها لن تكون في مأمنٍ، ما رأى فيه البعض أنّ طهران قد تكتفي باستهداف سفارة لتل أبيب في إحدى الدول.
ويعتبر المحللون العسكريّون، أنّ أفضل خيار لإيران هو أنّ تقوم بتكليف إحدى الفصائل المواليّة لها كـ"حزب الله"، بالردّ على استهداف سفارتها في سوريا، ، وهذا الأمر بدأ الإعلام الغربيّ يُروّج له، لعدم تضخيم الردّ الإيرانيّ، وعدم إشعال المنطقة في فوضى الحرب، وخصوصاً وأنّ المعارك مندلعة منذ 8 تشرين الأوّل الماضي بين "الحزب" وإسرائيل.
من ناحيّة أخرى، يلفت المحللون إلى أنّ تأخير إيران ردّها على إسرائيل قد يكون عن قصد، لإبقاء الجيش الإسرائيليّ في حالة إستنفار وتأهبّ وقلق، فهي تُريد أنّ يكون هجومها مدروساً ومفاجئاً، وخصوصاً وأنّها تمتلك القدرة لتنفيذ هكذا عمليّة، عبر صواريخ متطوّرة وطويلة المدى، لا تستطيع القبة الحديديّة والأنظمة الدفاعيّة الإسرائيليّة إعتراضها.
ويُشير المحللون إلى أنّ هناك خشية في إيران، من أنّ تُبادر إسرائيل إلى قصف مواقع إيرانيّة حساسة، فهي لم تُساند "حماس" مباشرة، خوفاً على برنامجها النوويّ، لذا، يجزم المحللون أنّ ردّ طهران سيكون محدوداً، أو مماثلاً لما قامت به تل أبيب في دمشق. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
صواريخ اليمن تقلق وتربك إسرائيل وجهات فيها تنبّه: "العنوان في طهران"
ترجّح تقديرات المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية أن يواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ الباليستية من اليمن نحو تل أبيب الكبرى وسط دعوات لعدم الاكتفاء بـ ضربات في اليمن بل الذهاب لـ ضربة كبيرة في إيران رغم الجدل في إسرائيل حول حقيقة دورها ومسؤوليتها وحول استقلالية الحوثيين في هذا المضمار.
المؤكد أن استئناف إطلاق الصواريخ والمسيّرات من اليمن في هذه المرحلة المتأخرّة من الحرب، تفاجئ وتقلق وتربك إسرائيل.
وجاء الصاروخ الأخير في شمال مدينة يافا التاريخية،على الحدود بينها وبين تل أبيب،فجر السبت الماضي مباغتا ، وفشلت القبة الحديدية في اعتراضه خاصة أنه أعقب صاروخا آخرا كان وصل تل أبيب قبل يومين وتسبب بهدم مدرسة بالكامل كانت فارغة. وفي الحالتين لعب الحظ دورا حاسما في منع نتائج وخيمة، ووقوع أعداد كبيرة من المصابين والقتلى، فقد سقطا على مسافة أمتار من عمارات سكنية مأهولة بعضها بدون ملاجئ، لقدمها.
وهذه الحقيقة هي مصدر قلق إسرائيلي بالغ كما ينعكس أمس الأحد في الصحف العبرية، فخطورة الصواريخ لا تقاس بنتائجها فحسب بل بما كان بالإمكان أن تسببّه.واستراتيجيا ينبه رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب الجنرال في الاحتياط تامير هايمن في تصريحات صحفية أمس إلى ضرورة اعتماد إسرائيل على نفسها هنا لأن «التحالف الغربي» طبيعته دفاعية فقط، محذّرا من أن بقاء التهديد الحوثي عبرة مهمة ملهمة لـ إيران ولذا على إسرائيل أن تصمّم في القضاء عليه».
تهديد حقيقي
بيد أن الضرر والتحّدي الناجمين عن إطلاق صواريخ «اليمن السعيد» البعيد يكمنان أيضا بكونها مصدرا حقيقيا فوريا آنيا لـ تشويش وتيرة الحياة، فصافرات الإنذار التي جاءت بعد سقوط الصاروخ في يافا هذه المرة،يدفع أعداد كبيرة جدا من الإسرائيليين للاستيقاظ خائفين أو قلقين ويهرولون للملاجئ بعد منتصف الليل وفي ساعات الفجر. علاوة على تشويش دورة الحياة اليومية والخوف فإن استمرار مثل هذه الصواريخ من شأنه أن يتسبب بأضرار اقتصادية من ناحية تراجع الاستثمار جراء قلة الاستقرار.
ويكفي أن يطلق الحوثيون صاروخا واحدا كل أسبوع أو كل أسبوعين حتى تتكّرس حالة الطوارئ المربكة هذه. وما يزيد من قلق المؤسّسة الأمنية في إسرائيل هو فشل منظومة القبة الحديدية بكل طبقاتها من اعتراض الصاروخين. في المقابل يوضح مسؤول سابق لمنظومة الصواريخ الاعتراضية الجنرال في الاحتياط تسفيكا حايموفيتش في حديث للإذاعة العبرية صباح أمس الأحد أن خللا تقنيا تسبب في ،عدم اعتراض الصاروخين مؤكدّا قيام الجيش بـ تصليحه».
وردا على سؤال تابع حايموفيتش»نعم الامتحان سيكون في اعتراض الصاروخ التالي وهو سيأتي». من جهة أخرى يشار إلى أن القبة الحديدية فشلت في اعتراض عدد كبير من الصواريخ الباليستية الإيرانية في ليلة الصواريخ الكبيرة في الأول من أكتوبر/تشرين أوّل الماضي،فقد أفادت تسريبات إسرائيلية أيضا بأن الصواريخ الإيرانية سقطت في عدة مطارات عسكرية وتسبّبت بأضرار بالغة. وكانت منتديات للتواصل الاجتماعي قد وثقّت وقتها هذه الصواريخ وهي تتساقط بكثافة في النقب.
