قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن الاستقامة اسم جامع لكل معاني الانضباط السلوكي والأخلاقي، وهي نقيض الاعوجاج والانحراف والخروج عن طريق الجادة، فإذا قيل: فلان مستقيم فهي كلمة جامعة لكل معاني الصلاح والانضباط دينيًّا وفكريًّا ومجتمعيًّا وسلوكيًّا.

وتابع وزير الأوقاف، في منشور له عن الاستقامة: وقد سأل سيدنا سفيان الثقفي (رضي الله عنه) النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال: "قل آمنت بالله، ثم استقم", ويقول الحق سبحانه وتعالى مخاطبًا نبينا محمدًا (صلى الله عليه وسلم): "فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ".

 

وذكر وزير الأوقاف، أنه لأهمية الاستقامة في حياتنا كان ذكرها في فاتحة الكتاب التي يقرأها المسلم في صلاته سبع عشرة مرة في الصلاة المفروضة فقط كل يوم وليلة، داعيًا ربه (عز وجل) في كل صلاة فرض أو نفل: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ"، والصراط المستقيم هو صراط الله (عز وجل)، حيث يقول سبحانه مخاطبا نبينا (صلى الله عليه وسلم): "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ".

وعن جزاء المستقيمين عند الله (عز وجل) فهو عظيم، حيث يقول الحق سبحانه: "وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا"، ويقول سبحانه: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، ويقول سبحانه: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ".

وأوضح، أن مفهوم الاستقامة لا يتجزأ، فلا يوصف بالمستقيم من استقام في شئون العبادات، وقصر في حقوق الناس في باب المعاملات، كما لا يمكن أن يوصف بالاستقامة من حافظ ظاهرًا على الصلاة والصيام ولم يؤد حق العمل الذي كلف به، أو أخذ يتحايل على التفلت منه أو عدم الوفاء بحقه، أو عدم مراقبة الله (عز وجل) فيه، وهل يمكن أن يوصف بالمستقيم مدمن أو عاق أو غشاش أو محتكر أو كذاب أو منافق أو محتال أو آكل للسحت، أو ظالم، أو نمام أو مغتاب.

وقال وزير الأوقاف، إن الاستقامة تعني أول ما تعني الوفاء بحق الله وحق الخلق وحق النفس، والتحلي بمكارم الأخلاق التي هي لب لباب الدين، والتي هي غاية بعثة ورسالة خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وسلم) الذي قال ملخصًا الهدف الأسمى لرسالته: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

كما تعني المداومة على الطاعة، فما استقام حق الاستقامة من اجتهد في الطاعة في رمضان وقصر في غيره من الشهور والأيام، فمراقبة الله (عز وجل) في رمضان تعني دوام مراقبته وطاعته في كل وقت وحين، فمن علامات قبول الطاعة الطاعة بعدها، ومن ثمة كان صيام ست من شوال إثر صوم رمضان كصيام الدهر، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وزير الاوقاف الإستقامة الانحراف الصلاة صلى الله علیه وسلم وزیر الأوقاف عز وجل

إقرأ أيضاً:

الوقف.. «الصدقة الجارية»

