هل تحل الهند محل الصين في الاقتصاد العالمي؟
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
مع انحدار الاقتصاد الصيني، وتردد أصداء التفاؤل بشأن نمو الهند في مختلف أنحاء العالم؛ لم يعد من الممكن رفض سؤال: هل تحل الهند محل الصين؟ باعتباره مجرد خيال محموم للقوميين، ولا بد أن يؤخذ الأمر على محمل الجد، خاصة وأن العالم يتصرف بالفعل وكأن الهند قوة كبرى.
ونشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرًا، ترجمته "عربي21"، قالت فيه إن "الهند باتت تحظى بمكانة سياسية جديدة في العالم، يدل عليه عدم رغبة أمريكا في التصعيد ضد نيودلهي، بعد تزايد الشكوك حول ارتباط الحكومة الهندية بقتل مواطن كندي على الأراضي الكندية، واشتراكها في مؤامرة لقتل مواطن أمريكي على الأراضي الأمريكية، فيما اختارت حكومة الولايات المتحدة التخفيف من التداعيات الحارقة المحتملة، ولم تقل سوى القليل، وسمحت للقضية فقط بالمضي في طريقها عبر المحاكم".
وأوضحت المجلة أنه "بالنسبة للاقتصاد؛ فصحيح أن التجربة الصينية في الأعوام الأربعين الماضية كانت بمثابة نوع محدد للغاية من المعجزة ومن غير المرجح أن تتكرر. ورغم ذلك فإن الهند تستحق الدعم لأنها لم تعد العملاق المقيد اقتصاديًّا كما كانت ذات يوم".
وذكرت المجلة أنه "رغم عرقلة عملية التنمية في الهند بسبب بنيتها التحتية، خلال 25 عامًا الماضية، التي كانت غير كافية لتلبية احتياجات التصنيع في البلاد، وغير كافية بشكل واضح للشركات الأجنبية التي تعتبر الهند قاعدة تصدير؛ فإنه على مدى العقد الماضي، تغيرت بنيتها التحتية، فقد قامت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي ببناء الطرق والموانئ والمطارات والسكك الحديدية والطاقة والاتصالات، بكميات جعلت من الصعب التعرف على البلاد عما كانت عليه قبل بضع سنوات فقط".
"وتغيرت البنية التحتية الرقمية في البلاد؛ حيث يستخدم الهنود العاديون الهواتف الذكية لدفع ثمن معاملات التسوق الأكثر روتينية. والأمر الأكثر أهمية هو أن الشبكة الرقمية تخدم الآن كل الهنود، مما يسمح للحكومة بتقديم برامج مثل التحويلات النقدية المباشرة للمحتاجين، في حين يستخدمها القطاع الخاص كمنصة لريادة الأعمال والابتكار" يضيف التقرير نفسه.
وتابع: "وفي الوقت نفسه؛ عملت "الرفاهية الجديدة" التي أقرتها حكومة مودي على تحسين نوعية حياة الهنود، ويعطي هذا النهج المميز الأولوية للتسليم العام للسلع والخدمات الخاصة في الأساس، وتزويد الناخبين بالوقود النظيف، والصرف الصحي، والطاقة، والإسكان، والمياه، والحسابات المصرفية، مع التوضيح لهم أن المتبرع هو رئيس الوزراء. ونتيجة لهذه البرامج، أصبحت الدولة الآن قادرة على توفير فرص العمل للضعفاء والغذاء المجاني خلال أوقات الشدة مثل جائحة كوفيد-19".
واعتبرت المجلة أن "هذه إنجازات سياسية كبرى، وهي ثمرة جهود تراكمية ووطنية. في الواقع بدأت العديد من هذه المبادرات من قبل الحكومات المركزية وحكومات الولايات السابقة، على الرغم من أن حكومة مودي تستحق إشادة كبيرة لتقدمها المتسارع. وهناك دلائل تشير إلى أنها تحقق نتائج".
وفي عام 2022؛ زادت حصة الهند في السوق العالمية بنسبة 1.1 نقطة مئوية (حوالي 40 مليار دولار)، مما يعكس قفزة مهمة في سلم المهارات. (في عام 2023، من المرجح أن تكتسب الهند المزيد من حصة السوق العالمية ولكن بوتيرة أقل حماسًا).
فالهنود الذين اعتادوا كتابة رموز رخيصة ومراكز اتصال؛ يديرون الآن مراكز قدرات عالمية، حيث يقوم موظفون من ذوي المهارات العالية بمهام تحليلية لكبرى الشركات العالمية، فلدى بنك جيه بي مورجان تشيس وحده أكثر من 50 ألف عامل في الهند؛ وأكبر مكتب لبنك جولدمان ساكس خارج نيويورك يقع في بنغالور، وتتمتع شركتا أمازون وأكسينتشر، من بين شركات أخرى كثيرة، بحضور كبير أيضًا.
