برنامج مصالحة.. هل نجح المغرب في محاربة التطرف بالسجون؟
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
في عيد الفطر هذا العام، أصدر الملك المغربي محمد السادس، عفوا شمل 18 شخصا مدانا بقضايا الإرهاب، في خطوة تأتي في إطار استراتيجية المملكة لمكافحة التطرف عبر برنامج "مصالحة"، لإعادة تأهيل وإدماج السجناء المدانين بقضايا التطرف.
وكان المغرب قد أطلق برنامج "مصالحة" عام 2017، مستهدفا "المتشددين الراغبين في مراجعة أفكارهم"، عبر 3 محاور تشمل المصالحة مع "الذات" و"النص الديني" و"المجتمع"، تحت إشراف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بالتعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة دستورية)، والرابطة المحمدية للعلماء (مؤسسة دينية رسمية).
ووفقًا لبعض المحللين، فإن برنامج "مصالحة" يُعتبر خطوة مهمة في جهود مكافحة التطرف، حيث يركز على مواجهة الفكر المتطرف بالفكر الديني المعتدل، بهدف تعزيز بيئة سالمة ومتسامحة في المجتمع المغربي.
ومع ذلك، يشير آخرون لصعوبة إقناع بعض السجناء المتطرفين بتغيير مواقفهم وقبول البرامج التأهيلية، مما يتطلب من القيادات الدينية والاجتماعية القيام بدورها الفعّال في إعادة التأهيل والإدماج، وتعزيز التنمية الاقتصادية، لمنع تحول المناطق الفقيرة إلى بؤر لانتشار الفكر المتشدد.
تقييم دولي ومحليوحسب وزارة الخارجية الأميركية، فالمغرب يعتمد "استراتيجية شاملة" لمكافحة التطرف العنيف، تولي الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية، بالإضافة إلى مكافحة التطرف والعنف وفرض الرقابة على المجال الديني.
توقيف 50 شخصا في المغرب يشتبه بارتباطهم بـ"مشاريع إرهابية" أوقفت الشرطة المغربية، الأربعاء، خلال عمليات متفرقة في مدن عدة نحو خمسين شخصا يُشتبه بارتباطهم بـ"مشاريع إرهابية"، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر أمنية.ويضيف تقرير صدر العام الماضي عن الوزارة، أن البلاد تعتنق تفسير المذهب المالكي الأشعري للإسلام السني، حيث قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتطوير منهج تعليمي لحوالي 50 ألف إمام في المغرب، وكذلك للمرشدات الدينيات. ويقوم مركز تدريب الأئمة المغربي في الرباط بتدريب الأئمة، معظمهم من غرب أفريقيا.
وبالإضافة إلى ذلك، تسعى الرابطة المحمدية للعلماء - وفق التقرير - إلى مكافحة التطرف من خلال إنتاج البحوث العلمية، ومراجعة المناهج التعليمية، وتوعية الشباب حول المواضيع الدينية والاجتماعية. كما تنظم المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عدة ورش عمل تدريبية لبرنامج مكافحة التطرف في إطار برنامج "مصالحة".
وحسب تقرير أممي صادر أيضا في 2023، فإن المغرب يعتمد "نموذجا متميزا" في إعادة تأهيل المتطرفين، من خلال نهج متعدد الأوجه، إلا أنه يواجه بعض التحديات، من أهمها "نقص استراتيجيات اقتصادية وصحية متسقة، مع تركيزه بشكل أكبر على الأبعاد الأمنية في مساعدة المتطرفين السابقين".
وتأتي المساعدة الاقتصادية بشكل رئيسي، وفق التقرير، من مؤسسة محمد السادس، التي تنظم أنشطة مدرة للدخل، وتساعد المشاركين في البرنامج في العثور على وظائف وسكن.
وتحدث التقرير على أن المساعدات المقدمة من مؤسسة محمد السادس "تعتريها بعض التحديات، حيث لم تصمم برامج خاصة للجهاديين السابقين، الذين يعانون من الوصم الاجتماعي".
توقيف جهادي في المغرب وآخر في إسبانيا في عملية مشتركة أعلنت السلطات المغربية والإسبانية، الأربعاء، أنها أوقفت في عملية أمنية تمت بالتنسيق بين البلدين جهاديا في المغرب وشريكا له في إسبانيا.وكانت مندوبية السجون قد كشفت قبل عامين، عن استفادة أزيد من 35 ألف سجين من تكوين ضد الخطاب المتشدد، وأن مجموعة من المستفيدين من هذا التكوين صاروا يقومون بالترويج لخطاب ديني "يرتكز على الاعتدال" و"التسامح" في أوساط باقي السجناء.
وتعلن السلطات بين الفينة والأخرى العفو عن السجناء الذين راجعوا أفكارهم.
وعلى سبيل المثال، فإنه خلال بداية الألفية الحالية كان عبد الوهاب رفيقي (المعروف بأبو حفص)، أحد أبرز وجوه التيار السلفي في المغرب. وفي 2003، تم اعتقاله على خلفية الأحداث الإرهابية للدار البيضاء، قبل أن يتم العفو عنه بعد 9 سنوات من السجن إلى جانب عدد من السلفيين.
ومنذ تجربة السجن والمراجعات، أصبح أبو حفص ضمن أكثر الأصوات تعبيرا عن أهمية التسامح في الساحة المغربية، كما يدعو إلى تعزيز الحريات الفردية ومراجعة قوانين الإرث.
