بعد فك الارتباط مع فرنسا وأميركا.. النيجر تستقبل مدربين روسا ونظاما للدفاع الجوي
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
أفادت وسائل إعلام رسمية في النيجر بوصول مدربين عسكريين روس إلى العاصمة النيجرية نيامي يوم الأربعاء على متن طائرة محملة بمعدات وعتاد عسكري، وذلك بعد أن ألغى المجلس العسكري الحاكم في البلاد اتفاقات تعاون عسكري مع باريس وواشنطن.
وأشار إلى أن وصول المدربين الروس مع معداتهم يأتي لتفعيل اتفاق بين المجلس العسكري الحاكم في البلاد، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتعزيز التعاون بين البلدين.
وبث التلفزيون النيجري الرسمي (آر تي إن) لقطات لطائرة شحن عسكرية وهي تفرغ عتادا بينما وقف أشخاص بزي عسكري بجانبها.
وقال رجل يرتدي زيا عسكريا أفاد التلفزيون بأنه أحد المدربين "نحن هنا لتدريب جيش النيجر… ولتعزيز التعاون العسكري بين روسيا والنيجر".
روسيا تزود تنشر منظومة دفاع جوي في النيجر لمساعدتها على مراقبة مجالها الجوي
كشفت القناة الرسمي، اليوم الخميس، عن قيام روسيا بنشر منظومة للدفاع الجوي لمساعدة النيجر على مراقبة مجالها الجوي.
وذلك بعد وصول عسكريين روس ومعدات حربية روسية إلى نيامي لتفعيل اتفاق تدريب مشترك.
???????? ???????? pic.twitter.com/8IDiNd1LiK
— أخبار #النيجر (@Nigerenarabe) April 11, 2024
نظام دفاع جويوقال التلفزيون النيجري أيضا إن روسيا وافقت على تثبيت نظام دفاع جوي (مضاد للطائرات) في النيجر.
وفي روسيا، أفادت وسائل إعلام روسية بأن الخبراء الروس وصلوا إلى النيجر لتدريب القوات الأمنية المحلية في مجال محاربة الإرهاب.
ونقلت وكالة "نوفوستي" الروسية عن خبير روسي قوله إن "الفيلق الأفريقي سيقيم العلاقات هنا، وسيقوم كذلك بالمساعدة على تشكيل وتدريب جيش النيجر".
وأضاف: "لدينا خبرة كبيرة في محاربة الإرهاب. ونحن هنا لتقاسم هذه الخبرات مع الأصدقاء".
وأصبحت علاقات الدولة الواقعة في غرب أفريقيا مع موسكو في دائرة الضوء منذ أن استولى المجلس العسكري على السلطة في انقلاب العام الماضي وقطع العلاقات العسكرية والدبلوماسية طويلة الأمد مع فرنسا.
وأثار ذلك تكهنات بأن النيجر ستوطد علاقاتها الأمنية مع روسيا مثلما فعلت جارتاها مالي وبوركينا فاسو.
وكان المجلس العسكري قد أعلن بعيد وصوله للسلطة فسخ جميع الاتفاقيات العسكرية المبرمة بين النيجر وفرنسا، مطالبا باريس بسحب قواتها من البلاد. وأعلنت فرنسا في أعقاب ذلك اعتزامها سحب قواتها من النيجر بحلول نهاية العام الجاري.
قرارات ضد فرنسا
وبعيد وصوله للسلطة، قامت السلطات الحاكمة في النيجر باتخاذ سلسلة من القرارات ضد فرنسا، شملت إبعاد السفير، وإلغاء الاتفاقيات الثنائية، وإغلاق المجال الجوي للبلاد أمام الطائرات الفرنسية، وذلك ردا على موقف باريس بأنها تعترف بشرعية الرئيس محمد بازوم.
وبناء على طلب من المجلس العسكري الحاكم، بدأت فرنسا سحب قواتها من النيجر في أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن تعلن في نهاية ديسمبر/كانون أول الماضي أنها أكملت سحب قواتها لينتهي بذلك انتشارها العسكري في البلاد، بعد أن نقلت نحو 1500 جندي على متن 145 رحلة جوية و15 قافلة برية.