وقد أشعلت هذه الطفرة بدورها بناء الشقق الشاهقة، والتي أصبحت الآن جنبًا إلى جنب مع الرافعات تنتشر في أفق مدن التكنولوجيا في أحمد أباد، وبنغالور، وحيدر أباد، ومومباي، وبيون. وتشهد مبيعات سيارات الدفع الرباعي ارتفاعًا كبيرًا، وتزدهر مراكز التسوق الفاخرة والمطاعم الراقية، وكل ذلك بفضل طفرة الائتمان الشخصي.
ولفتت الصحيفة إن "وتيرة انحدار الاقتصاد الصيني تسارعت في عهد الرئيس شي جين بينج. ونتيجة لذلك، يخرج رأس المال من ذلك البلد بوتيرة مثيرة للقلق، فقد غادر صافي 69 مليار دولار من صناديق الشركات والأسر في عام 2023، وفقا للأرقام الرسمية، وهناك دلائل تشير إلى أن حصة صغيرة من رأس المال هذا تجد طريقها إلى الهند، وأبرز ما يدل على ذلك أن شركة أبل أنشأت مصانع في عدد من الولايات الهندية حتى تتمكن من تزويد السوق المحلية بسهولة أكبر وتنويع قاعدة صادراتها، وخاصة الآن مع تصاعد التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين".
"ويساعد هذا بدوره في بناء سلسلة من موردي الإلكترونيات المحليين، الذين يخطط بعضهم لإنشاء مصانع ضخمة، وخاصة في جنوب الهند، توظف أكثر من 20 ألف عامل. وهذه ظاهرة مذهلة في بلد اتسم دائمًا بوجود شركات تصنيع دون المستوى وغير فعالة" يردف التقرير نفسه.
ويرى أنه "إذا ثبت أن هذه المصانع واسعة النطاق قابلة للحياة، فإنها يمكن أن تؤدي إلى زيادة في صادرات السلع، وهو ما من شأنه أن يغير الآفاق حقا؛ ليس فقط بالنسبة لقطاع التصنيع الهندي المحاصر منذ فترة طويلة ولكن أيضا للعمال ذوي المهارات المنخفضة الذين لم يتمكنوا من التمتع بالارتفاع".
وحذّرت المجلة من أن "صادرات الهند، التي تتطلب مهارات متدنية من الوصول، لن تتمكن أبدًا إلى مستويات القدرة التنافسية الصينية، وهو ما ينعكس في حصص السوق العالمية التي تتجاوز 40 للصين. وذلك لأن المجموعة الفريدة من الظروف السياسية والاقتصادية التي شجعت العالم المتقدم على تحويل جزء كبير من قاعدته الصناعية إلى دولة واحدة فقط لم تعد موجودة".
واسترسلت: "ولكن على مدى العقد المقبل؛ فمن الممكن تمامًا بالنسبة للهند أن تزيد حصتها الحالية التي تبلغ نحو 3 بالمئة بنحو 5 إلى 10 نقاط مئوية، وهو ما يمثل مئات المليارات من الدولارات من الصادرات الإضافية".
وأكدت المجلة أنه "برغم هذه الدلائل الإيجابية؛ فإن أي إعلان بأن الهند تحل محل الصين سابق لأوانه، وذلك لأن العلامات المشجعة لم تنعكس بعد بشكل مقنع في البيانات الاقتصادية، في حين تظل السياسات الحكومية غير كافية لتحقيق الفرص الجديدة، فصحيح أن الاقتصاد الهندي قد تعافى بعد كوفيد-19 ولكن بطريقة غير متكافئة، حيث يفضل رأس المال على العمالة، والشركات الكبيرة على الصغيرة، والطبقة المتوسطة من ذوي الرواتب والأغنياء على ملايين الأشخاص العاملين في الاقتصاد غير الرسمي".
ووفق المجلة؛ يتمثّل جزء من المشكلة في أن الهند تمكنت حتى الآن من الاستفادة من جزء صغير فقط من الفرص الجديدة التي خلقها الانحدار الاقتصادي النسبي في الصين. وعلى الرغم من الحملة الحثيثة التي شنتها الحكومة تحت شعار "صنع في الهند"، فإنها لم تنجح حتى الآن في إقناع العديد من الشركات بتوسيع عملياتها في الهند.
وأكدت المجلة، أنه "في الواقع إن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر كانت في انخفاض فعلي؛ حيث تمثل الهند أيضًا حصة أصغر من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الأسواق الناشئة باستثناء الصين. وحتى الشركات المحلية كانت مترددة في الاستثمار، على الرغم من البنية الأساسية المحسنة التي أنشأتها الحكومة، وإعانات الدعم التي قدمتها، وفي بعض الحالات، تدابير الحماية التي أغدقتها على قطاع التصنيع. في الواقع؛ انخفضت إعلانات المشاريع الجديدة فعليًا بالقيمة الاسمية في عام 2023 مقارنة بمستوى العام السابق".
ولفتت المجلة إلى أنه "نتيجة لذلك فإن صادرات الهند من الصناعات التحويلية، وهي مصدر خلق فرص العمل لمجموعات ضخمة من العمالة غير الماهرة، تظل ضعيفة. في الواقع، انخفضت حصة الهند في السوق العالمية في القطاعات الرئيسية مثل الملابس منذ الأزمة المالية العالمية. وكان كل هذا مصدر قلق كبير لحكومة مودي وحتى البنك المركزي، الذي أصدر مؤخرًا تقريرًا يحث القطاع الخاص على "توحيد جهوده" وتخفيف عبء الاستثمار عن الحكومة".