إخفافات ونجاحاتوتعليقاً على أداء المغرب في مجال محاربة التطرف في السجون عبر برنامج "مصالحة"، يؤكد رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث، رشيد لزرق، أن البلاد "تتبع استراتيجية تصدي الفكر الإسلامي المعتدل للفكر الظلامي المدمر، الذي جذب العديد من الشباب منذ انتشار التيار السلفي الجهادي في شمال أفريقيا قادما من المشرق العربي".
ويضيف لزرق، في حديثه مع "أصوات مغاربية"، أن "الهدف هو تحفيز هؤلاء الشباب على فتح أعينهم على العالم بعيداً عن الغلو عبر التأكيد على قيم السلام والتسامح، وفهم الدين بمنظور يعزز الاندماج والتعايش السلمي في المجتمع"، مؤكداً أن "الأشخاص الذين تابوا عن أفكارهم المتشددة بطريقة واضحة يتم إطلاق سراحهم عبر العفو الملكي".
ومع ذلك، يشير إلى "عدم توفر الأرقام والإحصائيات الدقيقة بسبب غياب تراكم واضح لهذه التجربة، فهناك أشخاص أُطلق سراحهم واستطاعوا بالفعل الاندماج مجدداً في المجتمع الذي كانوا يرفضونه رفضاً تاماً، خصوصاً المعتقلين في سياق أحداث 16 ماي، لكن هناك أيضا إخفاقات".
وفي 16 مايو 2003، شهد المغرب سلسلة تفجيرات إرهابية استهدفت 5 مواقع مختلفة في مدينة الدار البيضاء، مما أسفر عن مقتل 33 شخصاً، ليُعتبر هذا الهجوم من أكثر الأحداث دموية في تاريخ المملكة على مدى العقود الماضية.
ودفع ذلك السلطات إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة الإرهاب، بينها اعتقال المئات من المتهمين بالانتماء للجماعات السلفية المتشددة وإصدار القانون الشهير المتعلق بالإرهاب، الذي أثار جدلاً واسعاً لدى منظمات حقوق الإنسان.
ووفقاً للباحث المغربي، فإن تجربة "(مصالحة) المغربية كأي تجربة إنسانية تعتريها إخفاقات، إذ تم إطلاق بعض السجناء الذين عادوا إلى اعتناق أفكارهم المتطرفة، ومنهم من هاجر إلى بؤر التوتر في الشرق الأوسط".
وأشار لزرق إلى أن المغرب لم يشهد هجمات إرهابية منذ فترة طويلة، قائلاً إن "الفئة القليلة التي تؤمن بأفكار التطرف تأثرت بأفكار السلفية الجهادية القادمة من المشرق، لأن الإسلام المغربي في طبيعته معتدل، وهذا يظهر من خلال علماء الدين والأئمة المغاربة، الذين يحاولون اليوم تصدير هذه الأفكار الوسطية إلى منطقة غرب أفريقيا، التي تواجه تحديات إرهابية".
وشدد لزرق على ضرورة معالجة الأسباب العميقة التي تدفع الشباب نحو التشدد، ويشير بشكل خاص للفقر والبطالة، لافتاً إلى أن "مكافحة التطرف لا تقتصر على مجرد محاولة تغيير الأفكار، بل تتطلب أيضاً مقاربة شاملة اجتماعية واقتصادية".
وحذر الأكاديمي المغربي من أن "المناطق التي تعاني من انتشار الفقر، تشكل بيئة خصبة لاستقطاب الشباب نحو التطرف، ولذلك فإن التدخلات الاجتماعية والاقتصادية تلعب دوراً حيوياً في منع انزلاق الشباب إلى طريق الإرهاب".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: مکافحة التطرف فی المغرب
إقرأ أيضاً:
وفدٌ شبابيٌّ عُماني يشارك في برنامج جسور خليجية بإمارة الشارقة
الشارقة "العُمانية": شاركت سلطنة عُمان ممثلة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب في النسخة الأولى لبرنامج "جسور خليجية - البرنامج الخليجي للقيادات الشبابية" المقام في إمارة الشارقة، بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويهدف إلى إعداد جيل من الشباب الخليجي الواعي المؤثر القادر على المشاركة في صنع المستقبل.
ويسعى البرنامج بمشاركة نخبة من الشباب الخليجي، ممن تتراوح أعمارهم بين 15و 18 عاماً، إلى توفير بيئة ملائمة لإعداد القادة الشباب، في إطار يعكس رؤى وتطلعات حكومات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بما يسهم في تمكينهم من المشاركة في بناء مستقبل مستدام لدول الخليج العربية، ويجسد الدور الريادي لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، في تأهيل الشباب، وبناء شخصيتهم المتكاملة التي تؤهلهم للانضمام إلى ركب قادة المستقبل.
ويركز البرنامج على عدد من المحاور التي تسهم في تعزيز مجموعة من المهارات الشخصية أبرزها: المهارات الاجتماعية، والفطنة الرقمية، والعولمة والاستدامة.
ويشتمل البرنامج على دورات تدريبية متنوعة وزيارات وجولات ميدانية للتعرف على أبرز المشاريع التنموية في إمارة الشارقة بهدف مد جسور التعاون البنّاء والتواصل الفعّال بين المشاركين، بالشكل الذي يسهم في تنمية وبناء شخصيتهم المتكاملة وفقاً لأعلى المعايير العالمية.
وضم الوفد الشبابي المشارك في البرنامج: أوصاف بنت علي الحوسنية وسلطان بن عبد العزيز العزيزي، ويونس بن جمعة الحكماني، والوليد بن خالد آل علي وهزاع بن عيد المقبالي.
الجدير بالذكر أن البرنامج يأتي بتنظيم ناشئة الشارقة وسجايا فتيات الشارقة، تم اعتماده في الاجتماع الـ 37 للجنة وزراء الشباب والرياضة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.