يذكر أن الوجود العسكري الفرنسي استمر في النيجر عقودا، وكان عدد الجنود الفرنسيين فيها أكثر من 1500 جندي، معظمهم يتركزون في القاعدة الجوية الفرنسية قرب العاصمة نيامي، وسيغادرون في نهاية العام الحالي، وفق تصريحات ماكرون.
وأخرى ضد واشنطنوقبل نحو 3 أسابيع، قال المتحدث باسم المجلس العسكري الحاكم في النيجر الكولونيل أمادو عبد الرحمن إن المجلس ألغى بأثر فوري اتفاقا عسكريا مع الولايات المتحدة يسمح بوجود عسكريين وموظفين مدنيين من وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على أراضي البلاد.
ويأتي القرار في أعقاب زيارة قبل أيام لمسؤولين أميركيين، على رأسهم مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مولي في، وكان منهم الجنرال مايكل لانغلي قائد القيادة الأميركية في أفريقيا.
وبقي الوفد الأميركي في نيامي 3 أيام لم يتمكن خلالها من لقاء الجنرال عمر عبد الرحمن تياني قائد النظام العسكري، وفق مصدر حكومي نيجري.
وقال عبد الرحمن إن "وصول الوفد الأميركي لم يحترم الأعراف الدبلوماسية"، مضيفا أن الحكومة الأميركية أبلغت نيامي "من جانب واحد" بموعد وصولها وبتشكيلة وفدها.
وأشار إلى أن "حكومة النيجر قررت بكل مسؤولية، آخذة طموحات الشعب ومصالحه في الاعتبار، أن تلغي بمفعول فوري الاتفاق المتعلق بوضع الطاقم العسكري للولايات المتحدة والموظفين المدنيين في وزارة الدفاع الأميركية على أراضي النيجر".
وكان في النيجر منذ العام الماضي نحو 1100 جندي أميركي حيث يعمل الجيش الأميركي من قاعدتين، إحداهما قاعدة لطائرات مسيّرة معروفة باسم القاعدة الجوية 201 التي تم بناؤها قرب أغاديس في وسط النيجر بتكلفة تزيد على 100 مليون دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات المجلس العسکری الحاکم فی النیجر
إقرأ أيضاً:
قرار “تقدم” بفك الارتباط مع دعاة الحكومة الموازية: صراع المبادئ في مشهد سياسي ممزق
في صيف سياسي مشحون، وتحت ظلال حرب أهلية تعصف بالسودان منذ أبريل 2023، جاء قرار تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك، بفك الارتباط مع الأطراف المؤيدة لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة ميليشيا الدعم السريع. القرار، الذي هزّ أروقة السياسة السودانية، لم يكن مفاجئًا بقدر ما كان انعكاسًا لتناقضات عميقة تضرب جذور التحالفات المدنية التي تتصارع مع شبح الانهيار الوطني.
كانت دوافع القرار متعددة، تتشابك فيها هواجس الانقسام الوطني، الضغوط الدولية، والانقسامات الداخلية التي لم تستطع تنسيقية "تقدم" السيطرة عليها. في قلب هذه الخطوة، برزت مخاوف كبيرة من أن تشكيل حكومة موازية قد يُحول السودان إلى نسخة جديدة من دول مُفككة مثل ليبيا واليمن. خشية أن يتحول الصراع إلى معادلة جديدة تعيد رسم خريطة البلد، حيث يصبح كل طرف جزيرة معزولة، جعلت القيادات المدنية تتردد أمام الخيارات المتاحة.
في الاجتماعات التي عُقدت في عنتيبي، بأوغندا، ظهرت الانقسامات إلى السطح. داخل التنسيقية، كانت هناك رؤيتان متعارضتان: الأولى بقيادة شخصيات مثل الهادي إدريس والطاهر حجر، اللذين رأيا في الحكومة الموازية فرصة لانتزاع الشرعية من حكومة بورتسودان، ومحاولة لاستثمار الوضع القائم لخدمة المناطق المُهمَّشة. الرؤية الأخرى، بقيادة حزب الأمة والمؤتمر السوداني، كانت تحذر من العواقب الوخيمة التي قد تُفضي إليها هذه الخطوة، باعتبارها طريقًا نحو تقسيم السودان جغرافيًا وسياسيًا.