إغلاق الثغرة
ويدعو مراقبون إسرائيليون لـ الإسراع في «سدّ الثغرة» لمنع اختراق الصواريخ في المستقبل للأجواء المحلية والسقوط المحتمل في تل أبيب ومحيطها خاصة أن إيران ما زالت تهدّد بالانتقام من إسرائيل وأن خطر إطلاقها هي الأخرى صواريخ باليستية ما زال قائما،كما يؤكد المحلل العسكري البارز في موقع «واينت» رون بن يشاي.
بيد أن بن يشاي وغيره من المراقبين الإسرائيليين يدعون للقيام بـ خطوات وقائية استباقية تتمثّل في قصف اليمن ومنع إطلاق الصواريخ منه بدلا من الاعتماد على القبة الحديدية فقط.
على خلفية كل ذلك(الأضرار والتهديدات والاحتمالات بـ استمرارها) تكشف مصادر في إسرائيل عن استعداداتها لـ شنّ هجمات جوية جديدة في اليمن لا تكتفي باستهداف الموانئ أو البنى التحتية، إنما تطال منظومات عسكرية وتحاول اغتيال القيادات السياسية والعسكرية الحوثية.
وينقل المراسل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية يوسي يهوشع عن مصادر عسكرية إسرائيلية تقديراتها بـ ازدياد وتيرة الصواريخ نحو تل أبيب الكبرى بعدما طوّر الحوثيون هذا الطراز من الصاروخ بإضافة كمية البنزين في محركه مما يزيد مداه. كما ينقل عنها ترجيحها أن القبة الحديدية ستفشل أحيانا، ولذا فإن الحل سيكون بإطلاق أكثر من صاروخ اعتراضي بشكل متزامن.
مع ذلك يقول يهوشع:»لكن عندما لا تستطيع إسرائيل الرد بقوة كبيرة وكافية على الحوثيين فهذا امتحان لدول الغرب». يشار أن الولايات المتحدة وبريطانيا قامتا في الليلة قبل الماضية بقصف أهداف في صنعاء وفي جنوب الحديدة ، وقد سبق أن قصفتا اليمن عدة مرات منذ اندلاع الحرب قبل سنة وثلاثة شهور لاسيما أن الحوثيين أغلقوا البحر الأحمر حتى تتوقف الحرب على غزة.
مصادر صحافية عبرية كشفت قبل أيام عن تقديرات أمريكية تفيد بأن القوة ضد الحوثيين غير مجدية فهم عنيديون ومصممّون على موقفهم رغم الضربات والأثمان الباهظة. وهذا ما أكده نائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله نصر الدين عامر بقوله «إننا نتوقع ضربات جديدة من الغرب فإسرائيل هي إبنته المدللة ونعي أن الثمن باهظ بيد أننا مستمرون».
وهذا التصريح يتقاطع أيضا مع تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن التهديد الحوثي مقلق لأن إسرائيل لم تنجح بردع الحوثيين علاوة على الفشل في اعتراض الصاروخ،وفق ما يؤّكده عاموس هارئيل المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» .
وفي ظل التسريبات عن استعدادات إسرائيل لتوجيه ضربة جديدة في اليمن بعد الصاروخ الأخير تشير مصادر صحفية عبرية أن ضربة إسرائيلية في إيران هي واحدة من الخيارات المطروحة فعلا ،كما تكشف الصحيفة العبرية المذكورة.ويثير هذا الموضوع نقاشات في إسرائيل حول الخيار الأصح فهناك من يشكّك بجدوى مواصلة إسكات الحوثيين في اليمن ويدعون للذهاب لما ما يصفونه «رأس الأخطبوط» لأن العنوان هو في طهران ولأن ضربة كبيرة في إيران هي الطريق لوقف «الإزعاج اليمني»،وفق ما يقول المحلل السياسي بن درور يميني ، زاعما أن اليمن هي لبنان الثاني ،دولة ضعيفة يسيطر عليها تنظيم معاد لنا». وهذا ما يشير ويدعو له رسم كاريكاتير الصحيفة حيث يبدو المرشد الروحي الأعلى في إيران علي خامنئي وهو يحمل إبريقا ويسقي الحوثيين ومن خلفه نباتات حماس وحزب الله والأسد قد ذبلت.
تأثيرها على الصفقة؟
وهل تؤثر صواريخ اليمن على احتمالات الصفقة العالقة؟ علاوة على محاولات إسرائيلية محتملة جدا لاغتيال قيادات الحوثيين كما فعلت في الجبهتين الفلسطينية واللبنانية رغم الحاجة الكبيرة للمعلومات الاستخباراتية ولتعاون دول أخرى، من غير المستبعد أن تؤدي صواريخ اليمن في حال استمرت وفشلت القبّة الحديدة باعتراضها ،أن تؤّدي لزيادة الضغط الداخلي على رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو نحو وقف التهرب واستكمال الصفقة وإنهاء الحرب متجانسا مع رغبة 74% من الإسرائيليين وفق آخر استطلاعات الرأي.
إن استمرار تشويش الحياة في تل أبيب الكبرى،قلب إسرائيل،من شأنه زيادة غضب الشارع الإسرائيلي على استمرار النزيف وترجيح حكومتهم كفة اعتبارات فئوية غريبة. كذلك ربما يكون هذا النزيف سببا لزيادة ضغط الإدارة الأمريكية الجديدة على حكومة الاحتلال من أجل وقف الحرب خاصة أن استمرار إغلاق البحر الأحمر يهدد مصالح أمريكا وحليفاتها في المنطقة.