عيد آخر بلا هدنة في غزة ولبنان.. من يوقف الهمجية الإسرائيلية؟!
تاريخ النشر: 12th, April 2024 GMT
بلا هدنة، مرّ عيد الفطر على الفلسطينيين في غزة، وكذلك على اللبنانيين في الجنوب، الذين أصرّوا رغم ذلك على الاحتفال ولو بالحدّ الأدنى، للتأكيد على صمودهم وثباتهم، ومواجهتهم لكلّ التحديات، على الرغم من الحرب التي طوت نصف عام كامل، لم تنجح معه كلّ الوساطات والمبادرات في وضع حدّ للهمجية الإسرائيليّة، وما يتفرّع عنها من مجازر ضد المدنيين، تصل حدّ الإبادة في القطاع الفلسطيني المُحاصَر.
وعلى الرغم من المقولة الشائعة بأنّ إسرائيل باتت "في عزلة دولية"، خصوصًا بعد قرارات محكمة العدل الدولية بحقّها، وبعد قول الرئيس الأميركي جو بايدن إنه لا يوافق على استمرار الحرب، مع أنّ مثل هذا القول بقي بلا ترجمة عملية، ولو على شكل "ضغط معنوي"، إلا أن لا شيء على الأرض يوحي بأنّ إسرائيل تستعدّ لوقف حربها في المدى المنظور، ولا سيما أنّها لا تزال بعيدة عن تحقيق أهدافها المُعلَنة، وعلى رأسها إنهاء المقاومة.
على العكس من ذلك، تمضي إسرائيل في هجماتها ومجازرها، كما فعلت في أول أيام العيد في مخيم الشاطئ في غزة، وتهدّد بتوسيع القتال، كما تفعل في جنوب لبنان، حيث تتصاعد التهديدات بـ"ثمن سيدفعه اللبنانيون"، ما يطرح المزيد من علامات الاستفهام حول مآلات حرب لم تحقّق عمليًا خلال نصف عام سوى تحويل غزة إلى مكان غير صالح للعيش، من دون أن تردع أهلها عن المقاومة بالفطرة، رغم الكلفة الباهظة، والتي لا يتحمّلها إنسان...
هدنة العيد.. "سقطت"؟
صحيح أنّ المفاوضات لإرساء التهدئة في غزة، والتي يتوقع أن تنعكس تلقائيًا على جبهة جنوب لبنان، لم تتوقف منذ أشهر، في ظلّ جهود "ماراثونية" يقوم بها الوسطاء، خصوصًا في دولة قطر، مع أدوار أساسيّة تلعبها كل من الولايات المتحدة ومصر، إلا أنّ الصحيح أنّها لم تثمر حتى الآن أيّ هدنة يُبنى عليها، فما سُمّيت بـ"هدنة رمضان"، ثمّ أضحت "هدنة نصف رمضان" ومن ثمّ "هدنة العيد"، كلّها بقيت مجرّد حبرٍ على ورق، ولم تبصر النور ولو جزئيًا.
حتى القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، من دون أن يصطدم بحاجز "الفيتو" الأميركي المعتاد، ودعا بموجبه إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وسط رهانات على أن يتحوّل وقفًا دائمًا للنار، بقي بدوره "حبرًا على ورق"، بعدما اصطدم بالتعنّت الإسرائيلي، الذي قد لا تكون مخالفة القرارات الدولية بالأمر الجديد على خطّه، ولا سيما أنّ تل أبيب تضرب بعرض الحائط كلّ القرارات والقوانين، مستندة بذلك إلى عدم وجود أي حسيب أو رقيب على أفعالها.
وعلى الرغم من الحديث الدائم عن مقترحات تُطرَح هنا أو هناك، وعن تقدّم يتحقّق ولو نسبيًا، تشير كلّ المعطيات المتوافرة إلى أنّ "التباعد في الرؤى" لا يزال يحول دون الوصول إلى الهدنة، ولا سيما أنّ الجانب الفلسطيني يتمسّك بمطلب وقف إطلاق النار، أو بضمانات تفضي إليه على الأقلّ، وهو ما يرفض الإسرائيليون في المقابل تقديمه، ربما لعجزهم عن "تسويقه" أمام الرأي العام الإسرائيلي، بغياب أي "إنجازات" تسمح بطيّ صفحة العدوان.
إلى متى؟!