عبد الله حمدوك، المعروف بحذره السياسي وتفضيله الحلول الوسط، وجد نفسه أمام تحدٍ وجودي لتنسيقية "تقدم". كان يعلم أن أي قرار بدعم الحكومة الموازية يعني تفكيك التحالف المدني نفسه، وربما فقدان مصداقية "تقدم" أمام المجتمع الدولي. لهذا السبب، جاء القرار بقطع الصلة مع المؤيدين لهذه الخطوة، كنوع من الحفاظ على ما تبقى من وحدة الصف.
إقليمياً ودولياً، لم تكن الظروف مهيأة لتأييد فكرة الحكومة الموازية. التصريحات المتكررة من مبعوثين دوليين حذّرت من تداعياتها. حتى الولايات المتحدة، التي تراقب الوضع عن كثب، عبّرت عبر مسؤولين مثل كاميرون هدسون عن نية معاقبة أي طرف يدعم مثل هذه المشاريع التي تؤدي إلى تصعيد الصراع. كانت الرسالة واضحة: لا شرعية لأي حكومة موازية تُقام على أسس دعم ميليشيا متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة.
على الأرض، لم يكن الدعم السريع في وضع يسمح له بأن يكون شريكًا موثوقًا في مشروع حكومي. تجاربه السابقة، مثل إدارته لشؤون ولاية الجزيرة، كشفت عن عجز كبير في توفير الخدمات الأساسية. السكان الذين عاشوا في ظل هذه الإدارة وجدوا أنفسهم أمام أزمات إنسانية وأمنية خانقة، مما زاد من الشكوك حول جدوى أي حكومة جديدة تقوم بدعمه.
لكن ربما كان العامل الأبرز في دفع "تقدم" لاتخاذ هذا القرار، هو مخاوفها من الوقوع تحت تأثير أجندات خارجية. الدعم الإقليمي للدعم السريع، الذي يشتبه في ارتباطه بمصالح دولية تسعى لإطالة أمد الحرب، كان سببًا رئيسيًا لاعتبار الحكومة الموازية مشروعًا محفوفًا بالمخاطر. لم يكن حمدوك مستعدًا ليكون طرفًا في لعبة إقليمية قد تُفاقم مأساة السودان.
القرار لم يأتِ بلا ثمن. فك الارتباط ترك ندوبًا داخل "تقدم"، حيث بدت بعض الفصائل، مثل حركة العدل والمساواة، ميالة إلى الانضمام لمعسكر المؤيدين للدعم السريع. في المقابل، تعهدت القيادات المعارضة للحكومة الموازية بتكثيف الجهود لإيجاد حلول سلمية، حتى لو كان ذلك يعني مزيدًا من العزلة السياسية.
على الصعيد الشعبي، تزايدت معاناة المدنيين الذين يدفعون ثمن الحرب بشكل يومي. المناطق المحرومة من التعليم والخدمات الصحية باتت مسرحًا لمعركة خفية بين القوى المتصارعة، حيث يُستخدم المدنيون كأوراق ضغط في لعبة سياسية معقدة.
وسط كل هذه الفوضى، يبدو أن قرار "تقدم" بفك الارتباط كان بمثابة محاولة يائسة للحفاظ على بقايا وحدة وطنية في بلد تتلاشى ملامحه. لكن الطريق أمام السودان لا يزال طويلاً وشاقًا. دون توافق حقيقي بين القوى السياسية والمدنية، ودون إرادة دولية حاسمة لإنهاء الحرب، سيظل المشهد السياسي محاصرًا بالتناقضات، وستبقى آمال السلام مجرد شعارات معلقة في الهواء.
zuhair.osman@aol.com