حثّ الإسلام على الصدقة، والصدقة الجارية، ووعد بالمثوبة لفاعلها، واستمرار الأجر له بعد رحيله عن الدنيا، وإن الوقف يُعد من الصدقات الجارية، فأصله ثابت، وعطاؤه مستمر لا ينقطع، ويقصد به التقرب إلى الله تعالى، ذلك أن الوقف تبرع دائم بعقار أو مال، والتنازل عن ملكيته لله تعالى، فلا يجوز بيع العين الموقوفة ولا هبتها ولا التصرف بها، بل يحبس أصلها وينفق من ريعها وعائداتها في المصارف الشرعية التي حددها الواقف. 
يسهم الوقف في أعمال البر والخير والإحسان، وخدمة المجتمع وتنميته، كالوقف لبناء المساجد وصيانتها والعناية بها، ووقف الأيتام والفقراء، ورعاية المرضى، وطلبة العلم، وكبار السن، وأصحاب الهمم، والحفاظ على البيئة، والرفق بالحيوان، ونحو ذلك من وجوه الخير والإحسان.
ولبيان الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة، يقول الله - عز وجل- في محكم تنزيله: (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْر وَأَعْظَمَ أَجْراً)، «سورة المزمل: الآية 20»، وقال الله سبحانه وتعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، «سورة آل عمران: الآية 92». وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»، (صحيح مسلم 1631).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن سعد بن عبادة رضي الله عنه توفيت أمه وهو غائب عنها، فقال: يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال: «نعم»، قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عليها، «صحيح البخاري 2756».
ويحظى الوقف داخل دولة الإمارات العربية المتحدة باهتمام بالغ من القيادة الرشيدة، وتحرص الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف دائماً على إحياء سنة الوقف والدعوة له وتنميته، والتبصير بأهدافه وفق أساليب معاصرة تتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية، مما يؤدي إلى تقوية ينابيع الخير في النفوس، وتجسيد مبادئ التكافل الاجتماعي، ويفتح آفاقاً تنموية للعمل الخيري بما يعود بالنفع على الأفراد والمجتمع.
ونحن مدعوون للمساهمة في إحياء سنة الوقف لنحقق التعاون على البر الذي أمرنا الله تعالى به، فقال عز من قائل: (... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ...)، «سورة المائدة: الآية 2»، ولنحرص أشد الحرص على المشاركة في تنمية الوقف الخيري لنحقق قول الله تعالى: (... وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، «سورة الحج: الآية 77». ومما سبق يتبين لنا أن الوقف من أعمال البر التي حثّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من الصدقات الجارية أصلها ثابت، وثوابها دائم لا ينقطع، فهي تنفع الإنسان في حياته وبعد مماته، كما أن أعمال البر تتفاضل بحسب حاجة الناس وعموم النفع، حيث يتميز الوقف بأنه يحافظ على أصل المال وينميه، ويرسخ قيم الإسلام ومبادئه في التصدق والبر والإحسان.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى المبادرة بالإنفاق وعدم التسويف، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رَسولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قال: «أَنْ ‌تَصَدَّقَ ‌وَأَنْتَ ‌صَحِيحٌ ‌شَحِيحٌ تَخْشَى الفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الغِنَى، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ». 
وحثّ الإسلام على الإنفاق وجعل ثوابه عظيماً، ووعد الله من تصدق وأنفق بالخلف والعوض، قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ ‌يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا ‌مِنْ ‌يَوْمٍ ‌يُصْبِحُ ‌العِبَادُ ‌فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا». 

أخبار ذات صلة حمدان بن محمد: قيمة الأصول الوقفية في دبي ترتفع إلى 11.1 مليار درهم حمدان بن محمد يلتقي عدداً من أصحاب المبادرات الخيرية في دبي

مقالات مشابهة

  • الدكتور أسامة الجندي يفسر اشتياق سيدنا زكريا لإنجاب الولد.. فيديو
  • فى يوم 16 رمضان.. النبي صلى الله عليه وسلم يصل بدر ووفاة السيدة عائشة
  • مجمع البحوث الإسلامية: مشهد مائدة المطرية صورة حية للوحدة والتسامح في مصر
  • لماذا نصوم؟.. حسام موافي يوضح مفهوم العبودية في الإسلام.. فيديو
  • لماذا نصوم .. حسام موافي يوضح مفهوم العبادة في الإسلام
  • فضل ليلة النصف من رمضان 2025
  • الصيام.. مدرسة إيمانية تهذب النفوس وتسمو بالأخلاق
  • بحضور السيسي.. خطبة الجمعة بمسجد المشير تشيد بشهداء الوطن
  • الوقف.. «الصدقة الجارية»
  • وزير الأوقاف: نحتسب ضحايا حادث قطار الإسماعيلية شهداء وندعو لأسرهم بالصبر