على الرغم من هذه الصورة التي تبدو "متشائمة"، والتي قد تقود إلى استمرار الحرب لأشهر طويلة أخرى، وبالتالي إلى إطالة أمد "المأساة الإنسانية" التي تجاوزت حدود "الكارثة"، ثمّة من يراهن على أنّ إنهاء الحرب في غزة بات "مسألة وقت"، وأنّ استمرار المفاوضات من أجل التوصّل إلى هدنة دليل على وجود "رغبة" لدى الجانب الإسرائيلي بطيّ الصفحة، ولو أنه يبحث عن "مَخرَج ملائم"، يخفّف من وطأة انطباع "الهزيمة"، بشكل أو بآخر.
يقول العارفون إنّ حسابات واعتبارات عدّة تدفع إلى هذا الاعتقاد، من بينها الموقف الدولي الذي لم يعد مؤيّدًا "بالمطلَق" لآلة الحرب الإسرائيلية، كما كان في الأيام الأولى، حين تبنّت العديد من الدول الغربية للسرديّة الإسرائيلية بلا نقاش، بل أقرّت بما سُمّي بـ"حق" إسرائيل في "الدفاع عن النفس"، بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولو أنّ هذه السرديّة تجاهلت سنوات طويلة من الحصار الإسرائيلي الظالم، ومن الحروب "الموسمية" على القطاع الفلسطيني.
يلفت هؤلاء إلى أنّ الموقف الغربي بدأ يتغيّر، حيث باتت تُسمَع دعوات صريحة لوقف إطلاق النار، حتى إنّ بعض الدول باتت تعلن، تلميحًا أو جهارًا، استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويشمل هذا التغيّر في الموقف، ولو بصورة نسبية، إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي يقول العارفون إنّها ما عادت قادرة على تحمّل "الضغط" الناتج عن استمرار الحرب، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، التي قد تكون "ثقيلة" على الرئيس الطامح لولاية أخرى.
يقول البعض إنّ الحديث عن "انتصار للمقاومة" في غزة لن يكون "سهل الهضم"، في ضوء الصور الكارثيّة للقطاع، الذي يجد سكانه أنفسهم بين قتل وتهجير وتشريد، لا حول ولا قوة لهم، وبينهم من يستشهد وهو يطلب المساعدة، أو نتيجة سوء التغذية. قد يكون هذا البعض محقًا في ذلك، لكنّ الأكيد أنّ المشكلة تبدو موازية في الجانب الإسرائيلي، فما تحقّق لم يكن الهدف من الحرب، ولا يمكن أن يكون، فإلى متى تستمرّ هذه المأساة؟! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: على الرغم من فی غزة
إقرأ أيضاً:
رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق: الحرب كلفتنا ثمنا باهظا
إسرائيل – الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تامير هايمان، إن تل أبيب تدفع “ثمنا باهظا” جراء حرب الإبادة التي تشنها ضد قطاع غزة، وإن عدد قتلاها بالحرب “في ازدياد مستمر”.
جاء ذلك في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه، شكك فيه هايمن، من جدوى النتائج المترتبة عن استمرار الحرب.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 170 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وأضاف هايمان: “لم تنته الحرب، وعلينا أن نسأل أنفسنا لماذا عدد القتلى في ازدياد مستمر، ولم يتحقق نصر كامل”، دون الكشف عن أعداد هؤلاء القتلى الإسرائيليين.
واعتبر أن معظم العائلات الإسرائيلية “لا تريد أن تُسفر تضحياتها عن نصر باهظ الثمن أو عن تصورات وهمية، أو نزهة خالية من الفلسطينيين في غزة”.
وأوضح هايمان، أن النصر الحقيقي “لن يقاس باليوم الأول للهدنة، بل بتحسن واقع الأمن القومي على مر السنين”.
ولفت إلى أن الحرب “شرٌّ لا بد منه، وتقع مسؤولية تحديد ضرورتها على عاتق القيادة السياسية”.
وطالب هايمان، الإسرائيليين بألا ينخدعوا في أن “الحرب قادرة على حل جميع التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل”.
وتابع: “كان ديفيد بن غوريون (أول رئيس وزراء للبلاد) يعتقد أن إسرائيل تزدهر بين الحروب، لذا يجب أن تكون الحروب قصيرة، وعدوانية، وفعالة، حيث أن فترات ما بين الحربين حاسمة”.
وعلى هذا النحو، حث هايمان، القيادة السياسية في بلاده على “عدم الإفراط في التصحيح بسبب اضطراب ما بعد الصدمة الوطني”، وذلك كأحد تداعيات الهجوم الذي نفذته حركة حماس، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ضد المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، ردا على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته.
وأردف: “لا يوجد ما يُسمى الأمن المطلق أو السلام المطلق”.
الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية، أشار إلى أن إسرائيل “أمام مفترق طرق” على خلفية الحرب ضد غزة.
واستدرك متسائلا: “هل سنعيد احتلال غزة بحملة عسكرية مطولة، أم سنسعى إلى اتفاق ينهي الحرب مقابل إعادة الرهائن والقضاء على حركة حماس، أو التوصل لنظام أمني جديد استباقي لسكان جنوب إسرائيل؟!”
وعلى مدار الإبادة المستمرة التي ترتكبها إسرائيل بغزة منذ 19 شهرا، تحاول تل أبيب فرض سيطرتها الكلية على القطاع الفلسطيني عبر تقطيع أوصاله وتهجير سكانه، فضلا عن محاولتها القضاء على “حماس” واستعادة الأسرى في غزة.
لكن لم تتمكن إسرائيل من إنجاز تلك الأهداف كاملة علي مدار شهور الحرب، ما عرض حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لانتقادات سواء من اليمين المتطرف الذي يريد تضييق الخناق على القطاع أو اليساريين الطامحين لاستعادة الأسرى من غزة حتى لو كان المقابل وقف الحرب.
ويأتي هذا الفشل الإسرائيلي في تحقيق الأهداف المرجوة من الحرب والتي يكررها نتنياهو – المطلوب للعدالة الدولية – منذ أكثر من عام ونصف العام في ظل خسائر اقتصادية متنامية بسبب استمرار الحرب.
وفي أبريل/ نيسان الجاري، قدر الجيش الإسرائيلي تكلفة استئناف وتوسيع الحرب على قطاع غزة منذ 18 مارس/آذار الماضي بـ10 مليارات شيكل (2.7 مليار دولار أمريكي).
ومطلع العام 2025، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن تكاليف حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، بلغت 42 مليار دولار، بمعدل 83.8 مليون دولار يوميا.
وعلى هذا النحو، استعرض هايمان عدة تساؤلات في بيانه تتعلق بسياسات تل أبيب في إدارة الصراع على الساحة الفلسطينية وسوريا ولبنان بشكل عام.
وقال: “هل سنستمر في إدارة الصراع على الساحة الفلسطينية إلى أجل غير مسمى، آملين في الأفضل؟ أم سنواجه الواقع الديموغرافي بين البحر المتوسط ونهر الأردن بعيون مفتوحة وإدراك لضرورة اتخاذ قرارات سياسية وإقليمية صعبة ومهمة للحفاظ على هوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وليبرالية ومزدهرة، وكجزء من الأسرة الدولية؟”.
واعتبر في هذا السياق أنه يتعين على إسرائيل “بذل ما في وسعها لتصحيح الوضع”، داعيا إلى استمرار الجهود “لإعادة الرهائن إلى ديارهم بسرعة، لإعادة تأهيل الأحياء ودفن القتلى”.
وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9 آلاف و500 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومطلع مارس/ آذار الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.
لكن نتنياهو تنصل من بدء مرحلته الثانية واستأنف الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس الماضي، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمينية، لتحقيق مصالحه السياسية، وفق إعلام عبري.
وفيما يتعلق بالوضع الأمني على الحدود الشمالية لإسرائيل، تسائل هايمان إذا ستتجه تل أبيب “نحو حرب مع سوريا، وإنشاء منطقة عازلة جديدة في لبنان، وظهور جماعات إرهابية جديدة على الجبهة الشمالية – أم نحو تطبيع العلاقات مع لبنان وسوريا تحت إشراف دولي يحمي المصالح الأمنية لإسرائيل؟” لم يحددها.
ورغم أن الإدارة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، لم تهدد إسرائيل بأي شكل، إلا أن تل أبيب تشن بوتيرة شبه يومية منذ أشهر غارات جوية على سوريا، ما أدى لمقتل مدنيين، وتدمير مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أكملت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد، بينها 24 عاما تولى خلالها بشار الأسد الرئاسة (2000-2024).
وتحتل إسرائيل منذ 1967 معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد في البلاد بعد إسقاط نظام بشار الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.
كما لم يهدأ التوتر بين لبنان وإسرائيل على خلفية عدم التزام الأخيرة باتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إذ لم ينسحب الجيش الإسرائيلي من جميع النقاط اللبنانية التي احتلها كما هو متفق عليه، ولا يزال يشن ضربات على الأراضي اللبنانية في خروقات سافرة للاتفاق.
وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/ شباط الماضي، خلافا للاتفاق، إذ نفذت انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 تلال لبنانية رئيسية، ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.
وفي 8 أكتوبر 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
الأناضول