وأشارت المجلة إلى أن "مخاوف الشركات تتمثل في ثلاثة مجالات رئيسية: الشعور بالقلق من أن "برنامج" صنع السياسات لا يزال ضعيفًا، حيث يُنظر إلى عدد قليل من التكتلات المحلية الكبيرة وبعض الشركات الأجنبية الكبرى على أنها شركات مفضلة، على حساب مناخ الاستثمار الأوسع. ففي مقابل كل شركة مفضلة تتولى الاستثمارات لأن مخاطرها انخفضت، هناك العديد من المنافسين الذين خفضوا إنفاقهم لأن مخاطرهم زادت".
"وثانيًا؛ حتى مع إدراك الحكومة للحاجة إلى تعزيز الصادرات، فإنها تظل متمسكة بشكل عميق بالانطواء على الذات؛ أي حواجز الاستيراد. وقد اكتسبت هذه الحمائية جاذبية جديدة لأن العديد من الناس يعتقدون أن السوق المحلية في الهند أصبحت الآن ضخمة للغاية وأن شركاتها المحلية متقدمة إلى الحد الذي يجعلها قادرة بسهولة على الحلول محل الشركات الأجنبية، ما دامت تحصل على الدعم من الحكومة" يضيف التقرير.
ويردف: "ولكن الحقيقة هي أن السوق المحلية في الهند ليست كبيرة بشكل خاص، على الأقل بالنسبة لسلع الطبقة المتوسطة التي تحاول الشركات العالمية بيعها. والإعلانات المتكررة عن تدابير الحماية تؤدي في واقع الأمر إلى تقويض الاستثمار المحلي، مع عزوف الشركات عن خوض المجازفة، متوقعة أنها قد تُحرم عاجلاً أو آجلاً من الإمدادات الأجنبية البالغة الأهمية".
واختتمت المجلة التقرير بالقول إن "المشكلة الثالثة يتعلق بالتوترات السياسية؛ فمن الممكن أن يستمر الاستثمار والنمو، بل ويزدهر، في مواجهة التدهور المؤسسي ما دام النظام السياسي مستقرًا. ورغم أنه يظهر أن شعبية مودي تنذر بالاستقرار، ولكن تصاعد السخط والقلق بين مجتمعات الأقليات، والولايات الجنوبية، والمعارضة السياسية، والمزارعين في شمال الهند، يزيد من احتمالات وقوع الحوادث".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي الصيني الهند الصين الهند الاقتصاد العالمي المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السوق العالمیة فی الواقع العدید من المجلة أن فی الهند فی عام إلى أن
إقرأ أيضاً:
نائب وفدي: نريد شركات قطاع أعمال تقود قاطرة الاقتصاد الوطني لا الشركات الخاسرة
كتب- نشأت علي:
طالب النائب طارق عبد العزيز، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بمجلس الشيوخ، وزارةَ قطاع الأعمال بأن تكون جاهزةً بردود خارج الصندوق؛ لإنقاذ الشركات التابعة، موضحًا أن الوزير ورث إرثًا ثقيلًا، ولا بد من خطة غير مسبوقة لإنقاذ شركات القطاع العام .
وقال رئيس "برلمانية الوفد"، في كلمته في الجلسة العامة اليوم الثلاثاء، المخصصة لمناقشة خمسة طلبات مناقشة عامة مقدمة من عدد من النواب، تتناول ملفات استراتيجية تتعلق بقطاع الأعمال العام، وتوطين التكنولوجيا، وتحقيق الأمن الغذائي، واستغلال الأصول العقارية، وهيكلة الشركات القابضة وشركات قطاع الأعمال: لا نريد أن نتحدث عن شركات قطاع الأعمال على أنها خاسرة؛ فقطاع الأعمال مش حمل على الدولة.. لا بد أن تكون شركات قطاع الأعمال هي التي تقود قاطرة التنمية؛ لا بد أن تتم خطوات للتصحيح، ونريد ردودًا توضح حقيقة الموقف الحالي .
وأوضح طارق عبد العزيز أن الدولة المصرية تقود مسيرة نجاح وتقدم، وتحتاج إلى كل مؤسسات وشركات الدولة للنهوض بالاقتصاد الوطني؛ ومنها شركات قطاع الأعمال، كمجمع الألومنيوم وغيره من الشركات الناجحة .
اقرأ أيضًا:
أعلى من العالمي.. "التموين": سعر مغرٍ لتوريد القمح المحلي
ذروة الموجة الحارة.. تحذير من "الأرصاد" بشأن طقس اليوم الثلاثاء
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
النائب طارق عبد العزيز قاطرة الاقتصاد الوطني شركات قطاع أعمالتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
نائب وفدي: نريد شركات قطاع أعمال تقود قاطرة الاقتصاد الوطني لا الشركات الخاسرة
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك